تفاصيل الخبر

الـطـريــــق الـجـديــــدة والـضـاحـيــــة الـجـنـوبـيـــــة وجـــع سـيــــاسـي وتــــلاقٍ ريـاضـــــي!  

06/05/2016
الـطـريــــق الـجـديــــدة والـضـاحـيــــة الـجـنـوبـيـــــة  وجـــع سـيــــاسـي وتــــلاقٍ ريـاضـــــي!   

الـطـريــــق الـجـديــــدة والـضـاحـيــــة الـجـنـوبـيـــــة وجـــع سـيــــاسـي وتــــلاقٍ ريـاضـــــي!  

بقلم علي الحسيني

hariri-4

هو حلم بالأمن والأمان، حلم باستقرار يُبقيهم بعيداً عن رائحة الحقد المذهبي وحب الإنتقام والاخذ بالثأر. هو حلم بحياة تكتمل نقاوتها بالانفتاح والتلاقي ونبذ الاحقاد. انه حلم ابناء بيروت، ابناء الطريق الجديدة والضاحية الجنوبية.

من هنا يتزعزع أمن المنطقتين

 

على خلفية المواقف السياسية المتشنجة في البلاد، ومع وصول الرئيس سعد الحريري الى البلاد وهو العائد بعد طول غياب وفي ظل ارتفاع حدة التصريحات السياسية بين الفرقاء السياسيين من فريقي 8  و14 آذار، تشهد الساحة الداخلية اللبنانية مجموعة ارتدادات سياسية تبقى قابلة ومرشحة لتطورات امنية، خصوصاً في ظل الاتهامات المتبادلة التي تخرج من الضاحية الجنوبية والطريق الجديدة، والتي تصب جميعها في خانة التوتر، خصوصا في ظل ورود معلومات تؤكد ان استنفارات ليلية تشهدها الضاحية وذلك منذ اسبوعين تقريباً تتزامن مع تشديد مكثف للإجراءات الأمنية على جميع مداخلها وبين احيائها، فيما يؤشر إلى ارتفاع حدة التوتر على خلفية المواقف السياسية السائدة. وكانت معلومات امنية قد أشارت منذ فترة غير بعيدة إلى تحركات عدة لمجموعات عسكرية من حزب الله في الضاحية وبعض مناطق بيروت، لافتة إلى ان هذه المجموعات تتحرك بطريقة توحي وكأن هناك اموراً قيد التحضير. في المقابل تشهد منطقة الطريق الجديدة والأحياء المجاورة حالة مشابهة لما يجري في الضاحية الجنوبية، وهناك نوع من الحذر يعيشه شبان هذه المنطقة، الأمر الذي يدعو الى اقامة مناوبات حراسة ليلية داخل بعض الاحياء، خوفا من تدخل اطراف تنوي زرع بذور فتنتها بين المنطقتين على غرار ما كان يحصل في السنوات السابقة.

النائب-عمار-حوري 

هل أجواء التوتر حاضرة؟

 

ويُلاحظ ان المؤشرات المتداولة سياسيا وامنيا تستدعي اليقظة والحذر من اي انفلات امني متوقع، سيما وان الأجواء السياسية والامنية ملائمة جدا لمثل هذا الانفلات وسط لا مبالاة من قبل الزعماء السياسيين الذي اصبح الهم الوحيد لديهم ارضاء هذه الدولة او تلك، ولذلك فأن الحالة السائدة اليوم في البلاد تعود من جديد الى الانقسام السياسي المتجدد الذي برز على خلفية المواقف بين السعودية وحلفائها في الداخل من جهة، وبين حزب الله وحلفائه من جهة اخرى، وقد استطاعت مواقف السياسيين اللبنانيين ان تترك اثرها السلبي على الشارع اللبناني وباتت البلاد تحت سيطرة الخوف من أي تطور أمني جديد، وتحت رحمة الشائعات التي تغذي الإحتقان الطائفي والمذهبي، إذ يكفي ان يتم الاعلان عن سيطرة جماعات مسلحة في الطريق الجديدة على خلفية إشكال فردي، حتى يحصل امر مماثل في الضاحية الجنوبية للاعتقاد ان الاستنفار الاول قد يكون مرشحاً للتطور ليطال مكان الاستنفار الآخر اي الضاحية الجنوبية.

 

 .. ويستمر الحلم بالدولة

في الطريق الجديدة يُصر الاهالي على منطق الدولة التي يمكن ان تتحمل مسؤولياتها تجاه كل المواطنين كحد السيف لا ان تتعامل معهم على <اساس هذا ابن ست وذاك ابن جارية> وعلى حد قولهم فأن الناس قد تشبعت وعوداً واحلاماً لم يتحقق اي منها على ارض الواقع، وكل ما يتمنونه اليوم ان تُفتح المناطق على بعضها البعض بشكل يمكن لابن الطريق الجديدة ان يذهب الى الضاحية ليبتاع حاجياته من دون ان يشعر انه مراقب او متهم، وان يأتي ابن الضاحية الى هذه البقعة من دون اعتباره متواطئاً أو مشاركاً بقتل الابرياء في سوريا، ولكن هذا لن يتحقق برأيهم الا من خلال طاولة حوار أصلية يجلس الجميع حولها ليخرجوا بعدها باعلان واحد. وبشأن طاولة الحوار المطلوبة، يُشهد انه بعد مخاض عسير وطول انتظار نجح رئيس المجلس النيابي نبيه بري في جمع تيار <المستقبل> وحزب الله الى طاولة حوار واحدة، طبقها الرئيسي انهاء ذيول ومفاعيل التشنجات على الارض، اضافة الى تخفيف الاحتقان المذهبي وملء الفراغ الحاصل في كرسي الرئاسة الاولى كخطوة أولية وأساسية للوصول الى حل سياسي يُنهي حالة التشنج في البلد ويجنبه التداعيات الاقليمية سيما منها الحرب السورية. ومن هنا يحلم اهل الطريق الجديدة بوضع المتحاورين في غرفة واحدة وعدم اخراجهم منها الا بعد اتفاقهم على كافة البنود المطروحة وتقديمها هدية ليس لابناء المنطقتين فحسب، بل لجميع اللبنانيين.

 

ليسوا تكفيريين

هل-يستعيدان-اللقاءات؟ 

يظلم اهل الطريق الجديدة من يحتسبهم ضمن الخط السلفي او التكفيري، فهؤلاء نهلوا من فكر القائد جمال عبد الناصر ومن علم الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وهم باقون على خياراتهم هذه حتّى ولو اضطروا الى ان يبقوا وحدهم ضمن هذا النهج لدرجة تُذهل الفريق الذي يتهمهم بانهم <عملاء> واعداء...، فأهل الطريق الجديدة عندما يُسألون عن خيرة الشباب التي تذهب للموت في سوريا وهذا الملف برأيهم يجب ان يُطوى، يقولون ان الجيش اللبناني أحق بهؤلاء الشبان بدل ارسالهم الى الموت في سوريا، خصوصاً وان خبراتهم القتالية لا تتوافر عند اي بلد آخر بل انها تفوق قدرات العديد من جيوش المنطقة، ويؤكدون ضمن مجالسهم ان كل شاب يذهب الى سوريا يجب ان نمنعه بطريقة تشعره بحجم التكلفة التي يدفعها ويجب ان نُفهمه اننا ما زلنا في حالة حرب مع العدو الاسرائيلي الذي يتربص بنا، ولذلك فإن لبنان أولى وأجدى بأن يحتضنهم وان يبقوا فيه.

وفي الضاحية الجنوبية تتلاقى الامنيات

 

وأما في الضاحية الجنوبية فإن الامنيات لا تقل عن تلك التي تحدّث عنها ابناء الطريق الجديدة، وبرأي معظمهم ان لا وجود لحالات استفزازية بل هناك سياسيون هم الذين يفتعلون هذه الحالات. فالوقت بالنسبة اليهم هو وقت عمل ووحدة، والاولوية يجب ان تُبنى على منع الاستفزازات المتنقلة <شبعنا موت ونريد ان نهنئ فترة قبل ان نلقى وجه الله بأعمالنا ونوايانا>. ويشعر العديد من اهالي الضاحية انهم يعيشون ضمن مربع يُحاصره الموت من الجهات الاربع، فحتى وان غابت فكرة الموت عن بالهم للحظات فهناك الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعيشونه، إذ أنهم اكثر الناس الذين تأثروا به لدرجة ان العديد من المصالح قد تمّ تسكيرها وجرى الاستعاضة بأعمال على قدر الحال، والوضع هذا لا يحلّه سوى حكومة جامعة تضم الموالاة والمعارضة تبحث في قضايا الناس ومعاناتها، ويجب ان يبدأ الاصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي برأيهم من الضاحية ثم مروراً بالبسطة والمصيطبة ورأس بيروت والطريق الجديدة.

الامن والامان والحياة الكريمة اصبحت اقصى طموح اللبنانيين، وما يخرج عن منطقتين مثل الطريق الجديدة والضاحية الجنوبية ليس بالضرورة ان يُمثل كل لبنان، لكن رمزيّة كل منهما تُعتبر نموذجا مصغرا للحياة المتقلّبة التي يعيشها اللبناني منذ سنوات طويلة، ومقارنة بين تطلعات اهالي هذه المنطقة وامنيات المنطقة الاخرى، يقول بعض اقرباء (ابو رامي الخضرجي) الذي تُصادفك بسطة الخضرا الخاصة به عند اول طريق بئر العبد أن الحلم الوحيد الذي يراوده ان يعود ابنه الاوسط من سوريا معافى لكن شرط ان تكون المرّة الاخيرة التي يُغادر فيها المنزل الى ذاك المكان.

وللشارع اللبناني أيضاً كلمته ورأيه في كل ما يحصل خصوصا انه يُعتبر الوقود الذي يُستعمل على الأرض لإشعال نار الفتنة. وعلى هذه الأرض يجلس محمد الألطي في احدى مقاهي الطريق الجديدة مع مجموعة من اصدقائه، يبدأ بحديثه الآتي: منذ زمن بعيد ونحن نسمع من أهالينا وأقاربنا عن المؤامرة التي ادت الى ضرب حركة الناصريين (المرابطون)، وعن التجاوزات التي ارتكبتها بعض التنظيمات اللبنانية المسلّحة بحق أهل السنة وخصوصاً أبناء منطقتنا. ويتابع: صحيح ان للنائب وليد جنبلاط دوراً بارزاً في ذلك الزمن، لكنه عبّر اكثر من مرة عن اسفه وندمه عما بدر من عناصره، لكن هذا الكلام لم نسمعه من قادة حزب الله، وعلى رأسهم الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله الذي نحترمه على الرغم من انه سبق ان اعتبر 7 ايار يوماً مجيداً. يسرح محمد في عقله لثوان قليلة، ليعود ويسأل: أليس 7 ايار يوماً مشؤوماً بامتياز؟ كيف لهم ان يفسّروا حرق منازلنا وأرزاقنا وقتل شبابنا على الطرقات باليوم المجيد؟ وأريد أن أسألهم: لماذا هذا الكره والحقد ضدّنا؟ حتى في مناسباتهم الدينية يتعرّضون لرموزنا الدينية والسياسية.

السابع-من-ايار-تنذكر-وما-تنعاد

الفتنة حاضرة

وعند سؤاله إذا ما كان يعتقد ان لرجال الدين دوراً بارزاً في تحريض الشارع، يأخذ محمد نفساً عميقا من أركيلته، ليعود ويجيب: نعم بعض مشايخنا يعبرون عن سخطهم خلال صلاة الجمعة من التعرض لمشاعر أهل السنة، وهو أمر اعتدنا عليه خلال السنوات الماضية ولغاية الآن لا زلنا نعيشه. حتى ان نظرتهم الى ما يحصل في سوريا مغايرة تماما لنظرتنا وتصل الى حدّ التقليل مما يتعرض له أهل السنة هناك، مع العلم ان الفتنة المذهبية بين الطائفتين الشيعية والسنية في لبنان وراء الأبواب وهي ليست بحاجة الى وقود لإشعالها، إذ ان كل ما تحتاجه هو فتح تلك الأبواب فقط وسنشاهد بعدها السنة اللهب التي ستندلع.

ماذا عن ابن الضاحية الجنوبية؟

مع أنهم يعيشون في وطن واحد، إلا ان لا شيء يجمع بين محمد الألطي ابن الطريق الجديدة وحسين شحرور ابن منطقة الشياح سوى <الأركيلة>. فشحرور يتباهى بأن حزب الله هو الاقوى عسكريا وحتى جماهيريا ويقول: نحن في كل يوم نزداد اقتناعا بأننا على حق وهذا ما يجعلنا متمسكين اكثر فأكثر بالاستقرار الأمني. وعن الكلام الذي يطاولهم من الفريق الآخر في كلّ مناسبة عاشورائية يحيونها، يجيب حسين: هذه المناسبة السنوية ليست لتكريس مشهد الانقسام المذهبي في لبنان ولا لإثارة النعرات بيننا وبين المذاهب الأخرى، بل هي للتأكيد أنّنا نسير ضمن خط صادق وواضح، وبما اننا نملك السلاح الأقوى للدفاع عن حدودنا فهذا خير دليل على أنّنا نحن من يصون البلد من الفتن التي يختلقها بعضهم ويحاول إلصاقها بنا. ويضيف: ان من يريد ان يرى الفتنة المذهبية بشكل كامل عليه ان يستمع الى سياسيّي تيار <المستقبل>، ولو نجحوا في حرب تمّوز 2006 لكانوا رحلونا من البلد، لكن انتصارنا شكّل لهم صدمة لن ينسوها، وهم قد يكررونها في أي لحظة تسنح لهم الفرصة بذلك.

تذكير بيوم الحوار

النائب-علي-عمار 

يوم دخل حزب الله وتيار <المستقبل> الى الحوار الثنائي برعاية العراب رئيس مجلس النواب نبيه بري، كان كل طرف متسلحاً بثوابته وبأولويات يرى من الضروري اعتمادها لا بل تنفيذها كحل أساسي للخروج من شرنقة التجاذبات الداخلية والخارجية. أولويات <المستقبل> كانت تتمثل بلجم التشنج السنّي - الشيعي، والوصول الى حل يقضي بإنتخاب رئيس للجمهورية، وانهاء حالة الشلل الحاصل، وذلك من خلال وصوله مع المكونات الأخرى الى حل توافقي يُرضي جميع الاطراف، حتى ولو كان على حساب مواقف كان اطلقها سابقاً طالما ان مصلحة البلد هي الاساس والاهم بالنسبة اليه والى حلفائه، وهنا يصح القول بـ<المستقبل> ان ليس لديه ما يُقدمه طالما ان اوراقه جميعها واضحة ومعلنة ولا لبُس فيها.

اما من جهة حزب الله فهو كان اكثر مُطالبة بتقديم التسهيلات للوصول الى حل. ولكن لقد كان عليه أن يفتح الطريق امام الاستحقاق الرئاسي تمهيدا للدخول في مرحلة ثانية وهي النقاش حول مواصفات الرئيس الذي يمكن ان تتوافق الاطراف اللبنانية على ترشيحه، وهذا ما يبدو انه ما زال صعبا في الوقت الراهن الا في حال ادرك الحزب اهمية الخروج من الأزمة التي تعصف بالبلد كله، خصوصا ان هناك تشجيعاً اقليمياً للحوار القائم اقله في الظاهر، والذي من المرتقب ان ينسحب على بقية الافرقاء وتحديداً بين القوات اللبنانية وحزب الله بعد التقارب القواتي - العوني.

وكيف ينعكس على الشارع؟

وفي مكان مهم واكثر من ضروري، ثبُت أنه بمجرد اعلان الموعد المحدد للبدء بالحوار، فإن هذا الامر ينعكس ايجابا وارتياحا على الشارع اللبناني عموما والاسلامي خصوصا الذي تعب من الاخذ والرد بين السياسيين الذين يسعرون الحروب المناطقية والمذهبية بحسب اهوائهم ومصالحهم، وكذلك هو الحال لدى جميع اللبنانيين، وهنا تقع المسؤولية في الشق الاول على الطرفين اي حزب الله و<المستقبل> للخروج من هذا الحوار بأقل الأضرار التي يمكن ان تؤمن الارتياح الذي يُنشده هذا الشارع، وهذا ما طالب به ودعا اليه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي منذ البداية عندما قال: <على الطرفين تقديم التنازلات لمصلحة البلد>.

 

ما تفرقه السياسة تجمعه كرة القدم

 

من المعروف ان عصب كرة القدم في لبنان موجود في منطقتي الطريق الجديدة والضاحية الجنوبية. ومن هذه المناطق الاكثر شعبية في بيروت وربما لبنان، يخرج الانقسام الرياضي في البلد كنتيجة طبيعية لتشجيع كل منهما للفريقين الاكثر شعبية في لبنان <الانصار> و<النجمة>. في الطريق الجديدة يُعتبر اكثر السكان من المشجعين لـ<النادي الاخضر> بينما العكس تماما موجود في الضاحية التي تميل ميلا جنونيا للـ<قلعة النبيذية>، وعلى خلفية نتائج المباريات التي تسفر عنها لقاءات الفريقين، تكثر <التزريكات> بين ابناء المنطقتين والتي يمكن ان تصل الى حد الاقتتال في الشارع. لكن الجميع يذكر يوم توحدت المنطقتان بفوز <القلعة النبيذية> ببطولة لبنان، وذلك بعد خمسة اعوام لغياب البطولة عن الفريق. يومذاك خرجت جماهير <النجمة> بمسيرات في شوارع العاصمة رافعة أعلام <القلعة النبيذية> فقط لا غير، وكذلك شهدت الطريق الدولية بين صيدا وبيروت مسيرة ضخمة من السيارات، لكن المشهد الاكثر تعبيرا تمثل لحظة التقاء جماهير الطريق الجديدة بجماهير الضاحية الجنوبية عند طريق المطار حيث ترجل الجميع من سياراتهم وتشاركوا الرقص والدبكة احتفالاً.

 

عمار لـ<الافكار>: هناك اختلاف وليس خلافاً

 

بما ان جذور الاختلاف او الخلاف بين اللبنانيين تعود الى السياسيين انفسهم الذين عليهم ان يُهيئوا الاجواء لأي حوار او تلاقٍ، كان لا بد من الاخذ برأي احد الطرفين المعنيين بالحوار، وفي هذا السياق يؤكد عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب علي عمار لـ<الافكار>: انه بطبيعة الحال فان الحوار هو من الادوات الفاعلة والناجحة في تحصين وتقوية الوعي الجماعي لدى اللبنانيين الذين هم بطبيعة الحال قادرون على تحصين انفسهم ازاء الرياح الخارجية، وهذا ما اثبتوه على مدى العصور والتاريخ. كما وان الوحدة بيننا كلبنانيين تشكّل عاملا اساسيا لادارة ازماتنا، ولذلك اقول اننا على اختلاف في ما بيننا وليس على خلاف، فالاختلاف نعمة تثري وتُغني لكن شرط الا يتحول الى تنازع وخلاف.

وبرأي عمار ان تفتيت الامة يبدأ بتنازعها، وهذا ما يسعى اليه العدو الصهيوني الذي يسعى ايضا الى تقسيمنا لكيانات ووضع حواجز طبقية في ما بيننا، ولكن لا بد من اللحمة بين اللبنانيين وهذا لا يتم الا من خلال الوعي لدينا لان تنازعنا واقتتالنا لا يفيدان سوى اسرائيل التي تعمل ليلاً ونهاراً على تثبيت حالة التشرذم بيننا، ومن هنا يجب ان نظل ونبقى واعين لمخططات اسرائيل، وان ندفع الى مزيد من الحوارات بيننا مقهى-في-بئر-العبد-والسيد-نصرالله-حاضر-على-الشاشةونكرسها كعامل اساسي في علاقاتنا، وان نبقى متيقظين لكل ما يأتي من الخارج الذي لا يريد لنا سوى الفرقة وبث روح العداء بيننا.

 

حوري: التقاتل هو البديل

 

من جهته يعتبر عضو كتلة <المستقبل> النائب عمار حوري ان الحوار الثنائي بين تيار <المستقبل> وحزب الله لم يحقق أهدافه الرئيسية ولكنه خفف من الاحتقان الحاصل في الشارع، مؤكدا أن البديل الوحيد للحوار هو التقاتل. ورغم عدم تقديم اي نتائج ملموسة نتيجة الحوار يؤكد حوري انه يبقى افضل من لا شيء، اذ لا يجوز ان يبقى البلد رهينة التفرد والاستفراد وهذا يأخذنا بالتأكيد الى التعقيد الذي يمكن ان ينتج عنه اشتباك سياسي قد ينعكس على الارض.

ويشير حوري الى ان هناك ربط نزاع مع حزب الله يتمثل بثلاث قضايا: المحكمة الدولية، وتدخله في سوريا، وسلاحه في الداخل، لكن على امل ان نحقق نتائج ملموسة لاحقا واحداث خرق في اي منهم. وعن قانون الانتخابات، يلفت الى ان هناك سبعة عشر مشروعا في مجلس النواب والمطلوب اليوم مناقشتها، مستغربا الشروط التي يضعها البعض لقبول المشاركة في جلسات مجلس النواب، مشددا على أن التشريع أمر ضروري اليوم ولا مفرّ منه، ومع هذا نحمل مسؤولية تعطيل الملف الرئاسي الى ايران ومن ورائها حزب الله والتيار الوطني الحر، مستغرباً تحميل البعض تيار <المستقبل> مسؤولية الفراغ الحاصل رغم أن نوابه حضروا جلسات الانتخاب على مدى سبع وسبعين جلسة.

الانفلات..عود على بدء

 

يبدو ان لكل طرف سياسي لبناني وجهة نظره الخاصة، رغم ان الجميع يتحدث بلغة الحوار والتعقل، والأحداث التي مرت على اللبنانيين لم تترك اثرا يعلمهم معنى العيش المشترك. وبناء عليه، فان يوم غد او بعده لن يكون مغايرا لليوم الذي سبقه، اذ ان هناك مواقف سياسية محرضة ستخرج الى العلن، وسيتبعها احتقان في الشارع يسقط خلاله مزيد من الضحايا، فتتبعه استنكارات وتصاريح ومبالغ مالية علها تعوض الأهالي بعضا مما فقدوه في شارع لم يعد منضبطا. لكن السؤال الاهم: ماذا لو خرج ذات يوم اهالي الضاحية الجنوبية والطريق الجديدة ليعلنوا اتفاقهم على الارض وعلى السياسيين انفسهم؟ هناك من يرد قائلاً: هذا امر لا يمكن ان يحصل طالما ان العقول مسيسة بعقلية سياسيين لا يُنتجون الا القهر وإذكاء الفتنة في النفوس.