تفاصيل الخبر

التمثيل الأرمني في الحكومة العتيدة يؤمن الثلث المعطل أو "الوزير الملك"؟!

24/02/2021
التمثيل الأرمني في الحكومة العتيدة يؤمن الثلث المعطل أو "الوزير الملك"؟!

التمثيل الأرمني في الحكومة العتيدة يؤمن الثلث المعطل أو "الوزير الملك"؟!

  

[caption id="attachment_86186" align="alignleft" width="393"] الرئيس ميشال عون والنائب اغوب بقرادونيان.[/caption]

  ما من مرة كان للتمثيل الأرمني في الحكومة أهمية كما بدا في هذه الأيام من خلال الصراع على تشكيل الحكومة، الأمر الذي اعطى لنواب الطائفة الأرمنية حيزاً لم يكن يحصلوا عليه في السابق سواء ضمت الحكومات نائباً أرمنياً واحداً او نائبين وما من مرة تم تجاوز هذا العدد. اما سبب "الأهمية" التي أعطيت للتمثيل الأرمني في الحكومة التي لم تبصر النور بعد، فيعود الى كون الرئيس المكلف سعد الحريري ينوي احتساب الوزير الأرمني من حصة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون و"تكتل لبنان القوي"، أي ما مجموعه ستة وزراء مسيحيين في حين يصر الرئيس عون على الحصول على ستة وزراء من دون الوزير الأرمني الذي يصنفه بــ"الوزير المستقل" وإن كان حزب الطاشناق عضواً في "تكتل لبنان القوي" الذي يرأسه النائب جبران باسيل. وعند هذا الإصرار المتبادل والمتناقض تقف مسيرة تشكيل الحكومة امام عقبة جديدة لم تنجح الاتصالات في تذليلها على رغم المحاولات التي بذلت على هذا الصعيد في اكثر من مجال.

 لقد وصلت الاتصالات التي أجريت على هذا السبيل الى حد إعطاء الوزير الأرمني صفة "الوزير الملك" أي الوزير المقبول من طرفي رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، مستذكرين بذلك تجربة كانت حصلت خلال عهد الرئيس ميشال سليمان عندما احتسب الوزير الشيعي عدنان السيد حسين على أساس انه "الوزير الملك" الذي يقف على الحياد بين فريقي ما كان يعرف بـــ 8 و 14 آذار، الا انه عند "الحشرة" اصطف "الوزير الملك" مع وزراء فريق "  آذار" ما أدى الى "تطيير" الحكومة برمتها بعد استقالة الوزراء الـــ 11 في حكومة كانت مؤلفة من 30 وزيراً، وذلك في لحظة حرجة خلال دخول الرئيس سعد الحريري الذي كان رئيساً للحكومة آنذاك الى البيت الأبيض للاجتماع بالرئيس الأميركي باراك أوباما!.

وانطلاقاً من هذه التجربة، لا يبدو الجانب الأرمني متحمساً لأن يكون وزيره في الحكومة العتيدة "وزيرا ملكاً" ذلك ان لحزب الطاشناق حساباته كما يقول أمينه العام النائب اغوب بقرادونيان الذي تربطه علاقة طيبة مع الرئيسين عون والحريري ولا يرغب بالتالي ان يكون حزبه "بيضة القبان" في الحكومة، وهو يقول في هذا المجال إنه لا يريد وضع حصة فريقه في سلة أي فريق والحاقها بأحد رغم وجوده في "تكتل لبنان القوي"، لكنه يتمايز عنه في بعض القضايا. ويسأل بقرادونيان عن عدم العثور على اسم ارمني في اللائحة الملونة التي رفعها الرئيس الحريري في كلمته في ذكرى والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري والتي قال إن الرئيس عون سلمه إياها وهي تضم أسماء شخصيات رشحها رئيس الجمهورية لدخول الحكومة، وإن كانت مصادر بعبدا تقول إن هذه اللائحة هي مجرد "تجميع أسماء" ليس اكثر، ويضيف بقرادونيان ان حزبه لا يقبل باسقاط الأرمني المرشح للتوزير من دون المرور في مقر الحزب في برج حمود، وفي تلك العبارة إشارة واضحة الى ان حزب "الطاشناق" ليس في وارد القبول بألا يعامل كما عوملت الأحزاب الأخرى، أي ان تُسأل عن اسم مرشحها للحكومة، لا ان "يهبط" هذا الاسم "من فوق" من دون استشارة مسبقة.

القصة من أولها...

 والجدل حول التمثيل الأرمني في الحكومة العتيدة له قصته، فخلال الاجتماعات بين الرئيس عون والرئيس الحريري لمناقشة موضوع تشكيل الحكومة قال الرئيس عون إنه لا يريد احتساب الوزير الأرمني من ضمن الوزراء الستة الذين يختارهم لتمثيله في الحكومة، فرد الرئيس الحريري متسائلاً عن السبب خصوصاً ان حزب الطاشناق عضو في "تكتل لبنان القوي"، فرد الرئيس عون بأن "الطاشناق" يريد ان يبقى مستقلاً في الحكومة وليس من ضمن "التكتل" وذلك لاسباب عدة منها ان الكتلة الأرمنية سمت الرئيس الحريري في الاستشارات النيابية الملزمة خلافاً لموقف "تكتل لبنان القوي"، وكانت تلك خطوة أولى في مسيرة "التمايز" التي أرادها حزب الطاشناق عن "التكتل". وأضاف الرئيس عون انه خلال الحكومة التي رئسها الرئيس الحريري كانت مواقف وزير "الطاشناق" تخالف في حالات كثيرة مواقف وزراء "التكتل" في المواضيع المطروحة والتي كانت موضع خلاف، ولاسيما منها موضوع الكهرباء الذي كانت تدور حوله نقاشات لها أول وليس لها آخر، وكان يقف الجانب الأرمني في موقع مخالف لوزراء "التكتل". لم يقتنع الرئيس الحريري بطرح الرئيس عون واصر على احتساب الوزير الأرمني من حصة "التكتل" أي 6 وزراء على أساس انه اذا تم احتسابه من خارج وزراء "التكتل" الستة يصبح العدد 7 وزراء أي الثلث المعطل. وكــان يشكك الحريري في بقاء الوزير الأرمني على الحيـــاد بعد تشكيل الحكومة معتبراً انه سيصبح في صف وزراء "التكتل"...

الطاشناق : نريد الحياد

 ويروي مطلعون ان رئيس الجمهورية الذي أصرّ على موقفه بعدم احتساب الوزير الأرمني من ضمن حصته، صارح الجانب الأرمني بموقفه منعاً لأي التباس وحتى لا يهتز التحالف القائم بين الأرمن و"التيار الوطني الحر"، حيث ابدى النائب بقرادونيان تفهماً لموقف الرئيس عون واعلن مراراً ان حصة الحزب "منفصلة" عن حصة "تكتل لبنان القوي"، ورئيس الجمهورية، وهو أشار الى اتفاق مع النائب باسيل حول هذه المسألة معمماً إيضاحات حول موقف الطاشناق قال فيها صحيح اننا ككتلة النواب الأرمن ضمن تكتل لبنان القوي، لكن الكتل النيابية تتمثل في الحكومة كأحزاب، وهذا ما نطالب به كحزب له التمثيل الشعبي، لاسيما ان الاتفاق بيننا وبين "التيار" مبني على احترام الاختلاف بالرأي والتمايز في المواقف، وهذا ما تجسد بشكل واضح في تسمية الحريري في الاستشارات النيابية، وقبلها كنا ذاهبين لتسميته أيضاً قبل ان ينسحب هو ويكلف حسان دياب رئيس للحكومة. وبالتالي يرفض بقرادونيان استباق موقف "الطاشناق" واعتبار انه تلقائياً سيكون ضمن "الثلث المعطل" للحكومة، قائــلاً "موقفنا نتخذه بناء على الموضوع المطروح وهو قد يتقاطع مع رأي "التكتل" وقد يختلف عنه".

وعن الوزارة المطروحة لتكون من حصة الأرمن، اكد بقرادونيان انه لم يتم الحديث معهم بهذا الشأن لا من قبل رئيس الجمهورية ولا من قبل الرئيس المكلف، حتى ان لائحة الأسماء التي سربت لم تتضمن مرشحاً ارمنياً، ويقول "عند انتهاء المشاورات والوصول الى المرحلة النهائية يمكن الحديث عن الموضوع".

وتعبّر مصادر "الوطني الحر" عن وجهة النظر نفسها وتقول الطاشناق اعلنوا انهم يريدون ان يكونوا مستقلين ولا يريدون ان يحسبوا ضمن حصة رئيس الجمهورية وكتلة "لبنان القوي" لتمايزهم في أحيان كثيرة عن التكتل، والدليل على ذلك ان نوابهم الثلاثة سموا الحريري في الاستشارات النيابية فيما حجبت "كتلة لبنان القوي" التسمية عنه، وتلفت المصادر أيضاً الى ان "ممثل الطاشناق في حكومة الحريري كان يصوت في أحيان كثيرة خلافاً لموقف التكتل، وهذا ما يؤكد على ضرورة ان يكون تمثيلهم منفصلاً عنه".

 لكن "تيار المستقبل"، لا يرى ان هذه التبريرات واقعية، ويقول مصدر فيه انه طالما ان "الطاشناق" جزء من "لبنان القوي" فلا يمكن الفصل بينهما. ويجدد ما قاله الحريري لجهة ان تاريخ كتلـــة "الطاشناق" منذ التكتل السابق الــذي حمــــل "الإصلاح والتغيير" وصولاً الى "لبنان القوي" مرتبط بــ "الوطني الحر" وهذا ما تعكسه مواقف نوابه في البرلمان، وبالتالي الحديث اليوم عن الفصل بينهما ليس الا التفافاً للحصول على الثلث المعطل، وهذا ما لن يحصل بتأكيد الرئيس الحريري.

ويضيف المصدر:

 "هذا الفريق "التيار الوطني الحر" وحلفاؤه، يملكون الأكثرية في البرلمان، وبالتالي بإمكانهم حتى اسقاط الحكومة، لكن يبدو ان التمسك بالثلث المعطل مرتبط بأمور مستقبلية لاهداف متعلقة برئيس التيار النائب جبران باسيل الذي يريد ان يحكم بمعزل حتى عن حلفائه الذين يرفضون هم أيضاً حصوله على الثلث المعطل، وبيان رئيس البرلمان نبيه بري الأخير حول هذا الامر لا ينفصل، عن موقف "حزب الله" وإن كان الأخير لا يقوم بالجهود اللازمة لحل هذا الأمر".