تفاصيل الخبر

انضمام لبنان الى «منظمة التجارة العالمية» إجـــــراء اقـتـصــــادي أم سـيـاســــي؟  

08/04/2016
انضمام لبنان الى «منظمة التجارة العالمية» إجـــــراء اقـتـصــــادي أم سـيـاســــي؟  

انضمام لبنان الى «منظمة التجارة العالمية» إجـــــراء اقـتـصــــادي أم سـيـاســــي؟  

بقلم طوني بشارة

اتنطوان-الحويك--2

أُنشئت <منظمة التجارة العالمية> في 1 كانون الثاني/  يناير 1995، وهي واحدة من أحدث المنظمات الدولية، كما أنها وليدة <الاتفاقية العامة للتعريفات والتجارة> <الغات> (GAAT)، والتي عُقدت عام 1947 في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وبالرغم من أن <منظمة التجارة العالمية> ما زالت حديثة، فإن النظام التجاري المتعدد الأطراف الذي تم وضعه في الأصل تحت <الغات> قد بلغ عمره أكثر من خمسين عاماً.

وقد جاء تأسيس <منظمة التجارة العالمية> بعد أن شهد العالم نمواً استثنائياً في التجارة العالمية، فقد زادت صادرات البضائع بمتوسط 6 بالمئة سنوياً، كما وساعدت اتفاقية <الغات> و<منظمة التجارة العالمية> على إنشاء نظام تجاري قوي ومزدهر مما ساهم في نمو غير مسبوق، واللافت ان النظام قد تطور من خلال سلسلة من المفاوضات أو الجولات التجارية التي انعقدت تحت راية <الغات>، فقد تناولت الجولات الأولى بصفة أساسية خفض التعريفات، وشملت المفاوضات التالية مواضيع أخرى مثل مقاومة الإغراق والإجراءات التي لا تخص التعريفات، وأدت الجولة الأخيرة التي أقيمت في <الأوروغواي> من 1986 إلى 1994 إلى إنشاء <منظمة التجارة العالمية>.

المفاوضات بعد <الأوروغواي> ومواضيع التجارة الناشئة

 

لم تنتهِ المفاوضات عند هذا الحد بل استمرت بعض المفاوضات بعد نهاية جولة <الأوروغواي> حتى شهر شباط/ فبراير من العام 1997، حيث تم الوصول إلى اتفاقية بخصوص خدمات الاتصالات السلكية واللاسلكية مع موافقة 69 حكومة على إجراءات تحريرية واسعة المدى تعدت تلك التي تم الاتفاق عليها في جولة <أوروغواي>، وفي العام نفسه أتمت أربعون حكومة بنجاح مفاوضات خاصة بالتجارة بدون تعريفات خاصة بمنتجات تكنولوجيا المعلومات، كما أتمت سبعون من الدول الأعضاء اتفاقاً خاصاً بالخدمات المالية يغطي أكثر من 95 بالمئة من التجارة البنكية والتأمين والأوراق المالية والمعلومات المالية، كما وافق أعضاء <منظمة التجارة العالمية> في الاجتماع الوزاري في أيار/ مايو 1998 على دراسة مواضيع التجارة الناشئة.

 ولبنان واحد من 23 دولة وقّعت <الاتفاقية العامة للتعريفات والتجارة> <GATT> عام 1947، إلاّ أنه ما لبث أن انسحب من الاتفاقية نظراً لتداعياتها الاقتصادية في ذلك الوقت، وفي العام 1995 تمّ إنشاء <منظمة التجارة العالمية> التي أصبحت تمتلك السلطة الرسمية لرعاية التبادل التجاري العالمي، فهل سينضم لبنان اليها؟ وهل بات الانضمام بمنزلة أمر واقع؟ لاسيّما انه في زمن العولمة وانفتاح الحضارات والقارات والبلدان على بعضها البعض، لم يعد الانفتاح التجاري خيارا، بل اصبح ضرورة لمواكبة النظام العالمي الجديد ولحفظ مكانة على الخريطة العالمية للتجارة الدولية، اذ ثبت اقتصاديا ان التجارة الحرة تساعد من خلال تخصّص كفوء على العرض الأمثل للسلع والخدمات، وبالتالي على نمو اقتصادي أقوى وأكثر متانة.

لبنان وورش العمل المتعددة لانضمامه الى المنظمة

 

 والمتتبع لمسألة الانضمام يعلم ان لبنان قد نظم ولسنوات عديدة، منذ العام 1999، ورش عمل تتعلق بانضمامه إلى <منظمة التجارة العالمية>، ولكنه لا يزال اليوم بعيدا جداً من انهاء المفاوضات الثنائية حول السلع والخدمات، رغم ان أهداف <منظمة التجارة العالمية> لا تطمح الى تبادل تجاري حرّ وغير مسؤول، انما بالعكس تهدف الى انفتاح تجاري مدعوم بالمساعدة اللازمة لتحسين الاقتصاد وتنميته.

 للاسف ستة عشر عاما مرّت، لم يحرز لبنان خلالها اي تقدّم على صعيد المفاوضات، في حين انضم في تلك الفترة حوالى 20 بلدا الى <منظمة التجارة العالمية>، ورغم ان لبنان بلد مبنيّ على التبادل التجاري مع الدول العربية، وافريقيا واميركا اللاتينية، إلا ان السؤال الاول الذي يصادفه التجار عند تسويق منتجاتهم في دول العالم يبقى: هل لبنان عضو في <منظمة التجارة العالمية>؟

هذا السؤال مردّه الى تخوّف التجار وسعيهم لضمانات تحفظ لهم حقوقهم في حال وقوع اي نزاع تجاري، وهذه الضمانات تتوافر من خلال <منظمة التجارة العالمية>.

 

<جان بول تويليه> وتفعيل عملية انضمام لبنان الى المنظمة

 

يبدو جلياً ان بداية شهر آذار/ مارس من العام الحالي قد حفلت بجولات قام بها وفد من <منظمة التجارة العالمية> برئاسة <جان بول تويليه> بغية تفعيل عملية انضمام لبنان إلى <منظمة التجارة الدولية>، واللافت في هذه الزيارة الترحيب الكبير الذي لاقاه الوفد من السلطات الرسمية التي يبدو أنها تعوّل كثيراً على دخول لبنان إلى المنظمة، لما له من مصالح وفوائد عللّها وزير الاقتصاد والتجارة آلان حكيم في تصاريح رسمية عدّة، إلاّ أن وزير الصناعة حسين الحاج حسن غرّد خارج السرب لاعتقاده بأن هذا الأمر سيقضي على مفاصل الصناعة والزراعة.

وتقضي الأهداف المعلنة للمنظمة برفع مستوى الدخل القومي الحقيقي ومستوى المعيشة في الدول الأعضاء، والسعي نحو تحقيق مستويات التوظيف الكامل، وتشجيع حركة الإنتاج ورؤوس الأموال والاستثمارات، وسهولة الوصول للأسواق ومصادر الموارد الأولية، وتحقيق التنمية الاقتصادية، وتعزيز المنافسة العادلة، وتشجيع كل دولة على الاستثمار في ميّزاتها التفاضلية، وايجاد فرص للتصدير، ومراقبة حسن تطبيق الاتفاقات بين الدول الأعضاء، ووضع آلية واضحة لتسوية المنازعات، وتوفير الشفافية في المعاملات التجارية، ومبدأ تحديد الالتزامات أي تحديد التعريفات الجمركية عبر وضع سقف للتعرفة. ولكن هذه الأهداف تبقى صعبة التحقيق في الوقت الراهن، لاسيما في ظل التطور الكبير للاقتصادات المُتطورة وتشابكها، مما يعطيها أفضلية تنافسية مقارنة باقتصادات الدولة النامية وفي طور النمو والتي تُشكل ثلثي أعضاء المنظمة.

 

حكيم وحكمة الانضمام

على الصعيد الرسمي، بدت حماسة الوزير آلان حكيم واضحة حيال انضمام لبنان الى المنظمة بدليل عرضه في مؤتمراته الصحافية التي واكبت زيارة الوفد الأممي، الإيجابيات التي ستحل على الاقتصاد اللبناني، وفي مقدمها تثبيت لبنان على الخارطة الاقتصادية العالمية، وزيادة التبادل التجاري بين لبنان والعالم عبر فتح أسواق 162 دولة أمام المنتجات اللبنانية. ويشير حكيم الى أن الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمرّ فيها لبنان تفرض عليه التعامل مع عقبتين أساسيتين: البطالة والميزان التجاري، وتالياً سيخفض انضمام لبنان إلى المنظمة حجم البطالة وسيسمح للميزان التجاري بخفض العجز الذي يسجله سنوياً، كذلك سيلحظ لبنان ارتفاعاً في الاستثمارات الأجنبية نتيجة الانضمام ما يسمح بتوظيف العديد من الشباب ويُعطي الماكينة الاقتصادية أبعاداً جديدة، إلاّ أن هذه الصورة الوردية التي رسمها حكيم، لم تمنعه من الاعتراف بسلبيات عملية الانضمام، لكن عمله كوزير للاقتصاد يقضي بالدفاع عن مصالح لبنان، وتالياً لن نأخذ من المنظمة إلاّ ما يناسب الاقتصاد اللبناني والمصلحة العامة.

الحاج حسن وتخوفه من الارتماء

في أحضان المنظمة

فؤاد-زمكحل--3

في مقابل النظرة الايجابية لوزير الاقتصاد، تبرز نظرة معاكسة لوزير الصناعة  حسين الحاج حسن تترجم تخوّف القطاعين الصناعي والزراعي من الارتماء في احضان <منظمة التجارة>، فالحاج حسن يعتبر أن <انضمام لبنان الى المنظمة هو أمر كارثي على الاقتصاد لأنه سيقضي على قطاعي الصناعة والزراعة، ويعلل رأيه بالاتفاق الذي تمّ توقيعه مع الاتحاد الأوروبي والذي رفع العجز التجاري مع هذه المنطقة إلى أكثر من 7 مليارات دولار في السنة، عازياً السبب إلى عدم تكافؤ الاقتصادين اللبناني والأوروبي في ظل غياب سياسة المعاملة بالمثل>. ويُضيف الحاج حسن: <إن التجربة نفسها تكرّرت مع المنطقة العربية وأدّت إلى النتيجة عينها، وتالياً فإن ضعف القطاعين الصناعي والزراعي لن يسمح للبنان من الإفادة من هذا الانضمام>.

مواقف السياسيين متعارضة إزاء عملية الانضمام، فما هو موقف القطاع الخاص من هذا الانضمام؟ مواقف عديدة للإطلاع عليها قابلت <الافكار> رئيس <مجلس تنمية الصادرات> لدى <جمعية الصناعيين> منير البساط ورئيس <جمعية المزارعين> انطوان الحويك، ورئيس <تجمّع رجال الاعمال> فؤاد زمكحل.

 

البساط والقرار السياسي بالانضمام الى <منظمة التجارة العالمية>

 

امين العلاقات الخارجية - رئيس <مجلس تنمية الصادرات> لدى <جمعية الصناعيين> المهندس منير البساط اعتبر ان قرار انضمام لبنان الى <منظمة التجارة العالمية> هو في المبدأ قرار سياسي ذو مفاعيل وانعكاسات اقتصادية، اذ ان قرار الانضمام يُتخذ من قبل السلطات السياسية في لبنان باعلى مستوياتها، لكنه قال انه لا يمكن القبول بانضمام لبنان الى <منظمة التجارة العالمية> دون اية شروط، او من دون مراعاة لاوضاع لبنان الاقتصادية الصعبة ولطبيعة قطاعاته الانتاجية.

 وشدّد البساط على ان الانضمام الى <منظمة التجارة العالمية> والالتزام بمتطلباتها ليسا بالضرورة امراً سيئاً في حال نجح الفريق المفاوض اللبناني في تحضير ملفاته بطريقة حرفية، وقام بعرض للشروط اللبنانية للانضمام آخذا بعين الاعتبار نقاط القوة في الاقتصاد اللبناني للبناء عليها، ومراعيا نقاط الضعف لتحسينها وتفادي سلبياتها.

ــ من طريقة عرضك للأمور نلاحظ نوعاً من الخوف لدى الجمعية من ان تصب الاتفاقية في اتجاه واحد، اي امكانية فرض الشروط من قبل الدول الكبرى على الدول الاضعف، فما دقة ذلك؟

- بصراحة، تجارب لبنان السابقة في الانضمام الى اتفاقيات تجارة حرة لم تكن بالمشجعة جداً، فمثلاً <اتفاقية تيسير التجارة العربية> ساهمت في زيادة حركة التجارة البينية بين لبنان ومعظم الدول العربية حيث الميزان التجاري في شبه حالة تعادل في معظم الاحيان، الا ان العديد من الدول التي وقّعت الاتفاقية لم يلتزم بكامل بنودها وما يزال يفرض رسوما جمركية وعوائق تجارية تحت مسميات عديدة لعرقلة حركة انسياب الصادرات اللبنانية لهذه الدول (دول شمال افريقيا على وجه الخصوص).

وتابع البساط قائلاً:

- أما نتيجة <اتفاقية الشراكة الاوروبية> فكانت اقسى، ففي حين شهدت الصادرات اللبنانية نموا متواضعا منذ اقرار هذه الاتفاقية، تضاعفت صادرات دول الاتحاد الاوروبي عدة مرات الى لبنان، إذ استُبدلت العوائق الجمركية بعوائق اخرى فنية وقياسية حدّت بشكل كبير من حركة الصادرات اللبنانية، دون نسيان موضوع قواعد المنشأ المعتمدة حاليا، والمتغيرة باستمرار لخدمة الهدف نفسه الا وهو عرقلة الصادرات اللبنانية الى الاسواق الاوروبية، إلا ان هذا لا يعني ابداً انه في مثل هذه الاتفاقات يجب ان تفرض الدول الاقــــوى رغباتهـــــا على الدول الاضعف، وهناك امثلة كثيرة عــن دول صـــغيرة احسنت ادارة ملفاتهـــــــا التفاوضيـــــة واستفــــادت من الانضمام الى اتفاقيات مماثلة بالحد الاقصى، وذلك دون اهمال الجانب السياسي (الاردن على سبيل المثال).

الاتحاد الاوروبي ورفضه لدخول الأجبان والألبان واللحوم اللبنانية الى أسواقه

ــ أشارت الجمعية الى ان معظم الدول التي وقّع لبنان معها اتفاقيات تجارية اثرت سلباً على الصناعات اللبنانية، فهل من أمثلة واقعية تشير الى هذا التأثير؟

- بخصوص الامثلة الواقعية، نرى انه وبالرغم من انضمام الاتحاد الاوروبي الى <منظمة التجارة العالمية>، الا انه من المعروف ايضا الدفاع الشرس والدعم المطلق للقطاع الزراعي اللذان تؤمنهما هذه الدول، مخالفة في معظم الاحيان احكام <منظمة التجارة العالمية> والاتفاقيات الاخرى. فبالرغم من تطور قطاع الصناعات الغذائية اللبنانية ونمو صادراته الى دول الاتحاد الاوروبي، الا انه من شبه المستحيل تصدير منتجات الالبان والاجبان، اللحوم المصنعة (الدواجن او اللحوم الحمراء)، البيض والعسل وذلك حماية للانتاج المحلي، وهذا الامر لا يقتصر على لبنان بل على سواه من الدول أيضاً، ويشكّل هذا الموضوع عنصرا اساسيا في الحرب التجارية التي تستعر احياناً وتهدأ احياناً أخرى بين الولايات المتحدة ودول الاتحاد الاوروبي.

على صعيد آخر، وبالرغم من توقيع <اتفاقية تيسير التجارة العربية> منذ العام 2000، وسريان مبدأ ازالة جميع الحواجز الجمركية في العام 2005، لا تزال بعض الدول العربية مثل الجزائر تفرض رسوما جمركية على بعض السلع، ولوائح <سلبية> تمنع استيراد سلع اخرى، وذلك بالرغم من المراجعات العديدة التي قدّمها لبنان الى <المجلس الاقتصادي> في الجامعة العربية دون جدوى.

الحويك يشرح الواقع الزراعي

 

رئيس <جمعية المزارعين> انطوان الحويك اعتبر ان القطاع الزراعي يعاني تاريخياً من أخطار عالية تحجب الاستثمار فيه، ناهيك عن فقدان البنى التحتية المؤسساتية، وانعدام الحماية من الاغراق، والأهم من ذلك انعدام الحماية الصحية والاجتماعية للمزارعين... ويأتي الحديث عن امكان انضمام لبنان الى <منظمة التجارة العالمية> <ليزيد الطين بلة>.

وتابع الحويك قائلاً:

- أُضيفت الى هذه الأزمات التاريخيّة نكبات على مدى الأعوام الماضية راكمت معاناة القطاع، ففي عام 2015 وبسبب اقفال معبر نصيب بين سوريا والاردن تراجعت الصادرات على نحو ملحوظ، إذ تراجعت الصادرات 31,7 بالمئة بين عامي 2014 و2015 من 533 الف طن الى 364 الفاً، كذلك تراجع تصدير البصل 76,9 بالمئة من 23 الف طن الى 10 آلاف طن، وتراجعت صادرات الحمضيات 57 بالمئة بين 2011 و2015، في حين تراجع تصدير الموز 64 بالمئة بين 2010 و2015، وتراجعت صادرات التفاح في الاشهر الاربعة الاخيرة من 2015 نحو 43 بالمئة عن الاشهر عينها من 2014.

ــ علمنا ان <جمعية المزارعين> ترفض الانضمام الى <منظمة التجارة العالمية> مستندة الى سوابق تاريخية كاتفاقية التيسير العربي و<اتفاقية الشراكة الاوروبية>، فما اثر هاتين الاتفاقيتين على الزراعة اللبنانية؟

- قبل فترة قصيرة من تطبيق المرحلة النهائية من <اتفاق التيسير العربي> عام 2004، استطاعت الجمعية اقناع الحكومة بالضرر المتأتي من هذا الاتفاق الذي يحرر التبادل التجاري بين دول ذات أنظمة اقتصادية مختلفة قبل توحيد القواعد الجمركية وعمليات الدعم، فصدر القرار رقم 43 بتاريخ 9/12/2004 <بتكليف وزارة الاقتصاد الطلب خلال اجتماعات <المجلس الاقتصادي والاجتماعي> في جامعة الدول العربية اعطاء لبنان فترة سماح في شأن تطبيق <اتفاق التيسير العربي>، ولكن وزير الاقتصاد آنذاك عدنان القصار رفض تقديم طلب فترة السماح من <المجلس الاقتصادي العربي>، وفي عام 2007، على اثر حرب تموز/ يوليو 2006 استطاعت الجمعية الاستحصال من جامعة الدول العربية على روزنامة زراعية حيث وُضعت رسوم جمركية على 10 سلع زراعية لمدة 33 شهراً ونصف الشهر، وبحسب دراسة اعدتها <جمعية المزارعين>، فقد زادت ايرادات المزارعين اللبنانيين 100 مليون دولار سنوياً من جراء تطبيق هذه الروزنامة، إلا أنه في عام 2008 رفض وزير الاقتصاد سامي حداد الطلب من الجمارك اللبنانية تطبيق الروزنامة، وكذلك فعل وزير الزراعة حسين الحاج حسن عندما رفض الدفاع عن تجديد الروزنامة الزراعية، فأُلغيت في العام 2012.

الجمعية وفرض المراقبة على الترسبات

 الكيميائية على المستوردات

واستطرد الحويك قائلاً:

- بدءاً من عام 2006 طالبت الجمعية بوضع قيود غير جمركية لحماية الانتاج المحلي كفرض المراقبة على الترسّبات الكيميائية على المستوردات، وتعديل الشروط والمواصفات الفنية لاستيراد الفاكهة والخضار والحليب ومشتقاته، وتكليف شركات للمراقبة بالكشف على المستوردات، وقد اقترحت الجمعية التعديلات اللازمة وفق الاصناف، لكن كل اقتراحاتنا رُفضت.

وأضاف:

- ولا ننسى ايضاً ان القطاع الزراعي ولاسيما قطاع التفاح، يعاني منافسة قوية من التفاح الاوروبي، وخصوصاً من ايطاليا حيث يباع الكيلوغرام بـ 2200 ليرة بالجملة، مستفيداً من اتفاق الشراكة مع الاتحاد الاوروبي حيث رُفعت الرسوم الجمركية عن البضائع الاوروبية.

وتابع الحويك:

- استناداً الى ما سبق، لا يمكننا سوى الاستشهاد بـ<اتفاق التيسير العربي> و<الاتفاق الاوروبي> وما تعرّضت له الزراعة اللبنانية من أذى لنضيء على ما يمكن أن يتعرض له القطاع من ضرر في حال انضم لبنان الى <منظمة التجارة العالمية>، ونسأل كـ<جمعية مزارعين>: <لماذا ندخل في تجربة جديدة ستكون أسوأ على القطاع من التجربتين السابقتين؟> ونشبّه دخول لبنان الى المنظمة بالمثل الشعبي <رايحين عالحج والناس راجعة>، بدليل أن غالبية الدول بدأت تخرج من المنظمة خصوصاً بعد الازمة المالية عام 2008، فعمليا بتنا متأكدين أن 5 بالمئة فقط يفيدون من عملية الانضمام وغالبيتهم من كبار المستثمرين، فيما سيقع الضرر على 95 بالمئة من اللبنانيين في كل القطاعات.

 

زمكحل والإفادة من الرعاية

اما رئيس <تجمع رجال الاعمال> الدكتور فؤاد زمكحل فاعتبر ان الانفتاح التجاري خيار قائم من دون شك، على أساس الحاجة إلى السلام والحرية التي نشأت بعد الحرب العالمية الثانية، ولكن أيضاً على الايمان بأن التجارة الحرة تساعد عبر تخصص كفوء على العرض الأمثل للسلع والخدمات، وتاليا على نمو اقتصادي أقوى وأكثر متانة.

منير-البساط1-()--1وعـــن الفوائـــــد التي يمكن أن تقدّمهــــــا <منظمـــــة التجارة العالمية> للبنان أفادنا زمكحل:

- تخضع <منظمة التجارة العالمية> لمجموعة اتفاقات تمّ التفاوض على معظمها خلال دورة أوروغواي، وهي تشكّل مجموعة من القواعد يمكن لأي عضو استخدامها لابراز حقوقه والتي يمكن تفسيرها بطريقة منسقة ومنتظمة بغية استباق سلوك الآخرين التجاري.

وتابع زمكحل: كما يمكن أن يفيد لبنان من أحكام الدولة الأولى بالرعاية التي تتضمن أوسع توزيع للمنافع التجارية بين الشركاء، فبالفعل، هذا المبدأ يؤكد ان المنفعة الممنوحة من جانب عضو في <منظمة التجارة العالمية> إلى واحد من شركائه، ستمتد على الفور الى جميع الأعضاء الآخرين، تاليا، يحظر هذا المبدأ التمييز بين الشركاء التجاريين، وهو يُعتبر مضاعف تبادلات حقيقياً ضمن بيئة تنافسية مثالية.

واستطرد زمكحل قائلاً:

- هنا لا بد من الاشارة الى كون <منظمة التجارة العالمية> المؤسسة الوحيدة المتعددة الأفرقاء التي لديها هيئة تنفيذ ملزمة: آلية تسوية المنازاعات، على اعتبار ان تعقيد التبادل التجاري يرتبط بزيادة عدد المشكلات الواجب تسويتها، والتاريخ حافل بأمثلة عن الخلافات التجارية التي تصاعدت حتى أصبحت صراعات بحتة، وهنا لا بد من التنويه بأن نظام تسوية المنازعات في <منظمة التجارة العالمية> هو أداة منهجية وملزمة ومحايدة، هدفها إيجاد حلول واقعية ذات درجة عالية من السيادية.

ــ ماذا عن طريقة اتخاذ القرارات داخل المنظمة، الن يؤثر ذلك على مصالح الدول الصغيرة؟

- تُتخذ القرارات في <منظمة التجارة العالمية> بتوافق الآراء، صحيح أن التصويت ممكن ولكن بالكاد يتم استخدامه، مما يضمن أن مصالح الدول الصغيرة حيال التجارة - مثل لبنان - ليست متوارية، بالفعل مباشرة بعد انضمامه، سيتمكن لبنان من المشاركة في المفاوضات، وتاليا تعزيز مصالحه الخاصة.

ــ كرئيس لـ<تجمع رجال الاعمال> تعتبر ان الانضمام للمنظمة هو حافز للاصلاح التشريعي، فكيف تفسر ذلك؟

- تُشكّل <منظمة التجارة العالمية> حافزاً حقيقياً للإصلاح التشريعي والقطاعي، اذ إن العديد من شروط العضوية المسبقة في <منظمة التجارة العالمية> - مثل المعايير، الصحة العامة وحماية الملكية الفكرية - هي في الواقع إصلاحات من صالح أي بلد تطبيقها - أكان عضواً في المنظمة أم لا.

ــ هل ترى ان من مصلحة لبنان تعجيل عملية الانضمام؟

- قرر لبنان بالفعل الانخراط في دينامية تحرير التجارة على الصعيد الثنائي والمتعدد الأطراف، لذلك، من مصلحته تعجيل عملية انضمامه إلى <منظمة التجارة العالمية> من أجل الافادة في أقرب وقت ممكن من العوامل الخارجية الإيجابية، مثل آثار جذب الاستثمار الأجنبي المباشر في لبنان، وأيضا بالنسبة الى قطاع الإعلام الذي سيفيد من تحسين حماية الملكية الفكرية.

ــ ألا يُفترض اعداد خطة عمل تشريعية خاصة بـ<منظمة التجارة العالمية>؟

- بغية تسريع انضمامه الى المنظمة، على لبنان أن يشارك سياسياً وأن يثبت صدقية جهوده لتوفير إطار تشريعي لاحترام التزاماته الناتجة عن هذه العضوية، في هذا السياق، ينبغي أن تكون أولوية لبنان إعداد خطة عمل تشريعية خاصة بـ<منظمة التجارة العالمية> وتنفيذها من شأنه أن يسمح لمجلس النواب باعتماد عدد من القوانين الأساسية قبل الانضمام، مثل تعديل المادة 25 من قانون حقوق الاستثمار، والقانون المتعلق بالبيانات الجغرافية، والقانون المتعلق بالتصميم الصناعي، والقانون المتعلق بالعلامات التجارية والقانون المتعلق بالمنافسة غير المشروعة، وتابع زمكحل هنا لا بد من الاشارة الى انه في العام 2007، وافق مجلس الوزراء على هذه المشاريع التي لا تزال تنتظر موافقة مجلس النواب.

واستطرد زمكحل:

- من ناحية أخرى، يجب ألا ننسى:

-  القانون العام المتعلق بالغذاء الذي وافق عليه مجلس الوزراء في 2006.

- قانون التجارة الدولية والترخيص فضلاً عن الحجر الصحي للحيوانات الذي وافق عليه مجلس الوزراء في 2003.

- قانون علم القياس والتنظيمات التقنية وقانون التوحيد القياسي اللذين رُفعا الى مجلس الوزراء في حزيران/ يونيو 2009.

ولا بد من التشديد أيضاً على أهمية التشاور وإشراك جماعات المصالح اللبنانية في إعداد مواقف لبنان في ما يخص الالتزامات المستقبلية ضمن <منظمة التجارة العالمية>، بالفعل ان الحوار المستمر مع المجتمع المدني أمر مهم، ولاسيما في القطاعات حيث أعرب الأفرقاء المعنيون عن قلقهم إزاء التأثير المحتمل الناتج عن انضمام لبنان إلى <منظمة التجارة العالمية>.

 وختم زمكحل حديثه:

- في الواقع اختار لبنان الانخراط في دينامية تحرير التجارة، وتالياً من مصلحته الانضمام الآن وبسرعة كبيرة الى المؤسسة العالمية الوحيدة التي تراعي قواعد التجارة الحرة. وقد قدّم لبنان منذ العام 1999 عملاً تقنياً على مستوى جيد في المفاوضات الثنائية والمتعددة الأطراف ضمن مجموعات عمل <منظمة التجارة العالمية>، إنما يبقى انضمامه إلى المنظمة خاضعاً لعملية سياسية مؤاتية!