تفاصيل الخبر

التحرّك الاعتراضي لـ«التيار» في الشارع... خيار جدّي، لكن تحديد الزمان والمكان يُنسّق مع «القوات» وحزب الله!  

01/04/2016
التحرّك الاعتراضي لـ«التيار» في الشارع... خيار جدّي، لكن تحديد الزمان والمكان يُنسّق مع «القوات» وحزب الله!   

التحرّك الاعتراضي لـ«التيار» في الشارع... خيار جدّي، لكن تحديد الزمان والمكان يُنسّق مع «القوات» وحزب الله!  

aoun-geagea-1 منذ أن دعا زعيم التيار الوطني الحر العماد ميشال عون أنصاره الى الاستعداد لاستعمال <سواعدهم> بالتزامن مع أحاديث كثيرة عن تحرّك متوقّع <على الأرض> بالاشتراك مع القوات اللبنانية، انشغلت الأوساط السياسية في تقييم أسباب هذا التصعيد <العوني> وما يمكن أن يترتب عن خطوة النزول الى الشارع و<قلب الطاولة>، وما إذا كانت القوات اللبنانية مستعدة للانضمام الى مثل هذا التحرّك الذي يحمل في طياته الكثير من المحاذير، لاسيما وان الشارع ليس حكراً على فريق دون آخر، ومتى باتت <الجماهير> في الشارع قد يصعب إخراجها منه...

ومن زار الرابية خلال عطلة عيد الفصح لدى الطوائف الغربية خرج بقناعة، خلاصتها أن العودة الى الشارع باتت بالنسبة الى <العونيين> في سلّم الأولويات، وهي تتقدّم على ما عداها من خيارات في سبيل تحقيق ما يسميه <العونيون> بـ<الشراكة الكاملة> التي تتطلّب في نظرهم <قرارات جريئة>. ويسمع الزوار بكثير من التفاصيل الأسباب التي تدفع قيادة الرابية الى ركوب هذا المركب <الخشن>، ومن أبرزها شعور <الجنرال> أن <مؤامرة عزله> تتجدّد فصولاً من فترة الى أخرى، وهي اليوم باتت في <أولويات الخصوم> الذين يسعون الى إضعافه بكل ما أوتوا من قوة وإمكانات. من الواضح بالنسبة الى القيادة العونية ان لا مجال لأي تجاوب مع مطالب <التيار> في ما خص حقوق المسيحيين السياسية والإدارية والاجتماعية، وان كل مطلب يرفعه نواب <التيار> أو وزراؤه سيلاقي فوراً <صداً> من الفريق الآخر يماثل مثل ما يواجه به ترشيح العماد عون للرئاسة. أكثر من ذلك، يتحدث من في الرابية أن القوى السياسية التي <تستأثر> بمقدرات الدولة لن تتجاوب مع طروحات <الجنرال> وتكتل التغيير والإصلاح في ما خص الإصلاحات التي ينادي بها، سواء ما يتعلق منها بإيجاد قانون انتخابي عادل يعيد الحقوق الى أصحابها في التمثيل المسيحي كما هو حاصل مع الطوائف الأخرى، ولا في ما خص تعديل بعض القوانين التي قدّم نواب التيار الوطني الحر اقتراحات في شأنها. وثمة من يتعمّد إقفال أذنيه - يقول من في الرابية - على كل مطلب للعماد عون، لاسيما تلك المطالب التي تصحح خللاً قائماً في أمكنة عدّة.

 

عون: لماذا تجاوز الميثاقية؟

إلا أن أكثر ما يدفع العماد عون الى تحريك الشارع من جديد يبقى - كما يلاحظ زوار الرابية - في كل المحاولات التي تهدف الى <مصادرة> التمثيل المسيحي في الاستحقاق الرئاسي، وهو ما يسميه <الجنرال> ضرورة المحافظة على <الميثاقية> في عملية اختيار رئيس الجمهورية على غرار ما هو حاصل مع الطائفة السنية في اختيار رئيس الحكومة، ومع الطائفة الشيعية في اختيار رئيس مجلس النواب. عند هذا الحد، يلاحظ زوار الرابية أن <الجنرال> يتناسى هدوءه المعروف و<ينتفض> وهو يتساءل عن سبب الإصرار على تجاوز <الميثاقية> عندما يتعلق الأمر بالمسيحيين، علماً أن غالبية أبناء الطائفة الشيعية يؤيدونه من دون أي تحفظ (وهذا ما ظهر في كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الى محطة <الميادين> الأسبوع الماضي)، وأفرقاء كثر من أبناء الطائفة السنية لا يعارضون انتخابه على رغم <الضغط الخارجي> لمنعه من الوصول الى بعبدا، ومجموعات كبيرة من الدروز لا تمانع بانتخابه، لاسيما وأن العماد عون لم ينسَ بعد ما قاله له النائب وليد جنبلاط في آخر زيارة قام بها الأخير للرابية: <مشكلتك مش معي جنرال... مشكلتك مع غيري>!.

وما يسمعه زوار الرابية من <انزعاج> العماد عون من محاولة البعض <مصادرة> التمثيل المسيحي والتعتيم عليه، يتردّد أيضاً عن أداء الحكومة التي انضمت - في نظر من في الرابية - الى الفريق الذي يعمل على تهميش <التيار> وعرقلة مشاريعه وتجاهل مطالبه وعدم التعاطي مع الفريق الوزاري الذي يمثل الشريحة الكبرى من المسيحيين، وهذا الواقع ارتفع منسوبه بعد إعلان رئيس تيار <المردة> النائب سليمان فرنجية عن ترشحه للانتخابات الرئاسية. والموقف الحكومي المستجد دفع بالعماد عون الى تضمين البيان الأسبوعي لتكتل التغيير والإصلاح كلاماً قاسياً في حق الحكومة مجتمعة (حكومة فجور واستئثار)! على رغم مشاركته فيها بوزيرين إضافة الى الحلفاء! ويورد العماد عون أمثلة كثيرة على تراجع الأداء الحكومي وعلى أنه ينصب في اتجاه معين، هدفه <تكبيل> وزراء التيار وعدم تمكينهم من تحقيق أي إنجاز في وزاراتهم أو في مسار السلطة التنفيذية.

إلا أن موجات <الاعتراض> المتصاعدة، هل تعني أن التحرّك في الشارع بات قاب قوسين أو أدنى؟ تجيب مصادر مطلعة على موقف <التيار> وزعيمه، بأن النقاش في حلقة القرار داخل التيار الوطني الحر لا يزال مستمراً حول التوقيت والمكان، لاسيما وأن الاستعدادات اللوجستية باتت منجزة، لئلا يتحوّل أي تحرّك متسرّع الى <دعسة ناقصة> ترتدّ سلباً على <التيار> قيادة وقاعدة. صحيح ان الأسباب التي تدفع الى التحرّك <موجودة بقوة>، إلا أن الفكرة لا تزال موضع درس معمّق وتشاور مع <الحليف الجديد> أي القوات اللبنانية، لأن القيادة <العونية> تفضّل أن يشارك حزب <القوات> في أي تحرّك في الشارع للتأكيد على وحدة الموقف حتى في التعبير الميداني وليس فقط في المواقف السياسية، ولكي يكون التحرّك الجماهيري واسعاً ومؤثراً، ويكون <جرس الإنذار> قوياً، فتتردّد الأصداء حيث يجب أن تُسمع. وتقول مصادر معنية ان <ورقة التفاهم> بين <التيار> و<القوات> التي تبيّن أنها <صامدة> وقد تجاوزت الاستحقاق الرئاسي، تفرض على الطرفين تنسيقاً لم يعد من السهل أو من المستحب تجاهله، وطالما ان التنسيق السياسي يتطوّر يوماً بعد يوم، فحري أن يكون أي تحرّك في الشارع موضع تنسيق مماثل، لأن أي تظاهرة أو دعوة لاعتصام سيكون عنوانها <عودة الدور المسيحي الى السلطة> وتأمين حضوره في المؤسسات كافة، ما يفرض استطراداً وحدة موقف لدى القاعدة المسيحية الواسعة التي يمثلها <التيار> و<القوات> على حد سواء. لذلك تتوالى الاجتماعات بين الرابية ومعراب لمناقشة <خطوات الضغط> التي يُفترض القيام بها بعد تحديد إيجابيات كل خطوة وسلبياتها على حد سواء.

لا استقالة من الحكومة أو المجلس

حسن-نصرالله-الميادين

وفي هذا المجال، أكدت مصادر معنية أن تحرّكاً نيابياً مشتركاً <عونياً وقواتياً> سيسبق أي تحرّك ميداني وذلك كي يمهد له، وهو لا يعني مطلقاً <استقالة> من مجلس النواب كما روّجت مصادر سياسية معينة، لأن هذا الاقتراح الذي نوقش في ما مضى لم يجد حماسة متبادلة، وإن كان يلقى لدى بعض من في <التيار> تأييداً متزايداً. وتضيف المصادر نفسها أن مثل هذه الخطوة لا يمكن أن يتخذها <التيار> أو يضغط لاتخاذها، من دون التشاور مع الحليف الآخر أي حزب الله الذي لم يُظهر بعد أي <حماسة> لهذه الفكرة، كما لفكرة الاستقالة من الحكومة التي استبعدها <التيار> هو أيضاً، فيما <القوات> غير معنية بها لأنها غير مشاركة في الحكومة السلامية. وتقرّ المصادر أن <التيار> يلتقي مع <القوات> في أن لا حاجة لـ<تطيير> الحكومة في الوقت الحاضر لأن الشغور الرئاسي يجعل من المستحيل تشكيل حكومة جديدة، ما يعني أن حكومة الرئيس تمام سلام ستبقى تصرف الأعمال في كل حال. لذلك فإن التنسيق النيابي سيكون في الاداء والحضور والاعتراض سواء عقد المجلس جلسات تشريعية أم لم يفعل، والميدان النيابي واسع في هذا الصدد ويمكن <اللعب> فيه براحة.

والواقع أن ما يُسمع في الرابية في ما خص التحرّك في الشارع، يُسمع مثله في معراب، لاسيما وأن الدكتور سمير جعجع أكد لزواره قبل عطلة الفصح وبعدها على أن حزبه لم يتخذ أي قرار منفرد أو مشترك مع العونيين في شأن التحرّك في الشارع، علماً أن مجالات التنسيق مفتوحة وهامش التحرّك مفتوح أيضاً، انطلاقاً من العناوين الواردة في <ورقة التفاهم> من جهة، ومن البنود العشرة التي أعلنت <القوات> دعم ترشيح العماد عون على أساسها. ويؤكد جعجع أمام زواره أن مطلب تحقيق <الشراكة الكاملة> هو واحد من النقاط التي تمّ التوصل اليها مع العماد عون، والقرار ثابت في <العمل معاً> من أجل تحقيقها بمختلف الوسائل المتاحة، وليس بينها راهناً الاستقالة من مجلس النواب ولا الضغط لإسقاط الحكومة التي لا تزال <صمام الأمان> الذي لا يجوز التفريط به. وثمة من ينقل عن جعجع قوله إن إفراغ المؤسسات الدستورية في هذا الظرف يشبه <محاربة طواحين الهواء>، وبالتالي فإن الأولوية تكمن في تعزيز التنسيق في الانتخابات البلدية والاختيارية ليكون الحزبان في جهوزية كاملة لخوضها إذا ما قدّر الله أن تتم الانتخابات ولا تتأجل...

وعندما يسأل زوار معراب عن تقييم <القوات> للبيان الذي صدر عن اجتماع تكتل التغيير والإصلاح، يسمعون جواباً واحداً وسريعاً: <إنه إنذار وتحذير لا يجوز تجاهلهما>. صحيح أن لـ<القوات> أسلوبها في رفض تهميش المسيحيين، إلا أن ما أعلنه التكتل صرخة مدوية سيتم التعبير عنها - إذا استمر الوضع على ما هو عليه - بحضارة وبأسلوب لن تكون <القوات> بعيدة عنه. أما متى وكيف؟ فلا أحد يجيب، بل يبقى الكلام في إطار <الوقت المناسب>!

تجدر الإشارة الى أن النائب فرنجية حذّر من تغيير قواعد اللعبة الديموقراطية المتعلقة بالانتخابات الرئاسية عبر النزول الى الشارع، معتبراً أن كل المحرّمات ستسقط، وسائر الخيارات ستحضر، ومنها خيار النزول الى مجلس النواب في جلسة الانتخاب، وقد رفض فرنجية أن <يلغي نفسه> من خلال تلبية رغبة عون بانسحابه، لافتاً الى أنه لو طلب حزب الله منه الانسحاب فهو لن يفعل!