تفاصيل الخبر

إنضاج التسوية المنبثقة عن لقاء الحريري - فرنجية ينتظر «ضمانات» لا توفّرها إلا الرياض وطهران معاً!

24/12/2015
إنضاج التسوية المنبثقة عن لقاء الحريري - فرنجية  ينتظر «ضمانات» لا توفّرها إلا الرياض وطهران معاً!

إنضاج التسوية المنبثقة عن لقاء الحريري - فرنجية ينتظر «ضمانات» لا توفّرها إلا الرياض وطهران معاً!

 سليمان-فرنجية-مارسيل-غانمأكدت مصادر سياسية متابعة أن الملف الرئاسي الذي تحرّك قبل أسابيع على أثر اللقاء الذي جمع الرئيس سعد الحريري بالنائب سليمان فرنجية في باريس يوم 17 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، قد طُوي مؤقتاً لأن عناصر <التسوية> السياسية التي حُكي عنها ليست متوافرة بعد، وأن المسألة تحتاج الى مزيد من التحضيرات لإنضاج <التسوية> التي يتردّد أنها <صامدة> في انتظار ظروف أفضل حتى إذا ما سلّم الجميع بعدم القدرة على تمريرها، عاد البحث عن <المرشح> الثالث الذي يوصف بـ<التوافقي> على حدّ تعبير الرئيس نبيه بري الذي كان سعى لإنجاح المبادرة غير المعلنة بعد للرئيس الحريري تجاه النائب فرنجية. وأشارت المصادر نفسها الى أن الصعوبات التي تواجه <تمرير> التسوية ليست من النوع الذي يمكن تذليله بين ليلة وضحاها، خصوصاً بعدما اتضح أن لا وجود لدعم دولي <كامل الأوصاف> تقابله تساؤلات حول مدى جدية السير بالتسوية، ما لم يتوافر لها الغطاء الإقليمي الضروري، ولاسيما موافقة الرياض وطهران على نتائجها بهدف توفير الضمانات لنجاحها.

وفي هذا السياق، قالت المصادر السياسية إن <الضمانات> لا يمكن أن تكون <صُنعت في لبنان>، وهي حاجة ضرورية لا تستقيم مفاعيل التسوية من دونها. فالرئيس الحريري - تضيف المصادر نفسها - بحاجة الى <ضمانات> من أن <الرئيس> فرنجية لن ينقلب عليه بعدما يمسك بناصية الحكم ويعمل على إبعاده عن رئاسة الحكومة بعد أول انتخابات نيابية يُفترض أن تتمّ بعد ستة أشهر من انتخاب الرئيس العتيد على الأقل، بحجج مختلفة يمكن أن تكون من بينها التركيبة السياسية التي ستفرزها الانتخابات. ومثل هذه الضمانات لا يمكن أن تتوافر في الوقت الراهن من <النوايا> اللبنانية السليمة، بل هي تحتاج الى ما هو أبعد من الحدود اللبنانية. كذلك فإن <الرئيس> فرنجية يريد أن تتوافر <ضمانات> تقضي بعدم جعل رئيس الحكومة <حاكماً بأمره> أو ان <يقفز> فوقه ويتصرف في إدارة شؤون البلاد من دون التنسيق مع رئيس الجمهورية خصوصاً إذا ما استمرّ الوضع الإقليمي على حاله من الاضطرابات. ومثل هذه الضمانات لا يمكن أن تتوافر إلاّ في الرياض التي يُفترض أن تكون واكبت الاتصالات بين الحريري وفرنجية خلال الأسابيع الماضية، وعملت على تسهيل حصول اللقاء بصرف النظر عن حتمية صدور نتائج عملية عنه، خصوصاً في ظل التشنجات السياسية التي قلبت الأمور رأساً على عقب.

 

معادلة الرياض - طهران

وما يشجع على الاعتقاد بإمكانية الوصول الى هذه الضمانات، هو بروز قنوات اتصال بعيداً عن الأضواء بين الرياض وطهران من دون أن يعني ذلك الوصول الى تفاهم حيال المواضيع المطروحة، إنما التأسيس لـ<مشروع تعاون> على المدى المتوسط يمكن أن يفضي الى نتائج عملية إذا ما توافرت كل مقومات النجاح والتسهيلات السياسية. وفيما تؤكد مصادر متابعة أن التواصل السعودي - الإيراني يتمّ ببطء على نحو ينافس سير السلحفاة، فإن مراجع أخرى ترى صعوبة قصوى في إمكانية التقاء طهران والرياض على مخرج في ما خص الأزمة اللبنانية، طالما أن الهوّة تزداد اتساعاً في العلاقة بين المملكة وإيران حول مواضيع عدّة يبقى أبرزها لبنانياً العلاقة مع حزب الله ودوره في الحياة السياسية اللبنانية الراهنة. وعليه، فإن المصادر ترى أن الوقت ما يزال بعيداً عن إحياء معادلة <س - أ> (أي السعودية وإيران)، لكن هذه المعادلة ليست بعيدة المنال إذا ما تمّت إدارتها بشكل جيد بعيداً عن <مفاجأة> الحلفاء والخصوم، على نحو ما حصل في التحرك الذي قاده الرئيس الحريري بالتنسيق مع النائب فرنجية وبمتابعة حثيثة من الرئيس بري والنائب وليد جنبلاط.

في غضون ذلك، ثمة من يعتبر في فريقي الرئيس الحريري والنائب فرنجية أن عامل الوقت سيلعب دوره في قيادة مسيرة الحل الى خواتيمها السعيدة من دون أن يفصح هؤلاء عن ماهية هذا الحل ومدى قابليته للتطبيق، لاسيما وأن حامل الكلمة الفصل في الملف الرئاسي يبقى حتى إشعار آخر الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله القادر - إذا شاء - أن يُقنع حليفه الإيراني بـ<التسوية> وأن <يمون> على حليفه الثاني العماد ميشال عون لدفعه الى تسهيل العملية الانتخابية، علماً أن هكذا مهمة لن تكون سهلة بعد التدهور المفاجئ الذي أصاب العلاقة بين عون وفرنجية نتيجة ترشيح الثاني للرئاسة بعد زيارته باريس واجتماعه بالرئيس الحريري، والذي تجلى خصوصاً خلال الإطلالة التلفزيونية الأخيرة لزعيم <المردة> عبر <المؤسسة اللبنانية للإرسال> والتي ترك بعض ما قيل فيها أثراً غير إيجابي لدى العماد عون الذي اعتبر أن حليفه فرنجية <كسر الجرّة> ولن تعود العلاقة الى سابق عهدها. كذلك ترك بعض ما ورد في حديث النائب فرنجية <نقزة> في صفوف الحزب بعد الحملة التي شنها فرنجية على العماد عون حليف حزب الله...

وتقول مصادر متابعة إن النائب فرنجية الذي شرح أهداف لقائه مع الرئيس الحريري في باريس، لم يقدّم عناصر جديدة خلال المقابلة من شأنها أن تعيد وصل ما انقطع بينه وبين عون، الى درجة بات فيها السؤال الأبرز: هل سيعود الحليفان معاً كما كانا في السابق؟ وتقول المصادر نفسها إنه من الصعب أن تستمر العلاقة بين عون وفرنجية الذي يتجه الى سحب نوابه من تكتل التغيير والإصلاح والطلب الى وزيره رون عريجي الاستمرار في الاعتذار عن عدم حضور اجتماعات التكتل.

هزة ارتجاجية بين عون وفرنجية

أما في ما يتعلق بالعلاقة بين فرنجية وقيادة حزب الله، فإن المقابلة التلفزيونية ذاتها <هزّتها> نسبياً، لاسيما وأن الحزب يعتبر أن النائب فرنجية على معرفة بموقف الحزب الداعم للعماد عون، وبالتالي كان من الأفضل لفرنجية ألاّ <يستفز> <الجنرال> ويُبقي الأبواب مفتوحة ليتسنى لـ<سعاة الخير> الدخول على خط تقريب وجهات النظر بين الرجلين، علماً أن العماد عون ليس في وارد التخلّي عن ترشيحه غير المعلن، فيما حزب الله يتمسك بترشيحه والوقوف الى جانبه وعدم القبول بـ<كسره>، وهذا ما لم يتنبّه له النائب فرنجية الذي تعتبر مصادر متابعة أنه كان عليه أن يكون أكثر ديبلوماسية في مقاربة ردود الفعل على ترشيحه، ولاسيما ما يتصل منها بموقف العماد عون. إلاّ أنّ الواقع أظهر أن نتاج المقابلة على العلاقة بين عون وفرنجية كان سلبياً، إضافة الى أن فرنجية الذي <نجح> في طمأنة جمهور 14 آذار و<المستقلين>، لم يتمكن من تحقيق الهدف نفسه في مرمى 8 آذار الذي بدا أن القوى السياسية فيه تعاطت مع إطلالة فرنجية على نحو اختلف عن التعاطي الذي كان يتحقق سابقاً.

وتقول مصادر سياسية متابعة أن فرنجية الذي أعطى صورة واضحة عن توجهاته وخياراته <الرئاسية> ومتّن العلاقة التي <انتعشت> من جديد مع النائب جنبلاط، و<أراح> الرئيس بري من خلال عدم إلقاء الضوء على دوره <المخفي> في المبادرة وتسهيل انطلاقتها، قلب المعادلة التي كان أعلن عنها بعد <لقاء باريس> والتي كانت تشمل إعلان الحريري عن ترشيح فرنجية الذي يوافق، وينطلق من ذلك لإعلان ترشيحه رسمياً، فأتت المقابلة التلفزيونية لتظهر بأن فرنجية هو الذي بادر الى الترشح معتبراً أن ترشيحه <جدي أكثر من أي مرّة سابقة>، في وقت كان يُفترض أن يعلن الحريري بعد ذلك بقليل تأييده <لترشيح> فرنجية وتكرّ بعد ذلك سبحة الترحيب ما يحدث واقعاً سياسياً جديداً لا بدّ من مقاربته بهدوء وبعيداً عن التشنجات. إلا أن <ترحيب> الحريري بترشيح فرنجية تأخر فترة من الزمن، ما أفسح في المجال أمام الاجتهادات والتحليلات takatoul-14لتبرير <التريث> الحريري في دعم ترشيح فرنجية تحت حجة المزيد من التشاور تحسباً لأي <دعسة ناقصة>!

جعجع ومرارة <الخيانة>

وإذا كان حليف فرنجية العماد عون بات في موقع بعيد عن زعيم <المردة>، فإن رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع بَعُدَ هو الآخر عن حليفه الرئيس الحريري على رغم كثرة الزوار الى معراب ومن بينهم السفير السعودي علي عواض العسيري، وعدد من الوزراء الحاليين والسابقين، وعدد من المستشارين والمعاونين كان بينهم مدير مكتب الرئيس الحريري السيد نادر الحريري. إلا أن المعلومات المتوافرة من هذه اللقاءات لا تشير الى أن <الحكيم> بدّل برأيه ولا يزال يعتبر أنه تعرض لـ<خيانة> من فريقه السياسي، لاسيما وأن كل الاتصالات التي أُجريت معه هَدَفَت الى تعطيل اعتراضه على خيار فرنجية وحضور الجلسة التي دعا إليها الرئيس بري في الأسبوع الأول من شهر كانون الثاني/ يناير المقبل من دون التصويت للنائب فرنجية، لأن المشكلة تكمن في توفير نصاب غالبية الثلثين، بينما الأكثرية المطلقة هي الخيار الثاني بعد الأول.

في أية حال، ثمة من يعتقد بأن الاتصالات أسفرت عن <تجميد> المواجهة في الاستحقاق الرئاسي الى ما بعد عطلة الأعياد، علّ يكون تبادل التهاني مناسبة لتبريد الأجواء وإعادة ترتيب الأوراق، وهذه من الشروط غير المعلنة لقبول الحريري الحديث تلفزيونياً خلال الأيام القليلة المقبلة، في وقت يلمس زوار بنشعي أن النائب فرنجية ماضٍ في ترشحه بصرف النظر عن مواقف الحلفاء قبل الخصوم، فيما يعتبر العماد عون أن ظروف وصوله الى قصر بعبدا أصبحت أقوى مما كانت عليه قبل <لقاء باريس>، وأن الأسابيع الآتية قد تحمل تطوّرات تصب في خانة إعطاء الممثل الأول للمسيحيين في لبنان الحق في أن يكون رئيساً للجمهورية، طالما أن فريق 14 آذار - أو زعيمه الأبرز على الأقل - سلّم بأن يكون الرئيس العتيد من قوى 8 آذار ليضمن عودته هو الى السرايا الكبير رئيساً للوزراء. إلا أن ثمة من يعتقد أن موضوع قانون الانتخاب سيوضع من جديد على نارٍ حامية طالما أن الاستحقاق الرئاسي بات مؤجلاً في الوقت الراهن.