تفاصيل الخبر

أمن روسيا من أمن سوريا وإذا انتصر الإرهابيون في سوريا يشكلون تهديداً لروسيا في القوقاز!

16/10/2015
أمن روسيا من أمن سوريا وإذا انتصر الإرهابيون  في سوريا يشكلون تهديداً لروسيا في القوقاز!

أمن روسيا من أمن سوريا وإذا انتصر الإرهابيون في سوريا يشكلون تهديداً لروسيا في القوقاز!

 

بقلم حسين حمية

2الحرب السورية شهدت تغييراً جذرياً عبر التدخّل الجوي الروسي الذي قلب الموازين وأعاد خلط الأوراق في هذه الحرب الدائرة منذ أربع سنوات ونصف السنة، عما يطرح السؤال عن مغزى هذا التدخّل وحدوده وآفاقه ومخاطره، وما إذا كانت روسيا ستتدخّل براً أيضاً أم أن الأمر سيقتصر على الضربات الجوية، وبالتالي هل تسير سوريا نحو الحسم العسكري، أم ماذا؟

<الأفكار> استضافت في مكاتبها الخبير العسكري الاستراتيجي العميد الركن الياس فرحات وحاورته في هذا الملف، وطرحت معه كل الاحتمالات عن سير المعارك السورية بدءاً من السؤال:

ــ كيف ترى المشهد السوري من زاوية عسكرية بعد التدخّل الروسي؟

- حتى نرى المشهد الروسي بوضوح، لا بد أن نرى سبب التدخل العسكري الروسي، ولذلك فالواقع هو أن ما يجري في سوريا وما يقال عن ثورة فيها أمر يجافي الحقيقة، حيث لا توجد معارضة داخل سوريا والمجموعات المقاتلة هي تنظيم <داعش> و<جبهة النصرة> المرتبطة بـ<القاعدة>. إضافة الى تنظيمات تدور في فلكها، مثل <أحرار الشام> و<أحرار سوريا> و<فيلق الرحمن> وبعض جيوب الجيش السوري الحر وغيرها، وبالتالي فالمعارضة السورية السياسية مثل الجيش الوطني والائتلاف الوطني ممنوعة من دخول المناطق التي تسيطر عليها قوات المعارضة المسلحة، ولذلك فإن أي كلام عن معارضة مسلحة معتدلة هو أمر مجافٍ للحقيقة ولا صلة له بالواقع. فهذا واقع، والواقع الآخر هو أن التدخل الأميركي عندما بدأ في أيلول/ سبتمبر من العام الماضي عبر تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة مضى عليه ثلاثة أشهر ولم يؤدِ الى ضرب <داعش> بل أدى الى زيادة عددها بعشرات الآلاف والى احتلال مدينة الرمادي في العراق بعدما قطع عناصر <داعش> بادية الشام في أرضٍ مكشوفة دون أن تتصدى لهم أي طائرات حربية، والى دخول تدمر والقريتين في سوريا، ما يدل على عدم جدية الولايات المتحدة في محاربة <داعش>.

ــ ألا تريد الولايات المتحدة ضرب <داعش>، وما السبب؟

- لا تريد ضرب <داعش> لأنها تريد استعمال هذا التنظيم في تحقيق غايات سياسية عبر ترويض كل المنطقة وتحقيق صفقات أسلحة للدول وعدم استقرار الأنظمة بسبب <داعش> وانبطاحها أمام أميركا وطلب معونتها، ناهيك عن تأجيج الصراع في المنطقة، حتى ان المكون الكردي في سوريا وجهوا له <داعش> ومن ثم  دعموه بالطيران، حتى تحول الى الجانب الأميركي بعدما كان في الجانب الروسي، وكل ذلك بدون سقوط نقطة دمٍ أميركية وبدون أي مال أميركي يدفع لقاء ما يحصل.

أسباب التدخّل  الروسي

 

ــ لماذا التدخل الروسي، وهل حصل بعد الفشل الأميركي أو لنقل غض النظر الأميركي عن ضرب <داعش> كما تقول؟

- بعدما تفاقم الوضع في سوريا أصبح ذلك يشكل خطراً على الأمن الروسي. وشعار أن <أمن روسيا من أمن سوريا> صحيح، وذلك بسبب هو أن الجنوب الروسي لاسيما القوقاز التي تقع بين البحر الأسود وبحر قزوين، وحوض الفولغا، تضم أكثرية إسلامية في الشيشان وداغستان والأنغوش، وحصلت فيها في التسعينات حركات اسلامية وتجاوزت العمليات هذه المنطقة الى المدن الروسية لاسيما موسكو وغيرها عبر عمليات انتحارية استهدفت بالتحديد الشرطة الروسية والصوفيين الذين يعتبرون في نظر المتطرفين أخطر من باقي المجموعات الإسلامية والدينية، خاصة وأن الإسلام الصوفي ينتشر بكثرة في تركيا ودول آسيا الوسطى والمناطق الروسية الإسلامية، وهو يعتبر العدو الأساسي لـ<داعش> في المنطقة، وبالتالي إذا انتشر المتطرفون في سوريا سيكون حتماً في القوقاز، ما يشكل تهديداً لروسيا لأن المجال الحيوي لها هو آسيا الوسطى بدءاً من شرق بحر قزوين وهو يضم خمس دول، اربع منها من أصل تركي وواحدة من أصل فارسي هي طاجاكستان، حيث كانت تدور فيها حرب أهلية في العام 1992 حتى العام 1997 بين النظام الحاكم والإسلاميين، وانتصر النظام العلماني من خلال الدعم الروسي وانهزم الاسلاميون رغم حصول اتفاق سلام بينهما، ولذلك فالمنطقة تشهد تحركات إسلامية، لاسيما في منطقة وادي فرغانا وبخارى من خلال حركات اسلامية ناشطة، وبالتالي إذا خسرت روسيا هذه المناطق فذلك سيهدّد أمنها القومي مباشرة، ولهذا تنظر روسيا الى المعارك الدائرة في سوريا وكأنها على أبواب موسكو، وهي لن تسمح بأن تحكم الجماعات الإرهابية سوريا، وهذا هو هاجسها الأساسي. ومن هنا كان الروسي يوم 5 تشرين الثاني/ نوفمبر من العام 2011 في مجلس الأمن ضد مشروع قرار فرنسي ضد سوريا، وهذا أول تدبير روسي ضد التدخّل الأجنبي في سوريا، وكان مؤشراً لجدية روسيا على أساس أن أمنها القومي فوق كل اعتبار وهو لا يباع ولا يُشترى كما يفكر بعض العرب، في وقت ازدادت هذه الهجمات الإرهابية بدعم تركي واضح، بدليل جغرافي وهو أن تركيا فتحت الحدود على مسافة 900 كلم للمجموعات الإرهابية للدخول الى سوريا، وكل السلاح والوقود والمعدات لهذه المجموعات دخلت من تركيا، ناهيك عن تأمين الاستشفاء والمعالجة الطبية لها، وكذلك الطعام والعتاد، وشكلت تركيا قاعدة لوجستية للمنظمات الإرهابية، حتى ان مجموعة من الشرطة التركية تعرضت للاعتقال بناء على طلب المخابرات لأنها أوقفت حمولة سلاح متجهة من تركيا الى سوريا، وقد أكدت ذلك صحيفة <نيويورك تايمز> وقالت إن السلاح آتٍ من كرواتيا ودول البلقان الى دولتين خليجيتين، ومن هناك الى أنقرة واسطنبول وينقل منهما الى سوريا بالبر.

 

قوة عمل في اللاذقية

وأضاف قائلاً:

- وصلت الأمور الى وضع صعب والجيش السوري أُنهك واستُنزف رغم انه لم ينقسم حتى يقال إن هناك 50 ألفاً منه قد قُتل، وهذا رقم كبير جداً، في وقت كانت إيران الداعمة للنظام مشغولة بالاتفاق النووي، وروسيا منشغلة بأوكرانيا، لكن بعدما هدأت الأمور في أوكرانيا وقع <اتفاق مينسك> بخصوص أوكرانيا، وعندما وقعت ايران الاتفاق النووي مع دول 5 زائداً واحداً، تفرّغ الجانبان للساحة السورية خاصة بعدما سقطت إدلب وتدمر والقريتان مما يشكل خطراً على الدولة السورية رغم أن الجيش كان يعمل بشكل جيد بمساعدة من المستشارين الإيرانيين، فيما كان حزب الله منشغلاً في نواحٍ غرب حمص والقلمون لأن هذه المناطق تختص بأمن لبنان وأمن المقاومة بشكل خاص، إذ إن حزب الله لو لم يحارب الإرهاب في القصير لكانت هذه المجموعات قد احتلت سهل عكار كما سبق واحتلت سهل نينوى في العراق دون أن يتصدى لها أحد، وبالتالي في هذه اللحظة الاستراتيجية الكبيرة، بدأ الروس يبنون <قوة عمل> في اللاذقية وليس قاعدة كما يُشاع أي ما يُسمى <Task Force>، وهي مؤقتة وليست دائمة، وهي تشبه قوة العمل الأميركية في جيبوتي، وهي ترعى المصالح الأميركية في باب المندب والصومال وتلك المنطقة. فهذه القوة هي لمهمة محددة فقط.

ــ وكم ستطول مدتها؟

- لا نعرف، لكن مبدئياً هذه القوة ليست ثابتة كحال القواعد الأميركية في قطر مثلاً أو غيرها. بل هي مؤقتة، ومن مطار <حميميم> في اللاذقية تنطلق الطائرات الروسية لضرب القواعد الإرهابية واستعملت أحدث طائرة وهي <سو34> التي تضرب من مسافات  بعيدة وتصيب الاهداف بدقة، والقصف يحصل بالتنسيق مع الجيش السوري الذي زوّد الروس بالمعلومات والإحداثيات.

سر القصف من بحر قزوين

ــ ولماذا استهداف <جبهة النصر> أكثر من <داعش>؟

- <داعش> لها امتدادها العراقي أكثر، حتى ان قيادة <داعش> عراقية في معظمها ومجلس القيادة مؤلف من 10 أشخاص على رأسه أبو بكر البغدادي وآخر شيشاني والباقي من الضباط العراقيين السابقين، وغرفة التنسيق المخابراتي الموجودة في بغداد بين الروس والإيرانيين والعراقيين والسوريين هي التي تهتم بـ<داعش> ونشاطها، علماً بأن الروس استفادوا من معلومات هذه الغرفة وضربوا في الرقة، حتى ان الأهداف التي ضربت عبر صواريخ <كروز> من بحر قزوين، كانت بناء على هذه المعلومات، ووزير الدفاع الروسي <سيرغي شويغو> يقول إنه تم ضرب 40 بالمئة من قدرات <داعش>، وهذه كلمة كبيرة وحكيمة، بمعنى انه لم يقل انه قضى على <داعش> بل دمّر القسم الأكبر منها وشلّ قدراتها، ولذلك فالقصف بدأ بالطيران، وهناك أماكن وعرة لاسيما الجبال وتحديداً جبال اللاذقية والزاوية  حيث لا يستطيع الطيران الإغارة عليها، قد ضربت عبر الصواريخ من بحر قزوين.

ــ ولماذا القصف من بحر قزوين بالذات؟

- لأنه بحر مقفل والدول المتشاطئة عليه لها علاقات ممتازة مع روسيا وهي ايران، تركمستان، كازاخستان وأذربيجان فيما لا يسمح للروس بحرية الحركة في البحر الأسود ولوجود دول ليست على علاقة جيدة مع روسيا وهي تركيا، بلغاريا، رومانيا، أوكرانيا وجورجيا.

ــ هل تتورط روسيا برياً في سوريا أم سيقتصر التدخل على القصف الجوي؟

- لن تتورط برياً، فهي ستقوم بالقصف الجوي والقصف الصاروخي كتمهيد ناري مباشر للقوات السورية حتى تتقدم براً، التي بدأت عملياً التوغل براً من خلال المناطق الصعبة وهي منطقة جبل الزاوية الوعرة جداً والقتال وصل الى تلة جب الأحمر التي تشرف على إدلب وأريحا ومناطق أخرى، وقد تحققت نتائج إيجابية لاسيما غرب حماه وفي ريف اللاذقية، وإذا سيطر الجيش السوري على هذه المناطق، تصبح بقية المناطق بالنسبة  إليه سهلة، حتى ان رئيس الأركان السوري علي أيوب كشف عن وجود الفيلق الرابع اقتحام، وهو فيلق جديد نشأ دون أن يشارك بعد في القتال ومهمته هي خوض المعركة البرية.

ــ يعني روسيا من الجو والجيش السوري من الأرض؟

- صحيح، لكن سيكون مع الجيش السوري حزب الله وبعض المستشارين الإيرانيين.

ــ هل تسقط هدنة الزبداني ومضايا والفوعة وكفريا مع تجدد القتال البري في الغرب؟

- لا.. الهدنة هدنة، وكل طرف منشغل بالمعارك الجديدة، علماً بأن الإرهابيين حاولوا التسلل من جبهة سرغايا قرب الزبداني فتصدى لهم حزب الله وأوقفهم.

ــ هل صحيح أن الروس نسقوا مع الجيش اللبناني لضرب مواقع الإرهابيين في جرود عرسال ورأس بعلبك؟

- لا علم لي بذلك، وأصلاً لم يتحدث أحد بهذا الموضوع. فالروس لم يضربوا أي هدف في المنطقة الجنوبية سوى الصاروخ الذي سقط على مصنع للأسلحة في الغوطة، ومن الممكن لاحقاً أن يقصفوا المنطقة الغربية والجنوبية، خاصة وأن هناك عملية انهيار واسعة للإرهابيين في درعا ويتم تسليم سلاحهم وهروبهم.

ــ وهل صحيح أن قائداً عسكرياً روسياً طلب من قائد الجيش العماد جان قهوجي تحديد موقع وجود العسكريين المخطوفين في جرود عرسال ورأس بعلبك كي لا يضربهم الطيران الروسي بالخطأ؟

- أستبعد هذا الخبر، ويمكن للإرهابيين أن ينتقلوا بالعسكريين المخطوفين من مكان الى آخر داخل هذه الجرود ووضعهم في مغاور موجودة هناك وهي كثيرة، وبالتالي لا أحد يعرف مكان وجودهم بالتحديد لاسيما وأن الإرهابيين محترفون عسكرياً ويستطيعون التمويه ونقل العسكريين من مكان لآخر.