تفاصيل الخبر

إنها أمراض البرد، فخذوا حذركم بعد عاصفة «فلاديمير»!

15/01/2016
إنها أمراض البرد، فخذوا حذركم بعد عاصفة «فلاديمير»!

إنها أمراض البرد، فخذوا حذركم بعد عاصفة «فلاديمير»!

بقلم وردية بطرس

1

مع حلول فصل الشتاء يتوجب على الانسان ان يحمي نفسه من العديد من الأمراض الشتوية التي تغزو حياتنا في هذا الموسم. ومن أهم هذه الأمراض البرد أو أمراض الانفلونزا الناتجة عن الفيروسات التي تنشط في فصل الشتاء بشكل كبير جداً، ليكون ذلك مثالاً حياً على الطريقة التي يجب ان نتعامل بها مع البرد.

والبرد كما ذكرنا من الأمراض التي تنتشر طوال العام، ولعلاج البرد هناك العديد من الطرق التي تستلزم من الشخص القيام بها من أجل الحفاظ على الصحة العامة أولاً، ثم التعامل مع البرد والتخلص منه في الدرجة الثانية، ولعل الأطفال هم الأكثر عرضة بين فئات المجتمع للاصابة بأمراض البرد، والسبب في ذلك أنهم لا يمتلكون القدرة على مواجهة هذه الأمراض بشكل كامل، كما انها تغزو أجسادهم الصغيرة دون أن يعرفوا كيف يتدبرون أمرهم.

فصل الشتاء إذاً يجلب معه بعض الأمراض المعدية يسببها عدد كبير من الفيروسات. بعض هذه الاصابات يسبب أعراضاً شبيهة بنزلات البرد الشديدة والبعض الآخر قد يسبب تقيؤاً واسهالاً وأحياناً تظهر العوارض معاً. وكما هو معروف، انه في فصل الشتاء وفي ظل حالة الطقس غير المستقرة يصبح جهاز المناعة ضعيفاً ويصبح الجسم أكثر عرضة للاصابة بالأمراض، وتنتقل الفيروسات في الهواء عند السعال او العطس اذ يتم اطلاق كمية هائلة من الفيروسات والجراثيم القادرة على البقاء حية لساعات عدة، الأمر الذي يؤدي الى انتقال العدوى بشكل أسرع. وأيضاً تكثر أمراض الجهاز التنفسي في فصل الشتاء مثل الزكام وغيرها نتيجة تكاثر الفيروسات في هذه الفترة. وطبعاً الزكام هو من أكثر أمراض الشتاء شيوعاً.

ومع اشتداد العاصفة الثلجية <فلاديمير> التي تضرب لبنان والمنطقة حيث تركزت شمالاً، وقد غطت الثلوج مناطق عكار والهرمل وبعض قرى الجنوب، فيما شهدت السواحل أمطاراً غزيرة، أصبح الناس عرضة أكثر للاصابة بنزلات البرد.

فما هي الأمراض التي يُصاب بها الناس في فصل الشتاء؟ وكيف يحمي الانسان نفسه من البرد؟ وغيرها من الأسئلة طرحتها <الأفكار> على الدكتور نديم كنج الاختصاصي في الأمراض الصدرية، وسألناه بداية:

ــ يشهد لبنان عاصفة ثلجية وبرداً قارساً، فهل سيحمل معه الفيروسات والأمراض للناس؟

- تنتشر الفيروسات في البرد القارس ولكن ليس بالضرورة ان يظهر الفيروس في الشتاء البارد فقط، انما للبرد تأثير. لأن جهاز المناعة يضعف حيال دفاعات الجهاز التنفسي عند الانسان. ويلتقط الانسان الفيروس بشكل أسرع. كما ان الناس في فصل الشتاء يجلسون في أماكن مغلقة لساعات طويلة دون ان تكون هناك تهوئة حيث لا تدخل أشعة الشمس الى الغرف، وهكذا يصبح الناس عرضة لالتقاط الفيروس بشكل سريع، ولهذا ترين ان انتقال الفيروس بين الناس يزداد أكثر في فصل الشتاء. ولكن هذا لا يعني ان الفيروسات لا تنتشر في فصل الصيف.

ويتابع الدكتور كنج:

- تختلط الأمور على المريض في ما اذا كان مصاباً بالرشح او <الكريب> فعندما نعاين المريض نسأله عما يشعر فيظن انه مصاب بـ<الكريب> الا انه يكون مصاباً بالحساسية، ولهذا اذا شعر المريض بألم في الحنجرة او ببعض التعب او بارتفاع قليل في درجة الحرارة، فإنه ليس بالضرورة ان يكون مصاباً بـ<الكريب>، ولهذا نرى ان الشخص ما ان تظهر هذه العوارض يبدأ بأخذ العلاجات، ومن هذا المنطلق نحذر من هذه الممارسات الخاطئة. وعلى المستوى العالمي، هناك جدل واسع عما اذا يمكن للمريض ان يتناول المضادات الحيوية من تلقاء نفسه او بنصيحة من أفراد أسرته او أصدقائه او جيرانه... وهذا يحدث كثيراً في لبنان اذ يلجأ المريض الى المضادات الحيوية من تلقاء نفسه دون استشارة الطبيب المختص. هناك مفهوم خاطىء بما يتعلق بالمضادات الحيوية لأنه في بعض الحالات يكون المريض في غير حاجة للمضادات الحيوية. ولا يمكن ان نتجاهل هذه الأسئلة المتعلقة بالمضادات الحيوية: هل على الناس تناول المضادات الحيوية؟ وهل يُنصح بعدم تناولها اذا كانت تشكل ضرراً على المريض؟ وهل ستسوء حالة المريض اذا لم يتناول المضادات الحيوية؟ يجب التنويه هنا ان نسبة كبيرة من اللبنانيين يتناولون المضادات الحيوية من تلقاء أنفسهم، لأنه في كثير من الأحيان يتعذر عليهم تأمين تكاليف المعاينة والعلاجات وما شابه، فيلجأون الى المضادات الحيوية ظناً منهم بأنه سيتم الشفاء بهذه الحالة.

هذه هي أمراض البرد

ــ لماذا يُصاب الناس بالأمراض في فصل الشتاء أكثر من بقية الفصول؟ وما هي أمراض البرد؟

- بالنسبة للبرد تجب الاشارة هنا الى انه في المناطق الفقيرة أو غير المتطورة في العالم يعاني الانسان من الأمراض التي تحدث بسبب الطقس البارد أكثر من الناس في الدول المتطورة لأن وسائل التدفئة غير متوافرة في منازلهم، مع العلم أن الطقس بارد جداً في الدول المتطورة ولكن وسائل التدفئة متوفرة لدى الناس وبذلك يحمون أنفسهم من البرد وأمراضه. ولبنان ينعم بطقس معتدل ولهذا ترين أن الناس يستمتعون بفصلي الخريف والربيع لأن الطقس يكون معتدلاً، فمثلاً اذا أمطرت يوم أو يومين في لبنان نقول أن المطر شديد أو اذا سقطت الثلوج لعدة أيام نعتبر بذلك ان الثلج يغمر البلاد، علماً أن الأمطار لا تتساقط في لبنان بشكل متواصل كما في البلدان ذات الطقس البارد كأميركا الشمالية وأوروبا الشمالية، وإن تلك البلدان مهيأة لمواجهة البرد بدءًا من وسائل التدفئة المتطورة وإنشاء المنازل بشكل لا يحدث رطوبة داخلها، وربما لديهم ألبسة دافئة أكثر بكثير من التي نرتديها في لبنان ودول المنطقة والدول الفقيرة... لذا، يمكن القول أن البلدان التي تشهد برداً قارساً هي أكثر قابلية لمواجهة البرد منذ مئات السنين، ولكن للأسف تأتي العواصف عندنا في لبنان فتحل بنا الكوارث لأن البلد غير مهيئ لهذه الكوارث ولم نعتد على مثل هذه العواصف كما في تلك البلدان.

ويتابع الدكتور كنج:

- فمثلاً العواصف الثلجية التي ضربت لبنان العام الماضي ألحقت أضراراً كبيرة أكثر من تلك التي تعصف ببلدان تشهد طقساً بارداً، فالعواصف الثلجية التي تضرب الولايات المتحدة وأوروبا لا تتسبب بأضرار بشرية كما يحدث في بلدان طقسها دافىء أو معتدل مثل لبنان لأنها غير مهيأة لمثل هذه العواصف.

ــ ما هي الأمراض التي تكثر في الشتاء والبرد؟

- طبعاً هناك أمراض تكثر في البرد، ولكن يجب التنبه هنا اذ أن هناك أقاويلاً ومفاهيماً متوارثة منذ أجيال بأن البرد يتسبب بحدوث الأمراض... لا شك أن هناك أمراضاً تزداد عندما يكون الطقس بارداً مثل أمراض الرئة والقلب والشرايين وأمراض الجلد والأمراض العصبية وأمراض المفاصل، طبعاً تحدث هذه الأمراض في فصل الصيف ولكنها تزداد في الشتاء أكثر. ان أمراض الرئة و<الكريب> والانفلونزا تزداد في الشتاء بشكل كبير، كما تزداد حالات الربو والحساسية والجيوب الأنفية لأن البرد يزيد الحساسية وسيلان الأنف، وكما ذكرت فإن أمراض القلب تزداد أكثر في الشتاء وأيضاً نشفان الشرايين مما يؤدي الى ازدياد حالات الفالج والذبحة القلبية.

2 

الفيروسات هي السبب

ويتابع الدكتور كنج:

- لطالما ردد الناس منذ مئات السنين أن البرد هو سبب كل علة أو مرض، وهذا الكلام غير صحيح بالمعنى الحرفي، صحيح أن المشاكل الصحية تزداد لدى الانسان في البرد سواء في الجهاز الهضمي أو القلب أو الرئة، ولكن البرد بحد ذاته لا يسبب الأمراض التي ذكرتها، ويجب أن يدرك الناس بأن البرد لا يسبب الأمراض بل الفيروسات هي التي تسبب الرشح والانفلونزا. وبالتالي عندما تدخل الفيروسات الى جسم الانسان تزداد الأمراض. كما أن انتقال العدوى في الشتاء يكون أعلى نسبياً مما هو عليه في الصيف لان الناس يقضون وقتاً طويلاً في أماكن مغلقة مثل المنازل أو أماكن العمل أو المقاهي او المطاعم وغيرها، بينما في الصيف يقضي الانسان وقتاً أكثر في الهواء الطلق، وبذلك يكون انتقال العدوى اليه أقل بكثير من الشتاء.

ــ وهل صحيح ان البرد يخفف المناعة لدى الانسان؟

- ان البرد يخفف مناعة الانسان نوعاً ما الأمر الذي يزيد الالتهابات، وهناك عوامل أخرى مثل الرطوبة التي تصاحب البرد في الشتاء. اذاً ليس البرد السبب بل الفيروس ولكن عندما يصبح الطقس بارداً يجعل الأمور من حولنا مهيئة لأن تزداد فرص الإصابة بـ<الكريب> وما شابه. أكثر من ذلك فاذا خرج الشخص من منزله أثناء فصل الشتاء والبرد دون أن يكون مرتدياً ثياباً دافئة ولم يلتقط الفيروس فلن يُصاب بالزكام أو الرشح، وبالتالي ما يتناقله الناس حتى يومنا هذا بأن البرد يؤدي الى اصابة الشخص بالرشح غير دقيق.

ــ وما سبب تعرض الانسان للـ<كريب> في فصل الشتاء أكثر من بقية الفصول؟

- ان <الكريب> العادي يؤدي الى العوارض الآتية: ارتفاع الحرارة وألم في الحلق وسيلان الأنف ويتبعه السعال، وقد يؤدي الى بعض المضاعفات مثل التهاب القصبات الهوائية أو الرئة. وهناك أكثر من 200 فيروس معروف ويسبب <الكريب>، ولكن علمياً ان الشخص الذي يلتقط أكبر عدد من الفيروسات تصبح لديه مناعة أكثر من شخص لا يلتقط فيروسات <الكريب>، لذا فإن الشخص الذي يلازم بيته ولا يعرض نفسه للفيروسات يكون أكثر عرضة لالتقاط الفيروس من غيره. وهنا أيضاً نشير بأن الناس لطالما تناقلوا معلومات مغلوطة بهذا الخصوص، وبأن الشخص اذا لم يخرج من منزله أثناء البرد فلن يُصاب بـ<الكريب>، وهذا غير صحيح. ويجب التنويه بأن لا دواء فعالاً ضد <الكريب>، فما يحصل ان الشخص عندما يُصاب بـ<الكريب> نعطيه أدوية مسكنات تعمل على تخفيض الحرارة، كما ننصح بشرب السوائل وأن يرتاح في منزله ليومين أو ثلاثة حسب حالته. وأحياناً ينقل الشخص العدوى الى الناس من حوله دون أن يعلم لأنه عندما يلتقط الفيروس لا تظهر العوارض في الحال وبالتالي تنتقل عدوى <الكريب> من الشخص المصاب الى شخص سليم حتى قبل أن تظهر العوارض لدى المصاب، ولهذا تنتقل العدوى بين الناس اذ قد تظهر العوارض بعد يوم أو يومين من التقاط الفيروس حتى لو اتخذ الشخص بعض الاجراءات الوقائية مثل الكمامات وما شابه... وأكثر ما ننصح به لتجنب الاصابة هو النظافة وغسل اليدين، وطبعاً إن غسل اليدين قبل تناول الطعام أمر ضروري، وعدم استعمال أغراض الغير، والابتعاد عن المصاب بـ<الكريب> لأن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ والعطس ومصافحة اليدين، ولهذا تنتقل العدوى في فصل الشتاء أكثر لأن الناس يجلسون مع بعضهم البعض في أماكن مغلقة.

نصف مليون انسان

في العالم ضحية <الكريب>

ــ وماذا عن اللقاح؟ فالبعض يعتبر اللقاح ضرورياً والبعض الآخر يعتبره غير فعال ويسبب آثاراً جانبية، فما رأيك؟

- أولاً هناك خطأ شائع اذ يُوصف لقاح <الكريب> لحماية الشخص من الزكام بينما هو في الأساس لقاح الانفلونزا، وبالتالي لا يؤثر على <الكريب> بل على الانفلونزا. وبما أن فيروس الانفلونزا يتغير كل فترة، لهذا لم يستطع اللقاح أن يؤثر بطريقة نهائية على وجود الانفلونزا في العالم، ولا يزال هناك أناس قد أخذوا اللقاح يُصابون بالانفلونزا أيضاً، ولا يجب الاستهانة بهذا الفيروس الذي يودي بحياة نصف مليون انسان في العالم سنوياً، معنى ذلك أن اللقاح لم يتمكن لغاية اليوم من القضاء عليه، وهناك محاولات كثيرة لتطوير اللقاح. وقريباً قد نشهد تقدماً في هذا الخصوص. ويجب الاشارة هنا الى ان لقاح الانفلونزا مختلف عن بقية اللقاحات المعروفة منذ سنوات طويلة مثل لقاح شلل الأطفال والحصبة والجدري، فان اللقاحات لهذه الأمراض قد أعطت نتيجة، ولكن بما يتعلق بالانفلونزا فهي ليست فعالة مئة في المئة. ان اللقاح قد يفيد البعض وليس الكل، وبالاجمال نتجه نحو التعاطي مع كل مريض بحسب حالته وخصوصيته المرضية. بالرغم من أن التوصيات التي تصدر عن منظمة الصحة العالمية وهي واضحة في هذه المسألة تقول بأن اللقاح يُنصح به لمن تجاوز سن الخامسة والستين، وللأشخاص المصابين بأمراض مزمنة، وأيضاً الذين يعملون في مراكز صحية. وهناك خطأ شائع بأن اللقاح هو ضد <الكريب> بينما الصحيح هو ان اللقاح هو ضد الانفلونزا، وهذا الأمر يجب التنبه له.

ــ هل من ارشادات وقائية؟

- النظافة أمر ضروري وهي تقي الانسان من العديد من الأمراض والجراثيم، واستخدام المواد المعقمة ضروري أيضاً، ولا بديل عن الماء والصابون اذ ان الصابون يقضي على الفيروس. ويجب أن يدرك الناس بأن البرد لا يسبب الزكام بل الفيروس، فأحياناً كما ذكرنا يرتدي الشخص ثياباً دافئة ويتوقى كثيراً لكنه يُصاب بالزكام وتكون العوارض شديدة لأنه التقط الفيروس وليس لأنه تعرض للطقس البارد. وبالتالي هناك أقاويل ومفاهيم مغلوطة يتناقلها الناس منذ عشرات السنين، وهي ليست دقيقة وغير مبنية على أسس علمية وطبية. ولهذا يجب التنبه لهذه الأمور تفادياً لحدوث مشاكل صحية.