تفاصيل الخبر

التقشف هو عنوان المرحلة في دول الخليج ولبنان!

15/07/2016
التقشف هو عنوان المرحلة في دول الخليج ولبنان!

التقشف هو عنوان المرحلة في دول الخليج ولبنان!

بقلم خالد عوض

سلامة

هناك ثلاثة مقاييس تتنافس اليوم في إعطاء صورة واضحة عن إتجاه الاقتصاد العالمي.

الأول هو سعر النفط المرتبط بأمرين اساسيين: النمو الاقتصادي الصيني والانتاج الأميركي من النفط الصخري، فإذا تبين ان الطلب على النفط في الصين خاصة وآسيا عامة هو في صعود بسبب قوة الاقتصاد الصيني، يرتفع سعر النفط، والعكس صحيح. كذلك إذا تبين ان الانتاج الأميركي من النفط الذي لامس ٩ ملايين برميل يوميا، يتراجع بسبب ضعف الإستثمارات الجديدة، عندئذٍ يرتفع سعر البرميل، وهنا أيضا العكس صحيح. الظاهر حاليا ان سعر النفط غير قادر على الصمود فوق مستوى ٥٠ دولاراً لان نمو الاقتصاد الصيني لم يعد إلى فوق مستوى السبعة بالمئة، كما ان الانتاج الأميركي من النفط بالكاد نزل عن مستوى ٩ ملايين برميل يومياً، بالاضافة إلى ان المصافي النفطية حول العالم تعمل في هذه الفترة بأقصى طاقة لها مما يكدس المعروض ويكبح جماح سعر النفط.

المقياس الثاني هو سعر الذهب، فكلما تبين ان هناك قلقاً على الاقتصادات الثلاثة الكبرى في العالم، أي الولايات المتحدة والصين والإتحاد الأوروبي، يرتفع سعر الذهب. وكلما تبين ان واحدا أو أكثر من هذه الاقتصادات ينمو بثبات ولا خوف من تدخل اضافي للبنوك المركزية للتحفيز، كلما هبط سعر الذهب. فالمعدن الأصفر وكذلك الفضة يتأثران مباشرة بأي شكوك حول المستقبل الاقتصادي للكتل الثلاث الكبرى، ولذلك ارتفع سعرهما مع تصويت البريطانيين للخروج من أوروبا، وبدأ ينخفض مؤخرا مع ظهور بوادر استقرار سياسي في بريطانيا.

المقياس الثالث هو البورصات العالمية وخاصة الأميركية أي أسواق الأسهم. فارتفاعها يعني ان رفع سعر الفائدة على الدولار لم يعد منتظرا قريبا، بينما أي حديث عن إمكانية رفع الفائدة على الدولار يؤدي مباشرة إلى انخفاضها. وبما ان لا رفع للفائدة على الدولار قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية طارت المؤشرات المالية وتجاوزت كل المستويات القياسية السابقة. وإن تحريك مستوى الفائدة مرتبط بحالة الاقتصاد الأميركي، فإذا كان نموه ثابتا وواعدا تزيد حظوظ رفع سعر الفائدة للتحكم علي حسن خليلبالتضخم، بينما العكس صحيح، أي إذا كان النمو الاقتصادي الأميركي يثير الشكوك فيه يصبح رفع سعر الفائدة مستبعداً تماما، وهذا هو الحال اليوم.

الخلاصة من مراقبة هذه المقاييس الثلاثة هو اننا نمر في مرحلة اقتصادية غير واضحة المعالم ولا يمكن من خلالها إستقراء اتجاه الاقتصاد العالمي. لا الصين بخير تماماً، ولا مستقبل أوروبا واضحاً، ولا مسار النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة معروفاً. الأرقام الشهرية تتناقض إلى حد كبير مما يؤكد حالة الاضطراب المالي والغموض حول المستقبل.

هذا التوتر الاقتصادي العالمي ينسحب على حال المنطقة ولبنان. فبالاضافة إلى الأخطار الأمنية في معظم الدول العربية والحروب المفتوحة في أربع دول، يلقي الغموض الاقتصادي العالمي بثقله على أحوال الاقتصادات العربية، والدواء الوحيد المعروف لهذا الاضطراب وحالة اللامعلوم هو التقشف. هذا ما اعتمدته دول الخليج منذ أكثر من نصف سنة، وهذا ما جاء يطالب به وزير المال علي حسن خليل منذ أيام مجلس الوزراء. والسبب واضح: إيرادات الدولة في تراجع كبير بسبب الجمود الاقتصادي بينما النفقات والالتزامات المالية في إزدياد. وفي حالة كهذه لن تتمكن الحكومة ومصرف لبنان من الحصول على فوائد معقولة للإصدارات المقبلة وسنضطر للاستدانة بفوائد مرتفعة عن كل ما شهدناه في السنوات الثلاث الماضية، مما سيؤدي إلى نمو متسارع للدين العام.

باختصار إذا كانت الصورة الاقتصادية في العالم وفي دول الخليج غير واضحة ومقلقة، فانها في لبنان قاتمة ومرعبة.