تفاصيل الخبر

الطقس البارد وتساقط الثلوج يساعدان في القضاء على البكتيريا والجراثيم

03/02/2017
الطقس البارد وتساقط الثلوج  يساعدان في القضاء على البكتيريا والجراثيم

الطقس البارد وتساقط الثلوج يساعدان في القضاء على البكتيريا والجراثيم

 

بقلم وردية بطرس

image_1_1--AA

ماذا يحدث في جسم الانسان عند شعوره بالبرد الشديد؟ ان جسم الانسان يتمتع بآليات حماية متعددة في محاولة لزيادة درجات حرارتنا الأساسية عند تعرضنا للبرودة حيث تأخذ العضلات في الارتجاف، والأسنان في الرعشة، وتبدأ أجسادنا في القشعريرة.

وتعمل غدة <الهايبوتلاموس> في الدماغ كمنظم لحرارة الجسم، وتحفز هذه التفاعلات مع درجات الحرارة الحفاظ على درجة حرارة الأعضاء الحيوية بالجسم معتدلة حتى يتمكن الجسم من ايجاد نوع من الدفء والمأوى على الأقل. وتكمن مهمة <الهايبوتلاموس> في الحفاظ على درجة الحرارة الأساسية بأي شكل من الأشكال، وذلك بالتضحية القصوى اذا لزم الأمر، ولهذا نشعر بوخزات في الأنامل عند البرد القارس حيث يعمل الجسم على ابقاء الدم دافئاً في القلب، ويمنع تدفقه الى الأطراف الخارجية لأنه في البرد القارس وخصوصاً اذا كان الجلد مكشوفاً للبرودة، قد ينتهي المطاف بالدم الى الصقيع ومن ثم يقل تدفقه، ويؤدي ذلك بدوره الى تجميد الأنسجة وتمزقها.

ويجب التنويه هنا ان الشتاء ودرجات حرارته المتدنية يشكلان في الوقت نفسه نقمة ونعمة للانسان وصحته، وقد لا يقدّر الانسان أهمية درجات الحرارة المتدنية اذ انها تقدم خدمة كبيرة بقضائها على الحشرات، والأجسام الحية المتناهية الصغر الناقلة للجراثيم، كما ان الشتاء ومن الناحية النظرية قد يسهم في الرشاقة وذلك بتحفيزه على تنشيط الدهون البنية اللون، وهي الدهون النشطة في عمليات التمثيل الغذائي. وفي الدول الاسكندنافية وروسيا ينتظر الكثيرون البرد لكي يسبحوا في المياه المتجمدة التي يقال انها تحدث معجزات صحية وفقاً لافتراضات يطرحها عدد ضئيل من الباحثين.

 

ارتفاع ضغط الدم في فصل الشتاء

في المقابل، هناك جانب مظلم للشتاء أيضاً، فقد أظهر عدد من الدراسات ان معدلات الوفيات تزداد أثناء فصل الشتاء، كما ان ضغط الدم يرتفع أيضاً. ووفقاً لبعض التخمينات فان ازدياد عدد الوفيات بنسبة 70 بالمئة خلال الشتاء يعود الى حدوث النوبات القلبية والسكتات الدماغية وأمراض القلب والأوعية الدموية الأخرى أثناء هذا الفصل، وبالطبع فان الانفلونزا الموسمية تنتشر في هذا الفصل إذ تنتقل فيروسات الانفلونزا عندما يكون الجو بارداً وجافاً.

ويفسر شكل الجسم بعض ردات الفعل المتنوعة تجاه الأجواء الباردة، ومنها الحديث عن الدهون بوصفها مواداً عازلة، ولكن يفضل ان يكون لدى الشخص في فصل الشتاء شحم يغطي كل الجسم بدلاً من تغطيته لمنطقة واحدة مثل الكرش ومنطقة البطن. وحيث يقضي الناس الشتاء وهم يحاولون الحفاظ على الدفء الا ان التعرض للبرد قليلاً لا يعتبر ضاراً، وقد طرحت بعض الافتراضات التي تقول ان درجات الحرارة المتدنية باعتدال، قد تكون مفيدة للأوعية الدموية لأنها تمرن الأوعية الدموية في الجلد على الاستجابة وعلى ردود الفعل وتضاف الى ذلك فائدة أخرى الا وهي تورد الخدين.

أما الدهون البنية وهي الدهون المولدة للحرارة الحارقة للسعرات الحرارية التي يحتاجها الطفل الصغير لتنظيم درجة حرارة جسمه فإنها تختفي بأغلبها مع العمر، الا ان فحوصاً شعاعية بجهاز الانبعاث أظهرت ان البالغين يحتفظون ببعض الدهون البنية. وقبل سنوات أفاد باحثون فنلنديون ان الأشخاص العاملين في المواقع المفتوحة لديهم كميات أكثر من الدهون البنية مقارنة بالعاملين في المواقع المغلقة، كما أفاد باحثون هولنديون في دراسة نشرت في العام 2009 بأن النتائج أظهرت ان أجواء بدرجات حرارية معتدلة مقدارها 61 درجة فهرنهايت (16 درجة مئوية) أدت الى تنشيط الدهون البنية، لكن أي منا لا يقترح توظيف الطقس البارد لأغراض الحمية الغذائية، ورغم ذلك عندما يجد الانسان نفسه في جو بارد في الشتاء فعليه ان يتذكر انه على الأقل يقوم بحرق بعض الخلايا من تلك الدهون البنية.

وقد وثقت الأبحاث على مدى عقود حقيقة ارتفاع ضغط الدم أثناء فصل الشتاء، وآخر ما تم التوصل اليه بهذا الشأن، الدراسة التي أجراها باحثون فرنسيون في العام 2009 وأظهرت ان ارتفاع ضغط الدم الانقباضي المرتبط بالطقس البارد، كان ملاحظاً بقوة لدى الأشخاص من أعمار 80 سنة وما فوق، ويرتفع ضغط الدم بسبب ازدياد سرعة ضخ القلب للدم ولذا تتشنج الأوعية الدموية.

والطقس البارد يرتبط أيضاً بازدياد الأمراض التنفسية ومنها الانفلونزا، وقد أظهرت الأبحاث ان موجات البرد ترتبط بازدياد في أعداد الوفيات الناجمة عن الأمراض التنفسية، وقد يرتبط بعض هذه الأمراض بأجسام حية حاملة للعدوى مثل فيروسات الانفلونزا التي تنتعش في ظروف البرد، كما ان هناك أيضاً دلائل على ان التعرض للبرد يكبح نشاط جهاز المناعة، الأمر الذي يؤدي الى ازدياد فرص العدوى. وقد فندت دراسة نشرت في السبعينات من القرن الماضي أسباب الاعتقاد بأن نزلات البرد الشائعة ترتبط بالتعرض للجو البارد، كذلك فإن الباحثين البريطانيين المختصين بنزلات البرد يعتقدون بوجود صلة بين التعرض للبرد ونزلات البرد وتشير فرضيتهم الى ان تدفق الهواء البارد نحو ممرات الأنف يزيد من احتمال الاصابة بالعدوى لأنه يحطم الاستجابات الموضعية لجهاز المناعة.

فوائد عديدة لتساقط الثلوج

الثلج هو ملح الأرض وله فوائد عديدة ليس بالنسبة للانسان فقط بل أيضاً للبيئة والأرض ككل، فالثلوج تقضي على العديد من الميكروبات والجراثيم والفيروسات المنتشرة في الأجواء، وتعقم التربة والبيئة. وأكثر من ذلك فان الميكروبات والفيروسات لا تتكاثر في البلدان الأوروبية التي تشهد تساقطاً للثلوج لفترات طويلة على مدار السنة كما هو الحال بالنسبة للبلدان الحارة او المعتدلة مثل لبنان...

وبحسب الأطباء ان الطقس البارد يسبب بعض الأمراض التي يمكن معالجتها، بيد ان الطقس القارس وتدني درجات الحرارة بشكل ملحوظ قد يؤديان الى حالات متقدمة من الأمراض وأحياناً الى الموت، فاذا ما تعرض جسم الانسان لحرارة متدنية كثيراً ولفترات طويلة، يمكن عندئذ ان تنخفض درجة الحرارة في جسمه بنسبة مقلقة فيعاني من انخفاض واضح في حرارة الجسم التي اذا ما وصلت لأقل من 35 درجة مئوية تسبب خطراً على الصحة، فشرايين القلب حساسة واي تدن في الحرارة قد يؤدي الى قصور في عمل القلب. ويمكن ان يعالج المريض الذي يعاني تدنياً في حرارة الجسم بأوكسجين دافىء ومصل دافىء بحرارة الجسم اضافة الى وضعه في بيئة دافئة والباسه ثياباً سميكة. أما الحالة الثانية التي يمكن ان تصيب الانسان حيث يتعرض للسعات البرد القارسة، فهي منتشرة أكثر في البلدان التي تشهد انخفاضاً كبيراً في درجات الحرارة لما دون الـ40 درجة مئوية مثل كندا، وعند ذلك تنغلق الشرايين نهائياً وخصوصاً في المناطق المغذاة بنسبة دم عالية مقارنة بمساحتها الصغيرة. فاذا تعرض شخص ما الى لسعات برد قارسة يتجمد جراء الطقس القارس ولا يلبث ان يسقط. وبعض الأشخاص معرضون أكثر من سواهم لأن يشعروا بالبرد ولأن يمرضوا بعد ذلك، فالمرضى الذين يعانون شتى أنواع الالتهابات والأمراض هم أكثر عرضة لأن تتدهور حالتهم الصحية أثناء الموسم البارد، لأن الدفاعات في أجسامهم تكون متدنية، كما ان الذين يعانون قصوراً في عمل الغدد وخصوصاً الغدة الدرقية، يشعرون بالبرد أكثر من غيرهم، كذلك فإن الأطفال والمتقدمين في السن هم أكثر فئة تتأثر بتغيرات الطقس، فالأطفال يلتقطون عدوى الزكام والرشح التي يمكن ان تتأزم، وأما المتقدمون في السن فقد يعانون أمراض القلب والشرايين والدماغ. والأمر الجدير بالذكر في هذا السياق، هو وجود بعض الأشخاص الذين لا يشعرون بالبرد كثيراً، وهؤلاء قد يكونون هكذا بسبب زيادة عمل الغدة الدرقية لديهم فلا يشعرون بالبرد كسواهم من الناس.

الدكتور جورج خليل وفائدة

الثلوج في القضاء على الجراثيم

وكما ذكرنا سابقاً، فأثناء البرد القارس وتساقط الثلوج يتم القضاء على الجراثيم وتقل بعض الأمراض، ولكن في الوقت نفسه تزداد مشاكل صحية أخرى، فالى اي مدى يساعد البرد على حماية الانسان من الاصابة بأمراض معينة وبالمقابل يعرضهم للاصابة بأمراض أخرى؟ وكيف يحمي الانسان نفسه من أمراض البرد؟ وغيرها من الأسئلة أجاب عنها الدكتور جورج خليل الاختصاصي في الأمراض الداخلية والالتهابات الجرثومية وهو أستاذ محاضر في كلية الطب في جامعة القديس يوسف وسألناه:

ــ هل تقضي الثلوج على البكتيريا والجراثيم؟

- لا بد من الاشارة الى ان للثلوج فوائد عديدة على البيئة ككل، إذ مع اشتداد البرد وتساقط الثلوج يتم القضاء على الجراثيم والبكتيريا الموجودة في الهواء والبيئة، فعندما تتساقط الثلوج تموت الجراثيم التي تظهر في الطبيعة، ولا شك ان هناك فوائد عديدة بما يتعلق بالبيئة والطبيعة. أما الانسان فيستفيد من تساقط الثلوج بأنها تؤدي الى منع تكاثر الجراثيم فتقل الاصابة بالتهاب المصران (وهو مرض مزمن في الجهاز الهضمي يتميز بوجود التهاب في القولون، وهو واحد من أمراض الالتهابات التي تؤثر على الأنسجة التي توصل الجهاز الهضمي، ويصنف كواحد من أمراض التهاب الأمعاء، أما علامات وعوارض التهاب القولون العامة فتشمل ألماً مزمناً في البطن، وتشنجات في المعدة والأمعاء والقولون، وفقداناً سريعاً للوزن وأوجاعاً وآلاماً في المفاصل، وفقداناً للشهية، ووهناً وتعباً، والحمى، ومن العوارض الأخرى الامساك او الاسهال)، وبالتالي تقل نسبة الاصابة بالتهاب المصران لأن الجرثومة لا تقدر ان تتكاثر في جسم الانسان مع اشتداد البرد، ومن الملاحظ ان الاصابة بالتهاب المصران أثناء البرد والثلوج هي اقل بكثير منها عندما يكون الطقس حاراً حيث تزداد حالات الاصابة بالتهاب المصران.

الدكتور-جورج-خليل---2ــ والى اي مدى تقل الاصابة بالالتهابات الجلدية أثناء البرد الشديد وتساقط الثلوج؟

- تقل الاصابة بالالتهابات الجلدية أثناء البرد وتساقط الثلوج لأن الجراثيم تتكاثر على جلد الانسان عندما يكون الطقس حاراً، بينما لا تتكاثر الجراثيم على الجلد أثناء الشتاء والبرد القارس، فالجراثيم تتكاثر في الحرارة والدفء وكلما كان الطقس بارداً كلما قلّت الجراثيم وقلّ تكاثرها عما هو الحال أثناء الطقس الحار. وبالرغم من فوائد الثلوج على صحة الانسان والبيئة لكن من الضروري ان نشير الى ان الرئة تصبح عرضة للاصابة بالأمراض خلال البرد القارس والعواصف الثلجية، وذلك لأن الجهاز التنفسي يتأثر بالطقس البارد، الا انه يمكن حماية الرئة اذا تناول الانسان اللقاح في حال كانت هناك حاجة وضرورة لذلك.

ــ والى اي مدى تقل الاصابة بالكريب مع تساقط الثلوج اذ نرى ان حالات الاصابة بالكريب تقل عندما تتساقط الثلوج؟

- لم يُثبت الأمر كلياً إذا كان الناس يُصابون بالكريب في فصل الشتاء مع تساقط الثلوج ام لا، اذ أن العدوى ستنتقل بين الناس لا محالة خصوصاً عندما يكونون في أماكن مغلقة سواء في مكان العمل او البيت او المطاعم او المجمعات التجارية او المقاهي وكل الأماكن المغلقة، اذ عندما يكون الناس في اي مكان مغلق فإن العدوى ستنتقل بينهم حتماً سواء تساقطت الثلوج ام لا، وبالتالي لا نقدر ان نؤكد بأن الكريب يقل مع تساقط الثلوج.

 

البرد القارس والأطفال

 

ــ يموت الانسان أحياناً جراء البرد القارس وخصوصاً الأطفال، فلماذا يتسبب البرد بموت الانسان؟

- عندما يصبح الطقس بارداً جداً وتصاحبه الثلوج فذلك من شأنه أن يعرض الأطفال للوفاة لاسيما اذا لم يتوافر لهم الدفء والمكان الدافىء الى ما هنالك، فالذي يحدث للطفل انه عندما يشعـــــر بالــــبرد القــــارس تتــــوقف الـــــدورة الدموية لديه وعندئذ يصبح عرضة للوفاة خصوصاً اذا تعرض للبرد لوقت طويل، اذاً لا يجب التساهل مع البرد القارس لاسيما بالنسبة للأطفال والمسنين لأنهم الأكثر عرضة للوفاة، وبالتالي يجب ان يتوافر للأطفال والمسنين الدفء أثناء اشتداد البرد والعواصف الثلجية حفاظاً على صحتهم وسلامتهم.

ــ نرى ان الجراثيم والبكتيريا تنمو وتتكاثر في البلدان ذات الطقس الحار بينما لا تتكاثر في البلدان ذات الطقس القارس، فما علاقة الطقس بالجراثيم؟

- بالفعل الجراثيم والبكتيريا لا تنمو وتتكاثر في البلدان ذات الطقس البارد، فالثلوج التي تنهمر في بلدان باردة مثل الدول الأوروبية والاسكندنافية تمنع أن تتكاثر فيها الجراثيم كما في البلدان ذات الطقس المعتدل او الحار لأن الجراثيم تتكاثر في الأماكن الدافئة والحارة، ولهذا نرى الجراثيم تتكاثر في بلدان ذات الطقس الحار وبالتالي يصبح الانسان فيها عرضة لالتقاط البكتيريا والأمراض المتعلقة بالجراثيم، أما في البلدان ذات الطقس البارد فلا يعاني الناس من مشاكل لها علاقة بالبكتيريا والجراثيم، وفي الخلاصة، الجراثيم تتكاثر في الأماكن الحارة.

ــ وكيف يحمي الانسان نفسه من البرد القارس؟

- عندما يصبح الطقس بارداً جداً وأثناء العواصف الثلجية لا بد للانسان ان يرتدي الثياب الدافئة التي تقيه من البرد، وأيضاً من الضروري ان يرتدي القفازات وغيرها، وان يشرب السوائل لأنها تحميه من البرد أيضاً. ونكرر مرة أخرى أنه بالرغم من انزعاج الانسان من الطقس البارد والعواصف الثلجية ولكن للثلوج فوائد على صحة الانسان والأرض، واذا لم تتساقط الثلوج فستتكاثر الجراثيم ويصبح الانسان عرضة للاصابة بالتهاب المصران والالتهابات الجلدية كما ذكرت في البداية.