تفاصيل الخبر

التحقيق في انفجار المرفأ لم يحمل جديداً لكنه فجّر خلافاً بين بعبدا والسراي!

16/09/2020
التحقيق في انفجار المرفأ لم يحمل جديداً لكنه فجّر خلافاً بين بعبدا والسراي!

التحقيق في انفجار المرفأ لم يحمل جديداً لكنه فجّر خلافاً بين بعبدا والسراي!

  [caption id="attachment_81127" align="alignleft" width="375"] الرئيس ميشال عون يترأس اجتماع المجلس الأعلى للدفاع[/caption]

اذا كانت التحقيقات في الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت في 4 آب ( اغسطس) الماضي لم تصل بعد الى تحديد المسؤولية او معرفة لغز وصول الباخرة مع البضاعة التي حملتها من نترات الامونيوم الى المرفأ، فإن الواضح ان الاهمال هو العامل الابرز في كل ما حصل، بدليل ان الحريق الهائل الذي شب يوم الخميس 10 ايلول (سبتمبر) الجاري، والذي نتج ايضاً عن تلحيم في مستودع في المنطقة الحرة من المرفأ فيه اطارات وزيوت ومواد قابلة للاشتعال، حصل هو ايضاً بفعل الاهمال اذ كيف يجوز ان يلجأ صاحب المستودع الى تلحيم السقف من دون ان يتخذ اجراءات للوقاية وخصوصاً حيازة اطفائيات تحسباً لاي طارىء. وكيف يمكن له ان يعمل دون اخطار ادارة المرفأ او الاجهزة الامنية الموجودة بكثافة في المرفأ ولاسيما وحدات الجيش التي باتت تشرف امنياً ولوجستياً على كل ما في المرفأ المنكوب... والغريب ان مسألة الاهمال لم يتطرق اليها مجلس الدفاع الاعلى الذي التأم عشية الحريق استثنائياً اذ امضى وقته في الحديث عن ضرورة اتخاذ اجراءات لتنظيم العمل في المرفأ وتشكيل لجنة لوضع هذا التنظيم موضع التنفيذ وغيرها من المسائل من دون التطرق الى محاسبة المهمل ومن تسبب في الحريق الذي اتى على محتويات مستودعات المنطقة الحرة، وزرع الرعب في نفوس المواطنين الذين تخوفوا من ان يؤدي الحريق الى انفجار مماثل للذي حصل في 4 آب ( اغسطس) الماضي! لقد بدا واضحاً ان ثمة من يتعاطى بما يجري في المرفأ بخفة ومن دون مسؤولية، اذ ليس اسهل من تبادل القاء التبعات تارة الى الجهة التي اعتمدت "التلحيم" لاصلاح المستودعات، وتارة اخرى الى ادارة المرفأ التي لم تتعلم الدرس الذي وقع في الانفجار الكبير بل تركت الامور تسير على ما هي عليه، على رغم الخطورة التي بات يشكلها الواقع المزري الذي يعيشه مرفأ بيروت...

لقد طرح المجتمعون في بعبدا بعد الحريق الخميس الماضي استحداث جهاز امني للمرفأ على غرار جهاز امن المطار بهدف توحيد عمل الاجهزة الامنية المتعددة في المرفأ ووضعها تحت امرة واحدة الامر الذي يؤدي الى التنسيق بين هذه الاجهزة التي تعمل حاليا من دون تنسيق وكأنها "فاتحة على حسابها" وعلى رغم ان الفكرة مهمة وضرورية، الا ان مقاربتها تمت بسرعة من دون ان يتوقف المجتمعون ملياً عندها ليصار حين تشكيل الجهاز، الى تفادي الثغرات الموجودة في جهاز امن المطار لعدم تكرارها في الجهاز المزمع انشاؤه والذي سينسحب على كل المرافىء لاسيما في طرابلس وصيدا وصور. وبدا واضحاً ان الفكرة على اهميتها خصوصاً في هذا الظرف بالذات، لم تنل قسطها من الاهتمام وتمت مقاربتها على نحو لا يشجع في الوصول الى نهايات سعيدة في هذا الملف.... أزمة بين بعبدا والسراي في اي حال، ثمة ازمة اخرى نتجت عن التحقيق في ما حصل في 4 آب ( اغسطس) الماضي، وهي "صراع" بين رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء حول وضع المدير العام للجمارك بدري ضاهر في تصرف رئيس مجلس الوزراء واعفائه من مهامه، قبل صدور القرار الظني وحصول المحاكمة. صحيح ان مجلس الوزراء اتخذ في آخر جلسة عقدها قبل استقالة الحكومة قراراً بوضع جميع الموظفين من الفئة الاولى والذي تقرر او سيتقرر توقيفهم، بتصرف رئيس مجلس الوزراء بعد اعفائهم من مهام وظائفهم، الا ان الصحيح ايضا ان رئاسة مجلس الوزراء سارعت الى اعداد مرسوم بالسيد بدري ضاهر وحده من دون غيره من الموظفين من الفئتين الاولى والثانية الموقوفين عدلياً، لاسيما رئيس مجلس الادارة والمدير العام لشركة مرفأ بيروت حسن قريطم والمدير العام للنقل البحري عبد الحفيظ القيسي، الامر الذي اثار استياء رئيس الجمهورية الذي رد مشروع المرسوم مطالباً باعتماد المواساة لجهة اصدار جميع المراسيم المتعلقة بالموظفين المعنيين بالتوقيف العدلي، علماً ان المبدأ هو براءة المشتبه بهم حتى ثبوت الادانة، فضلاً عن ان الموظفين الموقوفين عدلياً منقطعون حكماً عن القيام بوظائفهم بموجب القوانين والانظمة المرعية الاجراء ولا يمكن بالتالي تكليفهم القيام بمهام جديدة. كما طلبت مراسلة رئاسة الجمهورية من رئاسة مجلس الوزراء الافادة عن مدى تنفيذ قرار مجلس الوزراء المذكور لجهة موظفي الفئة الثانية المعنيين به من قبل الوزراء كل وفق صلاحيته ليبنى على الشيء مقتضاه...

وسرعان ما أثار رد الرئاسة الاولى، ردود فعل لدى الرئاسة الثالثة التي كتبت الى المديرية العامة لرئاسة الجمهورية بتوقيع الامين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية رداً على عكس الخلاف في وجهات النظر بين الرئاستين الاولى والثالثة اذ جاء في الرسالة الجوابية ما يلي: " (...) تجدر الملاحظة بداية الى ان الاشارة في كتابكم الى مبدأ براءة المشتبه بهم حتى ثبوت الادانة، يعتبر من قبيل التعليق على قرار اتخذ في مجلس الوزراء، وهو لا يؤثر بأي حال من الاحوال على قوته الملزمة ما يوجب التالي التقيد بمنطوقه كما صدر.علماً ان الوضع بالتصرف، وعملاً باحكام المرسوم الرقم 3169 تاريخ 29/4/1972 وتعديلاته، لا يشكل تعرضاً او انتقاصاً لمبدأ براءة المشتبه به حتىى ثبوت الادانة، على اعتبار ان الوضع بالتصرف هو اجراء اداري يتخذه مجلس الوزراء حتى ولو كان

[caption id="attachment_81128" align="alignleft" width="363"] المدير العام للجمارك بدري ضاهر.. إعفاءه من مهامه[/caption]

المقرر وضعه بالتصرف غير ملاحق قضائياً او موقوف عدلياً. ومن جهة ثانية، فإن الامانة العامة لمجلس الوزراء، وفور ورود اي مرسوم او معاملة تتصل بتنفيذ قرار مجلس الوزراء المشار اليه تعمد الى اجراء المقتضى بصورة فورية وتعرضه للتوقيع على السيد رئيس مجلس الوزراء فور استكماله حيث يعمد الى توقيعه انطلاقاً من صلاحياته الدستورية واحتراماً وتنفيذاً لقرار مجلس الوزراء، وان كل ما يتجاوز ذلك من اعداد مراسيم اخرى تصب في خانة تنفيذ قرار مجلس الوزراء اي وضع بالتصرف لكل موظف يتقرر توقيفه على ذمة التحقيق في كارثة انفجار بيروت في 4/8/2020، يدخل ضمن صميم عمل وصلاحيات الوزير المعني به والذي قد يسأل دستورياً في حال تلكؤه عن القيام بما يتوجب عليه تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء. هذا مع الاشارة الى ان الامانة العامة لمجلس الوزراء وفي اليوم التالي لتاريخ صدوره وتحديداً في 11/8/2020، وبموجب كتابها رقم 1874/م ص، عممت على جميع السيدات والسادة الوزراء مضمون القرار المتخذ بتاريخ 10/8/2020 والمتعلق بالوضع بالتصرف، لا بل اكثر من ذلك وبتاريخ 8/9/2020 وبموجب كتابها رقم 1946/م ص، عادت الامانة العامة واكدت مجدداً على جميع الوزراء ما ورد في كتابها الاول واشارت الى وجوب الالتزام بقرارمجلس الوزراء السالف الذكر والعمل على تنفيذه والافادة عن النتيجة. وبالمحصلة، فإن الامانة العامة لمجلس الوزراء وانطلاقاً مما سبق بيانه لا يسعها ان تعلق السير بأي مرسوم يرد اليها تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء بحجة الاخلال بمبدأ المساواة مع ما يترتب على ذلك من مسؤولية قد تطال الوزير الذي يتخلف عن القيام بواجباته الدستورية على النحو المشروح آنفاً. هذا مع الاشارة بأن مبدأ المساواة هو واجب الاعمال والتطبيق في سبيل تنفيذ القانون وليس لتعطيله او الغاء مفاعيله اذ لا مساواة في مخالفة القانون ولا مساواة في عدم تنفيذ قرارات مجلس الوزراء. وضمن هذا السياق، وكما هو الحال عندما وقّع السيد رئيس مجلس الوزراء مرسوم اعفاء مدير عام الجمارك السيد بدري ضاهر من مهام وظيفته في اليوم عينه الذي ورد الى الامانة العامة لمجلس الوزراء من قبل وزارة المالية، كذلك احالت الامانة العامة لمجلس الوزراء بتاريخ 10/9/2020 مشروع مرسوم اعفاء مدير عام النقل البري والبحري السيد عبد الحفيظ القيسي من مهام وظيفته ووضعه تحت تصرف رئيس مجلس الوزراء الى السيد وزير المالية لتوقيعه في اليوم عينه الذي ورد اليها اي بتاريخ 10/9/2020 وانه فور الانتهاء من هذا التوقيع سيعمد السيد رئيس مجلس الوزراء الى توقيع مشروع المرسوم بصورة فورية ودون ابطاء، كما سيعمد لاحقاً الى توقيع جميع المراسيم المشابهة التي ترد اليه من الوزراء المعنيين ويحيلها الى رئاسة الجمهورية لاصدارها وفقاً للاصول الدستورية ملتزماً بذلك بموجباته الدستورية كرئيس لمجلس الوزراء، وهو يقوم ايضاً بمتابعة تنفيذ قرار مجلس الوزراء المشار اليه فيما يتعلق بالموظفين ما دون الفئة الاولى مع الوزراء المعنيين ومن خلال الكتب المرسلة من قبل مصلحة متابعة تنفيذ قرارات مجلس الوزراء في المديرية العامة لرئاسة مجلس الوزراء وذلك على الوجه المعروض انفاً ( الكتاب رقم 1874/م ص تاريخ 11/8/2020، الكتاب رقم 1946/م ص تاريخ 8/9/2020). وعليه، وعلى هدى ما تقدم، واحتراماً لقرار مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة تاريخ 10/8/2020، لا تجد الامانة العامة لمجلس الوزراء فيما تعرضونه ما يشكل مسوغاً قانونياً يوجب اعادة ملف المعاملة اليها ما يستتبع بالتالي اعادتها اليكم".

في اي حال، من الواضح ان وراء الاكمة ما وراءها في رد رئاسة مجلس الوزراء على رئاسة الجمهورية، لاسيما وان الرئيس عون اعتبر ان اعداد مرسوم بالسيد بدري ضاهر من دون غيره من الموظفين الموقوفين، هدفه "الانتقام" من ضاهر المقرب من رئيس الجمهورية والذي تمكن منذ تسلمه مركزه كمدير عام للجمارك ضبط الفلتان الذي كان سائداً في المديرية، وتمكن من ادخال اموال طائلة الى خزينة الدولة من اجراء استيفاء الرسوم الكاملة عن البضائع المستوردة او المصدرة محققاً بذلك فائضاً مالياً لم يكن يحصل سابقاً. وسبب ذلك لضاهر الكثير من المشاكل والصدامات مع المنتفعين سابقاً من فوضى العمل الجمركي... وهذه الاشكالات المستجدة توحي بأن الامور ليست منتهية بعد، بل ستتفاعل سلباً في الآتي من الايام!.