لم تكن الفنانة بسمة تتعامل مع الفن بتحفظ من قبل، فتعاملها معه بروح الفنانة غير المحترفة أتاح لها أن تحقق نجاحات كبيرة في سنوات قصيرة، منها مسلسل <الداعية> مع هاني سلامة، ولكن دخولها المعترك السياسي كمواطنة وزوجة لناشط سياسي هو الدكتور عمرو حمزاوي غيّر الكثير من الأمور، لدرجة ان البعض يرى غيابها مرتبطاً بآرائها السياسية، لا بانشغالها بحياتها الأسرية.. بسمة في السطور الآتية تروي الكثير...
ــ ما سبب غيابك خلال الفترة السابقة؟
- الغياب راجع لأسباب أسرية، ولكنني سأحاول تعويض فترة غيابي بأعمال جادة وهادفة، تحمل رسائل اجتماعية تهم المواطن العربي.
ــ آخر مسلسلاتك <أهل إسكندرية> الذي تم منعه في رمضان، هل تعرفين مصيره الآن؟
- لم أعرف حتى الوقت الراهن سبب المنع، خصوصاً وأن العمل يناقش قضية لا تخلو من الملامح الدرامية التي فقدتها الدراما المصرية أخيراً.
ــ هل يعود السبب الى الهجوم على الشرطة والداخلية المصرية؟
- لا أعتقد ذلك لأن هناك عديداً من الأعمال الدرامية التي عرضت في شهر رمضان الماضي وكان فيها عدد من المشاهد والقضايا المتعلقة بضباط أمن الدولة وبوزارة الداخلية بوجه عام، وانتقدتها وأظهرت بعض الصور التي كان يتبعها النظام السابق، ومع كل هذا لم تمنع.
ــ ما الذي جذبك للمشاركة في مسلسل <أهل إسكندرية>؟
- ما جذبني الى مسلسل <أهل إسكندرية> أن الكاتب بلال فضل قدم نصاً شرح فيه واحداً من أهم المجتمعات المصرية، وهو المجتمع الاسكندراني الذي من خلاله يمكن فهم أي مجتمع داخل البلد نفسه، بخلاف ذلك ان فكرة العمل مع المخرج خيري بشارة كانت محمسة جداً بالنسبة لي.
ــ حدثينا عن دورك في العمل؟
- أقوم بدور <فاطمة> المصرية الجدعة التي لديها الكثير من المشاكل، ولكنها تحاول مواجهة الحياة ببسمة وتفاؤل وأحياناً بعنف وحِدّة، فهي تشبه الشخصيات التي في الشارع. و<فاطمة> فتاة مطلّقة تعمل في مقهى، تقع في غرام أحد النشطاء، وبعد إلقاء القبض عليه تقف فاطمة الى جانبه. وفي المسلسل هناك شبكة من العلاقات بين كل الشخصيات تربطهم بعضهم ببعض وتشبه كثيراً ما نعيشه ونراه في محيطنا الاجتماعي.
حكايتي مع خيري بشارة
ــ وكيف كانت الكواليس مع خيري بشارة؟
- الكواليس كانت جيدة جداً، فالأستاذ خيري يتميز بأنه مصدر للطاقة الايجابية، ولذلك رغم شعورنا بالإرهاق، فقد كنا مسرورين لأن الأجواء كانت مليئة بالحماس.
ــ قال البعض انه مسلسل متشابه مع مسلسل <أهل كايرو>..؟
- المسلسل يدور في إطار اجتماعي، ولا تشابه بينه وبين مسلسل <أهل كايرو> الذي كتبه أيضاً بلال فضل وعرض قبل عامين تقريباً في رمضان، فأحداثه لا تدور حول جريمة، كما انه ليس له علاقة بعالم السياسة، ولا يتناول الثورة على الإطلاق.
ــ حضرتِ مؤخراً عرض فيلم <ديكور> لزملائك خالد أبو النجا وحورية فرغلي وماجد الكدواني، فما رأيك فيه؟
- أرى أنه فيلم مختلف جداً، ولكنه ليس مختلفاً بطريقة منفرة، وسيعجب الجمهور الذي أصبح منفتحاً على أنواع مختلفة من السينما. فأفكار السينما مهمة وقد تناول نقاطاً مهمة في حياتنا.
ــ ما جديدك على مستوى السينما؟
- رفضت عدداً من الأعمال السينمائية خلال الفترة الماضية، لأنها لا تتناسب مع إمكاناتي الفنية، وما زال البحث جارياً عن عمل مختلف ونص مختلف.
ــ كيف ترين توجه السينما وعلاقتها بتوجهات المنتجين؟
- أتمنى أن تكون هناك أسس أكثر تحكم عملية الإنتاج، ولكنني مؤمنة أن كل شخص يتحلى بالقيم والمبادئ التي يختار على أساسها، وكل من يحمل توجهاً، سيعمل مع من لديه التوجه نفسه، ولكنني أرى أن هناك تطوراً ملموساً في مستوى السينما والتلفزيون أيضاً في السنوات الأخيرة.
ــ ولكن الأفلام التجارية الهابطة هي التي تحقق الإيرادات حالياً؟
- لا أرى أن هناك قاعدة تربط بين الإيرادات والفن الهابط، فالجمهور هو الذي يختار حسب توجهه، وأنا لست في موقع لأحكم على الآخرين أو حتى أحاسبهم أو أقيّمهم، فكل ما هو متعلق بالفن هو نسبي جداً، فمن الممكن أن أعتبر أحد الاعمال راقياً جداً بينما أنت تراه بلا معنى.
دور الرقابة
ــ ألا تخافين من غياب الرقابة على هذا الفن الهابط؟
- أرى أن وجود الرقابة في هذه الحالة ضروري، وربما لم أكن ألتفت سابقاً لموضوع الرقابة على هذه الأعمال، ولكن بعد أن أصبحت أماً، صرت أفكر في ما ستشاهده ابنتي وتسمعه ومدى تأثيره عليها في المستقبل، ولذلك أدركت سبب قلق الأهل من الأعمال التي بلا رقابة. وأتمنى في المستقبل أن تظل مصر رائدة في مجال الفن وأن تحافظ على خصوصية تاريخها وموقعها المركزي.
ــ كيف توازنين بين اختياراتك المتناقضة طوال الوقت والتي تظهر خلال أدوارك؟
- لا أعرف كيف أشرح ما أشعر به تجاه تلك الأدوار، ولكنني مؤمنة أن كل دور حينما ينتهي يترك في الفنان شيئاً منه يشبه التركة التي تزداد مع كل دور جديد، وتشكل أيضاً جانباً لشخصية وخبرة الفنان، فيظل يقوم بأدوار جديدة ولكن يبقى داخله جزء صغير من كل دور قدمه، فالتفاصيل تظل مخزنة داخلنا.
ــ هل يؤذيكِ تقمص الأدوار؟
- لست من الفنانين الذين يتقمصون بشدة الشخصيات، فأحب أن أترك داخلي مساحة وعي تميز بين الواقع وما ألعبه، حتى أستطيع العودة لحياتي باتزان حينما ينتهي التصوير. ولكن المشكلة ليست في خوفي من التصاق الأدوار بي، بل ان هناك قطاعاً من الجمهور لا يستطيع التمييز بين شخصية الفنان في الواقع، وما شاهده يقدمه على الشاشة، فمثلاً بعد فيلم <رسائل البحر> كان هناك من ينظر إليّ نظرة وكأنني في الواقع سيدة غير ملتزمة أو لها علاقات غير شرعية، ففي مجتمعنا هناك محاولات طوال الوقت لتقييم الفنان ومحاولة إدراجه في قوائم تتناسق مع طريقة تفكير الناس به.
ــ تلومين الناس لعدم تمييزهم لأدوارك وفصلها عن شخصيتك الواقعية؟
- طبعاً، لأن الفيلم يكون عبارة عن اتفاق ضمني بيني كفنانة وبين الجمهور، اتفاق على أنه يشاهد الآن الفيلم ولا يشاهد بسمة، وقيامي بدور ليس معناه بالضرورة موافقتي على نمط الشخصية التي أقوم بها.