تفاصيل الخبر

«إنعاش » الحكومة وغياب الحراك الداخلي الجدي وتراجع «حماسة » الخارج تبقي إنجاز الاستحقاق الرئاسي مع بداية الربيع... مجرد تمنيات!

13/03/2015
«إنعاش » الحكومة وغياب الحراك الداخلي الجدي وتراجع «حماسة » الخارج تبقي إنجاز الاستحقاق الرئاسي مع بداية الربيع... مجرد تمنيات!

«إنعاش » الحكومة وغياب الحراك الداخلي الجدي وتراجع «حماسة » الخارج تبقي إنجاز الاستحقاق الرئاسي مع بداية الربيع... مجرد تمنيات!

مرة جديدة لم ينعقد مجلس النواب يوم الأربعاء الماضي لانتخاب رئيس الجمهورية نتيجة عدم اكتمال النصاب القانوني... ومرة جديدة وجه الرئيس نبيه بري الدعوة الى جلسة أخرى عنوانها انتخاب الرئيس العتيد وسيكون مصيرها مثل مصير سابقاتها... وإذا كان تعذر انعقاد الجلسات النيابية خلال الأشهر الماضية مرّ مرور الكرام في المحافل السياسية والديبلوماسية، وبات من باب <تحصيل الحاصل>، إلا أن تعذر انعقاد مجلس النواب الأربعاء الماضي حمل في طياته مخاوف كثيرة من ان تصبح الدعوات لانتخاب الرئيس العتيد مجرّد <واجب> يقوم به الرئيس بري مع الجلسة-التاسعة-والعشرون-بدون-نصابعلمه المسبق بأن النصاب لن يكتمل والرئيس لن ينتخب! وتقول مصادر معنية ان لهذه المخاوف ما يبررها في ضوء جملة معطيات محلية واقليمية ودولية تعزز القناعة يوماً بعد يوم بأن الاستحقاق الرئاسي مؤجل حتى اشعار آخر، رغم المواقف التي تصدر داخل لبنان وخارجه والتي يحث فيها مطلقوها على إنجاز هذا الاستحقاق في أسرع وقت ممكن، في حين لا تتخذ أي خطوات عملية لتحويل هذا الأمر من مجرد تمنيات ومواقف إعلامية الى إنجاز فعلي بعد دخول الشغور الرئاسي شهره العاشر.

حراك داخلي غير جدي...

محلياً، ترصد المصادر نفسها عدم حصول أي حراك داخلي يمكن أن يؤدي الى انتخاب الرئيس العتيد بدليل ما يصدر من مواقف لا تحمل جديداً من جهة، وما يتم التداول فيه خلال الجلسات الحوارية بين تيار <المستقبل> وحزب الله من جهة ثانية، إضافة الى عدم تحقيق أي تقدم ملموس على محور اللقاء المنتظر بين رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون ورئيس القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع. وتلتقي المصادر المتابعة مع ما تردده مصادر ديبلوماسية معنية من ان <لبننة> الاستحقاق الرئاسي لا تزال تصطدم بغياب <حماسة> القيادات اللبنانية التي تتمسك بمواقف تزيد الأمور تعقيداً وتضع الملف الرئاسي خارج إطار البحث الجدي والحاسم. وقد أتى <إنعاش> حكومة الرئيس سلام ومعاودة جلساتها وفق آلية جديدة - قديمة تحول دون تعطيل دور السلطة التنفيذية ليؤكد على ان الاستحقاق الرئاسي ما زال بعيداً، وان المواعيد التي تضرب في نيسان/ أبريل المقبل أو في شهر أيار/ مايو الذي يليه، ليست سوى مجرد تكهنات واجتهادات لا ترتكز على أسس ثابتة ودقيقة. وعليه، فإن إنهاء <الأزمة الحكومية> خلال فترة قياسية (3 أسابيع فقط) دلّ على ان الأطراف المعنيين بالأزمة، وهم أنفسهم من يعطلون الاستحقاق الرئاسي، يدركون ان حالة <الستاتيكو> التي تعيشها البلاد رئاسياً مستمرة، وبالتالي فإن الحكومة يجب أن تعود الى عملها الطبيعي لإدارة الحد الأدنى من الشؤون الداخلية، وتلبية الحاجات الملحة للمواطنين راهناً. والانطباع نفسه عن أن حل الملف الرئاسي ليس قريباً هو ما يدفع بالأطراف كيري-محمد-جواد-ظريف-1المعنيين بالحوار السياسي الى التركيز على ضرورة تحقيق تقدم يعوّض عن الاتفاق على الاستحقاق الرئاسي من جهة، ويعزز حالة الاسترخاء والتخفيف من الاحتقان التي كانت سائدة في الأشهر الماضية بحيث يظهر أي تقدم ولو محدود وجزئي في الحوار، وكأنه <الإنجاز التاريخي> الذي يجدر التوقف عنده وإبراز أهميته!

 ... والخارج يحمّل اللبنانيين المسؤولية!

أما في الشقين الإقليمي والدولي، فإن الأوساط السياسية تلاحظ بكثير من القلق توقف الدول القادرة والكبرى عن العمل الفعلي لتأمين انتخاب رئيس جديد للجمهورية، والاستعاضة عن ذلك بمواقف وتصريحات تطلقها من حين الى آخر، وبوتيرة منخفضة على عكس ما كان يحصل في السابق. وباتت الدول المعنية بالاستحقاق الرئاسي، على ما تقول الأوساط نفسها، <متأقلمة> مع الوضع المؤسساتي الراهن في لبنان وتركز خصوصاً على العمل للمحافظة على الاستقرار الأمني ودعم الجيش لمواجهة تمدد إرهابيي تنظيم <داعش> و<جبهة النصرة>، الى حين تنضج فيه ظروف الحل الرئاسي إقليمياً ودولياً. ولعل ما يعزز هذا الانطباع ان باريس التي كانت <تسبق> غيرها من الدول لإبراز اهتمامها بإيجاد حل للأزمة الرئاسية باتت اليوم تتحدث عن انها <لا تملك عصا سحرية> لإخراج أزمة الفراغ الرئاسي من عنق الزجاجة، خصوصاً ان جولات رئيس دائرة افريقيا وشمال افريقيا في الخارجية الفرنسية <جان - فرانسوا جيرو> لم تحقق نتائج عملية يمكن التأسيس عليها للمضي في تهيئة المناخات الملائمة لانتخاب الرئيس العتيد. ويسمع زوار باريس هذه الأيام كلاماً يحمّل اللبنانيين مسؤولية عدم اغتنام فرصة <لبننة> الاستحقاق الرئاسي، لاسيما وانها المرة الأولى في التاريخ اللبناني الحديث التي لا يبدو فيها وجود طرف واحد قادراً على أن يفرض على لبنان الرئيس الذي يريد رغم أهمية العوامل الإقليمية التي لا تؤثر سوى سلباً على الانتخابات. واللافت ان الموقف الفرنسي الذي يسمعه زوار باريس هذه الأيام اقترب كثيراً من الموقف الأميركي الذي عبّر عنه، بعد طول انكفاء، السفير الأميركي في لبنان <دايفيد هيل> بعد زيارة لوزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق الأسبوع الماضي، إذ اعتبر أن لا سبب للتأخير في انتخاب رئيس الجمهورية وقد حان الوقت لوضع استقرار لبنان قبل السياسات الحزبية. لكن الأهم في كلام <هيل> كان قوله بعدم توقع أحد <صفقات> خارجية لاختيار رئيس للجمهورية، وهو حضّ <زعماء لبنان> على احترام الدستور وانتخاب الرئيس من تلقاء أنفسهم بدلاً من النظر خارج لبنان. وفيما شنّ السفير <هيل> حملة غير مسبوقة على حزب الله واتهمه بالتسبب بالضرر على الاستقرار اللبناني واتخاذه <قرارات الحياة والموت نيابة عن كل لبنان>، لاحظ المراقبون أن السفير <هيل> لم يتوقف كثيراً عند دور الحكومة اللبنانية، في حين ركز خصوصاً على دور الجيش اللبناني واستمرار الدعم الأميركي له كي تتوافر لديه الوسائل المناسبة للقتال ضد <المتطرفين الهمجيين>. ورأت المصادر المتابعة في كلام السفير <هيل> محاولة أميركية متجددة لإلقاء كرة الانتخابات الرئاسية في الملعب اللبناني من دون غيره من الملاعب الإقليمية والدولية، وبينها الملعب الأميركي، رغم معرفة واشنطن بالصعوبات الإقليمية والدولية التي تواجه الاستحقاق الرئاسي ومواقف عدد من الدول المؤثرة على الساحة اللبنانية وشروطها لتسهيل الانتخابات ورفع <الفيتو> الذي تضعه على هذا المرشح أو ذاك.

دايفيد-هيل-نهاد-المشنوقمفاعيل الاتفاق النووي لن تصل سريعاً

وتراهن المصادر نفسها على ما يمكن أن يتحقق من انعكاسات إيجابية للاتفاق النووي الإيراني - الأميركي المتوقع إعلانه يوم 24 آذار/ مارس الجاري، لكنها لا تعتقد في المقابل ان هذه الانعكاسات ستكون سريعة على الساحة اللبنانية أو غيرها من الساحات الإقليمية والدولية، لأنه لا بد من إعطاء الوقت الكافي للتأكد من أن هذا الاتفاق سيمر بهدوء في واشنطن وطهران، ولدى الدول الحليفة لهما، كل من المحور الذي بات ينتمي إليه. وتضيف المصادر ان الساحة اللبنانية قد تتأخر في استيعاب ردود الفعل الإيجابية للاتفاق الموعود، لاسيما وان ثمة ملفات ساخنة أكثر سواء في اليمن أو البحرين أو العراق تتطلب معالجات سريعة قد تتقدم على الملف اللبناني الذي يمكن أن يستفيد من الناحية الأمنية فقط لجهة تعزيز الاستقرار ووضع حد لتهديدات الإرهابيين والمنظمات التابعة لهم. من هنا ترى المصادر نفسها ان لا أحد يبدو <مستعجلاً>، لا في الداخل ولا في الخارج، لإتمام الاستحقاق الرئاسي خلال الشهرين المقبلين، لاسيما وان الحكومة السلامية قادرة - بعد إعادة <إنعاشها> - على إدارة الشؤون الداخلية ضمن الحد الادنى، والجيش يلقى الدعم المناسب للمحافظة على الاستقرار ومنع تمدد الإرهابيين في البقاع، والعجلة الاقتصادية <ماشية بالتي هي أحسن>، بدليل الأرباح التي حققتها المصارف اللبنانية، والإقبال على إصدار سندات <اليوروبوندز> وغيرها من العوامل الإيجابية الأخرى التي لا تلغي وجود عوامل سلبية أخرى.. لكن الخوف أن يحل الربيع ومعه الذكرى السنوية الأولى للشغور الرئاسي يوم 25 أيار/ مايو المقبل، وتبقى المعطيات المحلية والإقليمية والدولية على حالها، فـ<يعتاد> اللبنانيون ومعهم المجتمع الدولي ودوله وحكوماته، على بلد.. من دون رئيس! في الأسبوع الماضي، نُسب الى الرئيس سلام قوله ان عمر حكومته قد زيد من سنة الى سنة ونصف السنة، وانه يتصرف على هذا الأساس... ومرّت أيام على القول المنسوب الى الرئيس سلام ولم يصدر عنه أي نفي!