تفاصيل الخبر

التمديـــد لـ”اليونيفيــــل“ يواجــــه ضغطـــاً أميركيــــاً لخفض موازنتهــا وتعديل مهامهــا... وسحب حــزب الله!

25/07/2019
التمديـــد لـ”اليونيفيــــل“ يواجــــه ضغطـــاً أميركيــــاً  لخفض موازنتهــا وتعديل مهامهــا... وسحب حــزب الله!

التمديـــد لـ”اليونيفيــــل“ يواجــــه ضغطـــاً أميركيــــاً لخفض موازنتهــا وتعديل مهامهــا... وسحب حــزب الله!

 

وسط الانشغالات اللبنانية الداخلية، من اقرار موازنة العام 2019 في مجلس النواب وما رافقها من تجاذبات وردود فعل، الى تعثر معالجة ذيول أحداث منطقة قبرشمون في قضاء عاليه التي جمدت جلسات مجلس الوزراء أكثر من ثلاثة أسابيع والحبل على الجرار... وسط كل ذلك يترقب لبنان ما ستكون عليه ردود فعل الدول الكبرى الأعضاء في مجلس الأمن الدولي لدى طرح المطلب اللبناني بالتمديد للقوات الدولية العاملة في الجنوب (اليونيفيل) سنة جديدة استناداً الى قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701، خصوصاً بعدما حدد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ان هذا التمديد يريده لبنان من دون أي تبديل في مهام <اليونيفيل> ونطاق عملها، ومن دون أي خفض لموازنتها التي تموّل من اعتمادات خاصة بالمهمة في الأمم المتحدة.

وتعود أسباب الترقب اللبناني الذي يشوبه بعض الحذر، الى المعلومات التي تواترت الى بيروت عن وجود <مناخ> دولي جديد حيال مقاربة ملف <اليونيفيل>، يختلف عن المناخات الايجابية التي سادت طوال الأعوام الماضية منذ صدور القرار 1701، وهو المناخ نفسه الذي ساد العام الماضي في مثل هذه الأيام مع اقتراب موعد التمديد للقوات الدولية، والذي قادته الولايات المتحدة العام الماضي وتمكنت فرنسا من تأجيل مفاعيله سنة كاملة. إلا ان واشنطن عادت منذ مدة لتحرك هذا الملف من جديد من زاويتين، الأولى عدم تطبيق القرار 1701 تطبيقاً كاملاً مع استمرار وجود سلاح حزب الله في منطقة العمليات الدولية، وعدم تجاوب الحزب في سحب عناصره من هذه المناطق بحجة أنهم من أبناء هذه البلدات ولا يمكن أن يغادروا منازلهم. أما الزاوية الثانية فهي مالية إذ تلوح الإدارة الأميركية بتطبيق قرار تقليص مساهمتها المالية في ميزانية <اليونيفيل> أسوة بغيرها من المنظمات الدولية التي تراجع منسوب المساهمة المالية الأميركية في موازناتها.

تحرك لإقناع واشنطن...

وعلى رغم وجود قناعة لدى المسؤولين اللبنانيين بالترابط القائم بين <الحجتين> المالية وعدم انسحاب مسلحي حزب الله من المنطقة، إلا ان لبنان سعى خلال الأسابيع الماضية من خلال بعثته الدائمة في نيويورك التي ترأسها السفيرة امل مدللي، الى <إقناع> الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، ومن بينها الولايات المتحدة الأميركية، بعدم الأخذ بالاقتراح الأميركي بخفض مشاركة واشنطن في الميزانية بنسبة 10 بالمئة، أي ما قيمته 8,4 مليون دولار أميركي من أصل 487 مليون دولار هي موازنة <اليونيفيل>، لكن الاتصالات الجارية على أكثر من خط لم تكن قد حققت بعد أي تطور ايجابي مع اصرار واشنطن على موقفها الذي في حال عدم العودة عنه قد يدفع بدول أخرى الى إعادة النظر في حجم مساهمتها المالية، وربما أيضاً

في حجم مشاركتها العسكرية في عداد <اليونيفيل>، علماً ان أي تغيير في عديد القوات الدولية سوف يؤثر على طبيعة عملها من جهة، وعلى الاستقرار الأمني على طول الحدود اللبنانية الجنوبية من جهة أخرى.

وتقول مصادر ديبلوماسية لـ<الأفكار> ان <الضغط> الأميركي المتمثل بخفض نسبة مشاركتها في ميزانية <اليونيفيل> يهدف الى إرغام لبنان على بسط سيادته في كل منطقة الجنوب، وخصوصاً الشق الحدودي منها، بواسطة قواه المسلحة التي تعتبر واشنطن إنها قادرة وحدها على حفظ الأمن والاستقرار إذا ما تحقق انسحاب مسلحي المقاومة من القرى الحدودية لأن وجود هؤلاء يعطي الذريعة لاسرائيل لإبقاء تهديداتها قائمة، واستمرار تهديد الاستقرار في المنطقة، في حين ان إخلاء منطقة العمليات الدولية من وجود المقاومة، يسقط من يد اسرائيل مبرر استمرارها في التحرك ميدانياً على طول الحدود، وخرقها من حين الى آخر، إضافة الى قيامها ببعض الأعمال <الوقائية> مثل إنشاء الحاجز الاسمنتي من جهة، ودخولها من حين الى آخر الأراضي اللبنانية للقيام بأعمال خطف أو زرع أجهزة تنصت ومراقبة وغيرها من الممارسات العدوانية التي تنتهك السيادة اللبنانية. وبدا ان التحرك الأميركي لم يقتصر فقط على أروقة الأمم المتحدة في نيويورك ومؤسساتها، بل شمل أيضاً السفارة الأميركية في بيروت، حيث سُجل تحرك في اتجاه وزارة الخارجية لاستطلاع الموقف اللبناني من التوجه الأميركي من جهة، وما يمكن للبنان أن يقوم به لتلافي حصول الخفض في ميزانية <اليونيفيل>.

 

... وتقدم محدود!

وأشارت المصادر الديبلوماسية الى ان الاتصالات اللبنانية مع مندوبي الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن من جهة والدول المشاركة في <اليونيفيل> من جهة أخرى، حققت بعض التقدم الذي لا يزال محدوداً خصوصاً في ظل الحراك الأميركي الواضح في اتجاه تقليص مساهمتها المالية. واستذكرت المصادر نفسها ما كان أشار إليه وزير الخارجية الأميركية <مايكل بومبيو> خلال زيارته الأخيرة الى لبنان من ان بلاده عازمة على <تخفيف> التزاماتها المالية في موازنات عمليات السلام في العالم وليس فقط في لبنان، مع العلم ان الجانب اللبناني لم يبذل ــ في نظر الجانب الأميركي ــ أي جهد للتجاوب مع مطلب المجموعة الدولية بحصر الوجود العسكري في الجنوب عموماً، وفي منطقة العمليات الدولية خصوصاً، بالقوى الأمنية الشرعية، أي الجيش وقوى الأمن الداخلي، وإن كان لبنان أظهر تجاوباً جزئياً من خلال زيادة عديد الجيش اللبناني في المنطقة الحدودية لتفعيل التنسيق مع القوات الدولية خصوصاً بعد الحوادث التي حصلت بين عدد من الدوريات الدولية وأهالي بعض القرى الجنوبية الحدودية والتي شمل أحدها <تجريد> الجنود الدوليين من أسلحتهم والتعرض لآلياتهم العسكرية ومعداتهم.

 

وهذا المشهد الدولي الذي يسعى لبنان الى تغييره في نيويورك، نقله مؤخراً الى المسؤولين اللبنانيين ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في بيروت <يان كوبيتش> الذي لفت الى ان المعطيات المتوافرة لديه من خلال اللقاءات التي عقدها مع الأمين العام للأمم المتحدة <أنطونيو غوتيريس> وعدد من معاونيه، تشير الى ان رحلة التمديد لـ<اليونيفيل> الشهر المقبل لن تكون <نزهة> لأن الملاحظات لدى الدول الأعضاء ولاسيما الولايات المتحدة الأميركية، تبرز وجود <تيار> بين الدول الأعضاء في مجلس الأمن يدعو لبنان الى أن يكون أكثر التزاماً بتطبيق القرار 1701، مع علم هذه الدول بالخروق الاسرائيلية المستمرة على طول الحدود، في البحر والبر والجو، وذلك على أساس ان هذه الخروق تتوقف إذا ما خلت القرى والبلدات الحدودية من

وجود مقاتلي حزب الله وعتادهم العسكري. وأتى اكتشاف الأنفاق بين لبنان والأراضي المحتلة ليزيد الطين بلّة خصوصاً ان هذه الأنفاق حُفرت بحرفية عالية ووجدت فيها تمديدات كهربائية وتهوئة وأسلاك هاتفية وغيرها ما يعني انها كانت <مأهولة> وليست مهجورة كما قال الجانب اللبناني الذي لم يتخذ ــ حسب الاسرائيليين ــ أي اجراء عملي لإقفال هذه الأنفاق أو تحديد بداياتها في الأراضي اللبنانية على رغم ان التقنيات التي استعملها الاسرائيليون حددت مكان وجود مداخل هذه الأنفاق من دون أن يتخذ لبنان أي اجراء عملي يحدد هوية مستعملي هذه الأنفاق الذين تقول اسرائيل انهم ينتمون الى حزب الله. كذلك فإن الدول الأعضاء، ولاسيما أميركا، تتحدث دائماً عن عدم أخذ لبنان ملاحظاتها بالجدية اللازمة علماً ان هذه الملاحظات تتكرر سنوياً كلما حان موعد التمديد لـ<اليونيفيل>. إلا ان الضغط الفرنسي في مجلس الأمن كان يؤدي في كل مرة الى حصول التمديد من دون أي تعديل في المهام أو في التمويل.

كلام نصر الله زاد القلق الدولي

 

وعلى رغم التطمينات التي سمعها المسؤول الدولي من المسؤولين اللبنانيين من ان الحدود الجنوبية ستبقى مستقرة ولا خوف من أي تصعيد أمني فيها، فإن المعلومات تشير بأن <مخاوف> الدول الكبرى لها ما يبررها في حسابات تلك الدول التي تلقى المسؤولون فيها بقلق كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في اطلالته الاعلامية الأخيرة من ان الحزب سوف يرد من لبنان على أي اعتداء اسرائيلي يستهدف قواته الموجودة في سوريا خلال الاعتداءات التي تقوم بها اسرائيل دورياً على عدد من المواقع داخل الأراضي السورية. وتبلّغ لبنان عبر القنوات الديبلوماسية ان ما أعلنه السيد نصر الله يعطي حجة اضافية للولايات المتحدة الأميركية وغيرها من الدول حين تبدي خشية من استمرار وجود مقاتلي حزب الله في الجنوب والحديث عن أعداد كبيرة من الصواريخ البعيدة المدى التي هي في حوزة الحزب والتي يمكن أن يطلقها في أي لحظة في اتجاه اسرائيل ومنشآتها الحيوية.

وفي اعتقاد مصادر متابعة ان على لبنان أن يكثف من اتصالاته مع الدول الأعضاء في مجلس الأمن لتمرير عملية التمديد لـ<اليونيفيل> بهدوء لاسيما وان المعطيات هذه السنة لا توحي بأن التجاوب مع الجهد الفرنسي التقليدي لعدم المساس بمهام <اليونيفيل> وبتمويلها سيكون كاملاً. وثمة من يتحدث عن <تمديد مشروط> للقوات الدولية إذا لم يتجاوب لبنان مع المطالب الدولية التي عبّر عنها تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول مسار تطبيق القرار 1701 في لبنان، علماً ان ثمة قناعة لدى غالبية الدول الأعضاء في مجلس الأمن ان وجود القوات الدولية في جنوب لبنان حاجة ضرورية للاستقرار على طول الحدود، وما من دولة يمكن أن تقدم على قرارات من شأنها تجاهل هذه الحقيقة وتلك الحاجة لأنها بذلك ستتحمل مسؤولية التدهور الذي يمكن أن يحصل على الحدود اللبنانية التي بقيت هادئة رغم الحروب التي عانى منها الجوار اللبناني... والتي شارك فيها حزب الله سواء في سوريا أو في العراق!