تفاصيل الخبر

انسجام عون - الحريري أعاد التوازن الى السلطة التنفيذية لكنه أثار قلق بري و”عتبه“... وحذر جنبلاط!

05/05/2017
انسجام عون - الحريري أعاد التوازن الى السلطة التنفيذية  لكنه أثار قلق بري و”عتبه“... وحذر جنبلاط!

انسجام عون - الحريري أعاد التوازن الى السلطة التنفيذية لكنه أثار قلق بري و”عتبه“... وحذر جنبلاط!

harere يوم شكلت الحكومة برئاسة الرئيس سعد الحريري في 18 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، راهن كثيرون على أن العلاقة المنفتحة بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس الحريري لن تستمر طويلاً، وأن الخلافات ستتوالى بين الرئيسين لاسيما فور بدء جلسات مجلس الوزراء نظراً لوجود عقليتين مختلفتين في إدارة الشأن العام. إلا أن الأشهر الخمسة التي مرت منذ صدور المراسيم أظهرت أن الذين راهنوا على خلاف بين الرئيسين خسروا الرهان بدليل متانة العلاقات بينهما والتشاور الدائم، على رغم دقة المواضيع السياسية الراهنة، ولاسيما منها قانون الانتخابات النيابية وغيره من الاستحقاقات. وبدا من مسار الاتصالات الجارية حول القانون الانتخابي العتيد أن نقاط التقارب بين الرئيس عون والرئيس الحريري أكثر بكثير من نقاط التباعد، ناهيك عن التعاون القائم بينهما في إطار عمل مؤسسة مجلس الوزراء، وقد تجلى ذلك بوضوح سواء في التشكيلات الأمنية والإدارية التي صدرت أو تلك التي يتوقع ان تصدر وفي مقدمها التمديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي تنتهي ولايته في أوائل شهر تموز/ يوليو المقبل.

ولعل الموقف الذي اتخذه الرئيس الحريري بتحمله مسؤولية تأجيل انعقاد مجلس الوزراء على مدى أكثر من ثلاثة أسابيع، بعد الموقف من تأييده لحق الرئيس عون في استعمال المادة 59 من الدستور لتأجيل انعقاد مجلس النواب شهراً كاملاً، شكل محطة مهمة في مسيرة العلاقات بين الرجلين، خصوصاً بعد التسريبات السياسية والاعلامية عن مسؤولية رئيس الجمهورية في تعطيل أعمال مجلس الوزراء، بعد <تعطيل> مجلس النواب. لقد شكّل كلام الرئيس الحريري حول مسألة تأجيل جلسات مجلس الوزراء، لُبنة أساسية في مدماك الثقة الذي قام بين قصر بعبدا والسرايا الكبير والذي يزداد علوه يوماً بعد يوم.

والذين يحيطون بالرئيس عون في قصر بعبدا يلاحظون حجم التقدير الذي يكنه رئيس الجمهورية للرئيس الحريري في كل مرة يدور حديث عنه، وهذا ما جعل التشاور بين فريقي عمل الرئيسين شبه دائم في <كل صغيرة وكبيرة> الى درجة أن الرئيس عون يحرص على الاتصال دائماً بالرئيس الحريري لتوحيد المواقف والتنسيق، أما في الشكل فإن كل لقاء بين الرئيسين في قصر بعبدا يزيد من المودة التي نشأت بينهما. وكم من مرة شاهد الصحافيون في القصر الرئيس عون يرافق رئيس حكومته الى البهو الخارجي للقصر وهو يودعه، ولولا اضطرار الرئيس الحريري للتحدث الى الصحافيين، لكان المشوار الرئاسي يستمر حتى المدخل الزجاجي الكبير!

 

... وفتور بين بري والحريري

في المقابل، سجل المراقبون خلال الأسبوعين الماضيين تراجعاً في مستوى العلاقة بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس الحريري خلافاً لما كانت عليه العلاقة بين الرئيسين، وذلك على خلفية معلنة هي مسيرة الاتصالات القائمة للاتفاق على قانون انتخابي جديد، في وقت تتحدث معلومات أخرى عن أن الفتور الذي حلّ بين عين التينة و<بيت الوسط> لا يعود فقط الى الشق الانتخابي، بل يتصل ايضاً بالاداء الإداري بعد التعيينات الأمنية الاخيرة ولاسيما التشكيلات التي أجراها المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان وطاولت ضباطاً شيعة من دون التشاور مع <الثنائي الشيعي>، وكذلك في بعض الإجراءات الادارية التي قيل ان الرئيس بري <لم يكن في جوّها> قبل اتخاذها. وثمة من يتحدث عن أنه كلما اقترب الرئيس الحريري من بعبدا، فإنه يبتعد عملياً - وربما من دون أن يقصد - من عين التينة، والعكس بالعكس. ولم يعد صعباً على رواد عين التينة ان يلاحظوا حجم التباين في وجهات النظر بين الرئيسين بري والحريري على رغم الزيارة الليلية التي قام بها رئيس الحكومة الاسبوع الماضي لرئيس مجلس النواب من دون أن تحمل أي جديد على صعيد تقريب وجهات النظر، لاسيما بعد إعلان الرئيس الحريري انه ضد التمديد لمجلس النواب ومع الاتفاق على قانون جديد وانه هو من قرر تأجيل انعقاد جلسات مجلس الوزراء وليس رئيس الجمهورية خلافاً لما كان يصدر من اخبار وأجواء من عين التينة.

وعلى رغم أن المصادر الحكومية المتابعة تؤكد أن الاختلاف في وجهات النظر بين الرئيسين بري والحريري حيال المواضيع السياسية الراهنة <لا يُفسد في الودّ قضية>، إلا أن أوساط السرايا تطرح علامات استفهام كثيرة حول الاسلوب الذي يتعاطى به نواب <كتلة التنمية والتحرير> في مقاربة المطالب الاجتماعية والعمالية والتربوية التي <ظهرت> من جديد على السطح، والتحركات الميدانية التي رافقتها في الشارع وعبر وسائل الإعلام التابعة للرئيس بري وحركة <أمل>، ناهيك عن أداء الوزراء القريبين من الرئيس بري وخصوصاً وزير المال علي حسن خليل وطريقة تعامله مع الاعتمادات المالية الخاصة بقوى الامن الداخلي وغيرها من المشاريع الخاصة بوزارة الزراعة.

وفيما يسعى بعض <الخيّرين> لإعادة الحرارة الى خطوط التواصل بين عين التينة والسرايا، فإن بعض الوقائع التي صدرت من عين التينة ووصل صداها الى <بيت الوسط> أربكت هؤلاء و<فرملت> سعيهم، وذلك في ضوء ما قيل ان الرئيس بري منزعج من <نسيان> الرئيس الحريري أنه سانده مراراً خلال أزماته السياسية وغير السياسية الى درجة أنه قال ذات يوم انه الى جانبه <ظالماً كان أو مظلوماً>، وعوض أن يبادله التضامن إياه اختار رئيس الحكومة طريقاً أخرى لاسيما في ما خص مسألة التمديد لمجلس النواب وخيارات القانون الانتخابي العتيد. ويسمع زوار عين التينة أن الرئيس الحريري قال لمقربين من الرئيس بري نقلوا اليه <عتب أبو مصطفى>، أنه - أي الحريري - لا يريد أن يصطدم برئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، وأنه يعمل على <تدوير الزوايا>. إلا أن هذا <المنطق> لا يجد صدى في عين التينة، لاسيما وأن انزعاجاً قوياً سُجل من تسريبات من السرايا عن أن الرئيس الحريري سوف يغيب عن جلسة مجلس النواب في 15 أيار/ مايو الجاري، بدليل أن ثمة من يقول بأن عين التينة تلمح من حين الى آخر الى <ضغوط تقارب التهديدات> يتعرض لها الرئيس الحريري قد تصل الى شل عمل الحكومة إن هو شارك في جلسة التمديد لمجلس النواب.

الحريري-من-بعبدا--المفاوضات-مستمرة-لإيجاد-الحلول-الليلة-(1) 

<نكسة> في علاقة الحريري - جنبلاط

و<الفتور> لم يشمل فقط العلاقة بين الرئيسين بري والحريري، بل طاول أيضاً علاقة رئيس الحكومة برئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط التي أصيبت هي الأخرى بـ<نكسة> ثم تفاعلت سلباً بعد موقف الرئيس الحريري المؤيد للنظام التأهيلي في قانون الانتخابات الذي يعارضه النائب جنبلاط بقوة، لتصل الى حد إعلان النائب غازي الغريضي أن الخلاف مع الرئيس الحريري هو خلاف <جوهر> تظهّر خصوصاً عندما كلف النائب جنبلاط وفداً يرأسه النائب العريضي بزيارة الرئيس الحريري الأسبوع الماضي. وفي هذا اللقاء - حسب مصادر اشتراكية - سمع رئيس الحكومة كلاماً منقولاً عن <أبو تيمور> خلاصته ان لا أحد يفاوض باسم جنبلاط ومن يريد التفاوض فإن <وليد بك> حاضر شخصياً لهذه المهمة. وتضيف المصادر الاشتراكية ان الرئيس الحريري أشار الى أن المصلحة الوطنية تقضي راهناً بالاتفاق بين كل المكونات، وقد يكون من المفيد فتح ملف مجلس الشيوخ، الأمر الذي لم يلقَ حماسة لدى الوفد الدرزي الذي قال العريضي باسمه ان 28 سنة مرت على <اتفاق الطائف> وجنبلاط لم يطرح هذا الموضوع ولم يطالب به لأن له خصوصية عند الطائفة الدرزية <وإذا كنتم مصرّين عليه وتريدونه فاعلموا أنه من حقنا>. ولم يتأخر رد الرئيس الحريري بأنه غير راغب في اتخاذ أي خطوة قد تستفز الفريق المسيحي في مجلس النواب، ما اعتبره الوفد الاشتراكي جواباً غير مباشر عن واقع جديد بدأ يرتسم في سمــــــــــاء العلاقات بين الرئيس الحريري والحزب التقدمي الاشتراكي يختلف عما كان عليه، وهذا الواقع يقوم على تقارب حريـــــــــــــــــري - عوني يواصل هندسته مدير مكتب الحريري المهندس نادر الحريري.

وتؤكد مصادر اشتراكية أن الخلاف مع الرئيس الحريري لن يقتصر على موضوع قانون الانتخابات، بل سيمتد الى مجلس الوزراء لاسيما في المواضيع الدقيقة التي لا تزال معلقة وتحتاج الى قرارات فيه، علماً أن المعطيات تشير بأن مصادر الحزب التقدمي الاشتراكي هي التي تولت تسريب معلومات  عن أن اللقاء الأخير الذي ضم الرئيس الحريري وتيمور جنبلاط مع قيادات اشتراكية لم يكن جيداً، وانتهى سريعاً عند خلاف جذري على موضوع التأهيلي. وتتحدث المصادر نفسها عن أن الحديث الذي يردده رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل عن إمكانية اللجوء الى الشارع إذا تعذر استعمال صناديق الاقتراع، سوف يقابل بالمثل، والباكورة ستكون الاحتفالات التعبوية في ذكرى تأسيس الحزب التقدمي الاشتراكي تحت عنوان <موجودون وسنبقى>، إلا أن ثمة جهات تؤكد أن الحوار مع جنبلاط لن يتوقف رغم كل شيء، لأن الرئيس الحريري ليس في وارد القبول بمقاطعة أي فريق سياسي وهو الذي اختار نهج الانفتاح على خصومه، فكيف بالحلفاء!