تفاصيل الخبر

التحقيق في انفجار المرفأ مستمر:هل تعرض المستودع للسرقة المتمادية؟

21/10/2020
التحقيق في انفجار المرفأ مستمر:هل تعرض المستودع للسرقة المتمادية؟

التحقيق في انفجار المرفأ مستمر:هل تعرض المستودع للسرقة المتمادية؟

     

[caption id="attachment_82171" align="alignleft" width="187"] المحقق العدلي القاضي فادي صوان يواصل تحقيقاته في الحادث.[/caption]

 مع حلول الرابع من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، تكون مضت ثلاثة اشهر على الانفجار المروع الذي وقع في مرفأ بيروت في 4 آب (اغسطس) الماضي وما زال اللبنانيون ينتظرون نتائج التحقيق الذي يتولاه المحقق العدلي القاضي فادي صوان الذي يتسلح بسرية التحقيق لعدم الادلاء بأي معلومات عما توصل اليه التحقيق منذ إحالة الكارثة على المجلس العدلي. في موازاة ذلك، يواصل المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات مراسلة الدول التي اشتركت في التحقيقات بعد وقوع الانفجار ولاسيما فرنسا والولايات المتحدة الاميركية ( FBI) وبريطانيا من اجل ارسال ما توصلوا اليه من نتائج...

وفيما يبدو ان ثمة من يسعى الى المنافسة في التحقيق من الدول الاجنبية التي ساهمت مع التحقيق اللبناني، فإن اشارة القاضي غسان عويدات يوم السبت الماضي الى "النمط والمنهج العلمي المعتمد في التحقيقات ومن ضمنها الاستعانة بالقدرات الدولية في العلوم الجنائية" دلت على ان لا معلومات نهائية بعد يمكن الركون اليها وان التقارير التي وصلت الى بيروت من الجهات الدولية لم توفر المعلومات المطلوبة او هي اقتصرت على معطيات سبق للخبراء اللبنانيين ان اشاروا اليها. الا ان ما توقف عنده المراقبون فقد كـــان اعلان القاضي عويدات بأن "اي تدخل لأي مرجع وادعاءه ادارة التحقيق والتنسيق مع الجهات الدولية المشار اليها يشكل تدخلاً في عمل السلطة القضائية ويخشى ان يحرف مسار العمل القضائي السليم وادخاله في مجال المزايدات ويجعل التعاون الدولي مع السلطة القضائية والذي يتم عبر مراسلات ادارية للوزارة المختصة مشوباً بالمغالطات او اهواء سلطات اخرى".

 لم يكن واضحاً في كلام القاضي عويدات من اي جهة يقصد، في وقت قالت مصادر متابعة ان المقصود بــ "ملاحظات" المدعي العام التمييزي هي وزيرة العدل ماري كلود نجم التي كانت صرحت قبل ايام انها تتابع مع عدد من السفارات المعنية نتائج التحقيقات التي توصلت اليها الفرق الفنية والخبراء الذين شاركوا الجانب اللبناني في التحقيقات واخذوا عينات من التراب والحجارة في موقع الحدث لتحليلها وإعداد التقارير المناسبة لها. صحيح ان عمل الفرق الاجنبية لم تظهر نتائجه رسمياً بعد، الا ان المعطيات التي توافرت لا تزال تشير الى ان ما جرى هو حادث ناتج عن شرارة نار اصابت صناديق مفرقعات وضعت الى جانب اكياس "نيترات امونيوم" ما اشعل النار في المستودع وحصلت الكارثة.

 وقد انشغلت الاوساط الرسمية في ما حصل الاسبوع الماضي من تسريب ما قيل انه جزء من التقرير الذي وضعته بعثة مكتب التحقيقات الفيديرالي الاميركي (FBI) التي شاركت في التحقيقات والتي اشارت الى ان قوة الانفجار لم تكن بقوة 2750 طناً من " النترات" ما فتح الباب امام نظرية كانت سادت بعيد الكارثة تحدثت عن ان ثمة من كان يسرق تباعاً كميات من اكياس "النترات" إما بالتواطؤ مع مسؤولين في المرفأ او من خلال سحب كميات قليلة في كل مرة ليسهل نقلها خارج المرفأ. من هنا تعود الى الواجهة احتمال ان يكون وراء الحريق ما هو متعمد من جهة واظبت على سرقة كميات من "النترات" الموضبة في المستودع قم 12، مما اضطره في وقت لاحق الى احراق بعض محتوياته بقصد التعمية على جريمته من دون ان يدرك الى ما يمكن ان يؤدي اليه هذا الحريق من نتائج. وكان تقرير مكتب امن الدولة في المرفأ لفت الى مخاطر محتويات المستودع وأوحى بحصول عمليات سرقة متتالية منه لمصلحة جهة او جهات سوف يعمل التحقيق على تحديدها اذا ما ثبت هذا السيناريو الذي تم تداوله.

سرقوه ثم حرقوه

[caption id="attachment_82172" align="alignleft" width="444"] إنفجار المرفأ ... الدخان الأبيض يغطي سماء بيروت.[/caption]

 وتقول مصادر متابعة للتحقيق ان اصحاب السيناريو الذي يشير الى حصول اعمال سرقة متتالية من المستودع يفترضون وجود من تولى سرقة المواد المخزنة في المستودع وقد يكون على ارتباط بمجموعة من العارفين الذين يتصرفون بهذه المواد لغايات لا يمكن ان تكون بريئة لأن المادة بحد ذاتها لها استعمالات محددة تندرج كلها في اطار الخطورة... ويضيف السيناريو ان هؤلاء العارفين تيقنوا ان اكتشاف عملية السرقة قد اقترب وهو ما سيؤدي الى انكشافهم فاسرعوا الى اشعال النار في احدى زوايا المستودع حيث الالعاب النارية وكابلات قابلة للاشتعال من دون ادراك النتائج المترتبة عن امكان انفجار كميات "النترات" المخزنة فيه.

 وما أكد حصول عملية السرقة المتتالية، التقرير الذي أعده أمن الدولة والذي اشار الى وجود عملية نهب وسرقة منظمة نتيجة بعثرة محتويات المستودع وبوجود قرابة الف كيس من اكياس "نترات الامونيوم" مبعثرة ومهمشة ما يعني ان كميات خرجت منها ونقلت من خلال الفجوة التي كانت في حائط المستودع.

 ولا يتوقف اصحاب هذه النظرية عند المشاهدات التي اشار اليها تقرير امن الدولة وهو ما اثبتته مختلف التقارير الاخرى التي اوحت في شكل من الاشكال بوجود مثل هذه السرقة عندما شككت في ان الانفجار، ورغم هول ما ادى اليه، ليس ناجماً من انفجار الكمية الضخمة كاملة التي قدرت عند تخزينها بـــ 2750 طناً، لأنه وفي حال كان الانفجار ناتجاً عن مثل هذه الكمية، فإن انفجارها كان قد محا مناطق اوسع من بيروت، وكانت الاضرار قد لحقت بالمناطق المحيطة ببيروت والتلال المشرفة عليها وصولاً الى قرى ومناطق من جبل لبنان. وبناء عليه، يمكن تفسير مضمون التقارير التي وضعها خبراء من مختلف الدول التي عرفت انفجارات مماثلة وأكدته بعثات التحقيق الدولية التي كان خبراؤها يعملون الى جانب خبراء الجيش اللبناني في موقع الانفجار، والتي قالت انه ناجم من كميات اقل بقليل مما يحتويه العنبر، وذهب البعض منها الى القول إن الكمية التي انفجرت لا يمكن ان تتجاوز نصفها، اي بما يتراوح بين 1300 طن او 1400 طن كحد اقصى.

 في اي حال، فإن ثبوت نظرية السرقة المتتالية من المستودع سوف يقود التحقيق الى اماكن اخرى لم تحدد بعد لأن كميات "النترات" التي كانت تسرق من المستودع يمكن ان تكون قد هربت الى سوريا حيث كانت الحرب على اشدها خلال السنوات الماضية مع تزامن وصول الباخرة التي نقلت "النترات" في بداية العام 2014 حيث كان القتال على اشده في سوريا. وقد تكون المواد التي سرقت من المستودع استخدمتها قوى متقاتلة من اجل تعزيز مواقعها او تحقيق مكاسب عسكرية. قد يكون من المبكر الجزم بهذه الفرضية، لكن ما يدفع الى التفكير بها ان هذه المواد افرغت في بيروت من دون ان يكون لها اي مستورد ولم يطالب بها احد رسمياً علماً انها "اقامت" في المرفأ منذ وصولها في العام 2014 وحتى انفجار المستودع. فكيف يمكن لبضاعة من هذا النوع ألا يكون لها من يطالب بها ولماذا انزلت في بيروت وليس في الاردن مثلا حيث قيل ان الاردن كان وجهة سيرها المقبلة بعد مرفأ بيروت.

اللغز مستمر وهو يتنامى والامل في ان يتمكن القضاء من كشف كل الملابسات التي تشغل بال اللبنانيين.