مرّ قطوع الانتخابات البلدية والاختيارية في محطتها الاولى بيروت والبقاع على خير دون اي مشاكل تذكر الا مع بعض الاشكالات وحوادث اطلاق النار المتفرقة التي طوقت بسرعة . واذا نجحت السلطة في انجاز هذا الاستحقاق الديموقراطي بكل اشكاله الادارية والامنية، فإنها ادانت نفسها حين عمدت الى تأجيل الانتخابات النيابية منذ سنتين ومدد مجلس النواب لنفسه مرتين لأسباب موجبة هي الحالة الامنية التي تبين من خلال الانتخابات البلدية والاختيارية ان هذا العذر ساقط ويمكن للمجلس الدستوري قبول الطعن به مجدداً اذا ركب النواب رؤوسهم ومددوا لأنفسهم في صيف2017 عند انتهاء مهلة التمديد الثانية.

 وعلى كل حال، فنتائج الانتخابات لم تشكل مفاجأة لأحد خاصة في بيروت التي جمعت الاضداد في لائحة واحدة هي <لائحة البيارتة> التي يَرئسها جمال عيتاني، المدعومة من تيار <المستقبل> والقوى الحزبية الأخرى من تيار <وطني حر> الى <القوات>، الى <الكتائب> وصولاً الى حركة <امل>، في مقابل لائحة <بيروت مدينتي> برئاسة المهندس ابراهيم منيمنة التي تضم شخصيات من المجتمع المدني ولائحة <مواطنون ومواطنات في دولة>، لكن اللافت وصول نسبة الاقتراع إلى 20,14 في المئة فقط رغم كل حملات التجييش والدعاية والرعاية السياسية والنداءات بضرورة الاقتراع لاسيما من رئيس تيار <المستقبل> سعد الحريري ما يؤشر الى امتعاض الناس من السياسات القائمة وعدم ايمانهم بجدوى محاولات التغيير، فيما كانت نسبة الاقتراع في زحلة 52,6 بالمئة، راشيا: 43,5بالمئة، بعلبك: 62بالمئة، البقاع الغربي:  42 بالمئة، والهرمل 45 بالمئة.

 فوز <أمل> وحزب الله في بعلبك والهرمل

وفازت لوائح التنمية والوفاء الخاصة بتحالف حزب الله وحركة <أمل> بمعظم البلديات في قضاءي بعلبك والهرمل وغلب الطابع العائلي والانمائي عليها، لكن هذا التحالف خاض معركة سياسية قاسية في بعلبك في وجه لائحة برئاسة رئيس البلدية الاسبق غالب ياغي، وفازت لائحة <التنمية والوفاء برئاسة حسين اللقيس بكامل اعضائها الـ 21 . وكذلك خاض حزب الله معركة كسر عظم بمفرده بعد انسحاب <أمل> من المعركة في بلدة بريتال التي كانت حكراً منذ العام 1998 على المدعومين من امين عام حزب الله الاسبق الشيخ صبحي الطفيلي، لكن الحزب انتزعها منهم هذه المرة في معركة طاحنة بعدما قرر ذلك بعد رفض الطفيلي ان يكون قتلى الحزب في سوريا شهداء وسقطت لائحة رئيس البلدية الحالي عباس زكي اسماعيل.

وكانت المفاجأة في عرسال حين اطاح الناخبون برئيس البلدية الحالي علي الحجيري <ابو عجينة> ولائحته <الحزم> المدعومة من تيار <المستقبل> وربحت لائحة <عرسال تجمعنا> برئاسة رئيس البلدية الاسبق باسل الحجيري مع تسجيل خرق واحد للمرشح محمد علي الحجيري من لائحة <عرسال اولاً > التي شكلها حسين رشيد الحجيري، والمفارقة ايضاً خسارة المرشح للمركز الاختياري محمد علي الحجيري شقيق الشيخ مصطفى الحجيري <أبو طاقية>.

وقد لفت رئيس لائحة <عرسال تجمعنا> باسل الحجيري الى ان عرسال ما بعد الانتخابات البلدية تتجه نحو الافضل، مشيراً الى ان اهالي البلدة يريدون السلامة والاعتراف بهم بأنهم لبنانيون، مؤكداً ان اللاجئين السوريين هم ضيوف أعزاء لدينا منذ 5 سنوات ونحن معاً على مركب واحد.

سقوط عائلة سكاف في زحلة

وفيما بقي التنافس عائلياً في البقاع الغربي بعد وقوف تيار <المستقبل> على مسافة واحدة من المرشحين، شهدت زحلة في البقاع الاوسط معركة طاحنة مع وصول نسبة الاقتراع الى 41 في المئة بين ثلاث لوائح الاولى <انماء زحلة> برئاسة رئيس البلدية الاسبق اسعد زغيب التي فازت من خلال دعم الاحزاب المسيحية لها لاسيما <التيار الحر>، <القوات>، و<الكتائب>، والثانية <زحلة الأمانة> برئاسة يوسف سكاف المدعومة من ميريام سكاف، و<زحلة تستحق> برئاسة موسى فتّوش شقيق النائب نقولا فتوش، بعدما توزع الصوت الشيعي على <التيار الوطني الحرّ> ولائحتَي سكاف وفتّوش، وانقسم الصوت السنّي، وسط تراشق الاتهامات بالرشى واستخدام المال الانتخابي، وبالتالي تكرر نموذج الانتخابات النيابية عـام 2009 وسقطت مقولة <زحلة مقبرة الأحزاب>، لكن الاكيد ان خطأ استراتيجياً ارتكب من قبل ميريام سكاف ونقولا فتوش، اذ لو تحالف الاثنان لكانت لائحة الاحزاب في خبر كان خاصة وان لائحة الاحزاب حصلت على نحو 10500 صوت، ولائحة سكاف على نحو 8800 صوت، ولائحة فتوش على نحو 7000 صوت ما يعني ان تحالف فتوش - سكاف الافتراضي حصل على 15800 صوت، أي نحو 60 بالمئة من المقترعين الزحليين، مقابل نحو 40 بالمئة للأحزاب.

وقال رئيس اللائحة الفائزة أسعد زغيب إنّ السمعة والإرادة الشعبية وتحالفنا الحزبي عند الزحلاويين أثمر فوزاً ساحقاً لكامل أعضاء اللائحة، واصفاً الثنائي الخصم سكاف - فتوش بأنه يفتقد إلى إدارة حملة انتخابية، فكانت حملتهم فاشلة، لأنهم يفتقدون إلى رئيس بلدية ورئيس لائحة يتحدّث باسم اللائحة بل هم يتحدثون باسمه وعنه، فضلاً عن الشعارات التي أطلقوها فأبعدوا الناس عنهم ونفر الزحلاويون منهم ومن شعاراتهم. وأشار زغيب إلى أنّ اعتماد حملتَيْ الخصـــــم علــــى عنصــــر المال بهدف الرشى أمر رفضه الزحلاويون والناخب الزحلي وإنْ كانوا يعانون وضعاً اقتصادياً سيئاً، فالزحليون يرفضون أن يشتروا أو يباعوا، فكراماتهم أغلى وبالتــــالي صناديق الاقتراع خير دليل، وفوزنا تأكيد على الحقيقة والمصداقية، واعداً الزحليين بالإنماء.

وكان النائب فتوش قد قال إن المعركة الإنتخابية إنمائية، وليست سياسية، فالسياسة لم تدخل أمراً إلا وأفسدته.

وفي رده على الإتهامات التي طالت آل فتوش لجهة شراء الأصوات، اعتبر: <أن الإنسان الضعيف هو الذي يحاول أن يطلق الأكاذيب على غيره، مع العلم أن أهل زحلة كلهم أقوياء، ليس هناك من ضعفاء، ولكن في المعركة الإنتخابية هناك ضعيف وقوي>، وقال: <أنا أمد يدي الى كل أهالي زحلة والى النسيج الإجتماعي في زحلة الى أي طائفة انتمى. وأنا ليس لدي مأخذ على أحد، لكل واحد منا حرية الإختيار، وزحلة تستحق أبناءها وأبناؤها يستحقونها>.

وعن المعلومات التي ترددت عن مداهمة الجيش لأحدى الشقق التي يجري فيها شراء الأصوات لصالح <زحلة تستحق>، أجاب: <أن الجيش داهم ولم يجد شيئاً، ونحن نشكره لأنه سمح بجلاء الحقيقة، وعلم المواطنون أن ما يروج له أكذوبة كبيرة>، وقال: <الإعلام الذي كان وراء هذه الأخبار يجب أن يتمتع بجرأة الإعتذار امام الناس، فالسبق الصحفي هو وسام فضي، وقول الحقيقة الصحافية هو وسام ذهبي>، آملاً أن يحافظ الإعلام على وسامه الذهبي.