تفاصيل الخبر

أنــا أنـتـظـــــر عـــــودة الإمـــــام وأمـنـيـتـــــي أن يكـون بـخـيــــر ويـعـيــــده الله إلـيــــنـا سـالـمـــــاً!  

18/09/2015
أنــا أنـتـظـــــر عـــــودة الإمـــــام وأمـنـيـتـــــي  أن يكـون بـخـيــــر ويـعـيــــده الله إلـيــــنـا سـالـمـــــاً!   

أنــا أنـتـظـــــر عـــــودة الإمـــــام وأمـنـيـتـــــي أن يكـون بـخـيــــر ويـعـيــــده الله إلـيــــنـا سـالـمـــــاً!  

بقلم حسين حمية

SAM_3570مضت قبل أيام الذكرى السابعة والثلاثون لتغييب الإمام موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين في 31 آب (أغسطس) من العام 1978، والسنوات لم تحمل ما يؤشر إلى فك طلاسم هذا اللغز وتحديد مصير الإمام ورفيقيه رغم كل الشائعات التي بثت ورغم سقوط نظام معمر القذافي عام 2011 والقبض على بعض رموز هذا النظام بمن فيهم أولاد القذافي ومساعده الأمني عبدالله السنوسي. فماذا يقول أقرب المقرّبين من الإمام في هذه الذكرى الأليمة؟!

<الأفكار> التقت شقيقة الإمام رئيسة مؤسسات الإمام الصدر السيدة رباب الصدر شرف الدين داخل مكتبها التابع لمؤسسات الإمام الصدر عند طريق المطار وحاورتها على هذا الخط بدءاً من السؤال:

ــ تمر الذكرى السابعة والثلاثون لتغييب الإمام الصدر ورفيقيه هذه السنة ولا أخبار جديدة عن مصيرهم. فما هو شعور الأخت السيدة رباب الداخلي وماذا يقول لها قلبها؟

- لا شك أن شعوري تجاه الإمام هو انتظاري له. وحلمي وأمنياتي أن يكون بخير وأن يعود في أي وقت لأني أؤمن بقدرة الله عز وجلّ على حمايته وحفظه حيث لا تهم السنوات لأنه يبقى محفوظاً برعاية الله الذي وحده يعيده إلينا ساعة يريد. فهذا هو شعوري، لكن إذا سألتني عن أدلة وبراهين فلا أملك أي معطيات بهذا الخصوص.

ــ اللجنة الرسمية اللبنانية بدأت عملها منذ سنوات وكلفت بمتابعة القضية خاصة بعد سقوط نظام معمر القذافي عام 2011 وأجرت فحوصات دم وحمض نووي لجثث وجدت في سجون ومقابر ليبية. فما أصل ذلك؟

- هذا صحيح نسبة إلى شائعة ظهرت في وسائل الإعلام، لكن بعد المعاينة ثبت أن الأمر غير صحيح، والجثة التي كانت موضع الشبهة لم تكن للإمام. وهنا أحب القول إن بعض المعنيين تعبوا ولم يعد لديهم الخلق كما يقال لمتابعة القضية، والاهتمام بها بزخم دائم، ولذلك ينبرون إلى القول إن القضية انتهت ومضى عليها الزمن وبالتالي يودون في قرارة أنفسهم أن يغلقوا هذا الملف ويخلصوا منه.

الدولة والتقصير

ــ هل هذا اتهام للدولة وللجهات المعنية بمتابعة القضية بالتقصير؟

- هذا أمر مختلف، فتقصير الدولة كبير جداً، وأقول ذلك علناً. لكن ما أقصده أن هناك أناساً يرون أن كلامنا عن الإمام غير منطقي ومبالغ فيه، لا.. ولذلك أقول لمن يريد أن يريح نفسه أن يفعل ولكن نحن لن نتوقف يوماً عن فتح الملف بشكل دائم لأننا أهل المصاب والحرقة تأكلنا على مدار الساعة. أما عن تأثير الدولة فهو كبير جداً. وهنا لا أقصد فقط الدولة اللبنانية إنما أيضاً الدولة السورية، الدولة الإيرانية والدول العربية، لا بل أقول إن الجميع اتفقوا على ألا يفصحوا عن مجريات القضية رغم أنهم جميعاً يعرفون ما حصل ولديهم علم بكل المجريات.

ــ سبق واتهمت دولاً عربية وأوروبية وإيران الشاه بالتواطؤ والمساهمة في تغييب الإمام ورفيقيه. فهل من تفاصيل وكيف؟

- هذا صحيح لأن السيد كان يحمل رسالة ولديه طريق وهدف ورؤية، وهو كان يريد تصحيح كل الحياة الاجتماعية التي نعيشها سواء في لبنان أو في البلاد العربية أو حتى في الغرب، لأنه كان ينظر إلى لبنان كبلد متعدد الطوائف وإذا استطاع اللبنانيون تنظيم حياتهم المشتركة فقد تولد تجربة غنية ومميزة كونه يعتبر أن كل طائفة تحمل ثقافة واحدة وامتزاج هذه الثقافات يولد حياة غنية للعالم.

 

الطوائف نعمة والطائفية نقمة

ــ صحيح ولا سيما وأنه صاحب شعار <أن الطوائف نعمة والطائفية نقمة>. أليس كذلك؟

- صحيح، لا بل كان يقول إن الطوائف نافذة وبالتالي كل شباك يعطي معلومة جديدة وثقافة جديدة، وبالتالي عندما تتبادل الطوائف الثقافات وتتعاون وتتواصل يحدث غنى للإنسانية في الفكر والحياة والنهج والتعاطي.

ــ هل كانت نظرته بأن لبنان رسالة سابقة لما قاله البابا <يوحنا بولس الثاني> عندما زار لبنان في التسعينات وقال إن لبنان أكبر من وطن، إنه رسالة؟

-أكيد. فكل جهد الإمام كان في جعل لبنان نموذجاً في التعاون والتفاهم والتفاعل بين الطوائف ويقدمه نموذجاً للغرب الذي يعيش التعددية الثقافية أيضاً. فالإمام كان يرى بعين المستقبل ويعتقد أن إشكالات ستحدث بين الطوائف ولذلك طرح الحل استباقاً لما قد يحدث ووصف الدواء لهذا الداء وقدم أمثلة في دعوة أهل الخير للتفاهم على كلمة سواء لإنقاذ لبنان والعالم العربي مما كان يعيشه ويخطط له لكن لم يرد أحد وكانت صرخته في وادٍ.

ــ هل تغييب الإمام هو جزء من المؤامرة على لبنان لضرب نموذج التعايش فيه الذي طرحه الإمام؟

- طبعاً.. ولو سرنا على توصياته وطروحاته لما كان حصل ما رأيناه في لبنان والمنطقة.

ــ كذلك كان الإمام أول من بادر إلى إنشاء هيئة التقارب بين المذاهب. فهل كان يستشرف ما قد يصيب الأمة من تفكك وخلاف مذهبي كما يحصل اليوم؟

- أكيد..

ــ ومن هي الدول المتورطة في تغييبه وهل فعلت ذلك كجزء من العمل لتقسيم لبنان وفرض التوطين فيه كما كان المخطط في بداية الحرب الأهلية عام 1975؟

- لن أسمي أي بلد لكن أقول إن كل الذين كانوا منزعجين من طروحات الإمام ارتاحوا من تغييبه.

 

القذافي أفضل منفذ للإخفاء

ــ هل تآمروا على تغييبه وكان القذافي هو المنفذ أم فقط ارتاحوا لتغييبه؟

- معمر القذافي كان أفضل منفذ وأحسن من قام بدور الإخفاء، لكن الكل كانوا يفتشون عن فرصة للخلاص من الإمام، ووجدت هذه الفرصة في ليبيا علماً بأنهم كانوا قادرين على اغتياله في لبنان لا سيما وأن عدداً كبيراً من كبارنا قتلوا في لبنان، وهم لم يقرروا اغتياله بل أرادوا إزاحته عن الطريق، ولما قرر الذهاب إلى ليبيا كانت الفرصة والمكان الأفضل لإزاحته وحصل اتفاق واتصال للتنفيذ.

ــ بالأمس سربت معلومة تتهم صبري البنا (أبو نضال) المسؤول السابق في جبهة التحرير العربية، بالمسؤولية عن تغييب الإمام ورفيقيه وقتلهم في ليبيا. فهل من براهين هنا؟

- بشكل عام فالقضايا الكبرى تشوبها التأويلات الكبرى والعديدة. ومع احترامي للإعلام فلا توجد أمانة لدى بعض الإعلاميين في سرد الأخبار والتحليل واختيار الجمل وكيفية عرض الأفكار. فمن الممكن تركيب الأفكار والتأليف من خلال استنتاجاتهم، لكن الحقيقة ليست كذلك وبالتالي فالإعلام قد يكون استنتج هذه المعلومة وأنا لا أملك أي دليل بهذا الخصوص.

وأضافت:

- لا أحد من المتعاطين بملف الإمام يملك أي معلومة عما حصل ولماذا وكيف وأين، لا نحن ولا غيرنا.

 

اللجنة الرسمية وزيارة ليبيا

ــ طيب ما الذي استنتجته البعثة الرسمية بعدما حققت هناك وفحصت وتحدثت مع بعض المسؤولين في ليبيا؟

- لا جديد في ملف الإمام، وعندما سقط نظام القذافي شكلنا وفداً يضم ابن الإمام السيد صدري وذهب الوفد إلى ليبيا والتقى مع الوزراء المعنيين وكان الاستقبال مميزاً، والوزراء الليبيون كانوا متلهفين للاجتماع مع الوفد والحديث عن الإمام الصدر، حتى أن رئيس الوزراء آنذاك عبد الرحيم الكيب قال للسيد صدري إن الليبيين يتمنون أن يأتي من يتحدث عن شخصية الإمام الصدر حتى يعرف الليبيون كم أن الإمام عظيم.

وأضافت السيدة رباب:

- وحصل تجاوب مع الوفد من قِبل الوزارات لا سيما الداخلية والخارجية وشكلت لجنة لكن بعد عودة الوفد إلى بيروت انفرط عقد الحكومة الليبية، وبعض أعضاء الحكومة تركوا الحكم والبعض الآخر قتل، وقسم ثالث دخل السجن وبالتالي فالوضع في ليبيا لا يستقر على حال والأوضاع تتغير بشكل دائم ولذلك كلما تقدمنا خطوة نصطدم بحائط التغييرات الليبية الداخلية خاصة وأن الأحداث الأمنية تتوالى هناك والوضع غير مستقر وغير منتظم. كما أن هناك مسألة مهمة وهي أن السجن الذي قيل أن الإمام أدخل إليه مع رفيقيه موجود في صحراء سبها وهي منطقة تخضع حتى الآن لأنصار القذافي وتحت سيطرتهم ولا أحد قادر على الوصول إلى هناك ممن عارضوا القذافي وانقلبوا على حكمه وبالتالي هناك لغزان يعتريان ملف الإمام الصدر: لغز الإخفاء ولغز مصير الإمام.

ــ ألا يمكن التحقيق مع بعض المسؤولين الليبيين السابقين في السجون وأولاد القذافي أيضاً، لمعرفة مصير الإمام؟

- يبدو أن لا دولة كانت في ليبيا زمن القذافي حيث لا توجد وزارات ولا ملفات، وحده كان القذافي هو المسيطر، وابن القذافي المدعو سيف الإسلام أصبح في عهدة الأمم المتحدة التي تعمل على حمايته وحفظه لأنها تحتاجه، وكذلك بعض الشخصيات من النظام السابق.

 

الإمام لم يدخل روما

ــ بالنسبة لما كشفه رئيس المجلس النيابي نبيه بري عن اعتراف إيطاليا لأول مرة بأن الإمام ورفيقيه لم يدخلوا إلى روما بعدما كانت السلطات الإيطالية قالت في السبعينيات والثمانينات أنهم دخلوا إلى روما. فما أهمية هذا الاعتراف اليوم في تغيير وجهة الاتهام وتثبيتها على النظام الليبي السابق؟

- عندما حدث التغييب ادعى القذافي أن الإمام ذهب إلى إيطاليا وجرى تحقيق هناك، حتى أني ذهبت إلى روما وكذلك السيد صدري مع لجنة رسمية لبنانية، وجرى تحقيق طويل وتبيّن أن الإمام ورفيقيه لم يدخلوا إلى إيطاليا، لكن القذافي اشترى رئيس الوزراء الإيطالي السابق <سيلفيو برلسكوني> وأعيد فتح القضية من جديد وحصلت تركيبة قيل خلالها إن السيد دخل إلى روما ومنها خرج إلى إيران أو أي مكان آخر، أو بمعنى آخر اختفى وبالتالي نزعوا التهمة عن ليبيا، لكن نحن تقدمنا بشكوى قضائية استمرت لسنوات وجاءت النتيجة أن الإمام لم يدخل إيطاليا ولم يمر فيها، وهذا ما تحدث به الرئيس بري.

ــ يعني الاتهام ثبت على ليبيا بعدما برأت إيطاليا نفسها؟

- أكيد.. فهذا الاعتراف مفيد للملف ويخدم القضية.

ــ الملف تحول في لبنان إلى المجلس العدلي وحصل ادعاء على القذافي وبعض القياديين السابقين، وصدر أمر بتوقيفهم عام 2011. الآن مات القذافي وقسم من المتهمين في السجن، فهل القضاء اللبناني سيتابع عدلياً الملف أم توقف مع موت القذافي؟

- لا بد أن يتابع الملف وإذا كانت الدولة تريد حسم الموضوع فهي تستطيع التواصل مع كل المعنيين والوصول إلى كشف لغز اختفاء الإمام ورفيقيه، لكن للأسف الدولة عندنا ضعيفة والوضع في لبنان غير مستقر ما يؤثر على مسار قضية الإمام ورفيقيه. وأنا هنا أكشف أننا ساهمنا في تغيير قضاة لكي يكمل الملف مسيره ولا يتعرقل، ولولا تدخل الرئيس بري شخصياً والطلب من المعنيين تعيين هذا أو ذاك والاستمرار في متابعة القضية لكان الملف ينام في الأدراج، وطبعاً في السنوات الأولى كان القضاة يخافون من الإمساك بهذا الملف وجاءت تهديدات للمحامين اللذين تابعا الملف وهما البروفيسور فايز الحاج حسين والبروفيسور شبلي الملاط.

ــ ما المطلوب اليوم من الدولة حالياً لمواكبة الملف؟

- من المفروض أن يفكر القيمون على الدولة كيف يتابعون الملف وصولاً إلى كشف لغز اختفاء الإمام ومعرفة مصيره، وهم المعنيون بإيجاد أفضل السبل في كيفية الوصول إلى الحقيقة، فهذا هو اختصاصهم، ولكن لا بد للبنان الرسمي أن يبقى على استنفاره القضائي والديبلوماسي لمواكبة ملف الإمام الصدر ورفيقيه ومتابعته لدى الدول المعنية وخاصة ليبيا. ويمكن للدولة أن تستعين بخبراء عالميين لكن للأسف الدولة مقصّرة.

ــ يقول النائب السابق حسن يعقوب ابن الشيخ المغيّب محمد يعقوب إن قضية الإمام ورفيقيه تحولت إلى مناسبة اجتماعية وانتخابية موسمية، فكيف تعلقين على هذا الكلام؟

- لا تعليق.