تفاصيل الخبر

”التصلب اللويحي“ مرض عصبي مزمن يصيب الجهاز العصبي المركزي ويؤثر على الدمـاغ والحبـل الشوكـي!

28/06/2019
”التصلب اللويحي“ مرض عصبي مزمن يصيب الجهاز العصبي المركزي ويؤثر على الدمـاغ والحبـل الشوكـي!

”التصلب اللويحي“ مرض عصبي مزمن يصيب الجهاز العصبي المركزي ويؤثر على الدمـاغ والحبـل الشوكـي!

 

بقلم وردية بطرس

<التصلب اللويحي> هو مرض يؤدي في كثير من الأحيان الى الانهاك، اذ يقوم جهاز المناعة في الجسم باتلاف الغشاء المحيط بالأعصاب، ووظيفته حمايتها. هذا التلف او التآكل للغشاء يؤثر سلباً على عملية الاتصال ما بين الدماغ وبقية أعضاء الجسم. وفي نهاية المطاف، قد تُصاب الأعصاب نفسها بالضرر وهو ضرر غير قابل للاصلاح. أما عوارض <التصلب اللويحي> فهي مختلفة ومتنوعة حسب الأعصاب المصابة وشدة الاصابة. في الحالات الصعبة يفقد المرضى القدرة على المشي او التكلم. وأحياناً من الصعب تشخيص مرض <التصلب اللويحي> في مراحله الأولى لأن العوارض غالباً تظهر ثم تختفي وقد تختفي لأشهر عدة. وقد يظهر في أي عمر، لكنه في العادة مرض التصلب المتعدد يبدأ بالتطور ما بين 20 ــ 40 عاماً. كما ان المرض يصيب النساء بشكل أكبر من الرجال. ولا بد من الاشارة الى انه لدى الغالبية العظمى من المصابين يبدأ مرض <التصلب اللويحي> فجأة بعوارض منذرة، في مقدمها عوارض التهاب العصاب البصري التي تتمثل في غياب جزئي او كلي للرؤية لساعات وحتى أيام عدة ثم يعود بعدها النظر طبيعياً. ان 30 بالمئة من أولئك الذين اشتكوا من عوارض التهاب البصري تطور لديهم مرض التصلب بمرور خمس سنوات، في حين ان 50 بالمئة آخرين ظهر المرض عندهم بمرور 15 سنة. أما بالنسبة لمضاعفات <التصلب اللويحي>، ففي بعض الحالات يمكن ان تتطور لدى مرضى <التصلب اللويحي> أمراض أخرى مثل: قساوة/  تيبس العضلات او تشنج العضلات. الشلل وخصوصاً في الساقين. مشاكل في كيس المثانة أو في الأمعاء. مشاكل عقلية مثل النسيان او صعوبة التركيز او الاكتئاب. ومرض الصرع.

وتجدر الاشارة الى ان <الميالين> هي مادة دهنية تحيط بالمحور العصبي، وتكوّن طبقة عازلة كهربائية، وظيفتها تسهيل وتسريع انتقال السيال العصبي عبر أجسام العصبونات، والأمراض المزيلة لـ<الميالين> هي مجموعة من أمراض المناعة الذاتية والتي تعمل على مهاجمة وتدمير طبقة <الميالين> للخلايا العصبية في الجهاز العصبي المركزي دون اي تأثير يُذكر على الخلايا العصبية في الجهاز العصبي الطرفيّ، وأكثر هذه الأمراض شيوعاً هو مرض <التصلب اللويحي>، وهو ثاني أهم اسباب الاعتلال العصبي في مراحل الشباب المبكرة. أما وظيفة <الميالين> لدى الشخص السليم فهي ان الخلايا العصبية ترسل النبضات لبعضها البعض على طول الألياف الرقيقة التي تعلق على الجسم الخلايا العصبية، وبالتالي يخدم <الميالين> كغطاء وقائي او عازل يسمح للنبضات العصبية بالسفر بسرعة وفعالية.

أسباب الاصابة بـ<التصلب اللويحي>!

بالنسبة لأسباب الاصابة بـ<التصلب اللويحي> فحتى هذا اليوم لا يوجد سبب واضح ومباشر لمرض <التصلب اللويحي>، ولكن تربط بعض الدراسات بين عوامل عدة قد يتسبب اجتماعها في ظهور هذا المرض، حيث تشير الفرضيات الى ان اصابة المريض بعدوى فيروسية او بكتيرية، مع وجود عوامل بيئية معينة، وقابلية جينية لدى المريض قد تفضي الى خلل ذاتي في المناعة يؤدي الى تدمير الميالين وظهور المرض. وبالتالي العوامل والأسباب هي العوامل الجينية، اذ تشير الدراسات الجينية الى ان نسبة التوافق في الاصابة بمرض <التصلب اللويحي> عند التوائم أحاديي الزيجات تتراوح بين 20 بالمئة الى 35 بالمئة، مما يشير الى ان العوامل الجينية في هذا المرض ذات تأثير متوسط، اي ان الاصابة بالمرض بوجود العوامل الجينية وحدها دون عوامل مرافقة مستبعدة، وترفع الاصابة بالمرض عند أحد أفراد العائلة فرصة الاصابة به الى سبعة أضعاف عند باقي أفراد العائلة. ثانياً العوامل البيئية: اذ تلعب الجغرافيا دوراً واضحاً في التسبب بمرض <التصلب اللويحي> بصورة غير مفهومة تماماً، حيث تقل فرصة الاصابة بمرض <التصلب اللويحي> في المناطق

الاستوائية، بينما تزداد في شمال وجنوب الكرة الأرضية، كما انه تقل فرصة الاصابة بالمرض عند شعوب الاسكيمو، والذي قد يكون بسبب عوامل جينية وراثية. ثالثاً: نقص فيتامين <د> اذ يعمل الفيتامين <د> على تنظيم عمل المناعة اذ يزيد من مستويات الستيوكينات المضادة للالتهاب ويقلل من مستويات الستيوكينات المحفزة للالتهاب، ما يعني ان زيادة فيتامين <د> تقلل فرصة الاصابة بمرض <التصلب اللويحي>، وهنا تلعب العوامل البيئية دوراً أساسياً حيث يتعرض سكان المناطق الاستوائية لمقدار أكبر من أشعة الشمس المهمة لتصنيع فيتامين <د> من سكان المناطق الشمالية والجنوبية. رابعاً: القصور الوريدي النخاعي المزمن، اذ تشير بعض الفرضيات الجدلية الى وجود علاقة بين بعض حالات <التصلب اللويحي> وبين أسباب وعائية دموية، حيث أشارت بعض الدراسات الى ان القصور الوريدي النخاعي المزمن يؤدي الى تراكم الحديد في نسيج الدماغ، ولكن تفتقر هذه الفرضية الى الأدلة الكافية والقوية طبياً، حيث لا تزال فرضية المناعة الذاتية هي الأقوى والأكثر قبولاً.

ووفقاً لرئيس قسم طب الدماغ والأعصاب في مستشفى <بامبرغ> في المانيا الدكتور <بيتر ريكمين> ان مرضى <التصلب اللويحي> يحتاجون لرعاية خاصة لمواجهة التحديات.

فهل هناك أسباب تؤدي للاصابة بمرض <التصلب اللويحي>؟ وماذا عن العوارض والعلاجات؟ وماذا عن كلفة العلاج؟

رئيس قسم الجهاز العصبي في <مستشفى المقاصد> الدكتور عبد الرحمن شاتيلا ومرض <التصلب اللويحي>!

ولنعرف أكثر عن مرض <التصلب اللويحي> يشرح الدكتور عبد الرحمن شاتيلا قائلاً:

- <التصلب اللويحي> المتعدد مرض مناعي ذاتي مزمن يُصيب الجهاز العصبي المركزي، وهو أكثر الأمراض العصبية شيوعاً التي تسبب العجز لدى الفئة الشابة. ويعد التصلب المتعدد المتكرر الانتكاسي المعروف بـ<Relapsing remitting MS> (RRMS) أكثر أشكال <التصلب اللويحي> شيوعاً ويتم تشخيص حوالى 85 بالمئة من المصابين بهذا النوع.

وعن السبب الرئيسي للاصابة بمرض <التصلب اللويحي> يشرح:

- ان السبب الرئيسي للاصابة بهذا المرض غير معروف، ويعتقد انه ناجم عن مهاجمة الجهاز المناعي لـ<الميالين> فيعطل تدفق المعلومات الى الأعصاب. أما أكثر العوارض الشائعة فهي: الارهاق، الصعوبة في المشي، مشاكل في النظر، عدم وضوح في الرؤية، وخز وخدر في أجزاء مختلفة من الجسم، تشنج في العضلات، مشاكل في التوازن والتنسيق، مشاكل في التفكير والتعلم والتخطيط. ويسبب مرض <التصلب اللويحي> اعاقة جسدية في عمر الـ20 و 25 لدى أكثر من 30 بالمئة من المرضى، ولا يوجد علاج شافٍ حتى الآن لمرض <التصلب اللويحي> ولكن العلاجات متوافرة لابطاء مسار المرض.

الاختصاصي في أمراض

الجهاز العصبي والدماغ الدكتور

نبيل عكاوي وانتشار المرض!

 

وعن التشخيص يقول الدكتور نبيل عكاوي:

- يعتبر تشخيص مرض <التصلب اللويحي> معقداً اذ لا يوجد فحص واحد معتمد يجرى، وقد تؤدي الأسباب المحتملة الأخرى الى استبعاده أولاً. وتشمل الفحوصات المعتمدة للتشخيص التصوير بالرنين المغناطيسي او فحص الفقرات القطنية. وحين يُجرى التشخيص يمكن تحديد نوع مرض <التصلب اللويحي> استناداً الى نمط العوارض وما يعانيه المصابون من انتكاسات تقلص او ازدياد العوارض سوءاً، نتائج التصوير بالرنين المغناطيسي، ظهور مؤشرات عن تشكيل آفات في أوقات وأماكن مختلفة من الجسم.

ويتابع:

- يشكل مرض <التصلب اللويحي> عبئاً على المريض، مقدمي الرعاية، ونظام الرعاية الصحية سواء من الناحية الاقتصادية او الفحوصات السريرية خصوصاً بالنسبة للمرضى الذين يعانون نشاطاً متزايداً للمرض. ويتمثل العبء الأكبر بالاعاقة والبطالة حيث يصبح 50 بالمئة من المصابين بمرض <التصلب اللويحي> عاطلين عن العمل بعد 3 ــ 10 سنوات من التشخيص. ارتفاع التكاليف المرتبطة بالدواء، الانتكاسات وازدياد العجز. ويحتاج 25 بالمئة الى كرسي متحرك بعد 15 سنة من التشخيص. انخفاض متوسط العمر المتوقع بمعدل 10 سنوات.

وفي لبنان، يوجد حوالى 2400 مصاب بمرض <التصلب اللويحي>، لكننا نفتقر الى الأرقام والبيانات الرسمية، علماً ان لبنان معروف بقدرته على مجاراة أحدث التطورات الطبية بسرعة، وتتوافر فيه مراكز متعددة مزودة بأحدث الأجهزة للتصوير بالرنين المغناطيسي وهي قادرة على كشف مرض <التصلب اللويحي> بأولى مراحل الاصابة.

 

رئيس قسم طب الدماغ والأعصاب في <مستشفى رزق> البروفيسور ناجي رياشي والعلاجات!

وعن العلاجات يقول البروفيسور ناجي رياشي:

- تتضمن العلاجات المصدق عليها للتصلب المتعدد المتكرر الانتكاسي المعروف بـ<Relapsing remitting MS> (RRMS) ما يلي:

أولاً: معالجة الانتكاسات الحادة لعوارض <التصلب اللويحي> بالأدوية الستيرويدية او تبادل البلازما. ثانياً: أدوية معدلة لمسار المرض <DMDs> وهي تعالج اضطراب المناعة الأساسي وتقلص عدد الانتكاسات وتقلل من حدتّها. ثالثاً: يمكن تصنيف هذه الأدوية كمناعية او علاجات مثبطة للمناعة كالتي تستهدف الخلايا اللمفاوية لتعطيل نشاط المرض. ويمكن ان تتضمن هذه العلاجات أيضاً فحوصات مستدامة لادارة المرض، كفحوصات للدم بشكل دوري لفحص التغييرات التي تطرأ

على الخلايا المناعية واختبارات خاصة بوظائف الكبد.

 

رئيس اللجنة الطبية في جمعية البحوث الفرنسية لمرضى <التصلب اللويحي> البروفيسور سلام كوسا وعبء التكلفة!

ويعتبر أستاذ علم الأعصاب السريري البروفيسور سلام كوسا انه يوجد أكثر من 11 خياراً للعلاج في لبنان للتصلب المتعدد المتكرر الانتكاسي المعروف بـ<Relapsing remitting MS> (RRMS) ويقول:

- ان تكلفة علاج مرض <التصلب اللويحي> مرتفعة نسبياً اذا أخذنا بعين الاعتبار التكلفة المباشرة وغير المباشرة كادارة الأحداث السلبية والدخول الى المستشفى، ولا يمكننا ان ننسى التأثير الاجتماعي الكبير والنفسي للمرض على المصابين ومقدمي الرعاية. وتغطي وزارة الصحة اللبنانية والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي او جهات أخرى داعمة تكاليف علاج المصابين بمرض <التصلب اللويحي> في لبنان، وبالتالي يتم التخفيف من تكلفة الدواء الكبيرة عن كاهل المريض. ويتمثل التحدي الأكبر في التعريف بالعلاج الجديد وكيف سيؤثر على الميزانية الحالية لكل مؤسسة، ولقد أظهر تحليل اقتصاديات الدواء في لبنان الذي يهدف الى تقييم تأثير ميزانية ادخال علاجات جديدة لمرض <التصلب اللويحي> انه يمكن لبعض العوامل الجديدة ان تكون منخفضة التكلفة في هذه المؤسسات بدلاً من زيادة تكلفة العلاج، وهذا هو النهج الجديد لقرار الادراج.