بقلم وردية بطرس

الاختصاصي في أمراض الجهاز الهضمي الدكتور سامر خليفة: تظهر أعراض التسمم الغذائي بعد ساعات وأحياناً بعد أيام من تناول طعام ملوث وتكثر الحالات في فصل الصيف

[caption id="attachment_80029" align="alignleft" width="492"] التسمم الغذائي نتيجة الاطعمة الملوثة[/caption]

 يُعرف التسمم الغذائي باسم المرض المنقول بالغذاء وهو مرض يسببه تناول الطعام الملوث. وتعد الجراثيم المعدية بما في ذلك البكتيريا والفيروسات والطفيليات او سمومها السبب الأكثر شيوعاً للاصابة بالتسمم الغذائي. يمكن ان تؤدي الجراثيم المعدية وسمومها الى تلوث الطعام في اي مرحلة من التجهيز او الانتاج. ويمكن ان يحدث التلوث أيضاً في المنزل اذا تم تحضير الطعام او طهيه بطريقة غير صحيحة. وتشمل أعراض التسمم الغذائي التي يمكن ان تبدأ في غضون ساعات من تناول طعام ملوث، الغثيان او القيء او الاسهال. وفي كثير من الأحيان يكون التسمم الغذائي بسيطاً ويتم الشفاء منه دون علاج، لكن يحتاج بعض المرضى الى الذهاب الى المستشفى.

الدكتور خليفة ومسببات التسمم الغذائي

ويُلاحظ ان حالات التسمم الغذائي تكثر في فصل الصيف، فما هي الأسباب التي تؤدي لحدوث التسمم الغذائي؟ وما هي أعراضه؟ ولماذا تكثر حالات التسمم الغذائي في فصل الصيف؟ وغيرها من الأسئلة طرحتها (الأفكار) على الاختصاصي في أمراض الجهاز الهضمي الدكتور سامر خليفة وسألناه:

* ما الذي يؤدي لحدوث التسمم الغذائي؟

- التسممم الغذائي يحدث عادة عندما يتناول الشخص طعاماً يحتوي على ميكروب وقد يكون الميكروب بكتيريا او قد يكون فيروساً فيسبب التسمم الغذائي. اذاً اما يتناول البكتيريا او السموم التي فبركتها البكتيريا بداخل الطعام. وبالتالي التسمم الغذائي ناتج عن تناول اما الجرثومة او (التوكسين) التي فبركتها الجرثومة. هناك أنواع من الجراثيم التي تقدر ان تسبب التسمم الغذائي أولاً هناك  Norovirus وهو أكثر فيروس يسبب التسمم الغذائي، وغالبية الناس الذين يحدث معهم تسمم غذائي يكون بسبب بكتيريا (السالمونيلا) اذ إنها أكثر مسبب للتسمم الغذائي. والسبب الثاني هو بكتيريا Staphylococcus aureus .

أعراض التسمم الغذائي

* ما هي أعراض التسمم الغذائي؟ وهل تظهر الأعراض نفسها لدى جميع الناس؟

- أعراض التسمم الغذائي هي: التقيؤ، وألم في البطن، والاسهال، ويُضاف اليها عارض آخر وهو الشعور بالدوخة. وأحياناً يحدث تنميل في بعض الأطراف ولكن حدوثها أقل بكثير. عادة التسمم الغذائي يحدث بعد ساعات من تناول الطعام الذي سبب هذا التسمم، وهناك حالات تحدث بعد أيام وقد تكون بعد ساعات. الفرق بين التسمم الغذائي و Gastroenteritis او التهاب المعدة والامعاء، اذ ان التهاب المعدة والامعاء يحدث بعد أيام . والأعراض هي نفسها عند الاصابة بالتسمم الغذائي والتهاب المعدة والامعاء. مثلاً اذا كان الشخص يحضّر الكريمة وهو مصاب بالتهاب في اصبعه فاذا جرح اصبعه ووجدت بكتيريا Staphylococcus على يده فتنتقل البكتيريا الى الطعام، اذ 30 في المئة من الناس لديهم بكتيريا

 Staphylococcus عطس على الكريمة التي يحضّرها من ثم ترك الكريمة خارج الثلاجة لمدة ثلاث ساعات عندها تقدر هذه البكتيريا ان تتكاثر وتخرج السموم، فاذا تناول منها الشخص حتى لو طُبخت لن يزول عنها سموم هذه البكتيريا، لذا بعد مرور من ساعة الى 6 ساعات من تناولها يبدأ الشخص بالتقيؤ، واجمالاً يتحسن وضعه خلال 24 ساعة.

الفئة الأكثر عرضة لمضاعفات عند الاصابة بالتسمم الغذائي

* هل الضرر نفسه يحدث لدى الكبار والصغار ام هناك فئة تتأثر أكثر عند حدوث تسمم غذائي؟

- طبعاً المتقدمون في السن يتأثرون أكثر من غيرهم والأشخاص الذين تكون مناعتهم ضعيفة. وأيضاً الصغار اذ تكون مناعتهم ضعيفة. كما ان المصابين بمرض نقص المناعة المكتسبة (الايدز)، وأيضاً الأشخاص الذين يتناولون أدوية الكورتيزون والأدوية التي تخفف المناعة، وأيضاً الذين يتلقون العلاج الكيميائي، والنساء الحوامل. اذاً كل هؤلاء الأشخاص معرضون لمضاعفات عند الاصابة بالتسمم الغذائي أكثر من غيرهم. الأعراض التي ذكرتها عند الاصابة بالتسمم الغذائي اي الاسهال والتقيؤ يؤدي الى حدوث Dehydration  أو جفاف الجسم وهذه أكثر مشكلة تحدث للجسم بعد الاسهال والتقيؤ، وهذه قد تؤثر على شخص لديه مشاكل في الكلى او يأخذ أدوية تسبب جفاف الجسم، واذا حدث الجفاف بنسبة كبيرة يؤثر ذلك على الشخص. وبالتالي يجب معالجة مشكلة الجفاف.

حالات التسمم الغذائي في فصل الصيف

* وهل يحدث التسمم الغذائي في فصل الصيف أكثر من بقية الفصول اذ نجد حالات تسمم غذائي في الصيف فهل الأمر متعلق بحرارة الطقس؟

- هذا صحيح، لأنه في فصل الصيف ومع ارتفاع درجات الحرارة تتكاثر البكتيريا أكثر على الأسطح واذا بقي الطعام خارج الثلاجة. على سبيل المثال اذا بقي الطعام على الطاولة لأكثر من ساعة وكانت درجة الحرارة ما فوق 32 درجة بهذه الحالة هناك خطورة ان تتكاثر البكتيريا ويؤدي الى حدوث المشاكل. وبالتالي تزداد حالات التسمم الغذائي في فصل الصيف. وليس فقط في فصل الصيف بل خلال فترات الأعياد عندما تُعد أطعمة كثيرة ويجد الناس انه تبقى طعام كثيرا بعد الأعياد فيحتفظون به، وبالتالي يعرّضون أنفسهم لتسمم غذائي اذا تناولوها بعد يومين او ثلاثة أيام ويكون بهذه الحالة قد تكاثرت البكتيريا داخل الأطعمة. ولهذا نرى حالات تسمم غذائي بعد الأعياد وغيرها.

علاج التسمم الغذائي

[caption id="attachment_80030" align="alignleft" width="514"] الدكتور سامر خليفة أعراض التسمم الغذائي هي التقيؤ والألم في البطن والاسهال والدوخة[/caption]

* كيف يُعالج التسمم الغذائي؟ وهل يستدعي الأمر الدخول الى المستشفى بكل الحالات؟

- عند حدوث التسمم الغذائي فلا حاجة للدخول الى المستشفى اذ يقتضي الأمر بمرور 24 ساعة، فتزول المشكلة دون الدخول الى المستشفى. معدل الشخص العادي الذي يُصاب بالتسمم الغذائي في أوروبا هو بين مرتين الى ثلاث مرات في السنة، مثلاً في فرنسا سنوياً يُصاب مليون ونصف المليون شخص بالتسمم الغذائي. بالنسبة لعلاج التسمم الغذائي فأولاً يجب تنظيف المصران بألا يتناول الشخص الطعام لمدة تتراوح بين 6 الى 8 ساعات لأنه بالأساس يعاني من التقيؤ ولن يتمكن من تناول الطعام. وأهم ما في العلاج هو

Good hydration لأنه يحتوي على (بوتاسيوم) و (صوديوم) والسكر الذي يحتاجه الجسم ويدخل الماء الى الجسم. وبحال اذا لم يدخل الماء الى جسم المريض ولا يتبوّل كفاية، ويكون لون البول غامقاً، ويمر أكثر من ست ساعات بدون ان يتبّول، واذا كانت الحرارة مرتفعة جداً فوق الأربعين درجة، واذا ظهر دم في البراز، عندها عليه ان يتوجه الى طبيبه لتوجيهه أكثر. اذاً ليس كل مريض مضطراً ان يقصد الطبيب الا في الحالات التي ذكرتها. والعلاجات الأخرى أهم ما في الأمر معالجة الجفاف، وأيضاً يقدر ان يعالج الغثيان من خلال تناول الأدوية، وبالنسبة للمغص فبامكانه تناول مضادات لتقلص المصران للتخلص من المغص. وبالتالي يأخذ هذه الأدوية لتخفيف الانزعاج من ثم يبدأ يتناول الطعام بعد 6 او 8 ساعات ولكن بدون دسم ولا حليب وبلا خضراوات وفاكهة اي الامتناع عن تناول هذه الأنواع، كما يقدر ان يتناول الرز واللحوم ولكن بدون دسم. كما يقدر ان يتناول الموز والتفاح اذ يساعدان في هذه الحالة.

* للأسف في لبنان يتناول الناس أطعمة ملوثة فهل ذلك يساعد على مقاومة الجراثيم والبكتيريا عندما تدخل الى الجسم بعد تناول أطعمة ملوثة؟

- ليست هناك دراسات تذهب بهذا الاتجاه، ولكن نعرف أن بعض الجينات تجعل الأشخاص يلتقطون بكتيريا (السالمونيلا) أكثر من غيرهم، لأنه بالنهاية كل الأطعمة فيها بكتيريا، ولكن اذا تخطى معدل البكتيريا مستوى معيناً عندها يُصاب بالتسمم الغذائي. ولهذا يُوضع الطعام في الثلاجة، وأيضاً يجب طهي الطعام بشكل جيد لكي تصبح نسبة البكتيريا قليلة، ولكن هناك أشخاص اذا تناولوا كمية قليلة مع العلم ان كل الناس يتناولون من الطعام نفسه ولكن هم يتأثرون أكثر عند تناوله. 40 في المئة من الناس يتضررون من تناول الطعام خارج المنزل اي في المطاعم والباقي يتضررون من تناوله في البيت. اي التسمم الغذائي ليس محصوراً بفئة دون غيرها اي الجميع معرض له.

الطعام الفاسد

* اذا تناول الشخص طعاماً فاسداً مثل اللحوم الفاسدة او الدجاج الفاسد وغيرها فماذا يحصل وهل كل الأشخاص يتضررون من تناول الطعام الفاسد ام هناك أشخاص لا يحدث معهم ذلك؟

- اذا تناول الناس مثلاً الدجاج الفاسد سيضّرهم ذلك، اي اذا كانت رائحة الدجاج كريهة او لونه غريباً عندها يجب التنبه للأمر لأنه قبل تناول الطعام يجب التأكد من رائحته ولونه، وهناك بعض البكتيريا التي تتعرض لدرجة حرارة مرتفعة تموت لوحدها، ولهذا الناس لا يتضررون من تناول أطعمة تحتوي على البكتيريا. والمواد الأخرى التي تحدث بسبب اللحوم اذا بقيت لوقت طويل اي (التوكسين) الذي تفرزه تلك المواد وتزيد من نسبة الاصابة بالسرطان ففي هذه الحالة يختلف الأمر اذ ليس هناك دراسة حول ذلك، ولكن على الأرجح الخطورة تزداد بكمية قليلة جداً.

حفظ الطعام بطريقة صحية

* كيف نقدر ان نحفظ الأطعمة لا سيما مع انقطاع الكهرباء في لبنان في الفترة الأخيرة أكثر من السابق خصوصاً أننا في فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة وغيرها؟

- يتعلق الأمر بتحضير الطعام، قد تكون البكتيريا موجودة على الأكل او بداخل الأكل يعني قد تكون موجودة في التراب مثل (السالمونيلا) او الفيروسات الأخرى، وبالتالي يجب غسل وتعقيم الخضراوات والفاكهة بشكل جيد، طبعاً الأفضل ان تُعقم الخضراوات والفاكهة من خلال نقعها بالملح والخل، او يمكن تعقيمها بالكلور العادي او بالصابون البلدي. ثانياً على سبيل المثال عند اخراج الأمعاء من الدجاج يكون بداخله بكتيريا، لذا عند القيام بذلك تنتقل البكتيريا (سالمونيلا)، واذا تم تقطيع الدجاج على لوح القص ومن ثم تقطيع الخضار، اذ كما هو معروف عند طهي الدجاج على درجة حرارة تزول البكتيريا ولكن عند استعمال السكين واللوح نفسه تنتقل البكتيريا من الدجاج الى الخضراوات النية أثناء تقطيعها وعندها تدخل الى الجسم عند تناولها، وتسبب التسمم الغذائي ونسمي هذه الحالة  

Cross contamination

او التلوث المتبادل، وبالتالي على الشخص التنبه لهذا الأمر عند تحضير الطعام، فاذا كان الشخص الذي يحضر الطعام مريضاً او اصبعه مجروحاً او اذا عطس فبهذه الحالات تنتقل بكتيريا

Staphylococcus

الى الطعام، لذا فاذا كان مريضاً لا يجب ألا يطهو الطعام.

ويتابع:

- أهم ما في الأمر غسل اليدين قبل تحضير الطعام، وأيضاً يجب وضع اللحوم والدجاج في مستوعبات بلاستيكية او زجاجية في الثلاجة لفصلها عن الطعام النيء مثل الأجبان وغيرها. اذاً هذه الطرق الوقائية ضرورية لحفظ الطعام في الثلاجة بطريقة صحية لمنع انتقال البكتيريا من اللحوم والدجاج الى الأطعمة المحفوظة بداخل الثلاجة. كما يجب طهي الطعام بشكل جيد، وتسخين الطعام يساعد اذا لم يكن الطعام طازجاً. طبعاً الطعام لا يجب ان يبقى خارج الثلاجة لأكثر من ساعتين. فلا يمكن ترك الطبخة خارح الثلاجة لأكثر من ساعتين. ويجب تنظيف البراد كل اسبوعين بالماء والخل او بالماء و(الأودجفيل) لأن هناك بكتيريا تعيش على الأطعمة داخل الثلاجة. واذا لم يكن الشخص واثقاً من المطعم الذي يتناول فيه الأفضل الا يأكل طعاماً نيئاً في المطعم. وطبعاً الأهم هو غسل اليدين سواء قبل تحضير الطعام او قبل تناول الطعام، لأن البكيتريا توجد على اليدين وليس في الطعام فقط مما يسبب التسمم الغذائي، وأيضاً اذا سلّم الشخص على أحد وتناول الطعام دون ان يغسل يديه فيلتقط الفيروس ويسبب له التسمم الغذائي. وبالتالي من الضروري غسل اليدين.