لفتت لجنة الأمم المتحدة الاقتصاديّة والاجتماعيّة لغربي آسيا "الإسكوا"، إلى أنّ الاقتصاد اللبناني يعاني منذ عام 2019، من هبوط مستمر، تفاقم مع ازدياد حدّة جائحة "كوفيد 19" وانفجار مرفأ بيروت الصيف الماضي. وتسجّل دراسة جديدة بعنوان "القطاع الخاص النظامي في لبنان: عام 2020 والواقع المرير"، أصدرتها "الإسكوا"، تقلُّص 45 في المئة من مبيعات القطاع الخاص النظامي في عام 2020 تقريباً، مقارنة بمعدل مبيعات عام 2019، وتسريح 23 في المئة من الموظّفين العاملين في قطاعات رئيسيّة فيه.
فقد انكمش الاقتصاد اللبناني حسب الدراسة بنسبة 20 في المئة في عام 2020 مقارنةً بالعام السابق، إثر تراجع نشاط القطاع الخاص، ما شكّل ضربةً قاسيةً للناتج المحلّي الإجمالي وللإيرادات الضريبيّة لخزينة الدولة الّتي انخفضت بحوالي 17 في المئة. ومن المتوقّع أن يتفاقم الانكماش في عام 2021، ما لم يُوزَّع لقاح "كوفيد 19" في الوقت المناسب، وما لم تنفَّذ الإصلاحات السياسيّة والاقتصاديّة اللّازمة.
وأشارت اللجنة إلى أنّ الجائحة أدّت إلى انخفاض الطلب على اليد العاملة بدوامٍ كامل في المؤسّسات الصغيرة والمتناهية الصغر، الّتي يعمل فيها القسم الأكبر من الفئات الفقيرة المعرَّضة للمخاطر، وخاصّةً في قطاعات البناء والفنادق والمطاعم والصناعة التحويليّة. وكانت النساء أكثر من تكبّد الخسائر من الوظائف.
في هذا السياق، دعت الأمينة التنفيذية لـ"الإسكوا" رولا دشتي، إلى وضع خطّة إنقاذ وطنيّة للمؤسّسات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسّطة، للحدّ من البطالة الناجمة عن الجائحة، والاستثمار في بقاء شركات القطاع الخاص النظامي من خلال تأجيل سداد الديون والإعفاء الضريبي. وأكّدت أنّ الحاجة ملحّة إلى تقديم قروض بشروط ميسّرة، لتلبية متطلّبات التدفّق النقدي في أوقات الطوارئ، وذلك لتجنّب الإفلاس الجماعي وخسارة مزيدٍ من الوظائف، موضحة انه في عام 2020، وقّعت أغلبيّة شركات القطاع الخاص النظامي تحت وطأة الديون بالدولار الأميركي، ما عرّضها، وخاصّة غير المُصدِّرة منها، لمخاطر مرتبطة بأسعار الصرف. فأكثر من نصف ديون هذه المؤسّسات هي بالدولار، علماً أنّه في المؤسسات الّتي قد تضرّرت من انفجار المرفأ تصل الديون بالدولار إلى 80 في المئة .
وحثّت دشتي على حماية اليد العاملة من أثر الجائحة على التوظيف، مشدّدةً على الحاجة لتقديم الحوافز للنهوض بأنشطة الإنتاج في الشركات المصدِّرة، لرفع معدّلات التوظيف وضمان تدفّق العملات الأجنبيّة، وقالت إنّه في ظلّ ضعف القدرة الماليّة الحاليّة للبنان، يتطلّب تطبيق البرامج الاجتماعيّة والبرامج الرامية إلى حماية اليد العاملة تمويلاً دوليّاً وإقليميّاً لتقليل من احتمالات زيادة نسبة الفقر في لبنان البالغة 55 في المئة وحسن إنفاق الدعم الخارجي ليطال فعلاً الفئات الأكثر تضرّراً من الوضع الراهن.