تفاصيل الخبر

”التهاب السحايا“ يؤدي الى ضرر خطير في الدماغ مما قد يتسبب باعـاقــة او حتـى بالـوفــاة

20/05/2016
”التهاب السحايا“ يؤدي الى ضرر خطير في الدماغ مما قد يتسبب باعـاقــة او حتـى بالـوفــاة

”التهاب السحايا“ يؤدي الى ضرر خطير في الدماغ مما قد يتسبب باعـاقــة او حتـى بالـوفــاة

بقلم وردية بطرس

2

ان <التهاب السحايا> هو التهاب خطير يصيب الطبقة الوقائية التي تحيط بالدماغ والنخاع الشوكي، ويمكن ان ينتج عن فيروسات او بكتيريا او فطريات. وأحد الأنواع الأكثر شيوعاً وخطورة يعرف بـ<التهاب السحايا> بالمكورات السحائية الذي تسببه بكتيريا النيسرية السحائية (المكورة السحائية) التي يمكن للعدوى بها ان تؤدي الى تعفن الدم. ويعتبر <التهاب السحايا> بالمكورات السحائية سبباً رئيساً لحوالى 1.2 مليون اصابة على مستوى العالم ونحو 135 ألف حالة وفاة سنوياً. وهناك بيانات محدودة حول أعباء المرض في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بسبب غياب المراقبة الروتينية الا انه عندما يتم التحقق منها بواسطة طرق مخبرية متطورة كما في تركيا، يتبين ان بكتيريا المكورات السحائية هي من المسببات الأكثر شيوعاً لـ<التهاب السحايا> لدى الأطفال وتشمل البكتيريا العقدية المئوية والمستدمية النزلية بالنوع (ب).

وقد يكون داء المكورات السحائية سريع التقدم ويمكن ان يؤدي الى الموت في غضون 24 ساعة. ورغم تلقي العلاج المناسب يبقى 10 بالمئة من المرضى الذين يصابون بـ<التهاب السحايا> معرضين للوفاة. وفي حال الاصابة بعدوى تعفن الدم، فقد يصل معدل الوفيات الى 40 بالمئة، كما ان نحو 20 بالمئة من الناجين قد يعانون من اصابات وأمراض مزمنة مثل بتر الأطراف، ندوب حادة، تلف في الدماغ، الصرع وفقدان السمع.

وفي كل عام يُحتفل باليوم العالمي لـ<التهاب السحايا> بهدف نشر التوعية حول هذا المرض الفتاك الذي يمكن ان يسبب الوفاة في غضون 24 ساعة، ولتسليط الضوء على أهمية التطعيم لتحصين الأطفال ضد <التهاب السحايا>. ويهدف اليوم العالمي لـ<التهاب السحايا> الى التشديد على ضرورة التلقيح وتقديم الدعم اللازم للذين يعانون من عواقب الاصابة به.

فما هي عوارض <التهاب السحايا>؟ واي فئة هي الأكثر عرضة للاصابة بـ<التهاب السحايا>؟ وما أهمية اللقاح ضد هذا المرض؟

 

الدكتور دبيبو يشرح خطر <التهاب السحايا>

يشرح الدكتور غسان دبيبو الاختصاصي في طب الأطفال والأمراض المعدية في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت عن <التهاب السحايا> والوقاية منه ويقول:

- قد يؤدي <التهاب السحايا> الى الموت ولا يمكن الوقاية منه الا من خلال التطعيم. ان اللقاح متوافر وآمن وفعال ويجب تلقيه حسب ارشادات طبيب الأطفال لتجنب الاصابات مدى الحياة. وتجدر الاشارة الى ان الأخطر في موضوع الاصابة بـ<التهاب السحايا> هو ان العوارض المبكرة قد تكون مماثلة لعوارض الانفلونزا مثل الحمى والصداع والغثيان والتقيؤ والتحسس الزائد بالاضافة الى التهاب الحلق او فقدان الشهية. أما العوارض التي تحدد مرحلة تقدم الاصابة بـ<التهاب السحايا> مثل الطفح الجلدي النزفي، وآلام الرقبة والتصلب ورهاب الضوء فتأتي متأخرة. وهذه العوارض المتأخرة كالارتباك والهذيان والنوبة المرضية وفقدان الوعي تتطور بشكل سريع وقد تؤدي الى الوفاة. لذلك تكمن فعالية علاج هذا المرض الفتاك في سرعة التحرك.

ويتابع:

- ويصيب <التهاب السحايا> بالمكورات السحائية الصغار وخصوصاً الأطفال دون الخامسة من العمر. ولأن البكتيريا المسببة للاصابة بهذا المرض تنتقل من شخص لآخر عن طريق رذاذ الجهاز التنفسي او افرازات الحلق من الأشخاص الذين يحملونها، فإن مناطق الكثافة السكانية العالية والأماكن المكتظة مثل دور الحج، ومهاجع الطلاب او المجندين العسكريين تُعتبر الأكثر احتمالاً لنقل المرض. وبما ان <التهاب السحايا> بالمكورات السحائية مرض لا يمكن التنبؤ به وقد يصيب الأصحاء في وقت قصير، تبقى الوقاية خير من ألف علاج. لم يتم ادراج اللقاح ضد <التهاب السحايا> بالمكورات السحائية بعد في جدول اللقاحات الروتينية في لبنان، الا انه متوافر وهو لقاح فعال وآمن قد يحول دون الاصابة بهذا المرض الفتاك. وممكن ان يكون <التهاب السحايا> خطيراً، فـ<التهاب السحايا> يسبب ألماً في الرأس وارتفاعاً في درجة الحرارة وذلك بحسب نوع الميكروب الذي يدخل السحايا اذ يمكن ان يزول الالتهاب وممكن ان يتطور بسرعة هائلة وقد يؤدي الالتهاب الى الوفاة.

وعن أنواع <التهاب السحايا> يقول الدكتور دبيبو:

- هناك أنواع كثيرة، وحسب نوع الميكروب ممكن ان يسبب التهاباً بالدم وينتشر في الدم خلال ساعات، وقد يكون الولد يلعب ولا يثير القلق في نفوس الأهل فاذ به ترتفع حرارته مثلاً ويظن الأهل انه أمر عادي وفي تلك الأثناء تكون حالته قد بدأت تسوء أكثر فأكثر وأحياناً تكون العواقب وخيمة خلال ساعات، ولهذا يجب التنبه لهذا الأمر لأنه خطير وحساس.

وبالسؤال عما اذا كانت العوارض التي تظهر مثل ارتفاع الحرارة تستدعي التدخل فوراً من قبل الأهل اذ أحياناً يظنون ان الأمر مجرد ارتفاع للحرارة، فيشرح:

- قد يختلط الأمر على الأهل عند ارتفاع درجة الحرارة اذ يظنون أن الأمر لا يثير القلق، ولكن <التهاب السحايا> يؤدي الى التهاب في الدم، ومضاعفاته هي أكثر من مجرد ارتفاع الحرارة اذ قد يؤدي <التهاب السحايا> اذا ساءت حالة الطفل الى بتر الأعضاء او ربما الوفاة.

وعن الفئة الأكثر عرضة للاصابة بـ<التهاب السحايا> يشرح الدكتور دبيبو:

- الأطفال هم الأكثر عرضة للاصابة بـ<التهاب السحايا> لأنهم لا يستطيعون التعبير عما يشعرون به، ولهذا لا يدرك الأهل خطورة الوضع ولا يهرعون الى المستشفى وما شابه، بينما البالغ اذا أصيب بذلك فيقدر ان يعبر بما يشعر به ويقدر ان يشرح بطريقة أفضل، فيُنقل الى المستشفى في الوقت المناسب. وعندما يحدث انسداد في المنطقة التي لا يصل اليها الدم، تتحول الى تقرحات جلدية ما يؤدي لبتر الأعضاء لأن الدم لا يصل الى اليد ويكون عبارة عن أنسجة ميتة وذلك لكي لا تتسبب بمرض الغرغرين، كما يمكن أن يصاب الدماغ بالأذى لأن غشاء الدماغ عندما يحدث فيه التهاب في الشرايين يؤدي الى عدم وصول الدم الى مناطق متعددة في الدماغ، وربما يحدث شلل او يُصاب الولد بالصم ولا يسمع او يُصاب بشلل نصفي او أحياناً يلحق الضرر بالذاكرة او يؤدي الى مشاكل في النطق.

ويتابع:

- وإن مرور 15 ساعة على اصابة الطفل بارتفاع درجة الحرارة يُعتبر أمراً خطيراً. ولهذا ننصح الأهل عندما تظهر هذه العوارض لدى ابنهم مثل: ألم في الرأس، وارتفاع درجة الحرارة، والتقيؤ الا يتساهلوا مع الوضع، بل يتوجب عليهم اصطحابه الى المستشفى على الفور. وبالتالي اذا استمرت هذه العوارض فعلى الأهل ان ينقلوا ابنهم الى الطوارىء لأخذ التدابير اللازمة. والنصيحة الثانية الضرورية هي اعطاء الأولاد اللقاحات اللازمة، وعادة نعطي اللقاح حسب نوع البكتيريا.

وبالسؤال عما اذا كان الشخص يمكن أن يُصاب بـ<التهاب السحايا> دون ظهور اي عوارض يقول:

- قد يُصاب الشخص بـ<التهاب السحايا> دون ان تظهر اي عوارض، وقد يحمل البكتيريا لسنوات وقد يحملها لسنة او ثلاث سنوات، وعندئذ تنتقل العدوى الى شخص آخر دون ان يدرك ذلك لأنه لا تظهر العوارض التي ذكرناها. ولكن اذا أخذ الولد اللقاح هناك امكانية للقضاء على البكتيريا ولكن للأسف اللقاح غير متوافر لدى الجميع.

وعن مخاطر السفر الى المناطق الموبوءة في أفريقيا حيث ينتشر فيها <التهاب السحايا> وإمكانية الإصابة به يقول:

- تفيد منظمة الصحة العالمية ان الأشخاص غير المصابين بـ<التهاب السحايا> يصبحون عرضة للاصابة بـ<التهاب السحايا> عند الانتقال الى أماكن انتشاره مثل أفريقيا، كما ان الأشخاص العاملين في المختبرات عرضة للاصابة به أيضاً، وأيضاً الأشخاص الذين يقابلون المصابين بـ<التهاب السحايا>. ولهذا تُبذل الجهود ليصبح اللقاح متوافراً بين الناس لكي يتمكنوا من الانتقال الى تلك البلدان دون التعرض للاصابة به، وطبعاً إن الأشخاص العاملين في المختبرات يحتاجون لهذا اللقاح أيضاً لأنهم عرضة للاصابة به أيضاً.

ويتابع:

- طبعاً الأطفال معرضون للاصابة بـ<التهاب السحايا> أكثر من البالغين لأن جهاز المناعة يكون في طور النمو ولا يساعدهم ذلك لتفادي الإصابة بالمرض. ولكن طبعاً يصبح البالغون عرضة أيضاً للاصابة به عند الانتقال الى مناطق ينتشر فيها المرض الى ما هنالك كما ذكرنا، كما انهم يتعرضون لهذا المرض لدى الاحتكاك بين الناس في المجمعات او الأماكن المغلقة المزدحمة وأيضاً أثناء تأدية مناسك الحج او العمرة حيث توجد أعداد كبيرة من الناس في المكان نفسه او حتى في السجون وغيرها من الأماكن التي تكتظ بالناس اذ يصبح حينذاك انتقال المرض من شخص لآخر أسرع، لأنه ينتقل من خلال الرذاذ وبالتالي انتقال المرض يكون سهلاً.

وعن التوصيات للأهل يضيف الدكتور دبيبو:

- لا بد للأهل من اتخاذ التدابير الوقائية لحماية أولادهم من هذا المرض. وأهم ما في الأمر هو الوعي لأنه ضروري، وطبعاً اللقاح أمر مهم جداً ولكن للأسف لا يتوافر اللقاح عند جميع الناس ولهذا ننصح بضرورة اهتمام الأهل بأبنائهم عندما تُقام حملات وقائية وتطعيم أطفالهم لتحصينهم ضد <التهاب السحايا>. وأحياناً لا يتم التفريق بين شخص مصاب بـ<التهاب السحايا> وشخص آخر تظهر لديه العوارض نفسها، من هنا لا بد من ادخال المصاب الى المستشفى لتشخيص حالته، واذا تبين أنه مصاب بـ<التهاب السحايا> يُعزل في غرفة لكي لا تنتقل العدوى للآخرين، لأنه عند التشكيك بالأمر يصبح من الضروري أن يوضع الشخص في غرفة معزولة لئلا تنتقل العدوى للآخرين.

وعن التشخيص يشرح:

- يرتكز التشخيص على اجراء حقنة في الظهر لأخذ عينة من السائل الدماغي الشوكي وفحصه. وهنا يهاب الأهالي الحقنة ظناً منهم انها قد تسبب الشلل لأولادهم، ولكن على الأهالي الا يشعروا بالخوف من اجراء هذه الحقنة للأولاد اذ ان <التهاب السحايا> هو الذي يؤدي الى الشلل وليس الحقنة. ويساهم التطعيم ضد <التهاب السحايا> في الوقاية من المرض. وهناك ثلاث لقاحات ضد <التهاب السحايا>، وتوفر وزارة الصحة لقاحين ضمن لقاحات الروزنامة الوطنية للتمنيع او التطعيم، ويمكن للأهالي تطعيم أطفالهم ضد <التهاب السحايا>. وتُعطى اللقاحات قبل عمر السنة. ويعتبر الأطفال أكثر عرضة من الكبار لالتقاط العدوى نظراً لضعف جهازهم المناعي. ولكن على الكبار أيضاً الذين يسافرون الى افريقيا او لتأدية مناسك الحج ان يأخذوا اللقاح ضد <التهاب السحايا> للوقاية من التقاط العدوى، كما ان الأشخاص المصابين بأمراض أو لديهم ضعف في جهاز المناعة أو يتناولون الأدوية فعليهم ان يأخذوا اللقاح لحماية أنفسهم من التقاط العدوى. وقد لا تظهر العوارض عند الكبار فيعرّضون بذلك الأشخاص المحاطين بهم للاصابة به.