تفاصيل الخبر

التنازع على البلوك رقم 9 قد يجر الى حرب بين لبنان وإسرائيل إذا لم يتم الترسيم البحري

15/07/2020
التنازع على البلوك رقم 9 قد يجر الى حرب بين لبنان وإسرائيل إذا لم يتم الترسيم البحري

التنازع على البلوك رقم 9 قد يجر الى حرب بين لبنان وإسرائيل إذا لم يتم الترسيم البحري

بقلم طوني بشارة

 

رئيس إتحاد نقابات العاملين في قطاع الغاز والتنقيب في لبنان مارون الخولي: التنقيب في البلوكين 9 و4 يمنع أي طرف من الطرفين من سرقة أي مكمن مشترك للغاز أو النفط في حال وجد

[caption id="attachment_79522" align="alignleft" width="369"] البلوك رقم 4 ..والبلوك رقم 9 المتنازع عليه[/caption]

 بعد خيبة أمل اللبنانيين فيما يتعلق بالبلوك رقم 4 ظهر الحديث مجدداً عن إمكانية وقوع تنازع ما بين لبنان وإسرائيل فيما يتعلق بملكية بلوك رقم 9، لا سيما في ظل تسريب  قرار لنية إسرائيل ببدء التنقيب في البلوك المتنازع عليه. فما أسباب خيبة الأمل ؟ ومن يتحمل المسؤولية؟ وما دوافع الصراع على بلوك رقم 9 ؟ وهل من حرب قريبة ما بين لبنان وإسرائيل ؟ 

تساؤلات عديدة للإجابة عنها التقت "الأفكار" رئيس اتحاد نقابات العاملين في قطاع الغاز والتنقيب في لبنان مارون الخولي الذي افادنا قائلاً:

ـ للبلوك 4 أهمية تاريخية وعاطفية في وجدان اللبنانيين الذين أملوا أن يدخلهم هذا البلوك في الدول المنتجة للنفط ، وأن يؤمن لهم ثروة نفطية تؤشر على خروجهم من واقعهم الاقتصادي والمالي والاجتماعي المتداعي والمدمر. هذا التفاؤل بني على حملات سياسية بأن لبنان سيصبح بلداً منتجاً للنفط، وأن الثروة ستتدحرج بعد حفر أول بئر. لكن ومع الأسف هذه الآمال خابت سريعاً وأضيفت كمحطة جديدة لخيبات الأمل في الذاكرة التعيسة للشعب اللبناني.

 

الخولي وخيبة الأمل!

 

*من يتحمل مسؤولية خيبة الأمل الجديدة؟ وهل كان من الممكن تفاديها ؟

- هناك ثلاثة إخطاء رافقت عملية التنقيب في البلوك رقم 4 بالمياه اللبنانية، وأدت الى إحباط اللبنانيين بشكل دراماتيكي من قطاع إعتبروه خشبة الخلاص من مشاكلهم الاقتصادية والمالية والاجتماعية، وهي تندرج بتسلسل من حيث المسؤولية ومن جهة الرؤية المفترض تكوينها لهذا القطاع :

ـ الخطأ الأول: بدء مع قدوم الحفارة Tungsten Explorer في 25 شباط من العام الحالي بحيث عمدت وزيرة الطاقة السابقة ندى بستاني لدى وصولها إلى لبنان الى القيام بجولات تفقدية، ومؤتمرات صحافية، وإغداق الوعود والتأكيد على أن لبنان اصبح بلداً نفطياً، في وقت كان يجب أن يمر خبر وصول هذه السفينة كخبر تقني متخصص يصدر عن وزارة الطاقة دون اي استنتاجات او مقدمات او توقعات وبالتالي كان يجب أن يركز الخبر على عملها التقني في حفر البئر الاستكشافية الاولى.

وتابع الخولي قائلاً:

ـ الخطأ الثاني: يتحمل مسؤوليته وزير الطاقة الحالي ريمون غجر الذي دعا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى رعاية اطلاق أعمال باخرة التنقيب عن النفط Tungsten Explorer في البلوك رقم ٤، اضافة الى حضور رئيس مجلس الوزراء حسان دياب، والذي اعتبر بأن هذه الخطوة تشكّل أملاً في تجاوز لبنان الأزمة الاقتصادية ، وما يعني ذلك من بناء قصور من الآمال للبنانيين على رمل التوقعات لاضافتها الى لائحة الانجازات الحكومية والتي تجاوزت 97% ، بحيث كان من المفترض من  وزارة الطاقة حصر عمل باخرة الحفر بأخذها لعينات من الطبقات الجيولوجية في قعر البحر لفحصها ودراستها، وهذه العملية تستغرق شهرين من الحفر وشهرين آخرين لدراستها في المختبرات التابعة لشركة توتال في فرنسا وذلك لدراسة العيّنات و تحديد نسبة الهيدروكاربون الموجودة في البحر لاتخاذ القرار المناسب في الحفر او في إغلاق البئر، وفي حال وجود مكمن تجاري للغاز في هذه البئر. ساعتئذ على وزارة الطاقة دعوة فخامة رئيس الجمهورية ليتم اطلاق عملية الانتاج بحضوره ورعايته وبالتالي يستطيع رئيس الجمهورية أن يبني على هذه البئر آمالاً بحجم مكنوناته وسعته وقدرته الانتاجية .

واستطرد الخولي:

ـ الخطأ الثالث : بأن تمثل في ما سبق إعلان النتائج الأولية لحفر أول بئر استكشافية للنفط في المياه الإقليمية اللبنانية من تسريبات صحفية قبل ايام من اعلان النتائج الرسمية من قبل وزارة الطاقة، وهذا يشكل مخالفة جوهرية لاتفاقية الاستكشاف والانتاج للانشطة البترولية الخاصة بالبلوك رقم 4 وخسارة تجارية تمثلت بتأجيل الدورة الثانية للتراخيص لـتلزيم التنقيب عن النفط والغاز في البلوكات  الخمسة المعروضة من البحر اللبناني . إن هذا التسريب يشيرالى أن ملف الغاز والنفط خرج عن إطاره التقني التنظيمي  ليدخل في اطار التجاذبات السياسية المحلية وفي الرسائل الاقليمية والدولية للبنان .

*هل من تفسير دقيق للتسريب ومدى علاقته بالتجاذبات السياسية؟

- تسريب المعلومات عن نتائج حفر أول بئر استكشافية للنفط بهذا الشكل الفاضح عبر جريدة محلية وعبر تغريدة لصحافي لبناني قبل ايام من الاعلان الرسمي لوزير الطاقة، لا يجوز، لأن هذه المعلومات وحسب عقد اتفاقية الاستكشاف والإنتاج الموقعة في العام ٢٠١٨، تتضمّن الشروط المحدّدة للاتفاقية المبرمة بين الدولة اللبنانيّة وائتلاف شركات توتال TOTAL ، وإيني ENI ، ونوفاتيك Novatek ، وهذه الشروط المرتبطة باستكشاف وإنتاج مكامن النفط والغاز في الحقلين ٤ و ٩ في المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان لاسيما المادة 35 منها، تفرض على الائتلاف الالتزام بالسرية لناحية جميع المعلومات والبيانات والتحليلات والنتائج التي تم جمعها والمتعلقة بالانشطة البترولية ولا يجوز افشاؤها او اعطاؤها من قبل اصحاب الحقوق الى اي طرف ثالث من دون الموافقة المسبقة الخطية لوزير الطاقة، وبالتالي فإن تسريب معلومات بهذه الاهمية والسرية يشكل مخالفة صارخة وخطيرة لبنود العقد وعلى الحكومة اللبنانية احالتها الى التحقيق القضائي فوراً ،علماً أن هذه الاتفاقية تخضع للقانون اللبناني المرعي الاجراء وذلك بغية معرفة الجهة المسربة لهذه المعلومات خصوصاً وأن هذا التسريب شكل ضرراً جسيماً مادياً ومعنوياً للبنان في الخارج والداخل لناحية قدرت حكومته على ادارة قطاع النفط والغاز وفقاً لمعايير الحوكمة الرشيدة .

التسريب والضرر!

 

[caption id="attachment_79523" align="alignleft" width="376"] مارون الخولي: تسريب المعلومات عن نتائج الحفر قبل الاعلان الرسمي والاستخدام السياسي له يطيح بكل معايير الشفافية في قطاع الغاز والنفط[/caption]

*ما الغاية من وراء هذا التسريب؟ وهل من أضرار ناجمة عنه؟

- في حال ثبوب هذا التسريب عن النتائج الاولية لحفر أول بئر استكشافية للنفط في المياه الإقليمية اللبنانية من قبل اصحاب الحقوق (ائتلاف شركات التنقيب ) فإن ذلك يشكل مخالفة مهمة لبنود العقد من الممكن أن تتسبب في إنهاء الاتفاقية بحسب المادة 36 منها وعلى مسؤوليتهم . ونحن ما زلنا ننتظر من الحكومة اللبنانية احالة هذا التسريب الى القضاء اللبناني خصوصاً وأن هذا التسريب المتعمد لنتائج الحفر وقبل خمسة ايام من فتح دورة الترخيص الثانية التي تم تأجيلها اعطى اشارة سلبية الى شركات التنقيب المهتمة بأن عملية الاستكشاف في الرقعة رقم 4 تثبت جفاف البئر التي حفرت ، وبالتالي تسبب هذا التسريب اضافة الى الخسارة المعنوية التي اشرنا اليها الى خسارة تجارية للبنان لا تقدر، من تداعياتها الاولى تأجيل الدورة الثانية للتراخيص ،علماً أن التقرير النهائي لنتائج الأولية لحفر أول بئر استكشافية للنفط في المياه الإقليمية اللبنانية يحتاج لاصداره مفصلاً شهرين من قبل شركة توتال وبالتالي  كان من المقرر أن يصدربعد انتهاء دورة التراخيص الثانية وهذا الامر يشكل علامة استفهام كبيرة لأهمية توقيت التسريب.

وتابع الخولي قائلاً:

ـ إن ما حصل من تسريب للمعلومات عن نتائج الحفر قبل الاعلان الرسمي والاستخدام السياسي لهذا التسريب يطيح بكل معايير الشفافية في قطاع الغاز والنفط في لبنان، ويحمل الحكومة اللبنانية نتائج انزلاق هذا الملف في أتون الصراع السياسي في لبنان والتآمر على ثروته النفطية اقليمياً ودولياً وبالتالي انهيار كل منظومة الشفافية التي تم تكوينها منذ سنوات من خلال قوانين ومراسيم في التشريعات الوطنية والتي تعزز الشفافية والمساءلة في هذا القطاع وتشجع الشركات الدولية في الاستثمار في هذا القطاع. وبكل الاحوال  فإن النتائج الأولية الناجمة عن حفر البئر الاستكشافية في البلوك 4 لم يتم فيها العثور على مكمن للغاز بكميات تجارية لكنها أثبتت وجود الغاز داخل الطبقات الجيولوجية في المنطقة الجيولوجية المحاذية للساحل اللبناني مما يجعل من هذه المنطقة منطقة جيولوجية واعدة مستقبلاً .

*يقال إن هناك صراعاً على البلوك 9 ما بين لبنان واسرائيل، فما هي دوافعه وأسبابه؟

ـ البلوك 9 من البلوكات الواعدة ويعود تاريخ هذه الرقعة إلى عام 2009 حين اكتشفت شركة "نوبل للطاقة" الأميركية كمية من احتياطي النفط والغاز في الحوض الشرقي من البحر الأبيض المتوسط وهو بلوك من اصل 10 بلوكات على مجمل مساحة المياه الإقليمية اللبنانية يقدر بحوالي 22 ألف كيلومتر مربع، في حين تبلغ المساحة المتنازع عليها مع إسرائيل 854 كيلومتراً مربعاً، وهي داخل البلوك رقم 9 ، وقد شرع لبنان في التنقيب عن النفط والغاز قبالة سواحله، ووقع في 9 فبراير/شباط 2018 عقداً مع ائتلاف شركات دولية هي "توتال" الفرنسية و"إيني" الإيطالية و"نوفاتيك" الروسية للتنقيب عن النفط والغاز في المجمعين 4 و9 بمياهه الإقليمية. وقد اثار تلزيم التنقيب في البلوك 9 ردود فعل اسرائيلية عنيفة حيث أدانها في حينها وزير دفاعها "أفيغدور ليبرمان" الذي وصف الأمر بأنه خطوة "استفزازية للغاية"، كما حث الشركات الدولية على عدم المشاركة، في حين أكد وزير الطاقة الإسرائيلي "يوفال شتاينتز" أن جزءاً من المجمع رقم 9 يوجد في المياه التي تقول إسرائيل إنها تابعة لها.

وتابع الخولي قائلاً:

ـ ردة الفعل الاسرائيلية السابقة قابلتها ردة فعل لبنانية مشابهة اليوم حين صادقت الحكومة الإسرائيلية منذ اسبوع  تقريباً على التنقيب عن الغاز في المنطقة البحرية المسماة "ألون دي" وهي البلوك رقم 72 السابق، والذي يقع بمحاذاة البلوك رقم 9 اللبناني وهذا الامر يدل على تثبيت معادلة الردع النفطي منصة نفطية لبنانية مقابل منصة نفطية إسرائيلية، والاكثر من ذلك أن بداية مسار التنقيب في البلوك 72 يتزامن مع اقتراب عملية التنقيب والتي سيباشر ائتلاف شركات توتال وإيني ونوفاتيك في عملية الحفر في البلوك 9  اللبناني في حال حصلت ستكون نتيجة الوساطة الاميركية التي بدأت عام 2012 حين تقدم الموفد الأميركي "فريدريك هوف" بمقترح إلى لبنان يقوم على إعطاء 360 كيلومتراً مربعاً من المياه اللبنانية لإسرائيل من أصل 860 كيلومتراً مربعاً هي مجموع مساحة ما يسمى الحقل النفطي رقم 9، وبالتالي يحصل لبنان على ثلثي المنطقة الاقتصادية مقابل ثلث لإسرائيل غير أن لبنان رفض هذا المقترح على أساس أن المنطقة بكاملها ضمن المياه الإقليمية اللبنانية مع العلم بأن الوساطة الاميركية ما زالت قائمة لتاريخه.

وأضاف:

ـ إن القراءة او التحليل في خطوة اسرائيل في التنقيب في البلوك 74 في هذا الوقت  ليتزامن مع اعمال التنقيب في البلوك 9 اللبناني تعتبر مقرونة بتوافق اميركي مما يعني نجاح الوساطة الاميركية بحيث إن التنقيب في البلوكين يخلق استقراراً على المستوى الامني ويمنع اي طرف من الطرفين من سرقة اي مكمن مشترك للغاز او النفط في حال وجد وبالتالي فإن تزامن اعمال التنقيب في البلوكين وراؤه المايسترو الاميركي والذي يسعى الى ترسيم الحدود بين لبنان وشمال فلسطين المحتلة (اسرائيل) لانهاء النزاع الحدودي البحري بين لبنان وإسرائيل

*متى تبدء شركة توتال في التنقيب في البلوك 9 ؟

ـ إن شركة توتال او الائتلاف النفطي والتي كان يفترض أن يبدأ التنقيب في البلوك رقم 9 نهاية 2020، أجلّت في مرحلة أولى التنقيب إلى الربع الأول من عام 2021  لأسباب سياسية بحيث كانت تامل أن تنجح الولايات المتحدة الاميركية في تسوية سياسية  لعملية ترسيم حدود بين لبنان وشمال فلسطين المحتلة (اسرائيل ) من هنا فإن مصلحة لبنان أن يسعى الى الضغط على فرنسا لتباشر شركة توتال عملية التنقيب قبل أن تنتهي المدة المحددة للشركة في التنقيب بحسب العقود مع الدولة اللبنانية في 24 مايو(أيار) 2021، علماً أنه في حال تخلفت الشركة عن تنفيذ تعهداتها ولم تبادر إلى التنقيب قبل هذه المهلة في البلوك 9 فستخسر الكفالة التي دفعتها بقيمة 40 مليون دولار.

*هل من الممكن أن تتم عمليات التنقيب في البلوكين وما هي تداعياته؟

ـ إن تلزيم البلوكين اللبناني 9 والاسرائيلي 74 في الوقت عينه سيجنب المنطقة حرب مدمرة، ونحن اذ نعول على الوساطة الاميركية بأن تنجح في ترسيم الحدود البحرية وفي تبريد الاحتقان وتحييد المصالح النفطية في المياه الاقليمية عن الصراع القائم بين لبنان واسرائيل .

*تكلمتم عن تجنيب المنطقة حرب مدمرة في حال تلزيم البلوكين ماذا يعني هذا الامر؟

ـ نعم في حال لبنان بدء بالتنقيب عن النفط والغاز في البلوك 9 واكتشف مكمن تجاري، وتم اكتشاف مخزونات مشتركة تمتد أفقياً بين الحدود حتى المياه الإقليمية اللبنانية وفي المنطقة التي تدعي اسرائيل زوراً ملكيتها او المنطقة المتنازع عليها بحسب التعبير الدولي، ستقوم الاخيرة بشن عدوان حربي لتدمير هذه المنصة وبغطاء دولي، وهذا الأمر سيجر الى حرب في كل المنطقة، والعكس صحيح في حال قامت اسرائيل بالتنقيب عن النفط والغاز في هذه الرقعة فستكون ردة فعل لبنان مماثلة .

*بماذا تطالبون الحكومة اللبنانية في هذه الفترة الفاصلة والمهمة؟

-على الحكومة أن تعمل على انجاز القوانين المتعلقة بتعزيز الشفافية في قطاع النفط والغاز، و إصدار مرسوم "السجل البترولي" لكونه أداة عملية لمكافحة الفساد، وتعزيز مبادئ الشفافية في قطاع البترول وتنفيذ قانون "تعزيز الشفافية في قطاع النفط والغاز" وقانون "الحق في الوصول إلى المعلومات". كما أننا نطالب المجلس النيابي إقرار اقتراحات ومشاريع قوانين في أدراجه اهمها اقتراح قانون الصندوق السيادي اللبناني، وإقتراح قانون إنشاء مديرية عامّة للأصول البترولية في وزارة المالية اضافة الى إقتراح قانون شركة البترول الوطنية اللبنانية، ومشروع قانون الموارد البترولية في الأراضي اللبنانية وإقرار هذه الاقتراحات من شأنه أن يرسل اشارة واضحة حول التزام لبنان بتعزيز معايير الشفافية في هذا القطاع .