تفاصيل الخبر

التوتر بين "القوات" و"التيار" يحرك مساعي البطريرك لترتيب "البيت المسيحي"

30/09/2020
التوتر بين "القوات" و"التيار" يحرك  مساعي البطريرك لترتيب "البيت المسيحي"

التوتر بين "القوات" و"التيار" يحرك مساعي البطريرك لترتيب "البيت المسيحي"

  

[caption id="attachment_81624" align="alignleft" width="376"] البطريرك بشارة الراعي يستقبل زعيم تيار المردة سليمان فرنجيه منذ أيام.[/caption]

 السخونة التي بلغت حداً عالياً بين "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" على اثر الحوادث التي وقعت بين الطرفين في الاسبوعين الماضيين وكان ابرزها توجه مواكب سيارة من "القوات" الى مقر "التيار" في ميرنا الشالوحي في سن الفيل، حركت البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي بعد مراجعات أتته من مرجعيات مسيحية لا تريد ان يعود الشرخ الى العلاقات بين الحزبين المسيحيين واستعادة الصور البشعة من الماضي، ما سوف يضعف الدور المسيحي في لبنان في وقت تتعاظم فيه ادوار قوى سياسية وطائفية اخرى، منها تحت تأثير السلاح، ومنها بالقوة السياسية والتضامن في ما بين افرادها.

 ولعل إدراك البطريرك الراعي بأن الامور متجهة الى التصعيد بين الطرفين، هو الذي جعله يتحرك في اتجاه "القوات اللبنانية" اولاً سعياً لتهدئة الاجواء بعدما ادرك ان "التيار" ليس في وارد "تسخين" الجبهة مع "القوات" وإن كان "التيار" تقدم بدعوى امام القضاء في قضية حادثة ميرنا الشالوحي، لكن امكانية العودة عنها تبقى واردة اذا ما نجح البطريرك في اقناع الطرفين بالالتقاء تحت عباءته والدخول جدياً في مسار مستقيم لمعالجة ما حصل وضمان عدم تكراره خصوصاً ان الظروف العامة في البلاد لا تدعو الى التفاؤل بأن المستقبل السياسي سيكون "مريحاً" لكلا الطرفين في بلد منهار اقتصادياً ومالياً ومضطرب اجتماعياً لألف سبب وسبب.

 من هنا أعاد البطريرك ادارة محركاته بهدف "ترتيب البيت الداخلي" من خلال الركون، الى القواسم المشتركة من اجل منع سقوط لبنان الدولة والكيان الذي كان للمسيحيين عبر التاريخ الدور الكبير في ارسائه. وتتحدث مصادر روحية ان ورشة في ترتيب "البيت المسيحي" يمكن ان تنطلق من المواقف المتقاربة بين "التيار" و "القوات" لجهة التمسك بالدستور في عملية تأليف الحكومة واعتماد مبدأ المداورة في توزيع الحقائب وعدم تكريس حقيبة لطائفة دون اخرى، وهي المواقف التي "تمايز" عنها "التيار الوطني الحر" على لسان رئيسه النائب جبران باسيل عن حليفه التقليدي حزب الله، اضف اليها دعم نداء البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الى اعلان حياد لبنان الناشط وإبعاده عن صراعات المنطقة.

 ويبدو ان البطريرك الراعي وجد في هذه المواقف "أرضاً خصبة" لتقريب المسافات بين الحزبين المسيحيين، كمقدمة لتوحيد الساحة الداخلية عامة والمسيحية خاصة من اجل مواجهة الخطر الوجودي الذي يهدد لبنان بصوت واحد ولمنع سقوط الهيكل فوق رؤوس الجميع.

 وفي الاطار، اوضح مصدر في "القوات اللبنانية" ان البطريرك غمز من قناة "ترتيب البيت المسيحي" من خلال تمنيه خلال لقاء وفد من "القوات" ان يكون المسيحيون على موقف واحد لمواجهة التطورات الآتية على البلد. لكن "القوات" اكدت للراعي انه لا يمكن توحيد المواقف المسيحية الا تحت سقف اعلان بكركي حياد لبنان، ومن هذا المنطلق فإن "القوات" مستعدون لأي تلاق وحوار مع معظم القوى السياسية التي تؤمن بحياد لبنان "لأننا حال واحد مع من يؤمن بحياد لبنان، لذلك لا يمكن الحوار مع اي طرف آخر إلا تحت سقف نداء الحياد".

 في المقابل يقول عضو "تكتل لبنان القوي" اننا لن نرفض دعوة البطريرك الراعي الى عقد لقاء مسيحي، مع انه جرى التوافق على مسائل كثيرة في لقاءات سابقة الا انها لم تحترم، واذ رفض لغة الشتائم والتهجم على المقامات، لفت الى "ان لا نية لدينا بتوتير الساحة الداخلية وتحديداً المسيحية، لأن البلد الغارق بأزمات اقتصادية ومالية بغنى عن تشنجات سياسية ومذهبية". وتحدث عن قرار داخل "التيار الوطني الحر" بعدم الرد على الاستفزازات والشتائم والسجالات، لأن همنا يركز على كيفية ايجاد الحلول للازمات التي تعصف بالبلد، مشيراً الى "ان البلد يحتاج الى تضافر جهود الجميع من اجل معالجة المشاكل التي لا تفرق بين لبناني وآخر. الازمات المعيشية كثيرة، والبلد في غنى عن اي توتر من اي جهة سياسية أتى".

تفعيل مساعي البطريرك

 وعليه، تتوقع مصادر روحية ان يفعل البطريرك مساعيه "التوحيدية" بعد عودته هذا الاسبوع الى بكركي بعدما امضى فصل الصيف في المقر البطريركي في الديمان، لأن التواصل في بكركي يكون عادة اسهل من الانتقال الى الديمان. وتضيف المصادر ان ما يشجع البطريرك على ادارة محركاته التناغم الذي برز بين مواقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والبطريرك الراعي في ما خص عدم تخصيص حقيبة وزارية لطائفة معينة وتأييده مبدأ المداورة في الحقائب الوزارية مستنداً الى مواد الدستور التي لا تتحدث عن حق طائفة أياً كانت في احتكار حقيبة. وبدا الرئيس عون وكأنه يردد ما قالــــه البطريرك في عظــــة قداس شهداء "المقاومة اللبنانية" في سيدة ايليج عندما سأل سيد بكركي: بأي حق تطالب طائفة بالاحتفاظ بحقيبة كأنها ملك لها وتعطل تأليف الحكومة ولا يهمها ما تسبب من أذى للبلاد؟ .

عون الذي كان وقف امام الاعلاميين وتحدث عن المداورة ليس عون نفسه الذي كان منذ بداية العهد مدافعاً عن "حزب الله" .

 ويعيد المطلعون سبب مواقف عون المتقدمة الى انها تأتي اولاً في سياق دعم جهود انجاح المبادرة الفرنسية وأنها "مبادرة انقاذية للوطن وللعهد ايضاً"، ثانياً تأتي في سياق الاصرار على المداورة اذ ان العهد ومن خلفه رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل لا يقبل بالتخلي عن وزارة الطاقة في حين تترك وزارة المال مع حركة "امل"، اما السبب الثالث فيعود الى سيف العقوبات المصلت على رقاب رجال العهد وأبرزهم باسيل.

 في اي حال البطريرك الراعي باشر خطواته التمهيدية باستقباله قبل ايام زعيم تيار "المردة" سليمان فرنجية لضمان موافقته على المشاركة في اي لقاء يصلح ذات البين داخل البيت الماروني، وحصيلة اللقاء كانت ايجابية.