[caption id="attachment_84625" align="alignleft" width="444"] انفجار المرفأ .[/caption]
يؤكد أكثر من مصدر قضائي، أن التحقيق العدلي في جريمة تفجير مرفأ بيروت سيشهد تأخيراً في انتظار بت محكمة التمييز في دعوى "الارتياب المشروع" التي تقدم بها الوزيران السابقان النائبان علي حسن خليل وغازي زعيتر وطالبا بكف يد المحقق العدلي القاضي فادي صوان واستبداله بمحقق عدلي آخر، ويعود للمحكمة ان تقول كلمتها لاسيما بعدما سلم القاضي صوان اليها نسخاً عن التحقيقات التي اجراها منذ ان تسلم مهمته. ولعل ما زاد حجة "الارتياب" ما صدر عن رئيس الحكومة حسان دياب من كلام حول التحقيقات الجارية وتجاهل المحقق صوان الادعاء على وزراء سابقين للاشغال وقادة امنيين وتوجيه الادعاء اليه (أي الى دياب) على رغم انه لم يدخل القصر الا "مبارح العصر" وبالتالي لا معلومات دقيقة لديه، في حين ان وزراء سابقين للاشغال والمالية كانوا يدرون بوجود "نترات الامونيوم" ولم يدع عليهم! صحيح ان دور الغرفة السادسة في محكمة التمييز الجزائية الموافقة على نقل الملف من صوان او رده، لكنها لا تملك صلاحية تعيين قاض سواه المنوطة بوزيرة العدل ماري كلود نجم بعد اقتراح مجلس القضاء الأعلى، علماً ان ثمة من يتحدث عن "هيبة" القضاء الذي يجب ان يبقى فوق الشبهات، وعن عدم "كسر" شوكة القاضي صوان او جعله "كبش محرقة" في لعبة سياسية يبدو انها بدأت تظهر معالمها في اكثر من اتجاه.
لكن ثمة مشكلة أخرى غير البت في دعوى "الارتياب المشروع" تتعلق بالازمة الناشبة بين القاضي صوان ومجلس النواب من جراء تعاطيه المزدوج مع ملف انفجار مرفأ بيروت، باعترافه أولاً باختصاص المجلس بملاحقة رؤساء الحكومات والوزراء ثم باسترجاعه اليه هذا الاختصاص، لم توصد الأبواب امام حلول تقود الى كشف حقائق ما حدث في المرفأ، والجناة الفعليين، كما أولئك المقصرين. ما فعله صوان حتى الان انه ادعى ولم يتهم، والمنتظر ما سيتضمنه قراره الاتهامي لاحقاً في ضوء استكماله تحقيقاته واستجواباته، قبل احالته الى المجلس العدلي، اذ ذاك يمسي المكان المناسب لتحديد المرجعية صاحبة الاختصاص.
وتقول مصادر متابعة لملف التحقيق ان أي قاض آخر سوى المحقق العدلي الحالي المشكو منه، لن يسعه ان يبدأ الا من حيث انتهى صوان، وان يكن البعض المخاصم بدأ تداول أسماء قضاة يخلفونه، سيفسر للتو على انه ناجم عن تدخل سياسي مباشر لحرف التحقيق العدلي عن مساره. بذلك يترتب على تسييس الملف استبعاد أي شبهة عن جهات سياسية قد تكون ضالعة في انفجار المرفأ. واقع الامر ان استنفار الطبقة السياسية برمتها على ما اثاره صوان، فسر بدوره وجود رؤوس اكبر حجماً واكثر شأناً من أولئك الموقوفين الـــ 25 بتهم التقصير والإهمال.
إجراءات ومخالفات
[caption id="attachment_84626" align="alignleft" width="445"] القاضي فادي صوان.[/caption]وتتحدث المصادر في مجال آخر، من دون ان تدخل في كثير من المحطات وما رافق الإجراءات من تفاصيل عن مجموعة الخطوات التي تلت ادعاء صوان والتي ما زالت سارية المفعول، على الرغم من حجم المخالفات المرتكبة، والتي يمكن ان يوضع لها حد فاصل ببعده القانوني والقضائي في وقت لاحق لم يحن اوانه بعد... وعليه، فقد فندت المصادر بعضاً من هذه المخالفات وما يمكن ان تؤدي اليه في حال عدم تصحيحها بما يفرضه الدستور في تعاطي السلطة التشريعية مع أي من السلطات الأخرى، وتلك القواعد المرتبطة بصلاحيات الهيئات القضائية، وصولاً الى وزارة العدل، وتوقفت المصادر امام البعض منها، واولها، تأكيد فقدان الصفة التي تسمح للوزيرين السابقين خليل وزعيتر، مخاطبة النيابة العامة التمييزية لرفع يد صوان عن القضية بسبب "الارتياب المشروع" قبل رفع الحصانة النيابية عنهما، وانه كان عليهما مخاطبة وزيرة العدل صاحبة الصلاحية في تعيين المحقق العدلي. وان استمر قلم النيابة العامة التمييزية بتعميم هذا الطلب على صوان وكل من له علاقة بالعملية، ولاسيما منهم وكلاء الدفاع عن المدعين امامه، فإن ذلك بقي من ضمن الروتين الإداري. فالقرار النهائي قبولاً او رفضاً لطلب الوزيرين السابقين ليس ملكاً لها بل لمحكمة التمييز التي ستنظر في القضية، بعد ورود أجوبة من طاولتهم الإجراءات الأخيرة قبولاً او رفضاً وهي عملية قد تأخذ وقتاً على أساس ان بعض المعنيين لم يتبلغوا بعد طلب رفع اليد لبدء احتساب مهلة الأيام العشرة التي وجب تحديدها ابتداء من تاريخ تبليغ آخر المعنيين بالقضية. ومع تطور الاحداث المرتبطة بالتحقيق العدلي، يقول مطلعون ان لا القاضي صوان ولا نقابة المحامين بوكالتها عن ما يزيد على الف مدع ولا وكلاء المدعين الاخرين امام قاضي التحقيق، سيقبلون طلب رفع يد صوان بــ "الارتياب المشروع" لانهم يعتقدون ان لا أساس متيناً له وهو ذات ابعاد سياسية لا قانونية، ويخشون من ان يكون الهدف منه التهويل على صوان او بهدف تضييع الوقت وحرف التحقيق عن مجراه....
في أي حال تبدو المخاوف من تبديل مجرى التحقيق محقة في مكان ما لاسيما وان الإجراءات المتخذة بوجوهها النيابية والقانونية المختلفة اخذت وقتاً كان يمكن توفيره لعدم اغراق التحقيق العدلي في متاهات في وقت يصر الجميع على ضرورة الإسراع في إنجازه لتحديد المسؤولية وعدم "تدفيع" أبرياء ثمن جرم ارتكبه آخرون سواء من خلال الإهمال او المعرفة و"التفتيش" عليها... او التواطؤ فيها!.