تفاصيل الخبر

أمـيـــر قـطــــر ”أنعـــش“ الحضــــور فـــي قمــــة بيـــــروت... وشــراء الدوحــة سندات ”ينعـــش“ الاقتصــاد اللبنانـــي!

25/01/2019
أمـيـــر قـطــــر ”أنعـــش“ الحضــــور فـــي قمــــة بيـــــروت...  وشــراء الدوحــة سندات ”ينعـــش“ الاقتصــاد اللبنانـــي!

أمـيـــر قـطــــر ”أنعـــش“ الحضــــور فـــي قمــــة بيـــــروت... وشــراء الدوحــة سندات ”ينعـــش“ الاقتصــاد اللبنانـــي!

 

إذا كانت القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية التي عقدت دورتها الرابعة في بيروت لم تتميز بحضور رفيع المستوى باستثناء مشاركة الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز وأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني والممثل الشخصي لسلطات عُمان السيد أسعد بن طارق آل سعيد، فإن حضور أمير قطر بشكل مفاجئ الى القمة، شكّل إضافة <انقاذية> لمستوى التمثيل العربي، لاسيما وانه اقترن في اليوم التالي للقمة بإعلان قطري رسمي عن المساهمة في دعم الاقتصاد اللبناني من خلال شراء قطر سندات <اليورو بوندز> بقيمة 500 مليون دولار، ما صحح عملياً الأخبار التي سُرّبت قبيل وصول الشيخ تميم الى مطار رفيق الحريري الدولي عن توجه قطري لوضع وديعة في مصرف لبنان بقيمة مليار دولار والتكفل بمصاريف القمة، وهذه التسريبات نفتها بيروت والدوحة على حدٍ سواء.

ولحضور أمير قطر الى بيروت قصة ترويها مصادر وزارية مطلعة لـ<الأفكار>، خلاصتها أن الشيخ تميم كان قد وعد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بالمشاركة في القمة، شأنه في ذلك شأن أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الذي كان سوف يترأس وفداً كبيراً بلغ عدد أفراده من مختلف المناصب والوظائف نحو 145 شخصاً وفّرت لهم اللجنة التنفيذية للقمة حجوزات في فندق واحد تمّ تخصيصه للوفد الكويتي. إلا أنه وقبل 24 ساعة من بدء فعاليات القمة يوم الجمعة الماضي، بدأت ترد الى بيروت اعتذارات من عدد من قادة الدول العربية من بينهم أمير الكويت وأمير قطر، فضلاً عن الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورؤساء جيبوتي والصومال وجزر القمر. وحيال هذا الواقع الذي هزّ القمة من دون أن يسقطها، بادر الرئيس عون الى إجراء اتصالات مباشرة مع عدد من القادة المعتذرين لاستيضاح أسباب اعتذارهم، مركزاً خصوصاً على أميري قطر والكويت، وفيما اعتذر الشيخ صباح عن الحضور لاضطراره الى البقاء في الكويت لاستقبال ضيف حلّ على الدولة، بقي جواب أمير قطر يميل الى الحضور. وعشية انعقاد القمة يوم الأحد وردت إشارة من الدوحة عن أن الأمير سيتجاوب مع دعوة الرئيس عون ويحضر لـ<بضع ساعات> الى افتتاح القمة وسماع كلمة الرئيس عون، ويغادر بعد ذلك بيروت عائداً الى بلاده.

من المطار الى الواجهة البحرية!

 

وعلى رغم أن موعد وصول أمير قطر كان خارج التوقيت المحدد لاستقبال رؤساء الوفود العربية المشاركة، فإن الرئيس عون حرص على النزول الى مطار رفيق الحريري الدولي قبيل بدء أعمال القمة لاستقبال الشيخ تميم الذي وصل على رأس وفد رفيع المستوى ضمّ وزراء وكبار المسؤولين، وانتقلا معاً في سيارة الرئاسة اللبنانية الى الواجهة البحرية لمدينة بيروت حيث مقر انعقاد القمة، وتقول المصادر الوزارية إن عبور المسافة بين المطار والواجهة البحرية الذي استغرق نحو 20 دقيقة، كان كافياً كي يتبادل الرئيس عون والأمير الحديث في مختلف المواضيع، لاسيما وانها الزيارة الأولى للشيخ تميم لبيروت منذ تسلمه مسؤولياته كأمير لقطر خلفاً لوالده الأمير الشيخ حمد. واستكمل الحديث في جناح الرئيس عون في القمة بحضور وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل ووزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية الدكتور بيار رفول.

ووفقاً للمصادر الوزارية، فإن البحث بين الجانبين اللبناني والقطري تناول مواضيع عدة تتعلق بالعلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تطويرها، والأوضاع في المنطقة ولاسيما تطورات الأزمة السورية وتداعياتها على لبنان. واستأثرت الأوضاع الاقتصادية بحيز من البحث أعرب خلاله أمير قطر عن رغبة بلاده في المساعدة على تطوير الاقتصاد اللبناني وتعزيزه بهدف تمكين لبنان من مواجهة الأوضاع الراهنة اقتصادياً ومالياً، ووعد الشيخ تميم بـ<خطوات عملية> في هذا الاتجاه كان من المفترض أن يعلن عنها رئيس الوفد القطري الى القمة الذي حلّ مكان الأمير في ترؤس الوفد القطري، إلا أن الأمير رأى - حسب المصادر الوزارية - أن يصدر الموقف القطري من الدوحة بعد عودته، لكنه وضع الرئيس عون والوزير باسيل وفي ما بعد رئيس الحكومة سعد الحريري، في جوه من دون أن يدخل في التفاصيل.

الإعلان عن شراء السندات!

 

ومع حلول صباح اليوم التالي للقمة، كانت الدوحة تعلن خبر شراء سندات الدولة اللبنانية بقيمة 500 مليون دولار تأكيداً لما وعد به الشيخ تميم رئيس الجمهورية ووزير الخارجية خلال وجوده في قمة بيروت. وبديهي أن يكون وقع المساهمة القطرية إيجابياً على رئيس الجمهورية الذي بادر الى الاتصال بأمير قطر شاكراً له مشاركته في القمة ما

أدى الى نجاحها، ومثمناً عالياً الدعم المالي للاقتصاد اللبناني من خلال شراء السندات اللبنانية.

واعتبرت مصادر مطلعة أن خطوة أمير قطر بالحضور الى القمة بعد خمس ساعات من السفر جواً نظراً للحصار المفروض على الدوحة، ثم الإعلان عن شراء السندات، تحمل في طياتها إشارات عدة لعل أبرزها كسر الطوق الذي وضع على القمة في بيروت، إضافة الى التأكيد بأن قرار قطر بمساعدة لبنان غير مرتبط بقرار غيرها من الدول الخليجية التي ظل مستوى تمثيلها محدوداً (باستثناء سلطنة عُمان التي تتمثل عادة في القمم بالممثل الشخصي لسلطان عُمان قابوس بن سعيد اذ باتت ظروفه الصحية تحول دون تمكّنه من مغادرة السلطنة)، وفي ذلك إشارة قطرية ايضاً الى أن الدوحة غير معنية بمواقف دول خليجية أخرى، وإن كانت تلتقي معها في بعض المواقف مثل النظرة الى حزب الله وسلاحه، ودور ايران في المنطقة، وغيرها من المسائل الاستراتيجية الأخرى، إلا أن قطر في المقابل، لها سياستها وخياراتها وحلفاؤها وهي تقف الى جانبهم، وهي اختارت أن يكون لبنان دولة شقيقة وحليفة ومتعاونة كما اختارت أن تكون حريصة على مساعدته وتطوير اقتصاده.

إلا أن أوساطاً متابعة تساءلت عما إذا كان التقارب القطري - اللبناني يمكن أن يؤثر على العلاقة المتأثرة أصلاً بين بيروت والرياض، خصوصاً أن المشهد القطري في بيروت يوم القمة أحدث مفاجآت وطرح تساؤلات. الأوساط نفسها تجيب بأن لا تأثير سلبياً للمبادرة القطرية طالما أنها تصب في خانة مساعدة الدولة اللبنانية اقتصادياً ولا تشمل أية التزامات سياسية تضع لبنان في محور يزعج السعوديين، أو في خيارات لا تلتقي والمصالح السعودية، بل بالعكس يمكن أن تدفع المبادرة القطرية دولاً خليجية أخرى كي تحذو حذو الدوحة في دعم الاقتصاد اللبناني، وفي ذلك فائدة للبنان واللبنانيين ما يُبقي الاستقرار الاقتصادي اللبناني ثابتاً، والتوازن السياسي في العلاقات مع الدول الخليجية قائماً.