تفاصيل الخبر

الـتـحــــــرش الـجـنســـــــي فـــي لـبــــــــنـان... ”صــــــــار وقـــــــت الـقــانــــــــــون“!

18/08/2017
الـتـحــــــرش الـجـنســـــــي فـــي لـبــــــــنـان...  ”صــــــــار وقـــــــت الـقــانــــــــــون“!

الـتـحــــــرش الـجـنســـــــي فـــي لـبــــــــنـان... ”صــــــــار وقـــــــت الـقــانــــــــــون“!

 

بقلم عبير انطون

صورة-حملة-مش-بسيطة---1

كان كافياً جداً لزوجة مستشار أحد الوزراء الحاليين ان تنشر <فيديو> تتعرض فيه للتحرش الجنسي عبر صفحتها الخاصة على موقع <انستغرام> حتى تثير فضولية ومتابعة آلاف العيون لرصد ما جرى. ولما كشفت السر حول موضوع الشريط وبانه عبارة عن مشهد تمثيلي ضمن حملة <مش بسيطة> التي تقوم بها وزارة الدولة لحماية شؤون المرأة بالتعاون مع الجامعة الاميركية في بيروت لإقرار قانون التحرش الجنسي المقدم في 8 آذار/ مارس الماضي، علمت السيدة غنى غندور وهي خبيرة في الماركة والشخصية والماكياج والموضة ان رسالتها كان لها وقع اكبر من هتافات كثيرة..

بغض النظر عن الطريقة، من وافق عليها ومن رآها بعكس ذلك، وصلت الفكرة. فما هو التحرش الجنسي؟ وماذا يقول النائب غسان مخيبر الذي كان من اول المشيرين الى ضرورة الاضاءة عليه عبر اقتراح قانون يجرم التحرش الجنسي والاساءة العنصرية منذ العام 2014، واين يلتقي مع مشروع وزير الدولة جان اوغاسبيان الذي اعدت وزارته لشؤون المرأة ايضا قانونا في الشأن عينه؟

 

 <كوزبي>.. و<سويفت>

يعرف التحرش الجنسي بـ<القيام بالكلام او التلميح او الايحاء او الكتابة او بأي وسيلة من وسائل التواصل باستخدام كل ما يحمل دلالات جنسية وتنال من شرف وكرامة الضحية او تنشئ تجاهها اوضاعاً عدائية او مهنية>.

 في الغرب لطالما احتل التحرش الجنسي حيزاً كبيراً في عدد من القضايا، ربما أشهرها ما واجهه الممثل العالمي والنجم الكوميدي <بيل كوزبي> العام الماضي، والذي بحسب صحيفة <واشنطن بوست> التي كتبت تقريراً موسعاً عن <كوزبي وتحرشاته> الجنسية ما يقارب خمسة عقود، فإن أغلب النساء اللواتي تحرش بهن <كوزبي> كن صغيرات جداً تتراوح أعمارهن بين 18 و27سنة. وبحسب التحقيقات فإن <كوزبي> استخدم أساليب مختلفة للتحرش، ولكن الغالبية تعرضن لأسلوب متقارب يعتمد على تخديرهن عن طريق الكحول أو تناول حبوب منومة ليجدن أنفسهن بعد ذلك على سريره.

 الى <كوزبي> ضجت مؤخراً ايضاً اوساط نجمة البوب الاميركية <تايلور سويفت> في قضية اتهامها لمنسق الموسيقى <ديفيد مولر> بالتحرش الجنسي بها قبل اربع سنوات اثناء وقوفهما لالتقاط صورة معه، مدعية بأن <مولر> دسّ يده وامسك بمؤخرتها من تحت الفستان الذي كانت ترتديه اثناء وقوفهما للتصوير قبل حفلتها في مدينة <دنفر> في 2 حزيران/ يونيو 2013، وكان ان ادت الواقعة الى فصل <مولر> منراديو في ولاية <كولورادو>، وهو كان قد نفاها طبعاً ورفع دعوى من جانبه.

كذلك، يعود الى الاذهان في معرض الحديث عن التحرش الجنسي ما شهدته مصر في خضم الثورات في ساحاتها حيث واجهت نساؤها في الذكرى الثانية للثورة موجة عنيفة من الاعتداء الجنسي والجسدي لمنعهن من المشاركة في التظاهرات وذلك عبر موجة عنيفة من التحرش الجماعي الممنهج، كما وصف، فكان ذلك عاملا في اقصائهن عنها.

صورة-النائب-غسان-مخيبر---5<مش بسيطة>!

وفي مصر كما في مختلف دول العالم يتخذ التحرش الجنسي والاساءة العنصرية اشكالاً متعددة، وقد انفجرت على نطاق واسع مع وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة. وان كان التحرش لا يقتصر على النساء وحدهن انما يطال الرجال والمراهقين والقاصرين من الجنسين والمصابين بإعاقة والعمال والموظفين والاجراء وغيرهم، الا ان المرأة تبقى الأكثر عرضة له.

في لبنان احال مجلس الوزراء في اليوم العالمي للمرأة في آذار/ مارس الماضي مشروع القانون الذي تقدمت به وزارة الدولة لشؤون المرأة والذي ينص على فرض عقوبات على جريمة التحرش الجنسي وهو يرمي الى تعديلات تطال قانون العمل وقانون العقوبات ونظام الموظفين.

وتحت عنوان <صار وقت القانون يحمي من التحرش الجنسي> أطلقت منظمات المجتمع المدني والهيئات الحكومية مؤخراً عدداً من المبادرات نحو الإصلاح القانوني لمعالجة التحرش الجنسي في الأماكن العامة وفي مكان العمل، ومن أجل مواجهة فكرة <أن التحرش الجنسي ليس قضية خطيرة>، اذ تساند حملة <مش بسيطة> مبدأ أن التحرش الجنسي ليس مسألة يمكن التغاضي عنها، وقد جاءت بهدف تسليط الضوء على الحاجة إلى إصلاح التشريعات التي تتناول التحرش الجنسي في لبنان.

 لقد شجعت الحملة جميع أفراد الجمهور، بما في ذلك أعضاء القطاع الخاص والقطاع العام والأوساط الأكاديمية والمجتمع المدني، على تبادل الصور ومقاطع الفيديو والنصوص التي تبين أن <التحرش الجنسي ليس مسألة يمكن التغاضي عنها> وذلك عبر استخدام <هاشتاغ مش - بسيطة> أو <mesh - basita> وعبر مختلف منصات التواصل الاجتماعي، في محاولة لإيصال مجموعة من الرسائل حول هذه القضية ولتأكيد الحاجة إلى آليات لمواجهة التحرش الجنسي على المستوى التشريعي الوطني في لبنان. وهذه الحملة كانت الأحدث في جهود مشروع <KIP> لمكافحة التحرش الجنسي في الساحة اللبنانية، وقد أمكن إقامة هذا المشروع بمنحة من وزارة الخارجية الأميركية.

مخيبر:  للنائب دور

المطلق الاول لشرارة مشروع تجريم التحرش الجنسي والاساءة العنصرية كان النائب غسان مخيبر باقتراحه قانوناً معجلاً مكرراً في العام 2014 من خلال الاضافة الى قانون العقوبات المادة 521 الرامية الى تجريم التحرش الجنسي والاساءة العنصرية، بحيث يعاقب بالحبس من 3 أشهر الى سنة وبالغرامة من ضعفي الى 10 أضعاف الحد الأدنى للأجور كل من اقدم بشكل صادم او ملح او متكرر على فرض أقوال أو أفعال او ايحاءات ذات طابع جنسي او ذات طابع عنصري على شخص من دون رضاه او من دون ايحاء بالترحيب فادى ذلك الى الاعتداء على كرامته اما بسبب طبيعتها او ظروفها المهنية او الضاغطة او 4 المحرجة على ان تتوقف الملاحقة على شكوى المتضرر.

لـ<الأفكار> يشرح الدكتور غسان مخيبر موجبات اقتراحه للقانون منذ ثلاثة اعوام، الضجة التي رافقت التعليقات عليه حين طرح للنقاش داخل الهيئة العامة للمجلس، وما يلتقي او يختلف به مع اقتراح القانون المقدم من قبل وزارة الدولة لشؤون المرأة، والذي يتميز بحسب مطلعين، بأنه أكثر شمولية لجهة القوانين التي يشملها التعديل واعتبار التحرش الجنسي من الجرائم الشائنة اينما ورد تعداد هذه الجرائم في القوانين والأنظمة.

 ويقول مخيبر:

- لقد تمت مناقشة اقتراح القانون في الهيئة العامة للمجلس وذلك في اجتماعها ما قبل الأخير اي في الجلسة التي سبقت اقرار قانون الانتخاب، على ان يعرض في الهيئة العامة اللاحقة. اثناء المناقشة، سُخف للاسف من قبل البعض فيما تعامل معه برصانة وايده غالبية النواب وساد جو ايجابي لاقراره.

الاسباب التي دفعت بالنائب غسان مخيبر الى تقديم الاقتراح حول التحرش الجنسي في 14/5/2014 تعود الى عدد حوادث التحرش الجنسي والعنصري: <لقد زاد من ضرورته ما سمعته من اتصالاتي مع هيئات مختلفة تعنى بالمرأة وحقوقها وحقوق الانسان عامة فضلا عن اتصالي بقضاة اقروا بوجود ثغرة تشريعية. وعلى رغم خطورة هذه الافعال وانتشارها في المجتمع اللبناني، لا تزال التشريعات اللبنانية الجزائية والوظيفية والعمالية خالية من احكام مناسبة قادرة على معاقبة هذه الافعال بشكل فعال وردعها، وتوضيح تأثيرها ونتائجها على علاقة العمل او على الوظيفة>.

 وفي الأسباب الموجبة التي ارفقت باقتراح القانون جاء أن التحرش الجنسي والاساءة العنصرية يشكلان ضرباً من ضروب العنف المادي او المعنوي الذي يتخذ اشكالا مختلفة، ولاسيما بالاقوال او الافعال او الايحاءات ذات الطابع الجنسي او ذات الطابع العنصري، الشديدة التأثير على كرامة سائر الضحايا، ولاسيما النساء والفتيات منهم، اما اسوأ الافعال فتلك التي تقع على الاشخاص الذين هم في موقع الضعف الاجتماعي او المهني او الوظيفي، ولاسيما في اطار الوظيفة العامة او العمل الخاص، مثلا بين موظف وآخر تابع له او بين صاحب عمل وموظف او بين متولي وظيفة حرة واحدى الزبائن.

أما السبب الأساس لوضعه موضع العجلة فيعود بنظره إلى أن <كل يوم تقـع أفعال شائنة من هذا النوع ونحن صوّتنا على حماية المرأة من العنف. جاء قانون العنف الأسري غير مكتمل ونحن وعدنا نساء لبنان أن نستكمل العمل عليه>. متابعا: <هذه الأفعال لا تطال النساء والفتيات في الأماكن العامة وحسب وإنما أيضاً في أماكن العمل، وهناك هيئات نسائية مختلفة ترى أنه ضروري>.

صورة-تايلور-سويفت---3ولما نسأله عن السخرية من الموضوع وتسخيفه والتي ارتفعت من قبل بعض النواب في اثناء المناقشة وكيفية تعامله تجاهها اجاب:

- تعاملت بكل رصانة بالطبع، وبتوضيح خطورة غياب التشريع في هذا المجال. وكان مخيبر قد أجاب في الجلسة ان لا حاجة للابتسام، فهو قانون جدي ويدخل ضمن أعمال العنف الممارس ضد النساء والفتيات والذي يمثل أموراً وأفعالاً شائنة في وقت لا يوجد في لبنان قانون يحمي بأي أحكام مناسبة.

ويزيد مخيبر قائلاً:

 - في بنيتي العقلية، أسال نفسي بشكل دائم: من موقعي كنائب ما الذي يمكنني ان اساهم به لإيجاد حلول تعود بالمصلحة العامة؟ ومن هذا المنطلق كان مثلا اقتراح القانون الذي أقر حول اطلاق الرصاص فيالهواء. التحرش الجنسي لا يقل اهمية، وقد عقدنا لاجله في مجلس النواب عددا من الاجتماعات المغلقة مع عدد كبير من المختصين في التشريع من قضاة وهيئات.

وعن اقتراح قانون وزير شؤون المرأة جان اوغاسبيان يقول: <كان هناك دمج للاقتراحين في مسودة موحدة وقد امهلنا رئيس المجلس نصف ساعة للخروج بنص مشترك، وبالمناقشة بيننا تمت اثارة جميع النقاط، الا ان تأجيله تم للجلسة اللاحقة بعد صياغة مكتملة له.

وعن تباينات في البنود او النقاط ما بين الاقتراحين اكد مخيبر غيابها :«لقد كانت النصوص ما بين اقتراحي وما قدمه الوزير اوغاسبيان متقاربة، فلا تباينات ذات شأن انما الصياغة تختلف>.

وحول بطء لبنان في إقرار قانون مماثل يشكل في الخارج أمراً بالغ الاهمية، يعتبر النائب مخيبر <أن في الخارج تطورا كافيا في الثقافة الاجتماعية، وهم يولون أهمية لضحايا التحرش، وفي لبنان نلحظ ذلك ايضا ولذا كان اقتراح القانون..>.