تفاصيل الخبر

إنفجار المرفأ وتداعياته الاقتصادية على كل القطاعات وحجم الخسائر المباشرة وغير المباشرة

13/08/2020
إنفجار المرفأ وتداعياته الاقتصادية على كل القطاعات وحجم الخسائر المباشرة وغير المباشرة

إنفجار المرفأ وتداعياته الاقتصادية على كل القطاعات وحجم الخسائر المباشرة وغير المباشرة

 

بقلم طوني بشارة

[caption id="attachment_80332" align="alignleft" width="376"] الدمار الذي سببه انفجار مرفئ بيروت[/caption]

   تعرض مرفأ بيروت  في الرابع من آب (أغسطس) الحالي لانفجار ضخم ، صنف كثالث أضخم انفجار شهده العالم .

  إنفجار مريع تضاربت الآراء وتباينت وجهات النظر حول مسبباته. البعض اعتبره مفتعلاً ونتيجة حتمية لصاروخ إسرائيلي استهدف العنبر رقم 12 داخل ميناء بيروت. والبعض الآخر وصف ما جرى بحادثة غير مقصودة وحصيلة خطأ حدث أثناء تلحيم باب العنبر رقم 12 فتطايرت شرارات النار لتلتهم  مستودعاً للمفرقعات قريباً من العنبر المذكور مما أحدث انفجاراً بمادة النترات الموجودة داخل العنبر رقم 12.

 تعددت الأسباب والحصيلة واحدة:

7000 جريح – 160 قتيلاً ودمار شامل للمرفأ وللمناطق المحيطة به(الجميزة- الأشرفية- الدورة – برج حمود – الجديدة..... ) مما جعل الخسائر المباشرة وغير المباشرة تقدر بأكثر من 15 مليار دولار .

 ترافقت مع هذه الأحداث المأساوية تساؤلات عديدة تمحورت حول مصير السوق وما حقيقة الفقدان القريب لسلع أو لمواد أولية واستهلاكية معينة؟ وماذا عن الطحين؟ وهل المخزون كاف لسد حاجة المستهلك لمدة ثلاثة اشهر ريثما يتم إيجاد بديل لمرفأ بيروت؟ وما مصير مرضى السرطان والأمراض المستعصية في ظل تطاير مستودعات الأدوية في منطقة الكرنتينا؟

تساؤلات عديدة حملتها "الأفكار" الى الخبير الاقتصادي البروفيسور جاسم عجاقة والى نقيبة مصانع الأدوية الدكتورة كارول أبي كرم ونقيب الصناعات الغذائية جورج نصراوي والى رئيس جمعية حماية المستهلك الدكتور زهير برو .

عجاقة والخسائر!

 

[caption id="attachment_80194" align="alignleft" width="436"] جاسم عجاقة: هناك مخزون موجود بالمطاحن ويبلغ وفقاً لوزارة الاقتصاد 30 الف طن ويكفي لفترة محددة وقليلة[/caption]

 بداية مع الخبير الاقتصادي البروفيسور جاسم عجاقة الذي أفادنا أنه وبالرغم من ضخامة الانفجار فإن تداعياته الاقتصادية كانت لتكون أكثر بكثير لو وقع الحادث في مكان محاط من الجهات الأربع .

وتابع عجاقة قائلاً: إن الخسائر تقسم الى قسمين:

خسائر مباشرة وتتضمن الضرر في البنى التحتية للمرفأ، وتدمير المواد الاستهلاكية والسلع والبضائع الموجودة ، ناهيك عن السيارات المستوردة والتدمير الكلي للأبنية المجاورة للمرفأ خاصة أبنية الجميزة، أما المناطق المحيطة فضررها أيضاً كبير وشمل تكسير الزجاج وتدمير الديكور ....وهذه الاضرار تحتاج الى اكثر من 100 مليون دولار من اجل إعادة تعميرها، اما الخسائر غير المباشرة فتتضمن فقدان لإيرادات الدولة من جمارك ورسوم و TVA، لكون هذا المرفأ يؤمن 70% من الاستيراد. أما عملية التصدير فقد أصبحت أصعب بكثير وسنشهد فقداناً لبعض السلع أو تأخراً بوصولها حتى ولو توزع الاستيراد على المرافئ الأخرى، كما أن التكلفة ستزداد وهذا يعتبر خسارة كبيرة للحياة الاقتصادية .

واستطرد عجاقة قائلاً: وفي السياق ذاته لا بد من الإشارة الى توقف أعمال العديد من الشركات التي تضررت، ولا ننسى أيضاً القطاع السياحي الذي ضرب بسبب خوف البعض من المجيء الى لبنان وهذا يعتبر من الخسائر غير المباشرة وتقديرها صعب نوعاً ما ويبلغ عدة مليارات من الدولارات.

 

*- البعض أشار الى احتمال وجود أزمة غذائية بفعل تدمر المرفأ وتهدم الإهراءات فما صحة ذلك؟

 المخزون الاستراتيجي للقمح دمر بفعل تهدم الإهراءات، لكن بالمقابل هناك مخزون موجود بالمطاحن ويبلغ وفقاً لوزارة الاقتصاد 30 ألف طن ويكفي لفترة  محددة وقليلة، وقد يخلق ذلك أزمة مستقبلية.  ناهيك عن أزمة مستقبلية للأدوية ولبعض السلع. مما يعني أنه حكماً ستظهر مشكلة فقدان للمواد الغذائية ومشكلة كيفية استيرادها ووضعها على مرفأ طرابلس وصيدا.

*- البعض يتكلم عن مساعدات مشروطة فما هي هذه المساعدات؟

[caption id="attachment_80198" align="alignleft" width="373"] كارول أبي كرم: حان الوقت لتحرّر المصارف أموالنا لنتمكن من استيراد المواد الأولية بدل تلك التي خسرناها في التفجير[/caption]

غذائياً بتنا نتلقى مساعدات وهي فوق الانقسامات السياسية. وبالرغم من فقدان الأدوية لاسيما المخصصة للأمراض المستعصية فأنا متفائل خيراً على اعتبار أن العديد من المساعدات ستتضمن أدوية متنوعة. كما أن إعادة الاعمار سيكون لها اعتبارات سياسية مما يعني أننا سنشهد تحولاً قريباً بالمشهد السياسي. ولكن ثمة تساؤل يطرح هل أن المرافئ البديلة من طرابلس صيدا وصور قادرة على تحمل عبء الاستيراد؟ وهل هي مؤهلة لاستقبال هذه الكمية؟

أبي كرم ومصانع الأدوية!

وبدورها نقيبة مصانع الادوية الدكتورة كارول ابي كرم أكدت بأن مصنعي الأمصال أمنا منذ يوم الانفجار  مادة المصل إلى جميع المستشفيات على مختلف الأراضي اللبنانية، ولم يوفرا جهداً للحؤول دون انقطاع المادة عن أي مستشفى. المصنعان كانا يملكان مخزوناً من المواد الأولية يكفي عاماً تقريباً، لكن الآن بات يكفيهما مدة أربعة شهور نتيجة ما استهلك منه بسبب الإصابات الكثيرة التي وقعت نتيجة الحادث الذي لم نشهد مثيلاً له قط. وأضافت أبي كرم قائلة: إن جميع مصانع الأدوية تعمل  بشكل طبيعي، واطمئن الجميع بأن أياً من مصانع الدواء لم تتضرّر من الانفجار كونها تقع بعيداً عن العاصمة بيروت، كما أن مخزون المواد الأولية موجود في مخازنها، لذلك لا خوف من انقطاعها، إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه هو كيف سنؤمن هذه المواد لاحقاً لدى نفاد المخزون الحالي، أي عبر أي مرفق، كما وادعو إلى وجوب المبادرة لوضع خطة للنهوض والاستمرارية.

أزمة الأمراض المزمنة والمستعصية

ورداً على سؤال عن تضرّر مخازن الأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة والمستعصية التابعة لوزارة الصحة في الكرنتينا، ومدى قدرة المصانع المحلية على توفير مثل تلك الأدوية لتغطية أي نقص قد يتأتى عما حصل، تجيب أبي كرم : إن مصانع لبنان تنتج 14 صنفاً من أدوية الأمراض المزمنة والمستعصية، وسنؤمن كل ما بإمكاننا تأمينه من هذه الأدوية في حال حصول أي نقص فيها، والمشكلة هي  في الأدوية التي ليس بمقدور مصانعنا إنتاجها .

تحرير أموال المصانع

وعن احتمال تهافت المواطنين على تخزين الأدوية خوفاً من إمكانية إنقاطعها، اجابت أبي كرم : إن هذه الظاهرة نشهدها منذ مدة إذ لاحظنا إقبالاً على شراء كميات من الأدوية وتخزينها في المنازل، واطمئن المستهلكين بأن لا داعي للهلع لأن هنالك مخزوناً من الأدوية سواء لدى المستوردين أو المصنعين تكفي أقله أربعة شهور، ولكن حان الوقت لتحرّر المصارف أموالنا لنتمكن من استيراد المواد الأولية بدل تلك التي خسرناها في التفجير. نحن لسنا بحاجة إلى مساعدات، أو إلى دعم مصرف لبنان بل إلى إعطائنا أموالنا لنتحرك بسرعة، لأن كل فاتورة في مصرف لبنان تحتاج حالياً إلى ما بين شهرين أو ثلاثة أو أربعة شهور لتحويل الأموال، في حين أن تحرير أموالنا العالقة في المصارف سيمكننا من إنجاز استيراد المواد الأولية التي نستخدمها في إنتاجنا في أقل من ثلاثة شهور.

برو وفقدان المواد الغذائية!

[caption id="attachment_80197" align="alignleft" width="239"] زهير برو: ليس هناك أي خوف لفقدان المواد الغذائية لكون معظم المستودعات في البلد معبأة بشكل كامل بالمواد الاستهلاكية[/caption]

وبدوره رئيس جمعية حماية المستهلك الدكتور زهير برو اعتبر بأن الكارثة نتاج عقود طويلة من تراكمات الفساد والطائفية والاحقاد المذهبية، مما جعلنا نفشل ببناء دولة حديثة عادلة وديمقراطية، بل تم بناء دولة مافيات وعصابات يفضل أركانها مصالحهم الذاتية على المصالح العامة . فالكارثة صناعة وطنية بامتياز عنوانها النظام الطوائفي والفساد .

 

*- هل من احتمال لفقدان بعض المواد الغذائية بسبب الانفجار؟  

- ليس هناك أي خوف لفقدان المواد الغذائية لكون معظم المستودعات في البلد معبأة بشكل كامل بالمواد الاستهلاكية . بالرغم من كون الاهراءات قد تهدمت فإن المطاحن لديها مخزون بالمستودعات يكفيها اقله شهرين ونصف الشهر. المشكلة هي بوصول البواخر وبكيفية التخزين التي من المفترض أنها ستخزن بمخازن أخرى غير الاهراءات .

برو والحل!

 

*- هل من بوادر حلول للأزمة الاستهلاكية؟

قبل التكلم عن الحلول يجب علينا التخلص من هذا النظام الفاسد بكل فئاته ، ولا يجب أن ننتظر حلولاً من الخارج. على حكومتنا أن تحدد الحاجات الأساسية وترفض ما عداها من مساعدات اذ عليها أن تحصل على ما يلي:

- معدات طبية وادوية للطوارئ لا سيما ادوية السرطان والجنريك.

- حبوب، خاصة القمح.

- زجاج.

- معدات لصيانة الكهرباء.

- إحصاء الاضرار وتشكيل لجنة للتعويضات بأسرع وقت.

- مساعدات غذائية وايواء المشردين.

على أن يتكلف الجيش الاشراف على ادارتها وتوزيعها وضبط لصوص الكوارث من اداريين وسياسيين لكي لا تتكرر منهبية تموز 2006.

نصراوي ومبادرة "ماكرون"!

[caption id="attachment_80195" align="alignleft" width="166"] جورج نصراوي: ستتضح عملية تقييم الأضرار على صعيد الضحايا البشرية والخسائر المادية والاقتصادية، نهاية الشهر الجاري.[/caption]

ونلتقي  نقيب الصناعات الغذائية جورج نصراوي الذي اعتبر أن انفجار المرفأ  قد صنف ثالث اكبر انفجار بالعالم، والشعب ما زال تحت  وقع صدمة وفظاعة ما حصل . وفي نهاية شهر آب ستتضح عملية تقييم الاضرار على صعيد الضحايا البشرية والخسائر المادية والاقتصادية . ولكن مقابل الخسائر نلاحظ  بوادر حسنة من قبل الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون" الذي وعد بمتابعة قضية الشعب اللبناني وبأنه سيعود أوائل الشهر القادم ، واعتقد بأن متابعة "ماكرون" ستظهر نتائجها قريباً على الرغم من وجود رأيين في لبنان ، رأي يريد أخذ لبنان باتجاه ايران سوريا والصين ، ورأي آخر باتجاه الغرب وعلينا التريث لمعرفة الى أي جهة ستميل الكفة.

 وفيما يتعلق بواقع الصناعات الغذائية حالياً اجاب نصراوي  قائلاً : قبل وقوع حادثة المرفأ كانت العديد من المصانع متوقفة اعمالها ، مقابل جزء بسيط يعمل بشكل طبيعي بسبب تعاطف المستهلك اللبناني وتشجيعه للصناعة الوطنية . وكنا جميعنا  كأصحاب شركات بإنتظار آلية تطبيق دعم الـ 100 مليون من اجل استيراد موادنا الأولية . لقد كان لدينا بادرة امل بانتعاش الوضع الاقتصادي ولكن جاءت مشكلة المرفأ لتقضي على هذه البادرة. التصدير حالياً بات جامداً والبديل سيكون حكماً مرفأ طرابلس .

 وفيما يتعلق بحصول نقص بالمواد الغذائية اطلعنا نصراوي قائلاً: يوجد مخزون كبير لدى التجار ولدى الصناعيين ، مخزون يكفي لمدة تتراوح ما بين الشهرين والثلاثة اشهر، وهي فترة كافية لمباشرة العمل من مرفأ طرابلس، ولا ننسى هنا في السياق ذاته المخصصات الغذائية المرسلة كمساعدات دولية للشعب اللبناني ولكن وبالرغم من ذلك قد يحدث نقص لبعض الأصناف العالمية في السوق اللبناني .