تفاصيل الخبر

الـتـشـخــيـــــص الـمـبــكـــــــر لسرطـان الكبــد ينقــذ الحيــاة  

10/02/2017
الـتـشـخــيـــــص الـمـبــكـــــــر لسرطـان الكبــد ينقــذ الحيــاة   

الـتـشـخــيـــــص الـمـبــكـــــــر لسرطـان الكبــد ينقــذ الحيــاة  

بقلم وردية بطرس

LiverCancer22--aa-bb

يزيد التشخيص المبكر فرص النجاة من سرطان الكبد حيث يمكن غالباً الشفاء منه بإجراء عملية جراحية او بأية طريقة علاجية أخرى. ويوصي البروفيسور الالماني <بيتر غاله> عضو <الجمعية الألمانية لأمراض الجهاز الهضمي> بأهمية ان يقوم الأشخاص الذين يعانون من تلف الكبد بسبب تشمعه او غيره باجراء فحوصات بصفة منتظمة. ويسري ذلك بصفة خاصة على الأشخاص الذين يعانون من التهاب الكبد الوبائي (ب) و(س) او يشتكون من مرض بالكبد بسبب احتساء الكحول. وفي الوقت نفسه يتعين على الأشخاص الذين يعانون من دهون على الكبد بسبب زيادة الوزن الخضوع لفحوصات منتظمة. وبحسب البروفيسور <غاله> فان امكانية الشفاء تتوقف الى حد كبير على حجم الورم، ويمكن استئصال الورم جراحياً او جعله يضمر اذا كان عبارة عن عقدة واحدة بحجم خمسة سنتمترات على أقصى تقدير او ثلاث عقد بحجم ثلاثة سنتمترات لكل واحدة منها على أقصى تقدير، ويؤكد البروفيسور <غاله> ان زراعة الكبد تمثل كذلك امكانية علاجية أخرى في التخلص من هذا المرض.

وظائف الكبد

الكبد هو من أهم أعضاء الجسد الداخلية وأكبرها حجماً، حيث يزن الكبد عند الانسان البالغ حوالى 1.3 ــ 1.88 كيلوغراماً، ويقع في أعلى البطن على الجهة اليمنى أسفل الرئة ويحمي القفص الصدري معظمه، ويعتبر الكبد من الأعضاء التي لم تُفهم بشكل كامل لدى العلماء، حيث ان وظائفه المهمة والكثيرة في الهضم، وفي التخلص من السموم، وفي تخزين السكريات والدهون، وقدرته على التجدد في حالة تلف جزء منه وغيرها من الخصائص التي لم تفهم بعد، جعلته محط أنظار العلماء، فخضع لدراسات وأبحاث بشكل مكثف. ومن أهم وظائف الكبد انتاج العصارة الصفراوية التي تذيب الدهون، بالاضافة الى صنع العوامل المخثرة للدم، وهو يلعب دوراً أساسياً في عمليات الهدم والبناء في الجسم، لذلك فان اي مرض في الكبد تنجم عنه سلسلة من العوارض والاختلالات في وظائف الجسم بشكل عام.

وما يزال السبب الذي يحدث معظم حالات الاصابة بسرطان الكبد غير واضح، لكن في بعض الحالات يكون السبب معروفاً، على سبيل المثال فان الانتان المزمن ببعض أنواع الفيروسات الكبدية قد يسبب سرطاناً في الكبد. ويحدث سرطان الكبد عندما تحدث تغيرات (طفرات) في الـ<دي ان اي> الخاص بالخلية الكبدية وهي عبارة عن مادة تحتوي على المعلومات لكل العمليات الكيميائية في الجسم حيث تتسبب الطفرات بتغيرات في هذه البنى، ومن نتائج ذلك ان تبدأ الخلايا بالنمو بشكل خارج عن السيطرة لتشكل ورماً في نهاية الأمر اي كتلة من الخلايا السرطانية.

والكبد مسؤول عن التصفية المتواصلة للدم المتدفق في الجسم، كما يقوم بتحويل المواد المغذية والأدوية التي يتم امتصاصها في الجهاز الهضمي الى مواد كيميائية جاهزة للاستعمال. وللكبد وظائف مهمة أخرى من بينها التخلص من السموم والمواد الكيماوية الأخرى من الدم وتحويلها الى افرازات. ومن السهل على الخلايا السرطانية الوصول الى الكبد اذ ان كل الدم المتدفق في الجسم يمر من خلاله.

وينتج الكبد معظم بروتينات تجلط الدم، كما وتنتج خلايا الكبد السائل المراري الأخضر وتفرزه في القنوات المرارية حيث يخزن في الحويصلة المرارية ليفرز في الأمعاء. ويحتوي السائل المراري على الكولسترول والدهون الفوسفورية والبيلوروبين الناتج عن تكسير <هيموغلوبين> كريات الدم الحمراء وأملاح الصفراء التي تذيب الدهون أثناء الهضم بالأمعاء وتساعد على امتصاصها. وقد يكوّن السائل المراري حصوات تسد القنوات المرارية وتمنع افرازه فلا تهضم الدهون. والكبد يخزن سكر الغلوكوز في شكل نشاء حيواني والفيتامينات التي تذوب في الدهون مثل فيتامينات <K, E, D, A> والفولات والفيتامين <ب 12> والمعادن مثل النحاس والحديد. غير أن كثرة تخزين هذه المواد قد تضر بالكبد الذي يخلص الدم من الأمونيا والسموم ويحولهما لمواد غير ضــــــارة، وفي حالة مرض الكبد الشديد تتراكم الأمونيا بالدم. والكبد يلعب دوراً كبيراً في توازن الهرمونين الذكري <تستوستيرون> والأنثوي <استروجين>، وفي حالة تليف الكبد المزمن نجد ان ثمة خللاً يظهـــــر على المريض ولاسيمــــا مدمن الكحول فتظهر عليه أعراض الأنوثة.

أما الأمراض الثلاثة الأكثر شيوعاً التي تصيب الكبد فهي السرطان وتليف الكبد والالتهاب الكبدي. والالتهاب الكبدي قد يكون سببه بعض الأدوية وتناول الكحول لمدة طويلة او التعرض للكيماويات أو الأدوية بكثرة. وكل الالتهابات الكبدية تتلف خلايا الكبد بصفة دائمة وتجعله متورماً ومشدوداً جراء الالتهاب.

ولا تعتبر جميع السرطانات التي تصيب الكبد <سرطان الكبد>، فالسرطانات قد تنشأ من مكان آخر من الجسم مثل القولون او الرئتين او الثدي ثم تنتشر الى الكبد وهي تُعرف بالانتقالات السرطانية بدلاً من <سرطان الكبد>، وتسمى هذه الأنواع من السرطان بحسب العضو التي نشأت منه مثل سرطانات انتقالية من القولون لوصف السرطان الذي ينشأ من القولون وينتشر الى الكبد.

سرطان الكبد

لذا، من الممكن ان يُصاب الكبد بسرطان أولي يتكون فيه نفسه، او بسرطان يتكون في أماكن أخرى في الجسم ثم ينتقل بعد ذلك الى الكبد، لكن في معظم الحالات يكون سرطان الكبد ثانوياً او سرطاناً منتقلاً اي ان مصدر الورم السرطاني موجود في مكان آخر في الجسم. وتشير حالات الاصابات الى ان السرطان الأولي في الكبد يصيب الرجال ضعف ما يصيب النساء، وهو السرطان الأكثر انتشاراً بين الرجال، وغالباً ما يصيب أشخاصاً فوق سن الخمسين.

ويتكون الكبد من أنواع عدة من الخلايا، لذلك هناك أورام عدة ممكن ان تصيبه. ويكون قسم من الأورام حميداً، بينما يكون الآخر أوراماً خبيثة من الممكن ان تنتقل او تنتشر الى أماكن أخرى في الجسم. وتتطور الأورام المختلفة لأسباب مختلفة وتتم معالجتها بطرق مختلفة، وتتعلق احتمالات الشفاء بنوع الورم، أما أنواع سرطان الكبد فتنقسم الى سرطان الخلايا الكبدية، وسرطان في قنوات المرارة ومصدر هذا السرطان هو قناة المرارة.

وان السبب الفعلي للاصابة بسرطان الكبد الأولي غير معروف، ولكن هناك بعض العوامل التي قد تؤدي الى زيادة خطر الاصابة به، منها عدوى الكبد الالتهابي (بي) (سي)، وتناول الكحول لفترة طويلة من الزمن، وتليف الكبد. وغالباً لا يكون لسرطان الكبد الأولي أية عوارض خلال مراحله المبكرة، ولكن تظهر عوارض سرطان الكبد الأولي والثانوي عندما يصل المرض الى مراحل متقدمة، وتتضمن تلك العوارض الشعور بالضعف والارهاق، والشعور بآلام في الجانب العلوي الأيمن من البطن، وفقدان الوزن، وفقدان الشهية، واصفرار الجلد والعينين المعروف باليرقان، والشعور بالمرض، وانتفاخ البطن، والحمى.

من ناحية أخرى، يساعد تصنيف المرض وتحديد مرحلته الطبيب على معرفة مدى انتشار المرض في الكبد، كما انه يساعد فريق الرعاية الصحية أيضاً على اتخاذ قرار بشأن أفضل علاج ملائم بالنسبة للمريض.

الكشف المبكر ينقذ حياة المصاب

بسرطان الكبد

الدكتور-فادي-نصر---a

ويتم تصنيف الورم وتحديد مرحلته بحسب حجمه وانتشاره في الأوعية الدموية، أو في أعضاء أخرى بجوار الكبد، وفي منطقة التجويف البطني أو اية أعضاء أخرى. كما ان تصنيف سرطان الكبد الأولي وتحديد مرحلته قد يتضمنان تقييم وظائف الكبد الأساسية.

ولا يشكو معظم المصابين بسرطان الكبد الأولي في مراحله الأولى من اية عوارض او علامات، وعند ظهور عوارض وعلامات السرطان فهي قد تتضمن ما يلي: فقدان الوزن دون تعمد ذلك. فقدان الشهية. ألماً في القسم العلوي من البطن. غثياناً وتقيؤاً. ضعفاً عاماً وانهاكاً. تضخم الكبد. تورم البطن. وتلون الجلد وبياض العين باللون الأصفر (يرقان).

ويمكن الوقاية من احتمال الاصابة بسرطان الكبد باتباع الطرق التي تخفف من تأثير العوامل المؤدية لذلك او تزيلها، مثلاً يمكن استخدام التلقيح ضد فيروس التهاب الكبد (ب) واتخاذ الاجراءات الوقائية ضد التماس مع دم المصاب به، كما يمكن الوقاية ايضاً من التهاب الكبد (س) بتحاشي التماس مباشر مع دم المصاب، ويجب الامتناع عن شرب الكحول او الحد منه، والامتناع عن التعرض الى المواد الكيمياوية المؤدية للاصابة.

ونظراً لأهمية التشخيص، كانت <باير> للأدوية قد دعت الى الكشف المبكر عن سرطان الكبد لانقاذ الحياة، اذ ألقت الضوء على ان هذا المرض يصيب حوالى 4 بالمئة من مرضى السرطان في لبنان، ومن المتوقع ان ترتفع هذه النسبة لبلوغ 6 بالمئة لدى النساء و8 بالمئة لدى الرجال بحلول العام 2018.

الدكتور فادي نصر يشرح أسباب

الوفاة بسرطان الكبد

فكيف يتم التشخيص؟ وماذا عن الوقاية؟ بداية يعتبر الدكتور فادي نصر رئيس قسم الأورام في مستشفى جبل لبنان ان سرطان الكبد يسبب الوفاة اكثر من غيره من أنواع السرطان ويقول:

- ان سرطان الكبد من أكثر انواع السرطانات التي تسبب الوفاة، وعادة يتم تشخيص المرض عندما يكون في مراحل متقدمة، ولهذا السبب من المهم جداً ان يخضع الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي من الاصابة بهذا المرض، والمعرضون لمخاطر الاصابة ببعض أنواع التهاب الكبد، او الذين يعانون من سمنة مفرطة او يبالغون في استهلاك الكحول، لاختبار سرطان الكبد بهدف تشخيص هذا المرض في مرحلة مبكرة وبالتالي تحسين خيارات العلاج لديهم.

ويعتبر سرطان الكبد السبب الثاني للوفاة من جراء أمراض السرطان على المستوى الدولي، مع وفاة حوالى 746 ألف شخص سنوياً بسبب هذا المرض. ففي أوروبا يعيش أقل من 10 بالمئة من المرضى لأكثر من خمس سنوات بعد التشخيص.

وتابع قائلاً:

- والنوع الأكثر رواجاً لسرطان الكبد هو <Hepatocellular carcinoma> او <HCC> الذي يشكل 90 بالمئة من العبء الاجمالي لسرطان الكبد على الصعيد العالمي.

(تجدر الاشارة الى ان <Hepatocellular carcinoma> (سرطانة الخلية الكبدية) هي الخباثة الرئيسية التي تصيب الكبد، فغالبية حالات سرطان الخلية الكبدية تنشأ نتيجة لالتهابات الكبد الفيروسية او تشمع الكبد، أما في الدول التي لا تنتشر فيها التهابات الكبد الفيروسية فتكون النقيلة هي المسبب الرئيسي لسرطان الكبد. ويعتمد مآل سرطانات الكبد على عوامل عدة منها حجم الورم وتصنيف مراحله ومدى تمايز خلاياه. وغالباً ما تكون نتائج سرطانة الخلية الكبدية غير مشجعة حيث يمكن لـ10 الى 20 بالمئة فقط من الحالات ان تشفى بعد استئصال الورم، واذا لم يكن بالامكان استئصال الورم فانه يكون قاتلاً خلال 3 ــ 6 شهور. ويعزى سوء معالجة سرطان الخلية الكبدية الى تأخر الكشف عنها نظراً لتأخر ظهور العوارض، كما يلعب غياب الخبرة الطبية والافتقار الى وسائل التشخيص الصحيح المبكر دوراً في تأخر تشخيص المرض).

 

الوقاية والتشخيص

 

وعن التهاب الكبد الفيروسي (ب) و(س) يشرح الدكتور نصر:

- يسبق التهاب الكبد الفيروسي (ب) المزمن التغيير الخبيث في الخلايا لدى ثمانية أشخاص من أصل عشرة مصابين بسرطان الكبد. ويعتبر التهاب الكبد (س) أيضاً نذيراً بالسرطان، تماماً كالتليّف الكبدي والتغير المرضي في نسيج الكبد الذي يؤدي الى انكماش الكبد. ويمكن ان يمر عقدان الى ثلاثة عقود قبل ان ينمو السرطان. وهناك مخاطر اضافية تزيد من امكانية ظهور المرض، مثل المبالغة في استهلاك الكحول والسمنة المفرطة.

ان التشخيص المبكر لسرطان الكبد أساسي لنجاح العلاج لأنه من الممكن التخلص من الورم في مراحل المرض المبكرة من خلال العملية الجراحية، لكن في الكثير من الحالات يتم تشخيص المرض عندما يصبح الورم غير قابل للبتر بالجراحة.

وبحسب تقديرات <الجمعية الألمانية للسرطان>، تشخص 70 بالمئة من حالات سرطان الكبد لدى مرضى لا يمكن بتر الـــــورم لديهم، إذ غالباً لا تظهر العوارض الا بعد بلـــــوغ المــــرض مرحلــــة متقدمـــــة، كذلك فإن العوارض غير محددة نسبياً، وهي تشمل فقدان الشهية والغثيان، بالاضافة الى الشعور بألم وضغط في أعلى البطن.

ويمكن لفحص الدم وللصورة الشعاعية ان يؤديا الى تشخيص سرطان الكبد، كما يمكن للرسم السطحي والتصوير بالرنين المغناطيسي ان يؤكدا التشخيص المحتمل.