تفاصيل الخبر

اليوبيل الفضي لمعرض الكتاب الفرنسي في بيروت: هـــذه أبــــرز تـحـديـــــــات الـــــدورة... وهـــــذا جديـدهــــــا!

09/11/2018
اليوبيل الفضي لمعرض الكتاب الفرنسي في بيروت:  هـــذه أبــــرز تـحـديـــــــات الـــــدورة... وهـــــذا جديـدهــــــا!

اليوبيل الفضي لمعرض الكتاب الفرنسي في بيروت: هـــذه أبــــرز تـحـديـــــــات الـــــدورة... وهـــــذا جديـدهــــــا!

 

 

بقلم عبير انطون

الموعد الثقافي لـ<معرض الكتاب الفرنسي> في موسمه الخامس والعشرين لم يتغير، وما تغير هو المكان بحيث انتقل من الواجهة البحرية الى <بيال - التحويطة> - (فرن الشباك) الأمر الذي حمّله البعض معاني ورمزيات تخطت اللقاء الثقافي. المعرض الثالث عالميا للكتاب الفرنسي بعد معرضي باريس ومونريال في بيروت دخل هو أيضا بوابة العصر الرقمي بحيث انضوى تحت العنوان العريض للمهرجان <الثقافة الرقمية> وان اعتبر رئيس نقابة مستوردي الكتب مارون نعمة ان استيراد الكتب مهدد امام الهجمة الرقمية، وتحدث عن الذكاء الاصطناعي والتحديات أمامه، ودور مستوردي الكتب في توسيع الرؤية لدى القارئ...

 

مبادرة فريدة...!

 

مذ انشئ منذ خمسة وعشرين عاما مع انتهاء الحرب في لبنان يسعى صالون الكتاب الفرنسي الى تجديد نفسه في عاصمتنا عاما بعد عام وقد اعتبره السفير الفرنسي <برونو فوشيه> مبادرة فريدة في المنطقة. الشباب والعصر ركيزة اساسية يبنى عليها المعرض لاستمراره اذ انه يستقبل نحو٢٠ ألف تلميذ من المدارس الرسمية ونحو ٨٠ ألف زائر، من دون ان يعفي ذلك القارئ بحسب السفير أيضا من الوقت اللازم لقراءة الكتب، خصوصا كلاسيكيات الفرنكوفونية.

 ومع السياسة الفرنكوفونية الجديدة التي يسعى الرئيس الفرنسي الشاب <ايمانويل ماكرون> الى تحديثها واطلاقها بقوة، فإنها تجد في لبنان طبعا الأرض الخصبة لها، فتاريخه طويل مع الفرنكوفونية اذ كان عضوا مؤسسا في العام 1970 لـ<وكالة التعاون الثقافي والتقني> التي أصبحت في ما بعد <المنظمة العالمية للفرنكوفونية>، كما استضاف لبنان <القمة التاسعة للفرنكوفونية> في بيروت في شهر تشرين الاول/ اكتوبر من العام 2002 وبعد ذلك بسبع سنوات <الموسم السادس للالعاب الفرنكوفونية> وتم توقيع الشرعة اللغوية فيه في العام 2010. كل ذلك يجري من دون اغفال دور بيروت كمسرح للعديد من الاحداث الثقافية الفرنسية المهمة اذ تحتفل العاصمة وعلى مدى شهر من كل عام بشهر الفرنكوفونية في تعاون مع وزارة الثقافة وبالشراكة مع مختلف السفارات الفرنكوفونية ومع الوكالة الجامعية للفرنكوفونية. كذلك فإن <ليلة المتاحف> وهي مبادرة اطلقت لهذه المناسبة فإنما تستقبل في كل عام منها اكثر من ثلاثمئة الف زائر. وخلال <القمة الفرنكوفونية>  في العاصمة الأرمينية <يريفان> انتخب الرئيس ميشال عون لنيابة رئاستها مشددا على ان الفرنكوفونية في لبنان اكثر من لغة، انما هي حالة ذهنية.

اما في الأرقام فان لبنان الذي يضم 1265 مدرسة رسمية فإن 727 منها فرنكوفونية اي ما يزيد عن 57,8 من النسبة الموجودة، فيما ينضوي في القطاع الخاص 1629 مدرسة بينها 615 فرنكوفونية اي ما يزيد عن 37,7 بالمئة. وعلى 328,040 تلميذا في القطاع العام هناك 189,045 منهم فرنكوفونيون اي ما نسبته 57,63 بالمئة، أما في القطاع الخاص فالنسبة تصل الى 48,62 بالمئة. وفي ما خص الجامعات فإن الفرنكوفونية منها عديدة، اولها <جامعة القديس يوسف> التاريخية، فضلا عن سبع جامعات اخرى تعتمد اللغة الفرنسية أيضا كالجامعة اللبنانية و<جامعة الروح القدس> - الكسليك و<جامعة الحكمة> و<جامعة البلمند> و<الجامعة الانطونية> فضلا عن <جامعة بيروت العربية> و<الجامعة الاسلامية في لبنان>. كذلك، فإن بعض الجامعات التي تدرس موادها باللغة الانكليزية كجامعة <اي يو اس تي> مثلا خصصت لها فروعا فرنكوفونية تلبية للحاجة في المجال. من ناحيتها كان لجامعة الـ<ESA> التي اسستها فرنسا في لبنان العام 1996 دور كبير في جذب الطلاب الفرنكوفونيين الذين كانوا ينوون اكمال دراستهم في الجامعات التي تدرس باللغة الانكليزية.

وهنا، لا بد من الاشارة الى ان ثلاثمئة من هؤلاء الطلاب الفرنكوفونيين يساهمون في اختيار جائزة <غونكور> للشرق بحيث يشاركون مع طلاب آخرين من عشر جامعات فرنكوفونية منتشرة في الشرق الاوسط في اختيار من يستحقون الوصول الى النهائيات، فيتبادلون على مدى شهرين قراءة الكتب للمؤلفين المشتركين ويختارون في كل جامعة رئيسا للحكام يمثل جامعته في لجنة التحكيم الكبرى التي تنعقد من ضمن فعاليات صالون الكتاب الفرنسي في بيروت. اعلان الجائزة لهذا العام سيكون بحضور الكاتبة الفرنسية <فيرونيك أولمي> الفائزة العام الماضي عن روايتها <بخيتة> التي صدرت ترجمتها العربية عن <دار المعلم>، مع الاشارة الى ان البلدان المشاركة في هذه الجائزة هي: السعودية للمرة الاولى، جيبوتي، مصر، الإمارات، إيران، فلسطين، الأردن، لبنان، السودان، سوريا، اثيوبيا، والعراق...

والتشريع ايضا...!

 

 وقد يكون لاختيار وزير العدل في حكومة تصريف الاعمال سليم جريصاتي لتمثيل الرئيس عون لافتتاح المعرض رمزية تعود الى العلاقة اللبنانية - الفرنسية من حيث النظام القضائي اللبناني حيث ان الكثير من القوانين اللبنانية مستوحاة من القوانين الفرنسية بشكل خاص في مجال قانون الاحوال الشخصية او التجارة وغيرها، حتى ان اي دراسة للقانون في لبنان لا نجدها بعد خارج الجامعات الفرنكوفونية كالجامعة اللبنانية مثلا.

الوزير جريصاتي استعاد ما عبّر عنه الرئيس عون في <مؤتمر القمة الفرنكوفونية> في <يريفان> عن الثوابت اللبنانية خصوصا ان لبنان حظي باستقبال <المكتب الإقليمي للفرنكوفونية>، وشدد على انضمام لبنان الطبيعي الى العالم الفرنكوفوني والدور الذي أولي له لنشر الفرنكوفونية من لغة وثقافة وقيم.

كذلك تناول جريصاتي الصداقة اللبنانية - الفرنسية، وأكد باسم الرئيس عون ان فرنسا، مع تسلم الرئيس <ماكرون>، استعادت دورها كصديق غير مشروط للبنان حاضرة لحاجاته وانتظاراته، وتأخذ المبادرة عندما تحيط المخاطر ببلاد الأرز في هذه المنطقة المتأججة، وتساهم بفعالية في حل المشاكل البنيوية لاقتصاده، و<مؤتمر سيدر> خير دليل على ذلك، معتبراً ان حمّى انتظار تأليف الحكومة استحقاق أساسي في حياة البلد، وان فرنسا لديها مخاوف من تداعيات هذا الانتظار.

بلجيكا الصغيرة تكبر!

 

 وزيرة الثقافة والطفولة والتربية البلجيكية <ألدا غريولي> الحاضرة ايضا شكرت لبنان والقيمين على المعرض الذي اتاح من خلاله لجناح الكتاب البلجيكي ان يكبر خاصة ان ما يجمع البلدين هو حب القراءة والتبادل، معلنة عن قرارها بأن يحصل كل مولود جديد في بلجيكا على الكتاب، والهدف منه ان يكون في كل بيت كتاب يلمسه الطفل ثم يفتحه ويسمع القصة من أهله. وتحدثت عن قانون صدر في بلجيكا يحمي الكتاب والمؤلف والناشرين.

 حرية التعبير!

الجولة على المعرض لهذا العام كانت لافتة على أكثر من صعيد. على الستاندات المختلفة صور كبيرة على شكل لوحات مدلاة، تحمل في كل واحدة منها صورة من بلدة او ضيعة لبنانية يرافقها تعليق عن المكان واهميته التاريخية كبعلبك وعنجر وجبيل وغيرها، وكأنما هي فرصة للمثقفين ايضا لفتح آفاق سياحية ترافق نشاطات المعرض.

كذلك يلحظ الصالون للمرة الاولى جناحا مخصصا للكتب العربية المترجمة عن اللغة الفرنسية، وفيه ايضا جناحات للسينما والمحترفات للصغار والكبار. مديرة <المركز الثقافي الفرنسي> <فيرونيك اولانيون> تشدد من ناحيتها على هذه <الفيترينة للادب الفرنسي في تنوعه>، وتشير لنا الى جديد المهرجان من حيث الاسماء الكبيرة المشاركة فيه، والآتية بشكل خاص من المغرب وافريقيا، مدلّلة على نقطة فائقة الاهمية الا وهي حرية التعبير الكاملة. وبرأي <اولانيون>، لا يمكن النوم على الأمجاد التي حققها المعرض في تكوين جمهور وفيّ له، حتى ولو كان هذا الجمهور متطلبا، انما الهدف منه اليوم هو التطلع صوب آفاق مستقبلية بينها التعددية اللغوية، الثقافات الرقمية، والمواضيع الجديدة التي تشكل مدار اهتمام الشباب، وتنقل <اولانيون> عن <جوليان غرين> قوله ان <الكتاب هو نافذة مفتوحة على العالم>، ومن هنا فان رسالة المعرض هي ان ننظر الى العالم المعاصر وجها لوجه، وهو عالم متحرك، موسوم بزيادة التوترات و<الشعبويات>.

وبواقعية شديدة تضيف مديرة <المركز الفرنسي>: مواجهة الحاضر تتطلب اولا الاعتراف بان الفرنكوفونية لا تطال كل اللبنانيين لذلك كان لا بد من مد جسور للوصول الى جمهور اللغة العربية، ومن هنا كان خيارنا في السنوات الأخيرة توسيع الناشرين العرب (استضافة خمسة عشر ناشرا باللغة العربية) علّ المعرض يكون مكانا للقاء ما بين الناشرين الفرنكوفونيين والناشرين العرب ما يشكل وسيلة تفتح الافق نحو ترجمات او نشر باللغتين، ومن هنا ايضا كانت اقتراحاتنا بالقيام بنشاطات مختلفة لجمهور غير الفرنكوفونيين من خلال امسيات موسيقية او محترفات للاطفال، فالفرنكوفونية برأيي تضحي اكثر قوة عندما تكون مفتوحة على لغات أخرى.

وفي مواجهة الواقع ايضا، تضيف <اولانيون> كان لا بد من ادخال التقنيات الرقمية في قلب المعرض، ليس كذئب بين الخراف او كوسيلة مصطنعة لجذب الشباب، بل كمعطى بناء في عالمنا الفكري الجديد الاجتماعي والثقافي والذي يجب وضعه في خدمة الانسان. فالعالم الرقمي، وعلى الرغم من مخاطره العديدة بينها الادمان على مواقع التواصل او حتى تنمية معلومات خاطئة واضعة الديمقراطيات في خطر، فانه من ناحية اخرى وسيلة لابداعات جديدة وادوات حديثة في خدمة القراءة والتربية، من هنا كانت اهمية طرحه في هذا الصالون وفتح النقاش حوله على مساحة 100 متر مربع ما يسمح بإبراز المواهب الشابة من اللبنانيين في هذا المجال واستضافة اكبر المفكرين الفرنسيين في عالم التكنولوجيا.

تفاعــــــــل!

 

 وفي المجال الرقمي استرعى انتباهنا ما يقدمه جناح <المركز الثقافي الفرنسي> في بيروت للكبار والصغار. عنه سألنا شربل كرم المسؤول عن الجناح فشرح لـ<الافكار>:

 - لا يمكن لأي منا التغاضي عن الثورة الرقمية، وكان لا بد للكتاب ان يواكبها. من هنا كان التكامل بين الكتاب واللوحات الرقمية بحيث يمكن للطالب او الراشد في سن معينة ان يفتح هاتفه او جهازه ويقرأ الكتاب في آن معا، فيواكبه هذا بالصور او المعلومات او الاسئلة الموجودة عليه من خلال تطبيقات معينة. اما في جناح الكبار فيمكن لهؤلاء ان يشاركوا في سياق القصة وشخصياتها واحداثها كأن يطلب منهم التعليق او اكمال القصة بالطريقة المناسبة بحسب رؤيتهم الخاصة، او يمكن ايضا أن تُطرح اسئلة مختلفة تؤجج فيهم الفكر الناقد ما يشكل تفاعلا رائعا ما بين الكتاب والقارئ تؤمنه له الـ<ابليكايشن> التي ينزلها المهتم على هاتفه او لوحته الرقمية، وهذه لا تكون مفيدة بذاتها إلا اذا تمت مواكبتها بقراءة الكتاب.

سينما... وأكثر!

 

 الى الجناح الرقمي ولقاءات ابرزها مع الكتاب <ستيفان ناتكين>، و<ريمي ريفيل> و<دومينيك كاردون>، جناح خاص بالرسوم المصورة. وفي المعرض ايضا ندوات وحلقات النقاش وورش عمل وانشطة مسرحية وسينمائية <مغامرات سبيرو وفانتازيو> للمخرج <ألكسندر كوفر> الذي يعرض للمرة الاولى في لبنان، فضلا عن الموسيقى، وتتوزع العروض الموسيقية والمسرحية والرقص والمحاضرات واللقاءات على كل من <مسرح بالاس> في الحمرا و<مسرح مونو> و<سينما متروبوليس> في الأشرفية و<ستايشن> (جسر الواطي) و<المعهد الفرنسي> في بيروت...

كذلك لا بد من الاشارة الى جناح مهني خاص وذلك بناء على طلب من الرئيس <ايمانويل ماكرون> لـ<المركز الثقافي الفرنسي> في باريس يهدف الى فتح المجال الادبي الفكري والتحريري الفرنسي من خلال وضع شبكة تواصل بين جميع الفاعلين في قطاع الكتب والذين يتشاركون اللغة الفرنسية، ولهذا السبب ستتشكل عدة لقاءات مع مختلف الفاعلين على صعيد الكتاب اللبناني.

 اما التواقيع للاصدارات الجديدة فانها عديدة، بينها توقيع وندوة نقاشية حول كتاب <في رأس بشار الأسد> الصادر عن <دار أكت سود> الفرنسية لصبحي حديدي وزياد ماجد وفاروق مردم بك، فيما يتحدث الروائيان خالد خليفة ونجوى بركات حول <الحميمية والسياسة> في ندوة تديرها جورجيا مخلوف، يتبعها توقيع خليفة لكتابه <الموت عمل شاق> المترجم حديثًا إلى الفرنسية...

 كذلك يكرّم اللقاء الثقافي الصحافي والخبير السياسي أنطوان صفير وإيمي سيزار، أحد أبرز وجوه تيار <الزنجية> في الشعر الفرنكوفوني ورمز الحركة المناهضة للاستعمار، كما تكرم إدارة المعرض بعض من رحلوا هذا العام من رواد الأدب والشعر والمسرح مثل الروائية اللبنانية إميلي نصر الله ورائد المسرح اللبناني منير أبو دبس، ومن ضيوفه أيضا جبور الدويهي والياس خوري وفواز طرابلسي ونايلة تمرز ووسام سعادة.

كذلك يقدم المعرض لفتة حلوة الى بعض الأسماء الشهيرة في عالم الأدب والصحافة والسينما عبر إطلاق أسماء على القاعات مثل نادين لبكي، كتحية من القائمين على المعرض إلى المخرجة التي نالت جائزة لجنة التحكيم في <مهرجان كان السينمائي> عن فيلمها <كفرناحوم>.

 حتى الاحد 11 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري يستمر المعرض فاتحا ذراعيه، وكان استقبل العام الماضي اكثر من 80 الف زائر، فيما اكثر من 180 كاتبا سيشاركون هذا العام فضلا عن 60 عارضا، ويتخلله تقديم 5 جوائز ادبية تشكل من ناحيتها حافزا لابداع جديد مع كل موسم.