تفاصيل الخبر

الزواج على طريقــة أبـنــــاء ”داعــش“!

08/11/2018
الزواج على طريقــة  أبـنــــاء ”داعــش“!

الزواج على طريقــة أبـنــــاء ”داعــش“!

 

بقلم علي الحسيني

تعد ظاهرة زواج عناصر من تنظيم <داعش> من سوريات وعراقيات وحتى لبنانيات وأيضاً أجنبيات، كارثة إنسانية، بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فقد أدت الزيجات هذه إلى ظهور طبقة اجتماعية جديدة، فاقدة للهوية، بلا أوراق ثبوتية أو أنساب واضحة، وهي بلا مستقبل، ما ينذر بكارثة وقنبلة موقوتة، تكبر شيئاً فشيئاً مع نمو <ذرية الأشباح> داخل بلدان هؤلاء النسوة اللواتي تزوّجن، إما مجبرات أو بعد وفودهن إلى تلك البلاد كمتطوعات ضمن ما عُرف بـ<جهاد النكاح>، أو ربما من جرّاء عمليات الاغتصاب التي تعرضن لها.

 

الطفل في هيكلية <داعش>!

 

كثيرة هي العبر والأمثال وحتى الوقائع التي دلّت في الحياة على أن غالباً ما يكون الأبناء على شاكلة اهاليهم، ليس فقط في الشكل أو وراثة المهن، لكن أيضاً في وراثة العادات والأطباع أو لجهة النزعة نحو العنف. لكن في المقابل، ماذا عن المثل القائل <الآباء يأكلون الحصرم والأبناء يضرسون>؟ فهل ينطبق هذا المثل على الأبناء الذين هم من صلب مقاتلين في تنظيم <داعش>، وهل فعلاً ان مصير هؤلاء الأبناء، هو المصير نفسه الذي واجهه أباؤهم قبلهم؟ والأبرز، كيف سيتقبلهم المجتمع وقد سبق لأهاليهم سواء الأب او الام، أن شاركوا في سفك دماء الأبرياء وتركوا بصمة دماء ووصمة عار في تاريخ أبناء جاؤوا إلى هذه الحياة ليدفعوا ضريبة أهاليهم طوال حياتهم؟.

منذ ظهور تنظيم <داعش> على الساحة الدولية كحركة أصولية متطرفة مارست أبشع الأعمال الإجرامية وابتكرت أنواعاً من المحرمات بحق الإنسان متخذة من الإسلام ستارة لأفعالها ومن القرآن قانوناً لإجرامها، استحوذ الأطفال على مكانة مهمة في بنيتها الأساسية ورأى قادته فيهم أداة أساسية لحماية نجاح التنظيم في المستقبل، واعتبروهم جيلاً واعداً من المقاتلين أفضل وأقوى نظراً لأنهم سيتربون في أراضي <داعش> وبيئته منذ البداية وسيصبحون عديمي العاطفة ولن يخضعوا لفكر آخر غير فكره ولن يُمارسوا إلا طقوسه وما يُطلب منهم، سواء في الأقسام اللوجستية أو في مجموعات المقاتلين وخصوصاً الإنتحاريين الذين ضموّا في صفوفهم المئات من الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم الـ 15 عاماً وقد نفذت بواسطتهم العديد من العمليات الإجرامية ومنهم من القيّ القبض عليهم قبل تفجير أنفسهم لدواع تتعلق بخوفهم. فهذا الطفل محمود القولي من العراق، راح يبكي أثناء وصوله قرب قاعدة عسكرية قبل أن يعترف لعناصر المركز بأنه يحمل حزاماً ناسفاً ممكن أن ينفجر فيه في أي لحظة. يومئذٍ تعامل العناصر مع الطفل بكل مسؤولية وتمكنوا من إنقاذه في اللحظات الأخيرة.

ومن باب التذكير، غالباً ما روّج <داعش> لأطفال مقاتلين وانتحاريين من خلال نشر صور و<فيديوهات> تظهرهم وهم ينفذون عملية إعدام لرهائن، أو يتدربون في معسكرات قتالية مخصصة، وقد اثيرت يومذاك مخاوف بأن عدد الأولاد المجبرين على الانضمام لـ<داعش> سيرتفع، عندما يكبر أبناء المقاتلين الأجانب المقيمين على أراضي سيطرة التنظيم وسيُصبحون على ما كان أباؤهم عليه، أي مجرمون يتمتعون بعمليات الإعدام والذبح التي يُنفذونها، وبذلك يعدون بمستقبل لا يقل بشاعة وإجراماً عما يحصل اليوم، كما أنهم سيُصبحون نموذجاً لبقية الأطفال أو القاصرين من الجيل المقبل، الراغبين في أن يتحولوا إلى <ثوار> في المستقبل، سواء في الدول العربية، أو في أوروبا التي يُسيطر عليها اليوم، <فوبيا> أطفال <داعش> خصوصاً في ظل وجود العديد من النساء اللواتي عدن من سوريا والعراق، بصحبة نساء حملن بهم من خلال زواجهن بمقاتلين من تنظيم <داعش>.

<داعشية> لبنانية على الشاشة!

 

نور الهدى <داعشية> لبنانية مسجونة لدى الأكراد في احد المعسكرات لدى <قوات سوريا الديمقراطية> بين الحدود التركية ـــ السورية. الحالة هذه كا

نت كشفت عنها الزميلة زهراء فردون مع الإعلامي طوني خليفة عبر محطة <الجديد>، إذ اعترفت نور الهدى القاسم من شمال لبنان، أنها تنتمي وزوجها إلى تنظيم <داعش> وقد وقعت في الأسر بيد الأكراد الذين جاؤوا بها إلى مخيم <عين عيسى> في الرقة مع أولادها. ومما اعترفت به نور الهدى، ان حماتها، وهي بالمناسبة شقيقة والدتها أي خالتها، هي من اجبرها على الالتحاق بالتنظيم الإرهابي والزواج من ابنها الذي قُتل في سوريا لاحقاً. وأهم ما قالته نور الهدى إنها تحلم بمقابلة شقيقتها (فاطمة) أو إجراء أي نوع من التواصل معها. وبالفعل فقد تمكنت <فردون> من اتمام اللقاء بين الاختين في مشهد مؤثر وموجع، لدرجة أن قسماً كبيراً من اللبنانيين تعاطفوا مع نور الهدى التي تزوجت وهي طفلة بعمر العشرة أعوام أو أكثر بقليل. وقد اختتمت الفقرة بمناشدة مدير عام الأمن العام اللبناني اللواء عباس ابراهيم بالتدخل لإنقاذ نور التي غادرت لبنان وهي طفلة لا تدرك ما تقوم به أو ما تُدفع إليه.

إحدى قريبات نور، تؤكد أن خالتها ليست هي من دفعها الى الزواج ولا إلى الإنتماء الى <داعش>، بل كانت مجرد طفلة لكنها كانت تبدو أكبر من سنها، فقررت من تلقاء نفسها طبعاً بالإتفاق مع زوجها، الهروب معاً إلى سوريا عن طريق تركيا والعيش في كنف <الدولة الإسلامية>، وهذه الحياة لطالما راودت معظم الشبان والشابات هنا في عكار، خصوصاً في ظل حالات الفقر والعوز التي يعيشونها والوضع الصعب مع وجود بعض الأهالي الذين لا يكترثون لحالات أبنائهم. وهذا طبعاً مرده إلى الفقر والبطالة التي تُعاني منها كل قرى الشمال وتحديداً عكار. وتكشف قريبة نور، أن الأخيرة كانت على اتصال دائم بأهلها في الفترة الأولى التي غادرت بها بعد ان لحقت بزوجها، وكانت تعدنا بأنها ستعمل على اخراجنا من لبنان لنذهب الى سوريا. وكان تُظهر لنا أنها سعيدة جداً قبل أن تعود وتنقطع عن الإتصال بنا. أحياناً كنا نسمع بأنها قُتلت مع عائلتها، وأحياناً أخرى تأتينا أخبار بأنها أصبحت قيادية في <التنظيم> داخل العراق.

نور الهدى تتزوّج من <داعشيين>!

ولمن لم يتعرف على نور الهدى إلا من خلال إطلالتها على تلفزيون الجديد، فقد سبق لها أن أجرت مقابلة مع وكالة أنباء <هاوار> الكردية تحت عنوان <لبنانية زوجة داعشي تكشف علاقة داعش بتركيا>. تقول نور الهدى إن زوجها الأول اللبناني، كان متشدداً وشارك في عدد من الهجمات على الجيش اللبناني، وقد انضم لتنظيم <داعش> في عام 2015. وعندما استقر هناك، بعث إليها بأموال عندما كانت مقيمة في طرابلس بلبنان لكي تأتي إليه إلى بلدة الراعي على الحدود السورية التركية، حيث كان يعمل في جهاز شرطة <داعش>. وأوضحت أنها دخلت الأراضي السورية عبر تركيا عن طريق غازي عنتاب، وتلقت مساعدات من عناصر <داعش> الذين كانوا موجودين في تركيا.

وأشارت الى أنه بعد نحو سنة من دخولها سوريا، تم إجلاء أغلب زوجات وعائلات مرتزقة داعش من بلدة الراعي عبر الباصات إلى مدينة منبج. لم نعرف لماذا أخرجونا، لكن آخر ما قاله لي زوجي عندما أوصلني إلى الباص إنه سيعود ليأخذني وطلب مني الذهاب للمكوث في منزل أبو البراء وأبو مالك الشامي لحين عودته. وبعد وصولي إلى منبج بثلاثة أيام جاء أحد عناصر داعش وكان يدعى أبو البراء الحلبي وأخبرني أن زوجي قتل في المعارك يوم 7 نيسان 2016. وأضافت: بعدها جاءني قيادي من <مكتب الشهداء> كان مسؤولاً عن أسر وزوجات عناصر داعش الذين كانوا يقضون نحبهم في المعارك وطلب مني الذهاب إلى المضافة، لم أكن أريد، لكنهم أجبروني بالقوة. مكثت في المضافة لدى المرتزقة مدة 5 أشهر، وهناك تعرفت على زوجي الثاني المرتزق ياسين عثمان. هناك عانينا من الظلم وتعرضنا للتعذيب والضرب، وللإغتصاب أيضاً.

وتحدثت نور الهدى عن ملاحقة التنظيم لزوجها الثاني لأنه <سرق سيارات منهم>. وتابعت: <هربنا إلى الميادين، وهناك بحث زوجي عن مهرب لنخرج من مناطق داعش، وفي النهاية وصلنا إلى مناطق قوات سوريا الديمقراطية>.

اعتراف زوجة <داعشي>!

 

لم أكن أعلم بانتمائه إلى تنظيم <داعش> الإرهابي. كان إجرام هذا النظام يصل إلى أسماعنا هنا في عكّار وكنا نشاهد عمليات الإعدام التي يُنفذها عناصر هذا التنظيم عبر شاشات التلفزة، لم أكن أتخيل أنني ذات يوم سأكون <عضواً> في <داعش>. تروي جميلة حكايتها منذ ان تعرفت إلى خطيبها خلال زيارتها إحدى صديقاتها في منزلها القريب من منزل أهله فتقول: يومئذٍ تعرفت اليه وهو صديق شقيق صديقتي كان هو الآخر في زيارة لهم. بعد مغادرتي منزل صديقتي بساعة تقريباً، جاءني اتصال من شخص معرفاً عن نفسه بأنه الشاب الذي التقيته في منزل صديقتي وبأنه يُريد التعرف إليّ عن قرب لأنني أعجبته، وأكد لي أن نيته صافية ومستعد أن يأتي وأهله إلى منزلنا ليطلبني من أهلي، وفعلاً بعد مرور أقل من شهر على تعارفنا وكنا نتهاتف على الدوام، جاء برفقة والده وزوجة والده كون والدته متوفية، وطلبوا يدي من أهلي، لكن شقيقي الأكبر رفض هذا الزواج بحجة أنه يعرف محمد الشاب الذي تقدم لخطبتي وأنه معروف بتطرفه الديني. وقد أدى رفض أخي للشاب، إلى رفض والدي للفكرة ونسفها من الأساس وكذلك كان موقف والدتي.

وتتابع جميلة: بعد فترة وجيزة وبمعاونة صديقتي وشقيقتي الصغرى، تمكنت من الذهاب <خطيفة> مع محمد، وقد انتقلنا من منطقة إلى اخرى إلى أن حط رحالنا في عرسال، ومنها انتقلنا الى الداخل السوري لتبدأ معاناة فتاة تركت أهلها وخرجت عن طوعهم من أجل شاب تبين لاحقاً أنه ينتمي إلى <داعش> ويحمل أفكارهم وعقائدهم، ويُمارس إجرامهم، فكان أول طلب له أن أرتدي اللباس الشرعي ومُنعت من الخروج من المنزل الذي يُساوي حجم غرفة من منزل أهلي. طلبت منه الطلاق مع وعدي له بإعطائه مبلغاً من المال، لكنه رفض ومنع عني أي إتصال بأهلي. وبعد أقل من سنة ولدت طفلي الأول أحمد وبعدها أنجبت طفلتي عائشة، معهما ظننت أن الحياة سوف تتبدل وأن زوجي ممكن أن يشفق لحالتنا وأن يسعى إلى إخراجنا من الرقة حيث كانت تُسمى <عاصمة دولة الخلافة>، لكن زوجي كان يزداد إصراراً على البقاء هناك ولم يكن يكف عن الترديد امامي بأن ولدنا أحمد سيُصبح قيادي في <التنظيم> ذات يوم، وسوف يحمل لواء الإسلام وسيكون أميراً على <إمارة لبنان>.

وتقول جميلة: منذ سنتين قُتل زوجي أثناء غارة على مصنع لتصنيع العبوات في الرقة، وحتّى إننا لم نستطع التمييز بين جثته وجثة بقية من كانوا معه، حتى إن قادة <التنظيم> أمروا بدفن جميع <الشهداء> سوية ضمن حفرة كبيرة وتم منعنا من زيارة المكان، وهناك والدة أصرت على زيارة ولدها وراحت تنعت القادة هناك بالمجرمين والقتلة، فتم قتلها ودفنها بقربه. بعد مقتل زوجي أُجبرت بعد أقل من شهر، على الزواج من قيادي في <داعش> لم أعلم أي شيء عنه سوى أن اسمه <أبا الوليد>، وبعد شهرين من زواجي به، أعلمني بأنه يُريد مساعدتي للعودة إلى أهلي، لكن شرط الحصول على خمسة آلاف دولار وسمح لي بالتواصل مع أهلي لتأمين المبلغ. وتضيف: لقد تمكن أهلي من جمع مبلغ ثلاثة آلاف دولار تم استدانتهم من أحد أقاربنا، وتسليمهم لاحقاً لشخص في عرسال قام يإيصالهم على طريقته الى زوجي الثاني الذي ظل يحاول مساعدتي حتى أخرجني عن طريق أحد القادة لقاء مبلغ 200 دولار. بعد وصولي إلى أهلي اكتشفت أنني حامل من زوجي <أبا الوليد>، حاولت التخلص من الجنين لكن من دون جدوى، فربما كُتب عليّ أن أدفع ثمن غلطتي والخروج عن إرادة اهلي وطوعهم، والمؤلم أن اخي تبرأ مني أمام أقاربنا وأهالي البلدة، حتى إنه حاول قتلي منذ فترة لكن والدي وقف أمامه وطلب منه تصويب مسدسه نحو رأسه. واليوم لا أعلم متى ستكون ساعتي.

 

رسالة إلى اللهَ!

ماذا عن أولادك؟: تُجيب جميلة: هم في النهاية أولادي ولا ذنب لهم بما حصل، وهناك مؤسسة بعيدة عنا تُساعدني بين الحين والآخر، لكن المؤلم أن أولادي الثلاثة لا يملكون بطاقات شخصية ولا حتى أوراقاً تُثبت أنهم بشر يحق لهم العيش كغيرهم. كيف يتعاطى أهالي بلدتك مع أطفالك؟: قسم من اهالي البلدة يتعاطف معهم ويحن عليهم من وقت لآخر، لكن البعض يُطلق علينا <منزل الدواعش> وهناك من يُسمي ابني أحمد بـ<الداعشي> وأخاف أن يكبر الطفل وان تُشكل له هذه التسمية عقدة أو انحرافاً نحو أمور سيئة. أتمنى اليوم أن أهاجر مع أولادي إلى أي دولة أوروبية، أتمنى أن اعيش كبقية الناس، ولا هم لي إن كنا فقراء فقط كل ما أريده هو احترام أولادي وان لا يتربوا في بيئة تنظر اليهم كمجرمين أو أبناء مجرمين. ماذا عن أهل زوجك الأول محمد؟: لم يتعرفوا الى أحفادهم وهم أنكروا صلة القربى من أصلها، وحتى أنهم اعتبروا زواجي منه باطلاً وأنه بنظرهم عن طريق <الحرام>. حتى إنهم لم يُقيموا مجلس تعزية عن روح ولدهم. رسالتك الأخيرة إلى من توجهينها؟: الى الله، أن يغفر لي وأن يعفو عن أبنائي ويمنحهم حياة أفضل من التي مررت بها وما زلت أمر بها اليوم.

نصيب لبنان من <داعش>!

من المعروف أنه ومنذ بداية الثورة السورية، تحمّس كثير من اللبنانيين للانخراط في صفوف المعارضة السورية. توزّع هؤلاء المتحمّسون على فصائل متعددّة، منها معتدلة كالجيش السوري الحرّ، وأخرى متطرفة مثل <جبهة النصرة> وتنظيم <داعش>. والأكيد، أن كثيرين من اللبنانيين غادروا إلى سوريا، أو إلى العراق للانخراط في صفوف هذه التنظيمات، فمنهم من قتل وقد سبق أن أعلن تنظيم <داعش> عن مقتله، ومنهم من لا يزال على قيد الحياة، وينخرط في القتال الى الآن. وحتى اليوم، لا توجد أرقام لبنانية دقيقة أو احصاءات معلومة لهؤلاء وحتى إن بعض الذين قتلوا لم يعلن عنهم. بالتالي، هم في عداد مجهولي المصير. فقد تنقّل هؤلاء في أكثر من منطقة سورية أو عراقية حتى، منهم من توجه إلى القلمون قبل دخول حزب الله، وآخرون التحقوا بتنظيمي <النصرة> و<داعش>. وبعد أحداث آب 2014، ذهب كثيرون إلى الشمال السوري، وتحديداً حلب وإدلب، فيما البعض وصل إلى الرقة واليوم هناك عدد كبير منهم في دير الزور.

بداية دخل المتحمسون اللبنانيون إلى حمص، مع اشتعال المعارك فيها، أول من يذكرهم اللبنانيون من هؤلاء، هم من عرفوا بخلية تلكلخ، والذين وقعوا بكمين للجيش السوري في العام 2012، يومها توجه هؤلاء من الشمال اللبناني عبر تلكلخ إلى حمص، للمشاركة في القتال ضد النظام السوري. ويروي مقربون من هؤلاء حين كانوا في لبنان، أنهم ذهبوا إلى هناك لقتال الجيش السوري من خلفية سياسية، وللثأر منه عما اقترفه في طرابلس من مجازر في ثمانينات القرن الماضي. وآخرون ذهبوا لقتال حزب الله. وهناك من ذهب ليقاتله من منطلق ديني، دفاعاً عن الدين، والبعض ذهب على سبيل <الهجرة> تماماً كما فعل النبي محمد (صلعم)، في ظنهم انهم سيعودون ليفتتحوا <إمارة لبنان>.

 

لأوروبا نصيب من أبناء <داعش>!

منذ شهرين تقريباً، كان أمنيون أوروبيون يستعدون لاستبادل أكثر من 300 رضيع وطفل، هم أبناء مواطنين أوروبيين غادروا البلاد للقتال في صفوف تنظيم <داعش> في العراق وسوريا، وذلك وسط مخاوف من غرس بذور التطرف في عقول هؤلاء الأطفال. ويُعتقد أن ما يقارب من عشرة الاف شخص تركوا أوروبا للانضمام إلى <التنظيم>، لكن مع تقهقر <داعش> في الشرق الأوسط من المحتمل أن يعود بعضهم مع أفراد أسرهم، فيما تحاول السلطات الأوروبية تأمين إطلاق سراح أطفال تم اعتقال آبائهم وأمهاتهم. وفي وثيقة موجهة إلى نائب برلماني ألماني، قالت وكيلة وزارة الخارجية الألمانية، <ايميلي هابر> إن من الصعب تحديد عدد الأطفال المتوقع وصولهم، نظراً لعدم معرفة عدد الذين ولدوا أثناء وجود الأهل في سوريا أو العراق.

لكن <هابر> أضافت في ردها على طلب إحاطة برلماني رسمي قدمته النائب عن حزب <الخضر>، <ايرين ميهاليتش، أن مسؤولي الأمن لديهم معلومات تشير إلى أن من المتوقع وصول عدد يقارب 100 من القصر أغلبهم من الرضع والأطفال الصغار إلى المانيا فقط. وقد ثارت المخاوف من غرس بذور التطرف لدى الأطفال والقصر، بعد أن نفذ ثلاثة قصّر خمس هجمات في ألمانيا في عام 2016. ومع اعتقال صبي في الثانية عشرة من عمره بعد أن حاول تنفيذ تفجير في سوق لعيد الميلاد بمدينة <لودفيجسهافن>، قالت الحكومة الألمانية إن لديها أدلة على أن أكثر من 960 شخصاً غادروا ألمانيا إلى سوريا والعراق حتى تشرين الثاني/ نوفمبر 2017 للقتال في صفوف <داعش>، ويعتقد أن ثلثهم عادوا إلى ألمانيا فيما قتل على الأرجح 150 منهم في المعارك هناك.

 

أطفال <الخلافة> مجهولو الهوية!

تحت مسمى <أبناء الخلافة> كان تنظيم <داعش> قد تبنى أطفالاً مجهولي الهوية، مانحاً <نسب> الخلافة لكلّ طفل يجهل نسبه وهوية والده من بين الآلاف من عناصر <داعش>، سواء أكان نتيجة تعدد زيجات زوجات المقاتلين بعد مقتل الأب أو جراء متاجرته بالنساء والفتيات تحت مسمى الـ<سبايا>. وبحسب ما هو معلوم، فقد عمد التنظيم منذ فترة إلى إنشاء ما يسمى بـ<دور أبناء الخلافة> بهدف استضافة وتبني أبناء المهاجرين عقب تعرض آبائهم للقتل خلال المواجهات العسكرية وضربات التحالف الدولي، وكذلك في حالة زواج الأم من مهاجر (مقاتل) آخر وبقائه وحيداً دون أب وأم. ووفقا للإحصاءات، فإن ما نسبته 20 في المئة من الأطفال ممن يتم إيداعهم الدور هم من مجهولي النسب و90 في المئة من هؤلاء الأطفال هم من أبناء <المهاجرين> و50 في المئة منهم أوروبيون و40 في المئة عرب.

وعادة ما يتم توفير كافة احتياجات الأطفال ومعاملتهم بصورة جيدة وتسيير رحلات ترفيهية لهم كوسيلة لاستقطاب ولائهم وتربيتهم من قبل التنظيم، وفق فكره وعقيدته. وفيما يتعلق بالمسؤولين عن هذه المقرات، فيتولى رعاية الذكور محمود الخميس من الكسرات من مدينة الرقة والملقب بـ<أبو ماريا الأنصاري> وكذلك <أبو عزيز الجزراوي> من السعودية. أما الإناث فتتولى <أم محمود الأنصارية> من مدينة الرقة السورية و<أم عزيز> الجزراوية من السعودية، إضافة إلى سيدة بريطانية تدعى <زهرة أم جنيد> وفتون الشويخ من العراق والمعروفة بـ<أم عمير العراقية>. ويتقاضى المسؤولون عن رعاية الأطفال في <دور داعش> ومقراتها رواتب شهرية تتراوح بين الـ1000 و1800 دولار أميركي.

 

<سبايا> هدية للأطفال الفائزين!

بدأ تنظيم <داعش>  بإعداد جيش الأطفال المقاتل كما راهن منذ الأيام الأولى على نشأته، وشدد على أهمية الدور النسائي في التنظيم كزوجات مقاتلين وأمهات للجيل الثاني من مقاتلي <داعش>، سواء أكانت لأسباب اقتصادية ببيع وشراء من يصفهم بـ<السبايا> وكوسيلة إغراء وإغواء للشباب بهدف الانضمام إلى صفوفه، وتارة أخرى بلعب أدوار أمنية وتجسسية، وكذلك إعلامية لتنشيط عملية التجنيد. كذلك وظف التنظيم وتبنى الاستثمار بالأطفال باعتبارهم ورقة مهمة لتأمين عملية الإمداد بالعناصر المقاتلة لسنوات لاحقة عبر إخضاعهم خلال نشاط التبني وعملية التجنيد لدورات شرعية وعسكرية إجبارية. وبحسب المعلومات يقوم تنظيم <داعش> بجمع الأطفال من عمر الـ12 عاماً وما دونه بشكل يومي في المساجد وإعطائهم الدورات الشرعية ودروس اللغة العربية، أما من بلغ الـ13 عاماً وحتى الـ15 عاماً فيتم إيواؤهم في أماكن خاصة بدورات مغلقة لمدة 15 يوماً، حيث لا يستطيع الخروج قبلها. وكان لافتاً ما تبين من خلال أحد منشورات <داعش> الإعلانية لمسابقتها الشرعية المتاحة لكل من بلغ الـ15 عاماً والترغيب بالانضمام إليها عبر تقديم جوائز للمتسابق الفائز بالمرتبة الأولى والمتسابق الفائز بالمرتبة الثانية بـ<سبية> لكل منهما.