تفاصيل الخبر

أمــــراض الـقـلـــب والأوعيـــة الدمـويــــة ســبـب الـوفــــاة الأول لــــدى مــرضــــى الـسـكــــري مـــن الــنـــــوع الـثـانـــــي

03/03/2017
أمــــراض الـقـلـــب والأوعيـــة الدمـويــــة ســبـب الـوفــــاة الأول لــــدى مــرضــــى الـسـكــــري مـــن الــنـــــوع الـثـانـــــي

أمــــراض الـقـلـــب والأوعيـــة الدمـويــــة ســبـب الـوفــــاة الأول لــــدى مــرضــــى الـسـكــــري مـــن الــنـــــوع الـثـانـــــي

بقلم وردية بطرس

1A

العلاقة بين أمراض القلب وداء السكري علاقة وثيقة وواضحة، إذ ترتبط أمراض القلب بداء السكري حيث أوضحت الدراسات والأبحاث العلمية الحديثة ان مرضى السكري خصوصاً المصابين بالسكري من النوع الثاني هم الأكثر عرضة للاصابة بأمراض القلب، كما ان معظم المرضى من النوع الثاني مصابون فعلياً بأحد أمراض القلب والشرايين، لذلك يقول علماء وأطباء القلب ان اتحاد السكري وأمراض القلب يشكلان ثنائياً قاتلاً، لذلك يعد فهم العلاقة بينهما أفضل حل لتجنب الاصابة بهذا الثنائي الخطير، لمنع الاصابة بمضاعفات اضافية بسبب هذين المرضين.

ان مرض القلب هو احدى الظواهر الواسعة الانتشار بين مرضى السكري، اذ يميل كل مرضى السكري للاصابة بمرض القلب، وخصوصاً المصابين بمرض السكري من النوع الثاني. وتجدر الاشارة الى ان بحث <فريمنغهام> هو أحد الأبحاث الأولى التي توصلت الى الاستنتاج ان مرضى السكري معرضون بشكل أكبر لمخاطر الاصابة بمرض القلب مقارنة بالأشخاص الذين لا يعانون من السكري، وقد شمل هذا البحث أشخاصاً مختلفين في أعمار مختلفة، ومن ضمنهم عدد من مرضى السكري، وكان هدف هذا البحث هو تشخيص عوامل الخطر التي من شأنها ان تؤدي للاصابة بمرض السكري، وأثبتت نتائج البحث ان هنالك عوامل صحية عدة من الممكن ان تزيد من احتمال الاصابة بأمراض القلب، من ضمنها مرض السكري، ومن العوامل الأخرى: ارتفاع ضغط الدم، التدخين، ارتفاع مستوى الكوليسترول في الدم، ووجود حالات من الاصابة بمرض القلب لدى أفراد العائلة، وكلما كان عدد عوامل الخطر التي يتعرض لها شخص ما أكبر، تزداد احتمالات اصابته بمرض القلب او وفاته نتيجة للاصابة بهذا المرض، وكما هو الأمر بالنسبة لجميع الناس، فان احتمالات وفاة مريض السكري بأمراض القلب تزداد كلما كان معرضاً لعدد أكبر من عوامل الخطر، لكن من المعروف أيضاً ان احتمالات الاصابة بمرض القلب بالنسبة لمرضى السكري تعتبر مرتفعة جداً مقارنة ببقية أفراد المجتمع.

فإذا كان شخص ما يعاني من احدى المشاكل الصحية التي تعتبر من عوامل الخطر المؤدية للاصابة بمرض القلب كارتفاع ضغط الدم على سبيل المثال فانه يكون معرضاً لاحتمال معين للوفاة بسبب مرض القلب، لكن اي شخص آخر يعاني من المشكلة نفسها بالاضافة لمرض السكري، يكون معرضاً للوفاة بسبب مرض القلب بنسبة تتراوح بين ضعفين حتى أربعة أضعاف الاحتمال لدى الشخص الذي لا يعاني من السكري. ويوصي خبراء أمراض القلب جميع مرضى السكري بعلاج كل عوامل الخطر التي يعانون منها، بمستوى العلاج نفسه الذي يخضع له الأشخاص الذين سبق لهم أن أصيبوا بنوبة قلبية.

والعامل الرئيسي الذي من الممكن ان يؤدي للاصابة بمرض القلب لدى مريض السكري هو تصلب الشرايين التاجية او التصلب العصيدي، وهي حالات من تراكم الكوليسترول في الأوعية الدموية التي تزود القلب بالأوكسجين والمواد الغذائية. وعادة يحصل تراكم الكوليسترول في الأوعية الدموية قبل ارتفاع مستوى السكر في الدم، ومن الممكن ان تحدث هذه العملية في مختلف شرايين الجسم، وهي من الممكن ان تؤدي لاضطرابات في تزويد الدماغ بالدم، الأمر الذي من شأنه ان يؤدي لحصول سكتة (جلطة) دماغية لانقطاع تزويد الأطراف بالدم مثل الرجلين، اليدين او الذراعين، وهذه الحالات تسبب الاصابة بمرض في الأوعية المحيطة، وبالاضافة الى ان مرضى السكري يعانون من احتمالات أكبر للاصابة بمرض القلب، فانهم يعانون أيضاً من احتمال أكبر للاصابة بقصور القلب الذي يعتبر احدى المشاكل الطبية الخطيرة، إذ عند الاصابة بهذا المرض لا يعود القلب قادراً على سحب او استرجاع الدم من الجسم بالقدر الكافي، مما قد يؤدي الى تراكم السوائل في الرئتين ويسبب صعوبة في التنفس، او تراكم السوائل في مناطق أخرى من الجسم وخصوصاً في الرجلين، الأمر الذي يسبب تورمها.

احصاءات وأرقام

وفي لبنان سُجلت 464,200 حالة سكري في العام 2015، وارتفع عدد الوفيات بسبب مرض السكري لدى الراشدين الى 5723,8 في العام 2015، وقد تكون أمراض القلب والأوعية الدموية سبب الوفاة الأول لدى مرضى السكري من النوع الثاني. ولمرض السكري من النوع الثاني بالغ التأثير على الصحة العامة في لبنان بسبب مدى انتشاره والآثار الفيزولوجية والمرضية التي تنتج عنه وكلفة علاجه. وكانت <بوهرنجر انجلهايم> قد عقدت المؤتمر الاقليمي الثاني لأمراض القلب والأمراض الاستقلابية في لبنان، وضم اللقاء ما يزيد عن 300 مشارك من مختلف أنحاء المنطقة من أطباء القلب والغدد الصماء، وتركز الحوار حول مدى انتشار داء السكري من النوع الثاني وارتباط هذا المرض بأمراض القلب والأوعية الدموية، وقام الأطباء المتخصصون خلال الجلسة الاعلامية بتقديم مفهوم متكامل واقعي يتضمن مرض السكري من النوع الثاني وتداعياته وعلاقته بأمراض القلب والأوعية الدموية الى جانب الخيارات العلاجية الحديثة، وبشكل خاص التي يتم تناولها عبر الفم، واعتماد اتجاهات علاجية تتناسب مع الحالة الفردية لكل مريض يعاني من داء السكري ــ النوع الثاني. وأشار الأطباء الى أن أمراض القلب والأوعية الدموية تعتبر المسبب لأكثر من نصف الوفيات لدى مرضى السكري من النوع الثاني وهي كذلك سبب الوفيات الأول في المنطقة بشكل عام. وذكرت احصائيات الاتحاد الدولي للسكري عام 2015 ان عدد المصابين بهذا المرض في لبنان بلغ 464,200 مريض، فيما وصل عدد الوفيات المرتبطة بالسكري في العام نفسه الى 5723,8، كما بلغت كلفة العلاج حوالى870 دولاراً أميركياً للشخص الواحد، ويشدد مدير <بوهرنجر انجلهايم> في لبنان السيد فؤاد جويدي على ضرورة مواصلة الدعوة الى حوارات رائدة في لبنان والمنطقة لتسليط الضوء على أفضل السبل والممارسات التي تسمح بالسيطرة على داء السكري من النوع الثاني ويقول:

- من المعروف ان حياة الانسان تنقلب ما ان يتم تشخيص اصابته بداء السكري، وهذا ما يبرر تخصيصنا لموارد ضخمة في سبيل ايجاد حلول مبتكرة لهذا العبء المتنامي على كاهل المرضى في لبنان والمنطقة، كما نعمل دائماً على تأمين حلول مستدامة توفر قبل كل شيء الراحة للمريض.

 

الدكتور سليم جمبرت

وتغيير نمط الحياة

فالى اي مدى هناك علاقة وارتباط ما بين أمراض القلب وداء السكري؟ ولماذا المصاب بالسكري معرض أكثر من غيره للاصابة بأمراض القلب؟

بالنسبـــــة للبروفيســــور سليـــم جـــمبرت أستـــاذ علـــم الغــــــدد الصمــــــاء والــــرئيس الأسبق لقسم الغدد الصماء والأيـــــض في <مستشفـــــــى أوتيل ديو> (كما انه زميل الكليـــــة الأميركيــــة لأمراض الغدد الصماء وعضو في كل من جمعيــة الغدد الصماء، والجمعية الأميركيـــة للغدد الصماء العيادية، والجمعية الأوروبيــــة لأمــراض الغـــدد الصمـــــاء، وجمعيــــة الغـــــدد الصماء الفرنسية، وجمعية تصلب الشرايين الأوروبية، والرابطة الأوروبية لدراسة مرض السكري، وهو عضو سابق في المجلس التنفيذي لمجموعة البحر الأبيض المتوسط لدراسة مرض السكري) ان التغير السريع في نمط الحياة في لبنان أدى الى ارتفاع نسبة السكري من النوع الثاني، لذلك وللوقاية من هذا المرض والسيطرة عليه ينبغي تعديل نمط الحياة والالتزام بتناول الأدوية ويقول:

- يتم حالياً اللجوء الى أنواع جديدة من العلاجات تعمل من خلال ناقل مشترك صوديوم \ جلوكوز 2، ويدعى اختصاراً <اس جي ال تي 2> للحد من استيعاب الغلوكوز في مجرى الدم، مما يسمح للفائض بأن يتم تصريفه عن طريق البول، فيؤدي الى افراز الغلوكوز في البول، ويعتبر هذا العلاج بالغ الأهمية لأن السيطرة على السكري من النوع الثاني تعتبر أمراً بغاية التعقيد وتحدياً كما يظهر من ارتفاع عدد الأشخاص الذين يعجزون عن ابقاء معدل السكري في الدم لديهم ضمن المعدلات المقبولة.

ويتابع:

- نظراً الى العلاقة الوثيقة بين أمراض القلب والأوعية الدموية وداء السكري، فقد أجريت دراسات عديدة على انواع الأدوية الجديدة من هذه الفئة بهدف رصد المفاعيل على القلب والأوعية الدموية على المدى الطويل لدى الراشدين الذين يعانون أصلاً من داء السكري من النوع الثاني وهم معرضون للاصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وقد بينت النتائج الأولية انخفاضاً ملحوظاً في نسبة الوفيات بأمراض القلب والأوعية الدموية مهما كانت أسبابها.

2-B 

العوامل المؤدية لارتفاع السكر في الدم

وعن العوامل التي تؤدي الى تزايد نسبة الاصابة بمرض السكري يشرح:

- اذا عدنا الى السنوات الماضية فلم يكن لدينا سوى دوائين، أما في يومنا هذا فأصبح هناك أدوية عديدة، وكل دواء له أهميته ودوره في مرحلة العلاج، كما أننا أصبحنا ندرك لماذا يرتفع السكر في الدم، وهناك حالات عدة تؤدي لارتفاع السكري، فسبب ارتفاع السكر ليس نفسه عند الأشخاص، وفي السابق لم نكن نعرف لماذا أصيب الشخص بالسكري أما الآن فنعرف السبب الذي يؤدي للاصابة بالسكري، فبعض الأشخاص لديهم مقاومة لمفعول الأنسولين، وكما هو معروف ان البنكرياس يفرز الأنسولين ليتمكن من استهلاك السكر واحراقه، فاذا قصّر البنكرياس في افراز الأنسولين، ظهر السكر في البول، وضعف احتراق هذه المواد في الجسم. ولا ننسى البدانة التي تزداد في عصرنا والتي لها تأثير سلبي، إذ أصبحت البدانة مشكلة كبيرة، ويجب ان يتنبه لها الناس كثيراً. كما ان بعض الأشخاص لديهم قدرة على امتصاص السكر أكثر من غيرهم اي يصل السكر الى الدم، وبالتالي قد يرتفع السكر عند شخص دون آخر.

وعن ميكروبات المصران يشرح:

- كل انسان لديه ميكروبات في المصران وهي ميكروبات حميدة وعددها هائل، إذ ان الجينات في جسم الانسان هي 10 بالمئة جينات انسانية و90 بالمئة هي ميكروب. والآن بتنا نعرف اي الميكروبات التي تفيد الجسم، ولاحظنا ان كل الناس لديهم أنواع من الميكروبات، والميكروبات وظيفتها ان تهضم المواد التي تدخل الى الدم اذ تؤثر اما سلباً او ايجاباً على السكر.

وهناك أسباب أخرى تؤدي لارتفاع السكر، فالبيئة تغيرت اذ نعيش بفترة تناقض بين جيناتنا وبين البيئة، فمثلاً منذ عشرين سنة كنا نخزن الطاقة وعندما يمر الشخص بمشكلة كان يستعمل تلك الطاقة بداخل جسمه، لقد كانت جيناتنا صالحة لغاية سنة 1970. واذا عدنا بالماضي الى الوراء فبعد الحرب العالمية الثانية ومع بداية السبعينات ومع ارتفاع سعر البترول أصبح هناك غناء وثراء وهكذا بدأ الناس يأكلون أكثر وبكميات أكبر مما كانوا يأكلون في الماضي، وكانت الجينات تخزن الطاقة، أما اليوم فلم تعد الطاقة تُخزن في أجسامنا، ومع قلة الحركة ازدادت نسبة البدانة وأصبح هناك ما يُعرف بـ<Insulin Resistance> أو مقاومة الانسولين (وهو حالة فيزيولوجية حيث يصبح الهرمون الطبيعي الانسولين أقل فعالية في تخفيض مستوى السكر في الدم، ونتيجة الزيادة في مستوى السكر في الدم يمكن لها ان ترتفع الى مستويات عدة تصل الى خارج نطاق المستوى العادي وتسبب آثاراً صحية ضارة. وبعض أنواع الخلايا مثل الخلايا العضلية والخلايا الدهنية تحتاج الى الانسولين من أجل امتصاص الغلوكوز، وسترتفع مستويات الغلوكوز في الدم عندما تفشل هذه الخلايا في الاستجابة بشكل مناسب لانتشار الأنسولين. ويساعد الكبد في تنظيم مستويات الغلوكوز عن طريق الحد من افراز الغلوكوز بوجود الأنسولين. وقد لا يحدث هذا الاختزال الطبيعي في انتاج الغلوكوز في الكبد عند الأشخاص الذين لديهم مقاومة للأنسولين. واليوم يتوجب علينا تثقيف الناس لتغيير نمط عيشهم اي ان يأكلوا بطريقة صحية، وان يزاولوا الرياضة، والا يجلسوا لساعات بدون حركة او مشي الى ما هنالك، كما انه في يومنا هذا هناك أدوية أثبتت فعاليتها وانها تساعد المريض في تخفيف السكر او المضاعفات على شرايين القلب.

 

الدكتور موريس خوري وعلاقة أمراض

القلب بوفاة المصابين بالسكري

 

وعن ازدياد نسبة الأمراض المزمنة يقول الدكتور موريس خوري مدير قسم وظائف القلب الكهربائية في المركز الطبي التابع للجامعة الأميركية في بيروت:

- ان التغير المستمر في نمط الحياة في لبنان وفي المنطقة عموماً أدى الى ازدياد حاد في نسبة الأمراض المزمنة بشكل عام والتي تتضمن السكري من النوع الثاني وضغط الدم. وتعتبر أمراض القلب والأوعية الدموية السبب الأول للوفيات لدى المصابين بالسكري من النوع الثاني في العالم، لذلك وللحد من مخاطر هذه الأمراض التي غالباً ما تؤدي الى الوفاة لا بد من الاهتمام بشكل كبير بعلاج مرض السكري. وبالنسبة الينا كاختصاصي أمراض القلب نخشى من مرض السكري لأن ارتفاع السكر يؤثر على شرايين القلب، ويصبح شريان القلب معرضاً للانسداد وعندئذٍ نضطر ان نخضع المريض للتمييل، وان ارتفاع السكر في الدم يلحق الضرر دائماً بشرايين القلب، لهذا ننصح دائماً مرضى السكري بضرورة الخضوع للعلاج والتقيد بالدواء والسيطرة على مستوى السكر في الدم وذلك لتجنب الاصابة بأمراض القلب، وكذلك ننصح دائماً مرضى السكري بضرورة تخفيف التدخين والسيطرة على مستوى السكر والكوليسترول.

ــ وهل كل مصاب بالسكري معرض للاصابة بأمراض القلب؟

- المصاب بالسكري معرض للاصابة بأمراض القلب أكثر من غيره بكثير، ولهذا فالسيطرة على مستوى السكر ضرورية جداً، إذ مع الوقت يتأثر بذلك، وقد يمر وقت طويل حتى يتعرض لأمراض القلب، فاذا كان الشخص قد اصيب بالسكري بسن صغير نخشى ان يتعرض لأمراض القلب في سن الاربعين، واذا اصيب به متأخراً يصاب به متأخراً. وكما ذكرنا ان للجينات تأثيراً في هذا الخصوص، اذ ان الكثيرين من الناس لديهم ضمن العائلة مشاكل في شرايين القلب، فاذا أصيب أحد أفراد الأسرة بداء السكري او ارتفاع الضغط او الكوليسترول، تزداد عند ذلك نسبة الاصابة بأمراض القلب. والدخان له تأثير سلبي في هذا الخصوص، اذ يُضاف التدخين الى العوامل التي تؤدي للاصابة بأمراض القلب، وكما ذكرت ان البدانة تؤثر سلباً على الشخص، ولكن اذا تنبه الشخص لهذه العوامل فستقل نسبة الخطورة وستتأخر الاصابة بأمراض القلب. وننصح كل الأشخاص وخصوصاً المعرضين للاصابة بأمراض القلب ان يتناولوا الطعام الصحي، وان يزاولوا الرياضة، وان يأخذوا الدواء بانتظام وبذلك يتفادون الاصابة بمشاكل صحية بما فيها أمراض القلب.