تفاصيل الخبر

الطريــق الوعــرة مــن عـيـــن الحلـــوة الى الـزبـدانـــي وسـقــــوط الـهـدنــــة... مـــؤشـر خـطـيـــــر!  

04/09/2015
الطريــق الوعــرة مــن عـيـــن الحلـــوة الى الـزبـدانـــي  وسـقــــوط الـهـدنــــة... مـــؤشـر خـطـيـــــر!   

الطريــق الوعــرة مــن عـيـــن الحلـــوة الى الـزبـدانـــي وسـقــــوط الـهـدنــــة... مـــؤشـر خـطـيـــــر!  

بقلم علي الحسيني

ابو-شريف-عقل-عصبة-الانصار

 رغم البعد الجغرافي الذي يفصل بين مدينة الزبداني الواقعة شمال غرب دمشق وبين بلدتي الفوعة وكفريا شمال إدلب والذي يتجاوز مسافة 300 كلم وربما أكثر، إلا ان الحل الوحيد لإخراج هذه البلدات من دائرة العنف اليومي والقتل الجماعي مرهون فقط بمدى نجاح الاتفاقات السياسية التي تجري بين حزب الله والفصائل السورية المقاتلة خصوصاً في ظل غياب اي بوادر حل عسكري على الارض.

هي المرة الثانية التي تسقط فيها الهدنة العسكرية في مدينة الزبداني خلال أقل من شهر وذلك بعد وصول المفاوضات الى طريق مسدود بسبب اختلاف المفاوضين حول بعض البنود، حيث كان يهدف احدها الى إتاحة الفرصة لمسلحي الزبداني للخروج من البلدة ومن بلدة مضايا الملاصقة لها بشكل آمن مقابل خروج آلاف المدنيين من بلدتي كفريا والفوعة اضافة إلى ادخال مواد طبية وغذائية وإخراج الجرحى من البلدات والمدن السابقة والتفاوض على نقاط أخرى. وهنا تكشف معلومات خاصة لـ<الافكار> ان مطالب حركة <أحرار الشام> الفصيل المفاوض الاساسي لم تقف عند البنود المتعلقة بالانسحابات وتأمين المدنيين ووقف إطلاق النار بل شملت الإفراج عن آلاف المعتقلين من سجون النظام السوري وهو الأمر الذي رفضه النظام لاعتباره إحدى الاوراق السياسية المهمة التي يحتفظ بها لمفاوضات لاحقة يمكن ان تحصل في دمشق او غيرها من المناطق التي يعتبرها بالغة الاهمية على غرار اللاذقية رغم موافقة المفاوض الايراني على هذه الشروط خلال اللقاءات التي كانت استكملت الاسبوع الماضي في اسطنبول.

 

.. وتستمر عراقيل التفاوض

جند-الشام-داخل-المخيم

مع بدء خروج تسريبات إعلامية حول منحى التفاوض الذي يجري في اسطنبول بين ضباط من الحرس الثوري الايراني وحركة <أحرار الشام> برعاية تركية عقدت المعارضة السورية الاسبوع الماضي اجتماعاً طارئاً خرجت بعده بجملة قرارات تحفظت خلالها على الطريقة التي سيتم بها إخراج جرحاها من الزبداني ومن مضايا وبعض المناطق التي تعاني فيها صعوبة بالغة مثل الغوطتين الشرقية والغربية وبعض قرى القلمون، حيث كان من المقرر ان يخرجهم الهلال الأحمر السوري وهو ما رفضته المعارضة اضافة الى رفضهم إخراج كل أهالي كفريا والفوعة المدنيين عبر ممر آمن إلى مناطق سيطرة النظام مقابل تأمين ممر مماثل لجميع الموجودين داخل الزبداني. لكن وحدها <أحرار الشام> وافقت على ان يخرج من كفريا والفوعة جميع النساء والمسنين والذكور الذين تقل اعمارهم فقط عن الخمس عشرة سنة.

 

حزب الله الصامت الأكبر

حول المفاوضات

 

في الوقت الذي تدير به ايران دفة المفاوضات مع الفصائل السورية في تركيا يلتزم حزب الله الصمت حول كل ما يجري لدرجة يبدو فيها وكأنه غير معني على الاطلاق بكل ما يجري خارج حدود معركته في الزبداني حيث ترفض مصادره الحديث عن هدنة او اتفاق في الزبداني وتؤكد تمسكه بالحسم الذي طال بدوره رغم تأكيدات الحزب بأن الوضع تحت السيطرة وان سقوطها شارف على النهاية، في وقت ما زال فيه الحزب يتكبد العديد من الخسائر في صفوف عناصره بحيث لا يمر يوم او يومان على ابعد تقدير الا وينعي فيه احد عناصره. ولا بد من الاشارة الى ان حزب الله يحاول منذ اكثر من ثلاثة أشهر احتلال الزبداني التي تبعد مسافة 7 كيلومترات فقط عن الحدود اللبنانية بهدف تأمين حدوده وإبعاد خط بيروت دمشق عن مرمى المسلحين وذلك بمساندة ضباط ومستشارين عسكريين ايرانيين وبتغطية جوية وصاروخية من قوات النظام السوري.

حزب-الله-عند-اطراف-الزبداني 

أسباب صمود الزبداني حتى اليوم

رغم ادعاء النظام سيطرته على مدينة الزبداني كافة ما عدا كيلومترين ونصف منها، تؤكد مصادر عسكرية لـ<الافكار> ان الزبداني تتميز بتحصينات كبيرة حيث قسمتها المعارضةالى ثلاثة خطوط دفاعية تضم دشماً وخنادق وألغاماً وأسلحة متوسطة ما يصعب على المهاجمين من المليشيات الإيرانية والعراقية وحزب الله،  اقتحامها، إضافة الى ان جميع العناصر في الداخل هم من أهل البلدة ومن بلدة مضايا. وتتحدث المصادر عن وجود حوالى الف مقاتل ينتمون الى حركة <أحرار الشام> و600 مقاتل من <جبهة النصرة>.

 

التقسيم المذهبي حاضر هو الآخر

 

من نافل القول ان المرحلة الآنية في سوريا يمكن وصفها بالحبلى والتي يمكن ان تتولد عنها مخاطر كبيرة خصوصاً في ما يتعلق بالعنصر المذهبي الذي بات يسيطر بشكل كبير على المشهد السوري العام وبدأتتظهر طلائعه في دمشق وتحديداً في حي المزة غرب العاصمة دمشق حيث أبلغ النظام الاهالي منذ نحو أسبوعين بضرورة إخلاء منازلهم بهدف تغيير معالم وتركيبة السكان في المنطقة واقامة مشروع <أبراج إيراني> خلف مبنى السفارة الايرانية في دمشق. هذا ما تؤكده مصادر مطلعة في الداخل السوري، وما يعزز هذه المعلومات ما ذكرته تنسيقية المزة على موقع التواصل الإجتماعي <فيسبوك> من أن جرافات قوات أمن النظام برفقة عشرات العناصر التابعين لفرع الأمن العسكري 215 أقدمت على هدم عدة بيوت في منطقة بساتين الرازي على الرغم من اعتصام الاهالي وتشكيلهم سلسلة بشرية لمنع عمليات الهدم. وكانت قوات الامن في المنطقة وزعت بلاغات جديدة على أهالي حي المصطفى من اجل إخلائه تمهيداً لهدمه دون اي تعويض وغياب السكن البديل وهو ما كانت ذكرته ايضاً صحف موالية ان عدد العائلات المتضررة من قانون إزالة المنطقة هي 4000 عائلة دون وجود اي سكن بديل وان امرأة اصيبت بسكتة قلبية بعد هدم جزء من منزلها. ويعتبر حي المزة اكبر احياء دمشق واكثرها حساسية فيه مجلس الوزراء والسفارة الإيرانية ومعظم السفارات الاخرى بالإضافة الى مطار المزة وعدد كبير من الفروع الأمنية وحي المزة 86 الذي يعد معقلاً للعلويين المقاتلين والمتطوعين في أجهزة الدولة العسكرية والامنية وفيه ايضاً القصر الرئاسي المسمى قصر الشعب. والجدير ذكره هنا ان هذا الحي كان شهد أكبر تظاهرة مناهضة للنظام في منتصف شباط/ فبراير العام 2012.

 

عبد الساتر: المعركة في خواتيمها

الزبداني-تشتعل 

وبالعودة الى أهمية معركة الزبداني يعتبر الكاتب والمحلل السياسي فيصل عبد الساتر ان المنطقة حيوية واستراتيجية ولها اتصال بالواقع الميداني السوري في اكثر من مكان فضلاً عن أهمية موقعها الجغرافي بالنسبة للحدود مع لبنان. ويشير الى ان المعركة الآن في خواتيمها بعد اشتداد حصار الجيش السوري ورجال المقاومة للمسلحين من كل الجهات وهي ولجت في المربع الاخير الذي يتضمن كتلاً اسمنتية ضخمة جداً، وربما سنشهد استمهالاً  لبعض الوقت لكي تقرر اللحظة الحاسمة للخلاص منها نهائياً. لكن يمكننا القول ان ما بعد الزبداني سيريح العاصمة دمشق وسيطلق القتال الى منطقة وادي بردى.

معركة الزبداني كانت تزامنت مع إعلان وصول طائرات روسية متطورة من <طراز ميغ 31> الى النظام منتصف شهر آب/ أغسطس الماضي. هنا يقول عبد الساتر: الحلفاء الروس لم ينفوا يوماً وصول السلاح الى سوريا لكن تقديري ان المسألة ليست في استحداث او تقديم الاسلحة وتفعيل الاسطول الحربي الجوي السوري بطائرات ميغ التي تعتبر فخر الصناعة الحربية الروسية لأن معلوماتي الخاصة تقول ان سوريا لم تستخدم الكثير من انواع الأسلحة الموجودة لديها وبالتأكيد هناك معطيات لجهة دخول سلاح استراتيجي الى المعركة في الاسابيع القليلة الماضية وهذا الاستنتاج يربطه البعض بالغارات الجوية المكثفة والمختلفة كماً ونوعاً على مدينة دوما بريف دمشق>.

 

من عين الحلوة الى الزبداني

لا تنفي الاحزاب والفصائل الفلسطينية في مخيم عين الحلوة وجود تعاطف شعبي واسع مع الثوار في سوريا، ولا ينفي الاهالي ايضاً دعم العديد من ابنائهم لهذه الثورة سواء مادياً بما تيسر او من خلال مشاركتهم في الحرب وذلك في أكثر من مكان مثل دمشق والقلمون، وما يؤكد دعمهم وقولهم هذا سقوط العديد من الشبان في عين الحلوة في المعارك السورية، منهم من تمكن ذووهم من استعادة جثثهم ومنهم من تم دفنهم في الداخل السوري بعد تعذر سحب جثثهم الى داخل المخيم خصوصاً بعد الرقابة الصارمة التي فرضها حزب الله في البقاع الشمالي والحدود اللبنانية السورية إضافة الى حركة التعقب التي تفرضها مخابرات الجيش للاسماء التي تخرج من المخيم للقتال في سوريا، علماً ان من يقوم بمساعدة هؤلاء الشبان على التوجه الى سوريا هم بغالبيتهم من أبناء البقاع بحيث كانوا يوصلونهم الى قرية معربون المتاخمة للحدود السورية والقريبة من جرود بريتال، وتؤكد مصادر خاصة ان تكلفة نقل العنصر الى تلك الجهة هو ما يقارب الالف دولار.

 

اطفال-الزبداني-يحتمون-من-البراميل-المتفجرةماذا عن جولات العنف داخل المخيم؟

جولة بعد جولة من القتال في مخيم عين الحلوة بين حركة <فتح> و<جند الشام> ترسم معالم المعركة المرتقبة من كل جوانبها. فعلى رغم التهدئة التي تحصل في كل مرة فإن معلومات مؤكدة لـ<الافكار> تشير الى قرار نهائي قد اتخذ لانهاء جند الشام من المخيم مهما كلف الأمر خصوصاً في ظل بناء الدشم وتدعيم المحاور والسواتر الترابية. وكانت حركة <فتح> عمدت الاسبوع الماضي الى  فتح مستودعات ومخازن السلاح امام عناصرها سواء من الداخل او اولئك الذين وصلوا لدعم الحركة في المخيم وتحديداً من مخيم الرشيدية استعداداً لمواجهة تتظيم <جند الشام> الذي يتزعمه المدعو بلال بدر والذي بات يشكل حالة خطيرة في المخيم حيث استقطب في الآونة الاخيرة عدداً كبيراً من الشبان، في وقت حصلت فيه حركة <فتح> على الضوء الاخضر من رام الله في فلسطين لإنهاء وجود <جند الشام>.

تبادل للخبرات مع المعارضة

 

مصادر من داخل عين الحلوة تؤكد ان مجموعات اسلامية مسلحة داخل المخيم باتت تضم في صفوفها عشرات السوريين المعارضين وعلى رأسها تنظيم <جند الشام> الذي يقوم بإرسال عناصر فلسطينية لدعم المسلحين السوريين في الزبداني ودمشق والقلمون مقابل مده بالسلاح والمال، ولذلك فإن  ما يحصل اليوم في المخيم خطير جداً وينذر بمرحلة سوداء مقبلة عليه من معارك لن تتوقف قبل السيطرة على إحياء الطوارئ وطيطبا والبركسات ورأس الاحمر والشارع الفوقاني وقد ينعكس هذا الامر على أهالي المخيم من نزوح وتعطيل مصالح وتدمير منازل وربما تهجير أبدي على غرار ما سبق ان قام به تنظيم <فتح الاسلام> الذي يتزعمه شاكر العبسي في مخيم نهر البارد.

 

عقل: لا عناصر اجنبية في المخيم

خلال أقل من اسبوعين قتل أكثر من عشرة أشخاص داخل عين الحلوة إما اغتيالاً أو خلال الاشتباكات بين فتح وبعض المجموعات الاسلامية مع تصاعد اتهامات <فتح> بإيواء الاسلاميين عناصر اجنبية من خارج المخيم وهو ما جاء تحديداً على لسان العميد محمود عيسى المعروف باللينو. الناطق باسم عصبة الانصار في المخيم ابو شريف عقل اكد ان هذا الادعاء لا يمت الى الحقيقة بصلة فلو كان هناك اجانب لكانوا ظهروا وبانوا وعرفهم الجميع. نحن نؤكد ان الجميع هم أبناء المخيم وهم يعيشون بين أهلهم وعائلاتهم في حين أن من كانوا في مخيم نهر البارد على سبيل المثال وافتعلوا المشاكل لم يكن لهم أهل او عائلات وبالتالي لا المقدح-امام-منزله-في-عين-الحلوةجذور لهم هناك وبالتالي لا يمكن لاحد ان يجر المخيم الى الهلاك او الانفجار حتى نعود الى أرضنا في فلسطين.

وقال: الذي حصل خلال الفترة الاخيرة كان درساً قاسياً للجميع ونحن لا نريد ان نرى أهلنا يشردون في الساحات والشوارع واذا عاد الجميع الى دينه وضميره فإن ذلك لن يتكرر مرة ثانية. ونحن في القوى الاسلامية وفي <عصبة الانصار> نرى ان ما حصل في مخيم عين الحلوة من اقتتال ليس مقبولاً لا من الناحية الشرعية ولا من الناحية الوطنية وهو يعد جريمة على المستويين، وكنا نتمنى لو ان هذه الدماء سالت وهذا الرصاص أطلق على باب المسجد الأقصى في القدس، فنحن نعتبر فلسطين كأقدس قضية عربية واسلامية وبالتالي يجب ان ندخر كل الجهود والقوى من اجل هذه القضية بدل هذا الاقتتال العبثي الذي ذهب ضحيته أبرياء.

القوة الأمنية باشرت عملها

من جهته أكد قائد القوة الامنية المشتركة في لبنان اللواء منير المقدح ان اللجنة الامنية الفلسطينية العليا عقدت اجتماعاً طارئاً داخل مقر القوة الامنية في عين الحلوة اتفقت على القيام بخطوات ميدانية تنهي حالة التوتر التي يعيشها مخيم عين الحلوة منذ الاشتباكات الاخيرة التي وقعت فيه. ولفت الى ان هذه الخطوات بدأت فعلاً بالتنفيذ حيث انتشرت القوة بكثافة في منطقة بستان القدس قرب سنترال البراق مروراً بمنطقتي عكبرا وطيطبا في الشارع الفوقاني وتزامن ذلك مع سحب المسلحين من الشوارع والازقة وتعزيز نقاط القوة الامنية المشتركة والاهم إزالة الدشم وفك المتاريس في الشارعين الفوقاني والتحتاني ومنطقة الطوارىء وتنظيفهم تمهيداً لعودة الحياة الطبيعية.

بين عين الحلوة والزبداني

وبين ما يجري في الزبداني من اتفاقات من تحت الطاولة وفوقها بين الجهات المتقاتلة وبين الخضات الامنية التي تحصل في مخيم عين الحلوة بين الحين والآخر، ثمة مرحلة جديدة من التعاطي السياسي بدأت ملامحها تلوح في الافق وهي عبارة عن حلول سياسية تطرح للمرة الاخيرة قبل اللجوء الى خيارات الحسم الميداني. وفي الوقت الذي يتحدث فيه البعض عن مراحل أخيرة تعيشها منطقة الزبداني قبل لحظات الحسم سواء السلمي او العنفي، يخرج زائر عين الحلوة هذه الايام بوجهات نظر تتحدث عن تنسيق بين حركة <فتح> وحزب الله مدعوم من الدولة اللبنانية لمواجهة التنظيمات الاسلامية في المخيم على رأسها تنظيم <جند الشام>.