تفاصيل الخبر

إنجاز طبي فريد: زرع قلب إصطناعي لمريض في مستشفى الرسول الأعظم

22/07/2020
إنجاز طبي فريد: زرع قلب إصطناعي لمريض في مستشفى الرسول الأعظم

إنجاز طبي فريد: زرع قلب إصطناعي لمريض في مستشفى الرسول الأعظم

بقلم وردية بطرس

رئيسة قسم قصور القلب الدكتورة رغاب حمدان: للمرة الأولى تُجرى فيها عملية زرع قلب إصطناعي كامل في لبنان ووضع المريض مستقر

[caption id="attachment_79667" align="alignleft" width="188"] خلال إجراء عملية زرع قلب اصطناعي في مستشفى الرسول الأعظم[/caption]

 للمرة الأولى على صعيد لبنان وبحالات نادرة في الوطن العربي ضمن مركز بيروت للقلب في مستشفى الرسول الأعظم، وبالرغم من الظروف الصعبة التي تحيط بوطننا لبنان، أجرى فريق من أطباء القلب في المستشفى برئاسة الجرّاح الدكتور محمد صعب زرع قلب كامل اصطناعي لمريض في الثلاثين من عمره كان يعاني قصوراً في البُطين الأيسر والأيمن جعله يمكث في أحد المستشفيات ثلاثة أشهر، وبعد التواصل مع مركز بيروت للقلب جرى نقله الى العناية المركزة وتحضيره للعملية قبل ثلاثة أسابيع من خلال العديد من الأدوية. وتجدر الاشارة الى أن المريض كان على لائحة الانتظار ضمن اللجنة الوطنية لوهب الأعضاء في حال تأمن واهب، لكن صعوبة تأمين قلب طبيعي وخطورة حالة المريض دفعت الى اجراء تلك العملية من خلال فريق أطباء القلب في مستشفى الرسول الأعظم التي استغرقت 12 ساعة، ويهدف القلب الاصطناعي الى تقديم بديل عن القلب البشري بانتظار زرع القلب الطبيعي. والمريض الآن بحالة جيدة ويخضع للمتابعة الطبية في المستشفى.

أول عملية زرع قلب كامل اصطناعي في لبنان

ولنعرف أكثر عن هذا الانجاز الطبي وكيف أجريت العملية تحدثت (الأفكار) مع رئيسة قسم قصور القلب في مستشفى الرسول الأعظم الدكتورة رغاب حمدان وسألناها:

* كيف كان وضع المريض حتى استدعى الأمر اجراء عملية زرع قلب كامل اصطناعي؟

- عندما نُقل المريض الى مستشفى الرسول الأعظم كان يعاني من ضعف في عضلة القلب وقصور في البُطين الأيسر والأيمن، والمريض الذي يبلغ الثلاثين من عمره لم يكن يعاني من أي مشكلة، لكنه تعرض لعارض صحي مفاجىء تقريباً منذ شهرين ونصف الشهر، فأدخل في البداية الى مستشفى طرابلس الحكومي وهناك أخضعوه للفحوصات وتبين أن لديه ضعفاً في عضلة القلب تحديداً في البُطين الأيسر والأيمن وبدأوا العلاج بالأدوية، وحاولوا ان يوفروا له قلباً طبيعياً ولكن طبعاً لم يحصل، ومن ثم نقل الى مستشفى الرسول الأعظم الى مركز بيروت للقلب وطُلبوا له جهازاً من الخارج يُدعى Total Artificial Heart او تقنياً يُدعى SynCardia وأُجريت له العملية التي استغرقت وقتاً طويلاً جداً، اذ تم استئصال القلب وزرع القلب الكامل الاصطناعي ولم يكن هناك حل بديل بانتظار القلب الطبيعي ولم يكن هناك امكانية لاخضاعه للعملية التقليدية لأن البُطين الأيمن كان ضعيفاً جداً، اذ كان القلب سيتوقف بأي لحظة ولو لم تُجرَ له عملية زرع قلب كامل اصطناعي وبالتالي كان سيخسر حياته. لقد تم التحضير لهذه العملية على الشكل التالي: وضع للمريض جهاز يُدعى Intra- aortic balloon لأن قلبه كان ضعيفاً جداً، وخلال مرحلة التحضير كان لا بد ان نحضر الجهاز من الخارج، ولكن لم يكن الأمر سهلاً بسبب جائحة الكورونا واغلاق المطار، الا اننا استطعنا وبشكل استثنائي ان نتسلّم هذا الجهاز. وطبعاً كان هناك فريق كامل من الأطباء الذين يتابعون الكلى والكبد والرئة والقلب لكي تكون كل الأعضاء بحالة جيدة عند اجراء العملية.

* كيف تم إجراء هذه العملية؟ وهل كانت هناك خطورة؟

- يمكن القول إن الخطورة على حياة المريض بدون أي تدخل كانت مئة بالمئة، لأن قلب المريض كان سيتوقف، وبالتالي كان الخطر بنسبة 30 في المئة، وكانت العملية دقيقة جداً اذ استغرقت تقريباً 14 ساعة، وقد استئصل القلب من ثم تمت عملية زرع قلب كامل اصطناعي. لقد أُجريت هذه العملية تحت اشراف الجرّاح محمد صعب، وخلال العملية تم تشغيل Device للتأكد بأنه يعمل، وطبعاً كان هناك اختصاصي في الانعاش، واختصاصي في قصور القلب (هذا هو اختصاصي) ، وطبعاً كان هناك اختصاصيون في القلب، وممرضون قاموا بجهود كبيرة. والآن المريض على لائحة الانتظار ضمن اللجنة الوطنية لوهب الأعضاء. طبعاً يقدر ان يعيش بقلب كامل اصطناعي لفترة ولكن يُفضّل ان يتوفر له قلب طبيعي.

* وماذا عن عمر المريض فهل نجحت العملية كونه شاباً؟

[caption id="attachment_79666" align="alignleft" width="458"] القلب الاصطناعي المزروع[/caption]

- طبعاً لو كان المريض في سن كبيرة لما أجريت له هذه العملية. ان عملية القلب الاصطناعي الكامل يجب ان تُجرى فقط بانتظار القلب الطبيعي، وطبعاً المريض ما فوق سن السبعين لا يمكن اخضاعه لعملية زرع القلب الطبيعي. حتى المريض فوق سن الستين لا تُجرى له عملية زرع القلب الطبيعي، وبالتالي تقريباً يجب ان يكون المريض ما دون سن الستين، ولكن قانوناً يجب ان تُجرى هذه عملية القلب الاصطناعية ما دون السبعين بانتظار زرع القلب الطبيعي، بينما القلب الاصطناعي العادي فهذا نوع آخر من العمليات ويمكن ان تُجرى له هذه العملية والا تكون جسر عبور بانتظار القلب الطبيعي، اي يُمكن ان تُجرى ما يُسمى بـ Destination Therapy اي تكون العلاج النهائي للمريض لأنها مريحة.

* وماذا بعد العملية؟ وهل من ارشادات يتوجب اتباعها منعاً لحصول اي عارض او مشكلة؟

- طبعاً لا يزال المريض في العناية القلبية لمدة اسبوع اذ تتم مراقبته بشكل متواصل، ويُخضع لفحوصات الدم وما شابه وتحديداً هناك مراقبة للجهاز للتأكد عما اذا كان ضغط الدم منتظماً ام لا، وتطلّب ذلك تقريباً اسبوعاً لنتأكد بأن وضعه أصبح مستقراً، وبعدها نُقل الى غرفة عادية وهو مرتاح وان شاء الله عندما يتأقلم مع Device عندها يقدر ان يذهب الى بيته.

* وكم يحتاج من وقت ليستعيد حياته الطبيعية؟

- بعد اجراء مثل هذه العملية على الأقل يبقى المريض في المستشفى بين ثلاثة أسابيع وشهر. ووضعه الآن نوعاً ما مستقر.

* الى اي مدى يشكل هذا الانجاز الطبي أهمية في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها البلد من جميع النواحي؟ وماذا عن المقومات التي ساعدت بانجاح عملية زرع قلب كامل اصطناعي للمرة الأولى في لبنان؟

- طبعاً سبق ان أجريت عملية قلب اصطناعي، انما قلب كامل اصطناعي التي أجريت في مستشفى الرسول الأعظم فهي تُجرى في لبنان للمرة الأولى. طبعاً ليس الهدف ان نقوم بدعاية، ان مركز بيروت للقلب هو أول مركز في لبنان لزرع القلب تحديداً، اذ أكبر عدد من هذه العمليات قد أُجريت في هذا المركز، ولكن كما ذكرت في سياق الحديث لم تُجر عملية زرع قلب كامل اصطناعي من قبل ولا بأي مركز في لبنان حتى في مركز بيروت للقلب. واليوم تعد هذه العملية انجازاً لكل لبنان وليس فقط لمستشفى الرسول الأعظم، وبذلك يكون لبنان قد حقق نجاحاً متميزاً في العالم العربي بالرغم من الظروف الصعبة التي نمر بها. نشكر ادارة المستشفى التي سهلّت اجراء العملية من الناحية الدعم المادي، ولا نحب ذكر ذلك ولكن لم تُوفّر تكاليف العملية، اي كان هناك أرقام خيالية لم تُدفع، ولكن لم نتوقف عندها اذ وافقت ادارة المستشفى على اجراء العملية بدون النظر الى تكاليفها. صحيح ان الطبيب الماهر يقدر ان يساعد المريض ولكن لو لم تتوفر له البيئة فلن يقدر ان يحقق انجازاً طبياً.

[caption id="attachment_79665" align="alignleft" width="250"] :الدكتورة رغاب حمدان هذا انجاز يحصل للمرة الأولى في لبنان[/caption]

* هذا الانجاز الطبي يمنح الأمل في ظل الظروف الصعبة والاحباط الذي يشعر به الناس، فما أهمية ذلك في هذا الوقت بالذات؟

- طبعاً هذا خبر مفرح لأنه أولاً بشكل عام يتم تسليط الضوء على الأخطاء الطبية سواء بشكل محق أحياناً او بشكل غير محق أحياناً أخرى، اذاً المهم ان يكسب الطبيب ثقة المريض به وان يثق المريض بالطبيب اللبناني وبالمستشفيات اللبنانية، لأن المستشفيات اللبنانية يقصدها المرضى من الدول العربية لتلقي العلاج فيها نظراً لخبرتها وكفاءتها، والأطباء في لبنان على اتصال مع الأطباء في الخارج لكسب الخبرات، اذ من المهم ان يعرف المرضى في لبنان أن كل هذا متوافر في بلدهم.

* وبانتظار ان يتوفر قلب طبيعي للمريض يبقى ان نقول إن ملف وهب الأعضاء لا يُعالج كما يجب، فهل يحتاج الأمر لوقت طويل ليحظى موضوع وهب الأعضاء باهتمام أكبر؟

- لا أعرف لماذا لا يُلقى الضوء على موضوع وهب الأعضاء بشكل أكبر، هناك أمور عدة تجعل هذا الملف ضعيفاً، أولاً العقلية اللبنانية اذ لا أحد عمل لتغيير العقلية اللبنانية، وهنا دور الاعلام مهم جداً من حيث تسليط الضوء على هذا الموضوع في وسائل الاعلام نظراً لأهميته. ثانياً دور اللجنة الوطنية لوهب الأعضاء التي هي المسؤولة عن هذا الملف، وهي بحاجة للدعم والمساعدة من قبل وزارة الصحة والحكومة، وأيضاً بحاجة لجهد شخصي. من ثم يأتي دور الأطباء الذين هم المسؤولون عن الابلاغ عن حالات الموت الفجائي الدماغي، اذ لو نقدر ان نستفيد من كل حالة موت دماغي تحصل في لبنان لا يعد هناك أشخاص على لائحة الانتظار ضمن اللجنة الوطنية لوهب الأعضاء. بالنسبة الينا في مركز بيروت للقلب فنقوم بجهد كبير بهذا الخصوص منذ وقت طويل، وكنا في المستشفى قد أسسنا لجنة تنسق مع اللجنة الوطنية لوهب الأعضاء وتدعى الجمعية (من أحياها) اذ كنا نقوم بحملات توعية، ولكن كما تعلمين في ظل الظروف الصعبة لم نعد نقدر ان نقوم بكل هذه الأمور، ولكن لأنه حصلت حالات زرع عديدة وكلها نجحت كنا نتمنى ان نقوم بعملية الزرع لكل شخص يحتاج لذلك، ولكن للأسف يموت 30 في المئة من المسجلين على لائحة الانتظار ضمن اللجنة الوطنية لوهب الأعضاء.

* كرئيسة قسم وحدة قصور القلب في مستشفى الرسول الأعظم ما أهمية الاختصاص في قصور القلب؟

- هذا الاختصاص مهم لأنه لغاية الآن القلب هو المسبب الأول للوفيات في العالم وتحديداً بسبب ضعف عضلة القلب، وهذا الأمر يحصل لأنه حتى في لبنان في مراكز ربما في مناطق نائية لا يتم تحويل المريض في الوقت المناسب اي عندما تضعف عضلة القلب يُقال له إنه لم يعد هناك حلول لمعالجته، وهذا الأمر ربما لو حصل منذ عشرين سنة قد نفهم ذلك ولكن اليوم نحن في العام 2020 ومن المؤلم الا نمنح كل مريض فرصة للشفاء. يعني اليوم هناك قسم كبير من المرضى المزودين بـ Device  بالقلب الاصطناعي أتابعهم، ويهمني كثيراً ان نشجع هؤلاء المرضى، ففي لبنان هناك قسم من المرضى المزودين بالقلب الاصطناعي والذين لا يعرف المجتمع عن وضعهم والى ماذا يحتاجون، وكل هؤلاء يقدرون ان يستفيدوا من القلب الطبيعي يوماً ما. ونشكر ادارة المستشفى بأنه يتوفر في قسم قصور القلب في المستشفى كل التكنولوجيا المتطورة. ونحن نواكب علمياً هذه التكنولوجيا من خلال المؤتمرات وكنا كل عام ننظم مؤتمراً عن القصور المتطور في عضلة القلب  ونتحدث فقط عن القلب الاصطناعي والقلب الطبيعي، وكنا ندعو أطباء من ذوي الخبرة العالية من كل دول العالم حتى يلقوا المحاضرات في هذا الخصوص.