تفاصيل الخبر

التلويح برفع الدعم ساهم في انقطاع أدوية الأمراض المزمنة من السوق

07/10/2020
التلويح برفع الدعم ساهم في انقطاع أدوية الأمراض المزمنة من السوق

التلويح برفع الدعم ساهم في انقطاع أدوية الأمراض المزمنة من السوق

 

بقلم وردية بطرس 

 

نقيب الصيادلة غسان الأمين: مصرف لبنان لن يتوقف عن دعم الدواء ولا بد من تسريع عملية استيراد الأدوية

  [caption id="attachment_81754" align="alignleft" width="417"] الأدوية المستعصية اختفت من الصيدليات بفعل ضغط الطلب عليها.[/caption]

 أدوية كثيرة مفقودة من الأسواق، وغالبيتها الساحقة من أدوية الأمراض المزمنة مثل أمراض القلب والضغط والأعصاب وأدوية السرطان، مع العلم أن اللبنانيين يعانون منذ شهر آذار (مارس) الماضي من فقدان عدد من الأدوية ولاسيما أدوية الأمراض المزمنة لفترات متقطعة كانت تصل الى حدود الـ 15 يوماً، إلا أن هذه المدة تضاعفت مؤخراً، اذ أصبح الحصول على بعض الأنواع يتطلب جولة على عدد من الصيدليات تنتهي بوعد من إحداها بتأمينه بعد فترة قد تتعدى الشهر وذلك بسبب اقبال بعض المواطنين على تخزين ما تيسّر لهم من الدواء خوفاً من انقطاعه او غلاء سعره في حال توقف مصرف لبنان عن الدعم.

وكان نقيب الصيادلة غسان الأمين قد أوضح ان الهلع الذي تسبب به اعلان مصرف لبنان عن عدم قدرته على الاستمرار في دعم المحروقات والقمح والدواء بعد نهاية العام الحالي دفع اللبنانيين الى تخزين الدواء لا سيما أنهم يعرفون ان رفع الدعم يعني ارتباط الدواء بسعر الدولار في السوق السوداء اي ارتفاع سعره خمس مرات عما هو عليه حالياً. واعتبر النقيب الأمين ان ما فاقم المشكلة هو ترافق الاقبال على الدواء مع حركة استيراد بطيئة بسبب آلية مصرف لبنان المتبعة من أجل فتح الشركات المستوردة اعتمادات للاستيراد على أساس سعر الصرف الرسمي، مشيراً الى أن هذه الآلية تأخذ وقتاً طويلاً مما يؤخر المستورد عن دفع المال للشركة الموردة التي تقوم ببيع الدواء الى جهة أخرى، فيضطر المستورد لانتظار تصنيع كمية جديدة ما ينتج عنه نقصاً في السوق المحلية. كما لفت الى أن مخزون الدواء في المستودعات الذي كان يكفي لستة أشهر عادة، بات لا يكفي لأكثر من شهر ونصف الشهر، وان مشكلة فقدان الدواء مستمرة. وحذّر من كارثة حقيقية ستطاول المواطن بعد رفع الدعم لأن الصناديق الضامنة ميزانياتها بالليرة اللبنانية، وهي تدفع 65 في المئة من قيمة فاتورة الدواء، ولن تعود قادرة على الاستمرار في حال أصبح الدواء على سعر صرف الدولار في السوق السوداء. والأمر لن يتوقف على ارتفاع الأسعار، اذ ستشهد السوق انقطاع عدد من الأدوية بسبب عدم قدرة جميع المستوردين على تأمين حاجتهم من الدولار لاستيراد الدواء.

نقيب الصيادلة غسان الأمين وتهافت الناس لشراء كميات كبيرة من الأدوية

فلماذا تنقطع أدوية الأمراض المزمنة من الأسواق؟ وهل سيتوقف دعم الدواء من قبل مصرف لبنان؟ وغيرها من الأسئلة طرحتها "الأفكار" على نقيب الصيادلة في لبنان غسان الأمين وسألته:

* يخشى المرضى من انقطاع الأدوية في السوق خصوصاً أدوية الأمراض المزمنة فهل نحن أمام مشكلة كبيرة بما يتعلق بالدواء؟ ولماذا أدوية الأمراض المزمنة؟

- بالأساس هذه الأدوية قليلة في السوق وتنفد الصيدليات  منها تقريياً ، وحتى  ان مخزون الدواء انخفض عند المستوردين منذ ستة أشهر الى شهر تقريباً. وطبعاً سبب ذلك أولاً:  حركة الاستيراد الى لبنان بطيئة ، ومصرف لبنان يوافق على دعم الفاتورة بـ1515 ولكن الموافقة تأتي بطيئة وبالتالي أثرت على حركة الاستيراد. ثانياً: انتشار الأخبار التي تفيد بأن مصرف لبنان سيتوقف عن دعم الفاتورة في آخر الشهر سبّب الهلع لدى المواطنين، فالكثير من الناس الميسورين اشتروا كميات كبيرة من الأدوية من الصيدليات وقاموا بتخزينها في بيوتهم لمدة خمسة او ستة أشهر وهذا على حساب مخزون الأدوية عند المستورد. أما لماذا تنقطع أدوية الأمراض المزمنة فكما ذكرت ان الناس تهافتوا على شراء كميات كبيرة من الأدوية خوفاً من انقطاعها وما شابه مما سبب مشكلة بهذا الخصوص، فتكدّست الأدوية لديهم وبالمقابل لم يتمكن الناس من ايجاد أدويتهم في الصيدليات بعدما تم شراؤها بكميات كبيرة خوفاً من انقطاعها.

* وما هي الحلول؟

- بالنسبة للحلول فهي ان يكون هناك تسريع بعملية الاستيراد والتعويض عن هذه الأدوية لأن الناس غير الميسورين والذين لم يستيطعوا ان يشتروا كميات كبيرة من الأدوية من الصيدليات اليوم لا يجدون أدويتهم أو يجدون صعوبة كبيرة لتأمين أدويتهم. فالحل هو طبعاً بيد المعنيين بالموضوع سواءً كانت وزارة الصحة أو مصرف لبنان كداعم للدواء، اذ يجب ان تكون هناك جلسة صريحة وشفافة تقدم الوزارة خلالها التصور العلمي لتأمين لائحة كاملة لتأمين الأمن الدوائي للمواطن، والمطلوب من مصرف لبنان دعم هذه اللائحة من أجل تأمين الدواء أو فجأة تتشكل الحكومة وهذه تمنح الثقة وتساعد بحل المشكلة.

[caption id="attachment_81755" align="alignleft" width="333"] نقيب الصيادلة غسان الأمين : قطاعنا مهدد ولا بد من استمرار دعم الدواء وإلا تتضاعف أسعاره.[/caption]

* هناك قلق لدى المرضى من مضاعفة أسعار الأدوية في المرحلة المقبلة في حال رُفع الدعم من الاستيراد فهل ستتضاعف أسعارها؟

- طبعاً اذا رُفع الدعم عن استيراد الأدوية سيرتفع سعرها أضعافاً مضاعفة، ولكن لغاية اليوم لا يزال مصرف لبنان يدعم الدواء ولا يزال سعر الدواء ثابتاً وتحت السيطرة. فالقلق مشروع في ظل غياب الحلول، لغاية اليوم ليست هناك حلول، اذ لا تتشكل الحكومة ومصرف لبنان يقول انه سيرفع الدعم وليس هناك تصور واضح معتمد لمواجهة هذه المشكلة. اذ يعمل الآن حول هذه المسألة وتُعقد اجتماعات مكثفة عند كل المعنيين سواء في وزارة الصحة او برئاسة الوزراء او فريق عمل حاكم مصرف لبنان، ولكن لغاية الآن ليس هناك خطة واضحة.

* سبق أن أوضحت اذا كانت الأدوية مستثناة من قرار تخفيف الدعم او رفعه بحسب ما علمتم من حاكم صرف لبنان رياض سلامة، فإن الدعم على الدواء سيتوقف آخر العام اي سيكون آخر ما سيُرفع الدعم عنه..

- هذا صحيح لقد أعلمني حاكم مصرف لبنان ان آخر شيء سيتوقف عن دعمه هو الدواء. طبعاً الدواء مسألة مهمة وضرورية وهو موضوع حساس وأهم من المازوت والبنزين والطحين. ولا أتصور أن هناك نية لوقف الدعم الكامل ولكن هناك نية لترشيد استيراد ووصف وصرف الدواء ضمن لائحة يقدر ان يغطيها مصرف لبنان.

* وماذا عن تهريب الأدوية عبر الحدود اللبنانية؟ وما هو موقف نقابة الصيادلة مما يحصل؟

- لا أعتقد أنه يتم تهريب أدوية كثيرة خارج لبنان، لأنه أساساً الأدوية خفت في لبنان والتهريب الآن في ظل انتشار فيروس " كورونا" صعب جداً. من قبل كان يحصل تصدير دواء الى خارج لبنان وتحديداً الى العراق ولكن وزارة الصحة أصدرت قراراً بمنع تصدير الأدوية الى العراق حفاظاً على عدم نفاد الدواء في لبنان، وحركة التهريب بطيئة جداً بدليل أن قلة الدواء في لبنان ناتجة عن الأسباب التي ذكرتها وبحسب مراقبتنا ان الاستيراد قد خفّ عن السنة الماضية.

800 صيدلية قيد الاقفال

* لقد أكدت في حزيران (يونيو) الماضي ان 200 صيدلية أقفلت أبوابها وهناك 800 صيدلية قيد الاقفال من أصل 3000 صيدلية في لبنان. الى اي مدى اصبح هذا القطاع مهدداً في لبنان؟

- قطاع الصيدليات يعاني كثيراً والأزمة زادت من معاناته أكثر. فلا شك ان هذا القطاع مهدد أكثر لأن عدداً كبيراً من الصيدليات سيقفل اذا لم نتدارك الأمر ووفرّنا للصيدلي مقومات صموده، اليوم الصيدلي يصرف الدواء على سعر 1515 ومصروفه الشخصي على أكثرمن 8000 ليرة لبنانية، والصرف يكون على حساب مخزونه أيضاً، أضف الى ذلك أيضاً أن الدواء قلّ في لبنان وعمل الصيدليات في لبنان خفّ قليلاً، وأرباحها اذا تم تحويلها الى دولار فلا تحقق له شيئاً وبالتالي مصروفه أكثر من انتاجه وهذا أهم سبب يهدد الصيدليات.

* طبعاً العالم كله يعاني من جائحة "الكورونا" ولكن في لبنان نعاني من هذا الوباء ومن الأزمة النقدية وغيرها من المشاكل،  فالى اي مدى أصبح عمل الصيدليات مهدداً في لبنان؟

- طبعاً عمل الصيدليات يعتمد على الدواء، فكلما كان الدواء مهدداً كلما تهدد عمل الصيدلي، فاذا لم تُوجد الحلول للأزمة التي نعيشها، فهذا القطاع سيواجه مشكلة كبيرة.

الصناعة الدوائية الوطنية

* ما هي الخطط التي تضعها نقابة الصيادلة للحد من مشكلة الدواء قدر الامكان؟

- طبعاً نحن نقدم اقتراحاتنا للجان سواء في وزارة الصحة او في مجلس الوزراء. نحن مع عدم ايقاف الدعم لأن ايقاف الدعم هو كارثة. ثانياً هناك أدوية أصبح المطلوب ان يتوقف عنها الدعم بلائحة يسمونها لائحة

"Non Prescription drug" أو العقاقير بدون وصفة طبية، اذ من الممكن ان يتوقف عنها الدعم وبالتالي السؤال هو اذا كنا سنقدر ان نستوردها لأن هذه لن تأتي الى السوق بتاتاً. هناك اقتراحات عدة يُعمل عليها ويمكن ان نعيد العمل على الصناعة الوطنية لتحسين وضعها أكثر. اذا تم العمل على وضع سياسة دوائية صحيحة بالنسبة للصناعة الوطنية ممكن ان تلعب الصناعة الوطنية دوراً كبيراً. وما ينقصنا بما يتعلق بالصناعة الدوائية الوطنية هو سياسة دوائية صحيحة. أما الخبرات والقدرات فهي متوافرة في لبنان. ومن الممكن ان نشجع مثلاً دواء "الجينريك" أيضاً بسياسة دوائية واضحة، كما ان هذا الدواء يكون سعره أقل، وله المفعول نفسه،  حيث يعطى الصيدلي حوافز لكي يصف دواء "الجينريك" بدلاً عن "براند"، وأيضاً يساهم بتخفيض الفاتورة الطبية، ويمارس دوره العلمي مقابل حوافز تجعله يستمر في هذا القطاع.

وعن اصلاح السياسة الدوائية يقول:

- اصلاح السياسة الدوائية يعطي مفعولاً ولكن على المدى الطويل. أما الآن فخلال شهرين لا يمكن ان يُعمل بالسياسة الدوائية ويتم التغيير بها. المطلوب الآن استمرار الدعم لنقدر ان نضع الخطوط العريضة لسياسة دوائية نقدر من خلالها ان نوفر ونؤمن الدواء للمواطن.

* هل يتجاوبون مع اقتراحاتكم؟

- طبعاً هناك تجاوب ولكن بالنهاية هناك امكانيات، فعندما تكون هناك سياسة دوائية معينة فتغييرها يتطلب وقتاً وهذا ليس سهلاً، فالامكانيات هي أهم من التجاوب، اذ إن النيات صافية والكل يشعر بالخطر ولكن الامكانيات في ظل عدم الدعم هي معدومة. طبعاً الوضع ليس سهلاً وهذا ناتج عن ان سعر الدواء الذي قامت الدولة اللبنانية بتسعيره ليس حراً وبالتالي لكي نحافظ على هذا السعر الذي قامت بتسعيره وزارة الصحة يجب ان يُدعم الدواء على سعر 1515، وعندما يُهدد الدعم  يتضاعف سعر الدواء. وبالنهاية كل هذه الأدوية كانت بوضع ممتاز حتى أيام الحرب الأهلية، حيث لم تنقطع من السوق كما يحصل الآن. وطبعاً نحن اليوم في خطر كبير جداً ويجب ان يتدارك المعنيون ذلك.