تفاصيل الخبر

”اليزابت ريتشارد“ عادت الى بلادها بتجربة غنية: بعض العتب على السياسيين والكثير من الدعم للجيش!

06/03/2020
”اليزابت ريتشارد“ عادت الى بلادها بتجربة غنية:  بعض العتب على السياسيين والكثير من الدعم للجيش!

”اليزابت ريتشارد“ عادت الى بلادها بتجربة غنية: بعض العتب على السياسيين والكثير من الدعم للجيش!

 

يوم السبت الماضي، غادرت السفيرة الأميركية في لبنان <اليزابت ريتشارد> بيروت تاركة <قلبها في بيروت>، كما قالت لمودعيها، لتصل بعد أيام خليفتها السفيرة <دوروثي شيا> لتمثيل الولايات المتحدة الأميركية في <بلد الأرز> لثلاث سنوات، وذلك في ظروف غير مريحة يمر بها لبنان، سياسياً واقتصادياً ومالياً تزداد تعقيداً من خلال مواقف الولايات المتحدة الأميركية حيال لبنان والتي تُنقل دورياً الى اللبنانيين من خلال تصريحات وزير الخارجية <مايك بومبيو> حيناً، ومساعديه الكثر أحياناً، كما حصل الأسبوع الماضي حين <أغرقت> واشنطن وسائل الإعلام المختلفة بمواقف عن لبنان أثارت المزيد من القلق على مستقبل الوضع...

السفيرة <ريتشارد> غادرت بيروت وودعت اللبنانيين برسالة حملت الكثير من الرسائل الى اللبنانيين والسلطة والأحزاب والسياسيين تضمنت الى النصائح بضرورة الاهتمام بمواقف اللبنانيين الذين تجمعوا في الساحات والشوارع، دعوة الى تطوير النظام اللبناني وتعميق سيادة الدولة على أراضيها وغيرها من العبارات التي تحمل تفسيرات عدة. ولعل ما توقف عنده المراقبون قول <ريتشارد> ان عمر الحضور الديبلوماسي الأميركي في بيروت يعود الى العام 1833 والدور الذي لعبوه في تأسيس الجامعة الأميركية (LAU) في العام 1835 والجامعة الأميركية (AUB) في العام 1866، لتخلص من خلال هذا التذكير الى القول إن واشنطن تدعم حرية الفكر والتعبير والتفكير الإبداعي والنقدي والمسؤولية المدنية والقيادة و<هي صفات مطلوبة لهذا البلد اليوم أكثر من أي وقت مضى>.

وفي موقف جاء استكمالاً لمواقف سابقة من <ريتشارد> ومن الإدارة الأميركية الحالية، أعطت <الحق> للبنانيين بالخروج الى الشوارع للمطالبة بنظام حديث لإدارة النفايات، وكهرباء للجميع 24 ساعة على 24 وسبعة أيام في الأسبوع، وكذلك قوة مسلحة واحدة تحت سيطرة الدولة واقتصاد نامي. وانضمت <ريتشارد> الى الذين يتحدثون عن <قرارات صعبة> يجب اتخاذها معتبرة ان الجميع يجب أن يتحمل <بعض العبء>، لأنها <فرصة تاريخية للشعب اللبناني لقلب الصفحة ورسم مسار جديد يجعل هذا البلد يدرك كامل امكاناته كعضو حديث ومزدهر في المجتمع الدولي>. وفيما جددت السفيرة المغادرة اعجابها بـ<وحدة اللبنانيين>، تمنت أن تجد خليفتها الاحتضان نفسه الذي وجدته خلال وجودها في بيروت.

اللبنانيون يستحقون الأكثر!

في أي حال، الذين التقوا السفيرة <ريتشارد> قبل المغادرة سمعوا كلاماً مكملاً لرسالتها الوداعية الى اللبنانية تميز بالصراحة وعكس محبة تجاه الشعب اللبناني الذي <يستحق أكثر> من السياسيين الذين تعتبر انهم أعطوا لأنفسهم أكثر مما أعطوه لبلدهم وكانوا <أنانيين> في مقاربتهم للمسائل الوطنية وللاستحقاقات المصيرية ولحاجات اللبنانيين. ولا تخفي السفيرة <ريتشارد> أنها كانت تسمع كلاماً من بعض السياسيين <يختلف عما يقولونه في العلن>، ومع ذلك كانت تتفهم ظروف هؤلاء وإن كانت <تنصح> بأسلوب ديبلوماسي مميز، بتغيير هذا السلوك والاقتراب أكثر من أرض الواقع.

إلا ان أكثر ما يجعل <ريتشارد> <مرتاحة> في مواجهة القلق العام الذي انتاب عملها في بيروت، هو <العلاقة المميزة> التي تربط بلادها بالجيش اللبناني، قيادة وضباطاً وأفراداً، فهي ترى انها عملت كثيراً لتعزيز هذه العلاقة وتطويرها في مجالات عدة، والأمر لا يقتصر على العلاقة مع القائد الحالي للجيش العماد جوزف عون، بل مع القادة الذين تعاقبوا لأن المهم كان بالنسبة الى واشنطن، <المؤسسة العسكرية> التي وجد فيها الأميركيون ما لم يجدوه في <المؤسسات المدنية> على اختلافها. لذلك اعتبرت <ريتشارد> ان ما عملت له لتعزيز العلاقة بين القيادتين العسكريتين الأميركية واللبنانية، كانت له نتائج ايجابية على أكثر من صعيد، مستذكرة في هذا الإطار فترة المعارك على جبهة الجرود الحدودية لدحر الارهاب، وقبل ذلك مرحلة التدريبات المشتركة وغيرها.

في لقائها الأخير مع الرئيس ميشال عون، بدت <ريتشارد> حزينة لمغادرتها لبنان، وهي لم تخفِ مشاعرها أمام رئيس الجمهورية التي كانت تحرص على زيارته دوماً وسماع رأيه وإن اختلفت أحياناً وجهات النظر إلا انها كانت تلتقي في النهاية عند ما يحقق المصلحة الوطنية اللبنانية. وأملت <ريتشارد> ان تستمر بلادها في دعم المؤسسات اللبنانية ولاسيما العسكرية منها معتبرة ان التطورات التي شهدتها المنطقة أثرت سلباً على لبنان، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً <وظُلم> لبنان ــ حسب رأيها ــ في الحروب التي دارت في جواره، مبدية <تفهماً> للاعتبارات السياسية التي يتحرك المسؤولون اللبنانيون من خلالها، مع إشارتها الى <ضياع> فرص كثيرة كان يمكن الاستفادة منها لولا الأخطاء التي حصلت في ادارة شؤون البلاد.

ثلاث سنوات ونصف السنة، تقول <ريتشارد>، انها أمضتها في لبنان ستبقى في بالها وقلبها وعقلها لأنها كانت <تجربة مهمة> في حياتها الديبلوماسية جمعت فيها الكثير من المعطيات والمعلومات، والتقت بأشخاص يختلف بعضهم عن البعض الآخر، لكنهم يلتقون في نقاط معينة بعضها سلبي <مثل حب الذات والرأي الواحد>، ومنها ايجابي <مثل قناعتهم بأن التركيبة اللبنانية مثالية ويمكن تعميمها مع تطويرها> على دول أخرى لاسيما في الشق الايجابي منها. وهذه التجربة ستعبر عنها في التقرير التقييمي الذي ستعده للادارة الأميركية عن تجربتها في السنوات الثلاث والنصف التي أمضتها في عوكر ليستفيد منها السفراء الذين يمكن أن يتوالوا على لبنان، ولتأخذ منها الادارة الأميركية معطيات تساعدها على رسم سياستها المستقبلية تجاه لبنان.

<اليزابت ريتشارد> كانت سفيرة صديقة للبنان، وهي قالت إن حبها لهذا البلد سيبقى معها وستكون سفيرة له من دون حقيبة ديبلوماسية حيثما تحل!