تفاصيل الخبر

أمراض وفقر وجوع.. والقيامة المُنتظرة

16/04/2020
أمراض وفقر وجوع.. والقيامة المُنتظرة

أمراض وفقر وجوع.. والقيامة المُنتظرة

بقلم علي الحسيني

[caption id="attachment_77012" align="alignleft" width="365"] الشارع خال من الناس...وتستمر التعبئة العامة[/caption]

 للشهر الثاني على التوالي، يفرض فيروس "كورونا" نفسه كبند أساسي على جدول أعمال اللبنانيين دولة وحكومة وشعباً ويفرض إيقاعه على الحركة عموماً في البلاد حتّى أصبح الشلل في كل القطاعات، العنوان الأبرز للمرحلة التي تمر البلاد فيها. وإلى جانب التخبّط الإقتصادي والمالي الذي يضرب لبنان منذ أشهر طويلة نتيجة السياسات الخاطئة للحكومات المتعاقبة، ثمة أزمة كبيرة تُحيط بالبلد على كل المستويات بدأت تُنذر بكوارث متعددة ومتنوّعة يُمكن أن تحل على الجميع، في حال لم تتدارك الأمور بالسرعة المطلوبة. وهذا الأمر يتطلب من الحكومة علاجاً فورياً لإستئصال المرض من جوانبه كافة، بدل العلاج على طريقة المُسكّنات.

 

تمديد التعبئة..والآتي أعظم!!

 أوصى المجلس الأعلى للدفاع الحكومة بتمديد حالة التعبئة العامة حتى ٢٦ نيسان(ابريل)  الجاري وطالب الأجهزة العسكرية والأمنية كافة بمزيد من التشدد في الإجراءات وقمع المخالفات بما يؤدي الى عدم تفشي فيروس "كورونا". جميع المعنيين حضروا الاجتماع بطلب من رئيس الجمهورية ميشال عون، والهدف هو الوقوف عند آخر التطورات المتعلقة بسير الإجراءات في ما يتعلق بفيروس "كورونا" الذي بدأت مخاطره تزداد خلال الفترة الحالية وبدأت أعداد المصابين تتزايد. بعد المداولة والإستماع الى الوزراء المختصين وأيضاً قادة الأجهزة العسكرية والأمنية بشأن الوضع منذ اعلان تمديد التعبئة العامة بتاريخ 26/3/2020  وحتى اليوم، قرر المجلس الأعلى للدفاع إعادة تمديد حالة التعبئة العامة حتى التاريخ المذكور أعلاه، وتأكيد تفعيل وتنفيذ التدابير والإجراءات المفروضة وأبرزها تعليق العمل بين السابعة مساء والخامسة صباحاً باستثناء بعض المؤسسات.

 مقابل هذه الإجراءات المُحقّة طبعاً والمُلزمة للحد من انتشار الفيروس القاتل، ثمة أنين يُسمع من البيوت وفي الشارع يُعبّر عن وجع الناس ومعاناتهم التي يعيشونها وسط الجوع الذي يتهددهم وفقر الحال الذي يطوّقهم. صرخات النهار تنقلها نشرات المساء الإخبارية من جميع المناطق من دون استثناء، ثمة من يطلب الرغيف وثمةّ من يطلب الدواء والغذاء لأطفاله. عجائز غدر بهم الزمن ورماهم في حضن سياسيين همّهم المناصب والكراسي والمتاجرة بقضايا الناس من اجل تحقيق شعبيّات واسعة وتسجيل نقاط سياسية. ويبقى السؤال الاصعب وهو المتعلق  في كيفيّة الخروج من كل هذه الأزمات والتفرّغ بشكل كامل للفيروس الذي يجتاح كل الدول والذي يتطلب الحد الأدنى من التضامن والتعاون بينها، وبين أبناء وأحزاب الدول المعنية مباشرة بمواجهة هذا التحدي.

 البعض يرى الحل بخروج لبنان الرسمي من نير التسلط الحزبي وابتعاده التام والكلي عن سياسة المحاور التي ينتهجها، حتى إنه بات اليوم في شبه عزلة عن العالمين العربي والغربي وأيضاً في الداخل اللبناني، ويصعب في هذه الحال مساعدته للخروج مما يتخبط فيه من ازمات تحاصره على كل المستويات. أيضاً إجراء انتخابات نيابية مبكرة تطيح بكل هذه المنظومة السياسية المتحكمة بالبلاد ورقاب العباد منذ اكثر من ثلاثين عاماً، وإلا فإن كل التدابير النقدية والاجراءات المالية والاجتماعية والصحيّة، لن تحول دون وقف النزف والانهيار الحاصل داخل المؤسسات، ولن تحول دون عودة الثورة الى الشارع مجدداً وبنفس جديد قد يفوق تجربة 17 تشرين الاول (اكتوبر) الماضي بأشواط.

 

فنيش: ما تقوم به الدولة أمر جيّد ومهم

[caption id="attachment_77014" align="alignleft" width="444"] الوزيرالسابق النائب محمد فنيش: العمل ضمن الإمكانات المتاحة.[/caption]

 من وجهة نظر البعض فإن الدولة اللبنانية تقوم بما يلزم لتأمين احتياجات الناس ولو بالحد الأدنى، وذلك وفقاً لآلية العمل المُتبعة في المؤسسات المعنية بالمساعدات وبسد بعض الاحتياجات وذلك من باب مقوّمات الصمود في مثل هذه الظروف التي تُحيط برأي هذا البعض، بالجميع وليس بفئة محددة. الوزير السابق عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد فنيش هو واحد من الذين ينصفون ما تقوم به الدولة من مساعدات وخدمات ضمن المتاح، إذ يؤكد لـ"الافكار" أن على الدولة القيام بمسؤولياتها تجاه الناس وهذا أمر مفروغ منه، وذلك ضمن الإمكانيات المتاحة لديها. وأعتقد أن الذي تقوم به الدولة اليوم وما ترصده هو أمر جيّد والمهم هو التنفيذ وأن تكون هناك دقّة ومعطيات دقيقة. ورغم واقع الدولة الصعب وتحديداً في ظل الأزمات المالية والاقتصادية، إلا أنها تلتفت لأمور الناس ولم تتخلَ عن مسؤوليتها.

 هل تعتقد أن اللبنانيين سوف يلمسون قريباً ما تقوم به الدولة أو ما تسعى إلى تنفيذه في شق المساعدات التي وعدت بها؟ يُجيب فنيش: أعتقد أن الجيش اللبناني صرّح أنه سيقوم بتوزيع حصص أو مبالغ مالية على اللائحة الموجودة في وزارة الشؤون الاجتماعية مع تعديلات وتعاون من البلديات، والمؤكد أنها خطوة جيدة مطلوب متابعتها وتقييمها وأيضاً تطويرها. وشدد على ضرورة الاهتمام بأوضاع السائقين والصياديين والإهتمام بأوضاع الطبقة الفقيرة والكادحة وأن لا تكون الحلول على حسابها.

 إلى أي مدى يقف "حزب الله" مع هذه الطبقة الفقيرة وحقوقها؟ يؤكد فنيش أن "الحزب" هو في الأساس من الناس ومعها الى أبعد مدى في قضاياهم المُحقّة، ضمن عقلانية وحُسن إدارة وتدبير ومعرفة بالإمكانيات المُتاحة وكيفيّة تحديد أولويات إنفاقها وذلك من دون أي حدود. وختم بتأكيد منه على أن حزب الله يعمل من أجل الصالح العام والوصول الى تفاهمات لا تكون على حساب المصلحة العامة.

 

"كورونا" في بشري وإجراءات إنقاذية فورية

 

[caption id="attachment_77015" align="alignleft" width="445"] مستشفى بشري الحكومي...العمل السريع لتطويق انتشار كورونا[/caption]

دخل قضاء بشري الإسبوع المنصرم المشهد "الكوروني" من بابه العريض مع تسجيل عدّاد الإصابات أرقاماً مُخيفة بالمقارنة مع عدد سكانه وحجمه الجغرافي. هذا المسار اللافت لعدد الإصابات الذي وصل الاسبوع الماضي الى 47 إصابة قبل أن تعود وتُعلن إدارة مستشفى بشري الحكومي يوم الثلاثاء الماضي إرتفاع العدد إلى 64 إصابة، من المرجح أن ينتقل إلى مناطق أخرى في أي قضاء، ما لم يتم اتخاذ كل الاحتياطات والتدابير اللازمة ومن المرجح أن يرتفع نتيجة زيادة فحوصات PCR التي دفعت بوزير الصحة حمد حسن الى إجراء جولة شمالية تضمّنت مدينة بشري، حيث إطّلع على الاجراءات المتّخذة لمواجهة إنتشار الفيروس، مثنياً على ما تقوم به فاعليات القضاء للحدّ منه.

 في السياق تؤكد مصادر سياسية في "القوّات البنانية" في بشرّي أن وزير الصحة حمد حسن أثنى على إستراتيجية مواجهة الوباء في بشري من خلال إجراء مسح شامل لمحيط الحالات المُثبتة مخبرياً بإصابتها بالفيروس من أجل إخضاع كل من خالط تلك الحالات لفحوصات سريعة تمهيداً لعزلها، كما أن البلديات تتخذ الاجراءات اللازمة بالتعاون مع الاجهزة الامنية لجهة الطلب من سكان القضاء الالتزام بالحجر المنزلي لمدة أربعة عشر يوماً الى حين محاربة الوباء وحصر رقعة إنتشاره. وعن إمكانية عزل قضاء بشري كإجراء إحترازي لوقف تفشّي الوباء وهو ما كان ألمح اليه الوزير حسن منذ أيام بقوله "إننا قد نتّخذ قراراً بعزل بعض المناطق لمواجهة الفيروس"، أوضحت المصادر أننا مستعدون لأي خطة قد تُنفّذ، إلا أننا اتفقنا مع وزير الصحة بأن ما نقوم به في القضاء هو أقرب الى عزل ذاتي، لذلك أثنى على الاجراءات المتّخذة لأنها تكفي لمواجهة إنتشار الفيروس.

 

تنبيه..وتحذير

 وفي السياق يؤكد مرجع سياسي لـ"الأفكار" أنّ أزمة "كورونا" سوف تطول مما يُحتم علينا الاستعداد لمرحلة صعبة جداً قبل أن نتخطى مربع الخطر الأخير، وأن كل ما يُحكى عن تجاوز لبنان المرحلة الصعبة تنفيه الإحصاءات الجدية والإصابات الجديدة التي تحصل والتي من المتوقع أن تزدادَ خلال الاسبوع المقبل. وقد طلب المرجع من جميع محازبيه التعميم على الأهالي بضرورة التقشف قدر الإمكان في طريقة استهلاكهم للمؤن التي تُستخدم في مثل هذه الظروف وادخار بعض الأساسيات للمرحلة المقبلة خصوصاً في ظل غياب أي مؤشر فعلي لقرب إنتهاءِ عاصفة "كورونا" كما أسماها.

 وبعدما لوحِظَ خلال الأيام القليلة الماضية عودة موجة المتسوّلين بكثرة إلى شوارع العاصمة بيروت من دون اتخاذ أي اجراءاتٍ وقائية لناحية ارتداء الكمامات والقفازات واحتلالهم الأماكن التي كانوا يتناوبون على تقاسمها قبل إنتشار فيروس "كورونا"، دعا المرجع السياسي الى رفعِ الصوتِ عالياً والتساؤل حول دور الأجهزة المعنية في مكافحة هذه الظاهرة ولاسيما في هذا التوقيت بالذات حيث يتوجب على جميع المواطنين التزام الحجر المنزلي. وسأل: أين هي الإحتياطات التي يتحدثون عنها وأين هي الشرطة أو الأجهزة المعنية بملاحقة هذه الظاهرة. ربما دولتنا الكريمة معنيّة فقط بتسطير المخالفات بحق شعبها وملاحقة سائقي التاكسي على الطرقات ومراقبة منع التجوّل ليلاً فقط.

 

هاشم: لتأمين حاجات الناس بشكل سريع

[caption id="attachment_77013" align="alignleft" width="422"] النائب قاسم هاشم: الوقت ليس لاستغلال الناس.[/caption]

 في الوقت الذي تعلو فيه صرخة الناس الواقعين بين همّ الأحوال التي يرزحون تحتها وضيق الحال الذي يُغطيهم، وبين عمليات الكرّ والفرّ بين الحكومة والمصارف، يؤكد عضو كتلة "التنمية والتحرير" النائب ​قاسم هاشم​، أن في هذا الظرف يجب اتخاذ قرارات مسؤولة بعيدة عن أي محاولة استغلالية أو استثمارية، خصوصاً لوجع الناس وحقهم، لافتاً إلى أن أسلوب ​المصارف​ وطريقتها التعسفية بحق المودعين، ليسا جديدين. وشدد على وجوب تأمين حاجات الناس بشكل سريع، وكل من يتحمّل المسوؤلية يجب أن يتحملها، وعلى أن الأولوية اليوم هي حق المودعين وكيفية التصرف بأموالهم في هذه الظروف الصعبة، لتسيير أمورهم بالحد الأدنى.

وأوضح هاشم أن مشروع قانون الـ"كابيتال كونترول" بالصيغة التي طرح فيها في ​الحكومة​، لم نكن نوافق عليه، وهو أصبح خارج التداول، لأنه كان يحفظ ​القطاع المصرفي​ والمصارف على حساب المودعين، مشيراً إلى أن البديل هو بقانون النقد والتسليف وبصلاحيات حاكم ​المصرف المركزي​، وإذا احتاج الأمر لأي تدبير تشريعي يحفظ حق المودعين، فيمكن القيام بذلك. وأكّد أنه لا يمكن أن يتذرع القطاع المصرفي بأزمة "​كورونا" ليضع يده على أموال المودعين.

 ختاماً وفيما كان ينتظر اللبنانيون عموماً والمسيحيون على وجه الخصوص برجاء الإيمان، يوم القيامة المجيدة، هم يأملون أيضاً أن يفيض نور المحبة والإيمان ودعوات الرجاء الصالح على الزعماء اللبنانيين وأن يُلهم ضمائرهم فعل الخير فيتخذون ما يلزم من خطوات لإنقاذ الوطن الغارق في تداعيات الخطايا التي اقترفوها بحقه وحق الشعب الذي يعاني الجوع والفقر والعوز فيما هو يستحق الحياة الكريمة والتقدير نسبة لتميزه بين شعوب العالم، وليست مشاركة ثمانية طلاب طب لبنانيين في فريق عمل البروفيسور"ديدييه راوول" الذي زاره الرئيس الفرنسي "ايمانويل ماكرون" في مارسيليا مثنياً على جهودهم، إلا الدليل على تألق اللبنانيين وحقهم في دولة راقية تقدرهم.