تفاصيل الخبر

الـتـهـــاب الكبـــد الـفـيـــــروسي )ب( مـــــرض مـعـــــدٍ و)س( فـيــــروس فــي الـــدم يـصـيـــب خـلايــــا الـكـبـــد!

11/05/2018
الـتـهـــاب الكبـــد الـفـيـــــروسي )ب( مـــــرض مـعـــــدٍ  و)س( فـيــــروس فــي الـــدم يـصـيـــب خـلايــــا الـكـبـــد!

الـتـهـــاب الكبـــد الـفـيـــــروسي )ب( مـــــرض مـعـــــدٍ و)س( فـيــــروس فــي الـــدم يـصـيـــب خـلايــــا الـكـبـــد!

  

بقلم وردية بطرس

التهاب-الكبد-الفيروسي

الكبد هو المسؤول عن الكثير من الأمور المهمة في جسم الانسان، فهو يعمل على تنقية الجسم والدم من السموم، ولكن الكثيرين يهملون صحة الكبد وسلامته حتى يتعرض في بعض الأحيان الى الأمراض السرطانية التي تهدد حياة الانسان. ويحتل الكبد مساحة كبيرة من تجويف البطن، وفي حال الشعور بألم او تورم في المنطقة العلوية على جهة اليمين من تجويف البطن، فقد يكون ذلك دلالة على وجود مشكلة بالكبد، وهنا يجب عدم اهمال هذا العارض ان استمر والتوجه فوراً لاستشارة الطبيب، إذ ان الكبد أحد أهم اجهزة الجسم التي تعمل بلا توقف طوال حياة الانسان، وهو المسؤول عن العديد من العمليات الحيوية التي تتم في جسم الانسان، ومن أهم تلك العمليات التي يقوم بها الكبد تنقية الجسم من السموم عن طريق تطهير الدم أولاً والمساعدة على امتصاص العناصر الضارة من الغذاء الذي يتناوله الانسان، ولكن بسبب تعرض الكبد للعديد من العناصر الضارة بالجسم والعمل على التخلص منها فقد يصاب الكبد بالمرض نتيجة التلوث والتعرض للالتهاب جراء عدوى فيروسية او بكتيرية، كذلك فقد يصاب الكبد بالمرض نتيجة الارهاق من كثرة المواد الضارة والعمل على التخلص منها كما في حالات ادمان المشروبات الكحولية التي يصل فيها الكبد الى مرحلة شبه التوقف عن العمل والاصابة بما يعرف بتليف الكبد، وهو أحد الأمراض الخطيرة والمسببة للوفاة في العديد من الحالات خصوصاً في الدول غير المتقدمة من الناحية الطبية والعلاجية.

 

التهاب الكبد الفيروسي

ان التهاب الكبد الفيروسي (ب) هو مرض معد يسببه فيروس التهاب الكبد (ب) الذي يصيب الكبد ويمكن للفيروس ان يسبب عدوى حادة ومزمنة، وبعض الأشخاص لا تظهر لديهم عوارض سريرية خلال العدوى، فيما البعض الآخر يتطور لديه المرض عند الاصابة اذ تظهر العوارض الآتية: التقيؤ، والشعور بالتعب، واصفرار الجلد، ويصبح لون البول غامقاً، وألم في البطن، وغالباً ما تدوم هذه العوارض لأسابيع عدة، وان معظم المرضى الذين يعانون من اصابة مزمنة لا تظهر لديهم عوارض سريرية ولكن قد يعانون من تشمع الكبد وسرطان الخلية الكبدية في المراحل المتقدمة، وهذه الاختلاطات هي سبب الوفاة بنسبة 15 الى 25 بالمئة عند المرضى الذين يعانون من إصابة مزمنة.

وينتقل فيروس التهاب الكبد (ب) عن طريق التعرض للدم او لسوائل الجسم الملوثة بالفيروس حيث انها أكثر طرق العدوى شيوعاً في المناطق الشائع فيها التهاب الكبد الفيروسي (ب) واما عن طريق الولادة من ام مصابة بالفيروس او عن طريق التماس مع دم ملوث بالفيروس في مرحلة الطفولة، بينما في المناطق التي تندر فيها الاصابة بالتهاب الكبد (ب) فتكون أكثر طرق الانتقال شيوعاً اما عن طريق استخدام الأدوية وريدياً او عن طريق الممارسة الجنسية.

وتشمل عوامل الخطورة الأخرى العمل في مجال العناية الصحية، ونقل الدم، وغسيل الكلى، والعيش مع أشخاص مصابين بالفيروس، والسفر الى المناطق التي يرتفع فيها معدل الاصابة بالتهاب الكبد الفيروسي (ب). وفي حين كان الوشم والبزل القطني يتسببان بالعدوى في العديد من الحالات، إلا ان الاصابة عن طريقهما أصبحت في وقتنا الحالي أقل بسبب تحسن مستوى التعقيم والنظافة.

ولا ينتقل فيروس التهاب الكبد (ب) عن طريق التماس بالأيدي، او مشاركة أطباق الطعام، او التقبيل، او المعانقة، او السعال، او العطاس، او الارضاع، ويمكن للعدوى ان تشخص بعد 30 الى 60 يوماً من التعرض للفيروس ويتم التشخيص عن طريق كشف أجزاء من الفيروس في الدم، بالاضافة الى كشف الأضداد الموجهة ضد الفيروس.

أما التهاب الكبد الفيروسي (س) فهو فيروس في الدم يصيب خلايا الكبد، وان هذا الفيروس هو من أكثر أسباب الاصابة بالتهابات الكبد شيوعاً في العالم، وقد يؤدي في النهاية الى حدوث أضرار خطيرة بالكبد او الى فشل كبدي او الى سرطان الكبد. ولا توجد امكانية بعد للتطعيم ضد التهاب الكبد ولكن يمكن ان يتم علاج المرض بواسطة الأدوية، علماً أن التهاب الكبد الفيروسي (س) قد يؤدي بعد سنوات الى اصابة الكبد بالتليف، وقد تنشأ أمراض أخرى مثل تشمع الكبد (استمرار اصابة خلايا الكبد السليمة بشكل متزايد نتيجة لزيادة الأنسجة الندبية)، وعند اصابة شخص بالعدوى للمرة الأولى فقد يحدث ان يستطيع الجسم التخلص من الفيروس بنفسه دون الحاجة للعلاج ويحدث ذلك لـ15 الى 20 بالمئة من المرضى، ولكن اذا لم يتم التخلص من الفيروس بعد ستة أشهر فانه يتحول الى مزمن ويحدث ذلك عند النسبة الباقية من المرضى وهي تتراوح بين 75 الى 85 بالمئة، وقد يتسبب ذلك بعد فترة من الوقت في اصابة الكبد بالتليف مما قد يؤدي بدوره الى الاصابة بالتليف الكبدي الخفيف او المتوسط او الخطير، وان التليف الكبدي هو عبارة عن تكون الأنسجة الندبية في الكبد، واذا ازدادت الأنسجة الندبية فقد تنخفض كفاءة الكبد.

 

الدكتـــور اياد عيسى واسباب الاصابة بالتهاب الكبد الفيروسي

فما هي الأسباب التي تؤدي للإصابة بالتهاب الكبد الفيروسي (ب) والتهاب الكبد الفيروسي (س)؟ وما هي العوارض؟ وماذا عن التشخيص والعلاج؟ وغيرها من الأسئلة طرحتها <الأفكار> على الاختصاصي في الجهاز الهضمي الدكتور اياد عيسى ونسأله:

ــ ما هي الأسباب التي تؤدي لحدوث التهاب الكبد الفيروسي (ب) و(س)؟

- ان اسباب التهاب الكبد الوبائي تنتج عادة عن جرثومة الصفيرة التي تسبب التهاب الكبد (ب) او (س)، وهناك جرثومة الصفيرة التي لا تؤدي الى التهاب الكبد وتكون عوارضها مختلفة عن جرثومة الصفيرة التي تسبب التهاب الكبد، ولكن عوارض التهاب الكبد لا تظهر عند الاصابة به بل تظهر تدريجياً وقد تتطلب سنوات عديدة، اذ قد تظهر العوارض بعد عشر سنوات وحتى ممكن بعد أربعين سنة وعندئذٍ يكون الأوان قد فات إذ يكون الكبد قد أصيب بالتليّف لان الالتهاب المزمن يؤدي الى تليف الكبد، والعلاج عند ذلك يصبح صعباً أي معالجة التشمع او التليف خصوصاً اذا كان الكبد مصاباً بالتليف بنسبة 90 بالمئة، فعندما يكون الالتهاب مزمناً يصبح العلاج غير فعال سوى للتخلص من العوارض الجانبية، ولا يعود العلاج فعالاً بعدما يكون المرض قد مرت عليه سنوات طويلة بسبب عدم ظهور العوارض عند الاصابة به.

ــ وما هي نسبة الاصابة بهذا المرض في لبنان والعالم؟

- تفيد منظمة الصحة العالمية ان 350 مليون مريض مصابون به وتسجل سنوياً وفاة مليون مريض بسبب الالتهاب الكبدي الوبائي، ومعظم الحالات تُسجل في آسيا الشرقية وافريقيا جنوب الصحراء، فيما تقدر نسبة الإصابة بهذا المرض في لبنان بحوالى 2 بالمئة، وتتراوح النسبة في مصر بين 8 و10 بالمئة، كذلك تفيد منظمة الصحة العالمية ان 150 مليوناً حول العالم مصابون بالتهاب الكبد (س) وهو سنوياً يتسبب بوفاة 500,000 مريض، ومعظم الحالات تسجل في وسط وشرق آسيا وشمال أفريقيا، وبينما ليست هناك بيانات دقيقة حول نسبة الاصابة بالتهاب الكبد (س) في لبنان، تقدر نسبة الاصابة به في مصر بين 10 و13 بالمئة.

طرق انتقال العدوى واللقاح

الدكتور-اياد-عيسى

ــ وماذا عن طرق انتقال العدوى؟

- تنتقل العدوى عبر الطرق الآتية: الاتصال الجنسي، كما قد تنتقل العدوى اثناء عملية نقل الدم من شخص مصاب الى شخص سليم غير مصاب بهذا المرض، وبالتالي ان استخدام حقن ملوثة والاصابات الناجمة عن الوخز بابر الحقن تؤدي لانتقال العدوى، وأيضاً هناك تعاطي المخدرات عن طريق حقن المخدرات، وبالتالي المدمنون على حقن المخدرات عرضة لالتقاط عدوى التهاب الكبد، اما المرأة الحامل فيمكن ان ينتقل التهاب الكبد (ب) منها الى الجنين، اذ هناك عائلات يكون مرض التهاب الكبد منتشراً لديها بسبب انتقال العدوى من المرأة الحامل الى جنينها، وتفيد الدراسات ان الام المصابة بالتهاب الكبد (س) تنقل العدوى الى جنينها، ولهذا تجرى حملات توعية لنشر المعرفة بين الناس حول هذا المرض من حيث المسببات والعوارض وطرق انتقاله ومعالجته، وقد لاحظنا انه في السنوات العشر الأخيرة اجريت حملات توعية اطلقتها وزارة الصحة في لبنان حيث اقامت ورش عمل خارج المدن ولاحظنا ان هناك القليل من الوعي في هذا الخصوص، كما اكتشفنا ان بعض الأشخاص لا يدركون بأنهم مصابون بهذا المرض لأن عوارضه لا تظهر إلا في مرحلة متأخرة من الإصابة به.

ــ وهل من لقاح؟

- هناك لقاح لالتهاب الكبد (ب) وهو لقاح روتيني للأطفال اذ يأخذونه على ثلاث جرعات، وبالتالي أصبح لقاح التهاب الكبد من اللقاحات الروتينية للأطفال، كما ننصح العاملين بالمجال الطبي او المدارس ودور الحضانة والمستشفيات بأخذ هذا اللقاح لانهم يتواصلون مع الناس من مختلف الاعمار سواء الأطفال ام الكبار وبالتالي هم عرضة للاصابة بالتهاب الكبد الفيروسي، واليوم معظم دول العالم تنصح بضرورة أخذ لقاح التهاب الكبد (ب)، ولكن للأسف ليس لالتهاب الكبد (س) لقاح كما هو الحال بالنسبة لالتهاب الكبد (ب)، وفي يومنا هذا أصبح فحص التهاب الكبد (ب) من الفحوصات المطلوبة قبل الزواج فاذا تم اكتشاف ان أحد الشريكين مصاب به يُنصح بأخذ اللقاح وعندئذٍ لا يحدث اي اشكال في هذا الخصوص.

ــ وكيف يتم التشخيص؟

- لكي نتأكد بأن الشخص مصاب بالتهاب الكبد نخضعه لفحص الدم، فاذا تبين انه مصاب بالتهاب الكبد (ب) او (س)، عند ذلك يتوجب اخضاعه لفحوصات دقيقة لنرى كم عدد الجراثيم الموجودة في الكبد، فاذا كانت جراثيم نائمة لا نعمل على ايقاظها، ولكن يتوجب اخضاع المريض للرقابة اذ نراقب حالته مرتين كل ستة أشهر او مرة في السنة لمعرفة سبب حدوث التهاب الكبد.

عملية زرع الكبد

ــ ومتى يستوجب اجراء عملية زرع الكبد؟

- تكون عملية زرع الكبد آخر الحلول امامنا، اذ يتم اللجوء الى هذه العملية اذا كانت نسبة تليف وتشمع الكبد 90 بالمئة لأنه في هذه الحالة لا يمكن معالجة الكبد والتخلص من الجرثومة، لهذا نلجأ الى العلاج الفعال الا وهو عملية زرع الكبد، ولكن في هذه المرحلة يكون الالتهاب قد أصبح متقدماً ويكون الكبد قد أصيب بالتشمع او التليّف، ولكن اذا تمت معالجة الالتهاب وهو في المراحل الأولى فيمكن ان ينجح العلاج لسنوات طويلة اذ قد يتحسن وضع المريض على مدى عشر سنوات أو ربما أكثر، وبالتالي هناك ثورة في العلاج من الصفيرة (ب) والصفيرة (س)، وكذلك هناك حقن لالتهاب الكبد يأخذها المريض على مدى سنة وتكون نسبة الشفاء من الالتهاب بين 10 و20 بالمئة، أما الأدوية او العقاقير فيُنصح بأخذها بشكل مستمر، وهناك دراسات تنصح بعض المرضى بأخذ الأدوية لمدى الحياة، والسبب ان هذه العقاقير تجعل الجراثيم نائمة ولا تتكاثر، وطالما أن المريض يأخذ الدواء فلن يحصل ضرر ما، فهذه الأدوية لا تسبب عوارض جانبية ولهذا ننصح بأخذ الأدوية لأنها لا تشكل خطراً على الكبد.

وختم الدكتور عيسى حديثه قائلاً:

- اما بالنسبة لالتهاب الكبد (س) ففي السنوات العشر المقبلة سيكون هناك علاج أفضل له، وان نسبة الشفاء من التهاب الكبد (س) اليوم تتراوح بين 50 و60 بالمئة وذلك حسب نوع جرثومة الصفيرة، وهناك أدوية فعالة تقتل الجرثومة بحيث تكون نسبة الشفاء منها 90 بالمئة، مما يعني تتم معالجة 9 مرضى من أصل 10 وهذا أمر جيد، واليوم لدينا في لبنان نوعان من الأدوية التي تساعد في العلاج، اما على الصعيد العالمي فهناك خمسة او ستة أنواع من الأدوية التي تساعد في العلاج، ولكن يتوافر للمرضى في لبنان نوعان من الأدوية الفعالة توفرها وزارة الصحة لأنها مكلفة، وهي توزع الأدوية على المرضى وخاصة في الحالات المزمنة.