[caption id="attachment_84551" align="alignleft" width="427"] رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل وأمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في أحد اللقاءات.[/caption]
كان "رئيس التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل صريحاً عندما أعلن غداة فرض العقوبات الأميركية عليه بتهمة الفساد، ان السبب الرئيسي للقرار الأميركي يعود الى رفضه التجاوب مع السعي الأميركي لقطع علاقة "التيار" بحزب الله وإعادة النظر بــ "التفاهم" الذي يجمع الفريقين السياسيين القويين في البلاد منذ شباط (فبراير) 2005. يومها شرح باسيل الأسباب التي تدفعه الى عدم فك التحالف مع حزب الله، معتبراً ان المصلحة الوطنية تقتضي باستمرار هذا "التفاهم" ومميزاً بينه وبين "التحالف".. لكن باسيل صارح اللبنانيين يومها، ليسمع الاميركيون، بأن "التفاهم" بحاجة الى إعادة تقييم بعد مرور 15 سنة على التوصل اليه بين العماد ميشال عون يوم كان رئيساً لــ"التيار" والأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله حيث وقع الرجلان في كنيسة مار مخايل عند خطوط التماس بين الضاحية الجنوبية ومنطقة عين الرمانة، وثيقة التفاهم بكل بنودها.
ويبدو أن ما التزمه باسيل بإعادة النظر في "التفاهم" لجهة تطويره وتحديثه، بدأ عملياً منذ أسابيع بين التيار البرتقالي والحزب الأصفر على قاعدة "توطيد" العلاقات بين الطرفين، وليس على خلفية التباعد او القطيعة. وثمة من يرى ان الحملة الأميركية على باسيل والتي عززتها تصريحات السفيرة الأميركية في بيروت "دوروثي شيا"، "وطدت" العلاقات بدلاً من "نسفها" كما كان يرغب الاميركيون خصوصاً بعدما بلغ الاحتقان قبل العقوبات على باسيل حداً مرتفعاً بين قاعدة "التيار" وجمهور الحزب وبلغ الذروة لدى مقاربة ملف الحكومة المتعثرة ومن بعدها ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية التي انطلقت مفاوضات غير مباشرة من اجلها في مقر القيادة الدولية في الناقورة باشراف أميركي واستضافة دولية.....
يعرف الاميركيون الأسباب الحقيقية لفرضهم عقوبات على باسيل الذي رد على العقوبات بالسعي الى تطوير "تفاهم" شباط (فبراير) وإدخال بعض التعديلات عليه، لاسيما وان "ورقة التفاهم " تضمنت تفاهمات على 10 عناوين أساسية هي: الحوار، والديمقراطية التوافقية، وقانون الانتخاب، وبناء الدولة، والمفقودون خلال الحرب، واللبنانيون في إسرائيل، والمسألة الأمنية، والعلاقات اللبنانية السورية، والعلاقات اللبنانية - الفلسطينية، وحماية لبنان وصيانة استقلاله وسيادته.
وترى مصادر "التيار" انه آن الأوان بعد نحو 15 عاماً على اعلان ورقة التفاهم، لتطويرها ومراجعتها وتحديثها بما يتلاءم مع الزمن الحالي، وقد تم تشكيل لجان من الطرفين لمتابعة الموضوع على ان تبقى كل المداولات بالوقت الحالي بعيداً عن الاعلام لضمان نجاح المهمة.
وتأخذ قيادة "الوطني الحر" وفق المصادر نفسها على الحزب عدم ملاقاتها بالجدية المطلوبة بعملية مكافحة الفساد وغيرها من العناوين التي تعتبرها أساسية لبناء الدولة المنشودة و"العتب" على الحزب هو لكونه لم يلاق التيار بجدية في بناء الدولة ومحاربة الفساد وتحقيق استقلالية القضاء وتقوية المؤسسات وفي عملية الإصلاح الاقتصادي. وتضيف مصادر "التيار" انها مقتنعة بمناعة لبنان تجاه الاعتداءات الإسرائيلية والخطر التكفيري، لكن الدولة القوية من الخارج يجب ان تكون قوية أولاً من الداخل والا تصبح هشة لأنها اشبه بقشرة خارجية داخلها ضعيف والسعي الذي يهدف اليه "التيار" تحقيق التوازن بين المناعة الداخلية، وتلك الخارجية.
حزب الله: التفاهم قائم
في المقابل ترى مصادر في حزب الله ان "التيار" غير محق في حديثه عن وجود تقصير لدى الحزب في عملية مكافحة الفساد، لأن الحزب كان - حسب هذه المصادر- السبّاق باللجوء الى القضاء في هذا الملف سواء بما يتعلق بالفساد المالي او الإداري، كما انه لم يتوان يوماً عن السير في إقرار القوانين اللازمة في هذا الخصوص لكن الحزب يبدو متفهماً اكثر من أي وقت مضى لبعض اعتراضات التيار، خاصة بعد العقوبات الأخيرة على رئيسه. وفي هذا المجال تقول المصادر إن هذه العقوبات أعطت قوة جديدة للتفاهم الذي كان ولا يزال قائماً وثابتاً ومستمراً.... وأصلاً لولا أهمية هذا التفاهم لما وضعوا كل هذا الجهد لفرطه ولما فرضوا عقوبات على الوزير باسيل.
وتكشف المصادر أن إعادة النظر بورقة التفاهم، لا تزال في مرحلتها الأولى أي باطار عملية داخلية سواء في التيار او الحزب ولم تصل لمرحلة اجتماع اللجان لافتة الى قراءة يجريها كل طرف على حدة على ضوء المتغيرات والاحداث التي حصلت في السنوات الـــ 15 الماضية لتحديد النقاط القديمة التي تخطاها الزمن وتحتاج للتعديل، والنقاط التي يتوجب اضافتها للورقة، وبعد ان يحضر كل فريق ورقته عندها يتم الاجتماع ورفع التوصيات للقيادتين.
وتكشف المصادر أنه وبالتزامن مع اطلاق عملية إعادة النظر بورقة التفاهم، تم تفعيل آلية تنسيق العمل النيابي والوزاري بين الحزب والتيار، بحيث لا يتفاجأ أي طرف باقتراحات ومشاريع قوانين قدمها الطرف الآخر خلال جلسة للهيئة العامة او خلال جلسة لمجلس الوزراء، فيتم النقاش بها بوقت سابق قبل تقديمها، ويؤكد اكثر من طرف ان العلاقة لا تزال قوية ومتينة بين التيار والحزب رغم بروز بعض التباينات أحياناً، وقد شكلت العقوبات الأميركية على رئيس التيار جبران باسيل دافعاً لتعزيز العلاقات وتمتينها.