تفاصيل الخبر

التصلب اللويحي يصيب متوسطي العمر والنساء أكثر عرضة للاصابـــة مــن الرجــال!

28/12/2018
التصلب اللويحي يصيب متوسطي العمر والنساء أكثر عرضة للاصابـــة مــن الرجــال!

التصلب اللويحي يصيب متوسطي العمر والنساء أكثر عرضة للاصابـــة مــن الرجــال!

بقلم وردية بطرس

حتى هذا اليوم لا يوجد سبب واضح ومباشر لمرض التصلب اللويحي، ولكن بعض الدراسات تربط بين عوامل عدة قد يتسبب اجتماعها في ظهور هذا المرض حيث تشير الفرضيات الى ان اصابة المريض بعدوى فيروسية او بكتيرية، مع وجود عوامل بيئية معينة، وقابلية جينية لدى المريض قد تفضي الى خلل ذاتي في المناعة يؤدي الى تدمير <الميالين> وظهور المرض. أما العوامل والأسباب فهي أولاً العوامل الجينية: اذ تشير الدراسات الجينية الى ان نسبة التوافق في الاصابة بمرض التصلب اللويحي عند التوائم أحادي الزيجوت (من ذكر وأنثى) تتراوح بين 20 الى 35 بالمئة، مما يشير الى ان العوامل الجينية في هذا المرض ذات تأثير متوسط، اي ان الاصابة بالمرض بوجود العوامل الجينية وحدها دون عوامل مرافقة مستبعدة، وترفع الاصابة بالمرض عند أحد أفراد العائلة فرصة الاصابة به الى سبعة أضعاف عند باقي أفراد العائلة. ثانياً العوامل البيئية: تلعب الجغرافيا دوراً ملحوظاً في التسبب بمرض التصلب اللويحي بصورة غير مفهومة تماماً، حيث تقل فرصة الاصابة بمرض التصلب اللويحي في المناطق الاستوائية، بينما تزداد في شمال الكرة الأرضية وجنوبها. كما ان للعرق تأثيراً مهماً حيث تقل فرصة الاصابة بالمرض عند شعوب الاسكيمو وذلك قد يكون بسبب عوامل جينية وراثية. كذلك لنقص فيتامين <د> على تنظيم عمل المناعة تأثير إذ ان هذا الفيتامين يزيد من مستويات السيتوكينات المضادة للالتهاب ويقلل من مستويات السيتوكينات المحفزة للالتهاب، ما يعني ان زيادة فيتامين <د> تقلل فرصة الاصابة بمرض التصلب اللويحي، الأمر الذي قد يُفسر العوامل البيئية التي تتسبب بالمرض، ذلك أن سكان المناطق الاستوائية يتعرضون لمقدار أكبر من اشعة الشمس المهمة لتصنيع فيتامين <د> مقارنة بسكان المناطق الشمالية والجنوبية. وللقصور الوريدي النخاعي المزمن تأثير أيضاً اذ تشير بعض الفرضيات الجدلية الى وجود علاقة بين بعض حالات التصلب اللويحي وبين أسباب وعائية دموية، اذ بينت بعض الدراسات ان القصور الوريدي النخاعي المزمن يؤدي الى تراكم الحديد في نسيج الدماغ، ولكن تفتقر هذه الفرضية الى الأدلة الكافية والقوية طبياً حيث لا تزال فرضية المناعة الذاتية هي الأقوى والأكثر قبولاً.

التصلب اللويحي مرض مزمن مناعي ذاتي

ويعتبر مرض التصلب اللويحي مرضاً مزمناً مناعياً ذاتياً اذ يهاجم جهاز المناعة الخلايا العصبية في الدماغ والحبل الشوكي والعصب البصري، وينتج مرض التصلب اللويحي عن مهاجمة جهاز المناعة لمادة <الميالين> العازلة التي تلفّ امتدادات خلايا الجهاز العصبي المركزي ما يؤدي الى حدوث أضرار في الأنسجة وفي عملية نقل الاشارة العصبية من الدماغ الى مختلف أعضاء الجسم. ويصيب مرض التصلب اللويحي نحو 2.3 مليون شخص في العالم اي بمعدل شخص بين كل 3000 شخص، ويتضاعف احتمال الاصابة بالمرض عند النساء مقارنة بالرجال، ويتم تشخيص المرض في العادة بين العشرين والأربعين عاماً. أما في لبنان فيقدر عدد المصابين بالتصلب اللويحي تقريباً بين 1300 و1700 مصاب، وتتضاعف نسبة النساء المصابات مقارنة بالرجال المصابين بالمرض، وتظهر العوارض الأولى للمرض عند نسبة 62.4 بالمئة من المصابين في لبنان في المرحلة العمرية التي تتراوح بين 20 و39 عاماً، وتختلف عوارض التصلب اللويحي بين مريض وآخر، اذ يعاني مرضى التصلب اللويحي عوارض عدة ومنها: الشعور بالتعب والألم، مشاكل في التوازن وفي التركيز، فقدان البصر، مشاكل في المثانة، الشعور بالضعف، الشعور باضطرابات جنسية وغيرها... وتتنوع مسارات المرض ومنها التصلب المتعدد المترّقي الأوّلي والتصلب المتعدد المتكرر الانتكاسي.

ووفقاً لمديرة <روش> في لبنان السيدة ألفت فان مريض التصلب اللويحي بحاجة الى علاجات آمنة وفعالة تحد من نشاط المرض وتطوره، ويمكن استخدامها في المراحل المبكرة للمرض، اذ تعتبر العلاجات التقليدية آمنة غير انها لا تحد كثيراً من تطور العجز عند أكثرية المرضى، لذا هناك حاجة الى تطوير أدوية وعلاجات جديدة آمنة وفعالة تعزز السيطرة على المرض بمنافع أكبر ومضاعفات أقل. مع الاشارة الى توافر علاجات جديدة اليوم في مواجهة نوع التصلب المتعدد المترّقي الأوّلي، بينما لم تتوافر في الماضي علاجات ضد هذا النوع من المرض. وتجدر الاشارة الى انه خلال ندوة طبية تمت تجربة الواقع الافتراضي وهي تقنية من بريطانيا استخدمها المشاركون في الندوة ليعيشوا تجربة المرض من خلال ارتداء الكف والقناع الخاص، اذ يرى الشخص الأحرف غير واضحة وهكذا يعيش الشخص غير المصاب عوارض التصلب اللويحي، ثم يطلب من الأشخاص ري نبتة وكيف يتم ذلك من دون المرض ومع عوارضه، وكان الهدف من هذه التجربة ليس فقط التوعية حول المرض، انما اختباره من خلال عيش جزء بسيط من العوارض التي يعيشها المريض.

مسار مرض التصلب اللويحي

يختلف مسار المريض المصاب بالتصلب اللويحي، وعادة هذا الأمر لا يحدد منذ بداية المرض انما يعتمد على الانتكاسات التي تحدث في ما بعد ليتحدّد النوع.

1 ــ <Relapsing- Remitting> وهو ما يحدث عندما يتعرض الشخص لانتكاسة تتأثر من خلالها وظيفة معينة من وظائف الجهاز العصبي، وبعد فترة تعود الأمور لطبيعتها حيث يكون المريض طبيعياً بين الانتكاسات بدون بقايا خلل وظيفي.

2 ــ <Secondary Progressive> وفي هذه الحالة يبدأ المرض كما في النوع الأول لكن مع مرور الوقت تترك هذه الانتكاسات آثاراً ولا تتعافى تماماً مما ينتج عنه تأثير تراكمي للخلل في وظيفة الجهاز.

3 ــ <Primary Progressive> في هذا النوع منذ أول انتكاسة يكون هناك خلل وظيفي في الجهاز العصبي ولا يعود لطبيعته ويستمر في الازدياد التدريجي مع الوقت دون حدوث انتكاسات أخرى حادة.

4 ــ <Progressive Relapsing> في هذه الحالة يكون التأثير واضحاً منذ أول انتكاسة بحيث لا تعود الوظيفة لطبيعتها تماماً وتبقى آثار الضعف موجودة وفي كل مرة تحدث انتكاسة يكون هناك أثر تراكمي وما بين الانتكاسات لا تعود الوظيفة العصبية لطبيعتها تماماً. وهناك نسبة 15 بالمئة تقريباً من المرضى لا يُصابون بانتكاسة ثانية بعد الأولى التي تم تشخيص المرض بها، واذا مرت على المرض 15 سنة دون اصابة أخرى ودون وجود آثار لأول انتكاسة أصيب بها المريض فانه يعتبر حميداً.

الاختصاصي في الأمراض العصبية الدكتور ناجي رياشي وأهمية الكشف المبكر للمرض

فالى اي مدى يساعد الكشف المبكر لمرض التصلب اللويحي في الحد من عوارضه والاعاقة؟

في ذلك يقول الاختصاصي في الأمراض العصبية الدكتور ناجي رياشي وهو رئيس <قسم الأعصاب> في <المركز الطبي للجامعة اللبنانية الأميركية ــ مستشفى رزق>:

- ان قياس نشاط المرض معقد نسبة الى تعدد العوارض والعلامات، إذ يختلف نشاط المرض بين مصاب وآخر، ويكون نشاط المرض ظاهراً في بعض الفترات من خلال وجود علامات وعوارض، بينما يكون نشاط المرض كامناً او مستتراً في فترات زمنية أخرى ويتم الكشف عنه من خلال استخدام الفحص السريري وأجهزة طبية متخصصة مثل التصوير بالرنين المغناطيسي.

ونشير في هذا الصدد الى أهمية الكشف المبكر للمرض والتدخل المبكر للحد من نشاط المرض وتطور الاعاقة، فكلما تأخر العلاج، كلما اشتدت العوارض والاعاقة وتراكمت المضاعفات السلبية، لذا يشكل الوقت عاملاً مهماً وأساسياً في السيطرة على مرض التصلب اللويحي ونشاطه، ولا يوجد علاج شاف من المرض بل تعتمد آلية العلاج على الأدوية التي تخفف عوارض المرض، وعلى الأدوية التي تعدّل مسار المرض.

العوارض

وعن العوارض يقول الدكتور رياشي:

- بالنسبة للعوارض فيشعر المصاب بالتصلب اللويحي بالتنميل، وعدم الاتزان بالأطراف، والتعب، ومشاكل تؤثر على الذاكرة، ووجع، ورجفة، وتشنج. وما يحدث في البداية هو التهاب عصبي بصري يتبعه ضعف اما باليدين او القدمين او طرف واحد في الجسم، والوجع الذي يشعر به المصاب هو ناتج عن التنميل. انه مرض مزمن ومرض تحدث فيه التهابات حيث تصبح المناعة غير قوية مما يؤثر على المصاب، وتزداد العوارض مع الوقت فتظهر الاعاقة وعندئذٍ تؤثر على نوعية حياة المريض. واليوم هذا المرض منتشر في العالم ونسبة الاصابة به عالية اذ تصل تقريباً الى 2 مليون في العالم.

العلاجات المتوافرة

وعن العلاجات يشرح الدكتور رياشي:

- لقد أجريت أبحاثاً على المرضى المصابين بالتصلب اللويحي وتبين انه تحدث اعاقة عند الاصابة بهذا المرض مما يؤثر على المريض وعلى سلوكه. أحياناً تكون هناك اعاقة فكرية او ذهنية، وبما يتعلق بالاعاقة فأحياناً يكون اول عارض يتعلق بالذاكرة او الفكر اذ لا يقدر المريض ان يعرف ماذا يحصل معه، وانه يجب عليه ان يطلب استشارة الطبيب للتحدث عن المشكلة لمعالجتها. والتصلب اللويحي يؤدي الى الاعاقة عند الأطفال بشكل خاص. وبالنسبة للمرض فكما ذكرت سابقاً انه قبل ان تصبح العلاجات متوافرة، كان المرض يودي بصاحبه الى الاعاقة، وبالتالي كان على المريض اما ان يستعمل العصا للتنقل من مكان لآخر او انه كان يلازم فراشه، كما ان المريض كان يتعرض للنكسة بنسبة عالية مما يسبب له مشاكل عديدة بما يتعلق بنوعية الحياة. ولا يغيب عن البال بأن العلاج مكلف لمختلف المجتمعات وحتى في المجتمعات الأوروبية تكون الكلفة عالية خصوصاً عندما يتطور المرض، وهناك كلفة مباشرة وكلفة غير مباشرة والتي يجب اضافتها لهذا العامل اذ يهمنا كيف نتابع المرض وماذا نعتمد من معايير لنتأكد ما اذا كان المرض يتطور ام لا.

وبالسؤال عن الأضرار التي يسببها التصلب اللويحي للجهاز العصبي يقول:

- ان مرض التصلب اللويحي متشعب ويصيب كل منطقة في جسم الانسان ومنها الجهاز العصبي، وبالتالي علينا ان نرى ما اذا كان المرض يتطور. بالنسبة للأضرار التي يسببها المرض بالجهاز العصبي، فاذا أخضعنا المريض لفحص <MRI> نتمكن من معرفة المناطق التي تتأثر من هذا المرض، اذ أحياناً تكون كامنة وأحياناً أخرى تكون ظاهرة. ثانياً ننظر الى الاعاقة التي يعاني منها المريض وما اذا كان يحتاج لاستخدام العصا او الكرسي النقال.

العوامل البيئية والجينية

وعن البيئة والعامل الجيني يشرح الدكتور رياشي:

- تجدر الاشارة هنا الى ان مرض التصلب اللويحي هو أكثر مرض يسبب اعاقة، وهناك معيار آخر هو المنطقة الجغرافية التي يسكن فيه الشخص اذ كما كان معروفاً ان الناس الذين يقيمون في المناطق الباردة في العالم تكون نسبة الاصابة بالتصلب اللويحي لديهم أعلى من غيرهم، ولكن اليوم نرى ان المرض يظهر بصورة أكثر في المناطق غير الباردة، اي في السابق كنا نرى ان هناك بلداناً ينتشر فيها المرض أكثر من البلدان الأخرى، ومنذ عشرين سنة كنا نعتبر ان نسبة المرض متدنية، ولكن الملاحظ انها تزداد وان لعامل البيئة او العامل الجيني تأثيراً في هذا الخصوص، فمثلاً اذا كان التوائم لديهما الجينات نفسها مثلاً صبي او بنت فاذا كان واحد منهما مصاباً بالتصلب اللويحي فان نسبة تعرض الآخر تكون 30 بالمئة وبالتالي العامل الجيني مهم في هذا الخصوص. واليوم نرى ان نسبة الاصابة بالتصلب اللويحي في ايران قد ازدادت، كما لاحظنا ان بعض البلدان شهدت ارتفاعاً ملحوظاً بنسبة الاصابة بهذا المرض، مثلاً لاحظنا بعد الحرب بين الكويت والعراق ان نسبة الاصابة بالمرض قد انتشرت اكثر ربما لأن الناس هناك تعرضوا لمواد كيمائية اي انهم تعرضوا للمواد نفسها ولهذا ظهر المرض في تلك البلدان بنسبة عالية.

نسبة الاصابة بالمرض في لبنان

وعن نسبة الاصابة بالتصلب اللويحي في لبنان يقول:

- أولاً يجب الاشارة الى ان الأشخاص بمتوسط العمر هم الأكثر عرضة للاصابة بالتصلب اللويحي، اذ يصيب المرض الأشخاص ما بين سن 20 و39، كما ان نسبة اصابة النساء بهذا المرض أعلى من الرجال. وفي لبنان يبلغ عدد الأشخاص المصابين بالتصلب اللويحي المسجلين بين 1300 و1700 مريض، ولكن النسبة الحقيقية هي أعلى بكثير لأنه قد تكون هناك حالات لم يتم تشخيصها بعد او ان المرضى لا يخضعون للعلاج، وبالتالي هناك حالات غير مسجلة ولهذا نعتبر ان العدد أكثر مما يُشار اليه.