الذكرى الخامسة والعشرون لاستشهاد الرئيس رينيه معوّض، والتي أقيمت يوم الجمعة الماضي داخل صالة <بلاتيا> في ساحل علما، اختلفت هذه السنة عن الأعوام الماضية شكلاً ومضموناً وأُريد منها أن تحمل رسائل متعددة الاتجاهات.
في الشكل، تميز احتفال ربع قرن على استشهاد الرئيس معوّض بمشاركة شعبية واسعة لاسيما وأن القاعة التي أقيم فيها رحبة وفسيحة تتسع مبدئياً لخمسة آلاف كرسي، غير ان منظمي الاحتفال لم يفصحوا عن عدد الكراسي التي وضعت للمناسبة. وانتشر على المسرح وعلى جانبي القاعة شعار واحد تكرر أكثر من مرة للرئيس الشهيد <وحدو لبنان بيحمينا>. أما بالنسبة الى الحضور، فكان مكتملاً رسمياً وسياسياً، والتقت رموز <8 و14 آذار> على المشاركة في المناسبة سواء من خلال <الأركان> أو من يمثلهم. أما <الجمهورية اللبنانية>، فتمثلت بنائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع سمير مقبل فضلاً عن مشاركة عدد من الوزراء في حكومة الرئيس تمام سلام. وحضر الرئيسان أمين الجميّل وميشال سليمان، والرئيس حسين الحسيني، وممثل عن العماد ميشال عون هو النائب ادغار معلوف بمشاركة نواب في <تكتل التغيير والاصلاح> والتيار الوطني الحر، في وقت بدا فيه الحضور الديني مكتملاً أيضاً من خلال مشاركة ممثلين عن رؤساء الطوائف المسيحية والاسلامية على حد سواء. بعض الوزراء المشاركين أحاطوا نفسهم بمجموعة من المرافقين <اقتحموا> القاعة مع <معلميهم> في وقت كان من المفترض أن يبقوا في أماكن مخصصة لهم، وبعض الوزراء دخلوا وحدهم القاعة ولولا حفاوة <الرئيسة> نايلة معوّض ومسارعتها الى الترحيب بهم واصطحابهم الى مقاعدهم، لكان وجودهم مرّ مرور الكرام من دون أن يترك أثراً! أما النواب الذين حضروا أيضاً بالعشرات، فمنهم من جلس في أماكن متقدمة، ومنهم من اختيرت له مقاعد في الصفين الثاني أو الثالث...
مضمون متشدد
أما في المضمون، فقد اعتمد منظمو الاحتفال الأسلوب <اللايت>، فقللوا من الكلام مفسحين في المجال أمام الأفلام الوثائقية التي عرضت على مراحل وفق منهجية مدروسة، فضلاً عن فيلم وثائقي عن مؤسسة رينيه معوّض المتعددة الوجوه والذي تولى التعليق عليه القطب الاعلاني ايلي خوري. أما الريبورتاجات التي عُرضت، فقد تضمنت استعادة لبعض صور الحرب اللبنانية في إطار التوعية على خطر العودة إليها. ولوحظ تنوع المعلقين في الوثائقي، من الوزير السابق غسان سلامة الى رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة محمد شقير الى الفنانة ماجدة الرومي والروائي جبور الدويهي والفنان عبد الحليم كركلا وعميد الهندسة في جامعة <MIT> الأميركية.
في المضمون أيضاً قراءات من أقوال شخصيات سياسية لبنانية تولاها الإعلاميون بسام براك ودنيز رحمة فخري ونجاة شرف الدين، مع خلفية لصور هذه الشخصيات اختيرت بعناية واتقان، واستحوذت تصفيقاً لبعض الشخصيات التي عرضت صورها، في حين تم تجاهل شخصيات أخرى أو كانت نسبة التصفيق محدودة.
الميثاقية.. واغتيال الدستور
وقبل أن يلقي رئيس <حركة الاستقلال> نجل الرئيس الشهيد ميشال معوّض كلمته، حصل عطل كهربائي أوقع ظلمة في القاعة وامتد أكثر من خمس دقائق وتفاوتت التفسيرات، فمنهم من قال ان قوة <البروجكتورات> فاقت قدرة المولد على الاستيعاب فانقطع التيار، ومنهم من قال إن <العطل> كان متعمداً واستعمله معوّض ليبدأ كلمته بالحديث عن لبنان الذي بلا كهرباء ولا ماء ولا سلامة غذائية... ولا رئيس جمهورية!
وفي وقت كان من الأفضل أن يستمر الاحتفال من دون هذا <الفاول> الكهربائي مهما كان سببه، بدت كلمة معوّض أشبه بتساؤلات أكثر مما احتوت على أفكار للمعالجة، وهو أكد ان لا مؤسسات من دون تداول للسلطة، ولا يمكن تحت شعار الميثاقية اغتيال الدستور وتعطيل المؤسسات، فالميثاقية ليست تفاهم قبائل مع حق <الفيتو> لكل قبيلة، والميثاقية تكون بالعودة الى الدستور وتطبيق اتفاق الطائف. ودعا معوّض الى ان تخوض الدولة اللبنانية <فقط> المواجهة مع اسرائيل تحت سقف قرارات الشرعية الدولية وميثاق جامعة الدول العربية. كما اعتبر ان المصلحة اللبنانية تعني أيضاً انه لا يجوز التحالف مع نظام بشار الأسد انطلاقاً من نظرية حلف الأقليات، خصوصاً ان هذه النظرية ساقطة. وأكد معوّض ان الخطوة الأولى للخلاص من <داعش> تبدأ بسقوط الرئيس السوري بشار الأسد واستعادة الشعب السوري حريته ودولته، لافتاً الى رفض أي تدخل عسكري لبناني في الحرب السورية سواء الى جانب النظام أو ضده، مستذكراً <اعلان بعبدا> واصفاً إياه بأنه <خشبة الخلاص للبنان من المستنقع السوري>.
تجدر الإشارة الى ان منظمي الاحتفال حرصوا على عرض صور رؤساء الجمهورية منذ الاستقلال حتى اليوم، بشكل إفرادي معتمدين الصورة الرسمية لكل منهم، ما عدا الرئيس الياس الهراوي الذي عرضت صورته مع الرئيس حافظ الأسد، والرئيس اميل لحود الذي عرضت صورته مع الرئيس بشار الأسد!