تفاصيل الخبر

”التجاذبات“ تجعل من الصعب اتفاق عون وبري والحريري على تشكيل مجلس دستوري جديد للنظر في طعون الانتخابات!

05/04/2018
”التجاذبات“ تجعل من الصعب اتفاق عون وبري والحريري على تشكيل مجلس دستوري جديد للنظر في طعون الانتخابات!

”التجاذبات“ تجعل من الصعب اتفاق عون وبري والحريري على تشكيل مجلس دستوري جديد للنظر في طعون الانتخابات!

عون-عصام-سليمانفي خضم التحضيرات الجارية للانتخابات النيابية في 6 أيار (مايو) المقبل، ووسط كثرة الأسئلة عن العملية الانتخابية داخل لبنان وخارجه والتفاصيل اللوجستية الصغيرة منها والكبرى، يتحاشى الكثير من المسؤولين والسياسيين الحديث عن المجلس الدستوري الذي ورد ذكره12 مرة في القانون الانتخابي الجديد، لأنه لا يمكن اجراء الانتخابات من دون المجلس الدستوري الذي يتلقى الطعون بعد صدور النتائج وعليه أن يبتها خلال شهر من تاريخ تقديمها.

وفيما ظلت الأصوات التي تسأل عما إذا كان المجلس الدستوري بتركيبته الراهنة، هو الذي سيتولى درس الطعون وتحديد مصير الطاعنين والمطعون بهم، خافتة وحذرة ومربكة، فإن ذلك لا يعني ان مسألة انتهاء ولاية المجلس الدستوري الحالي منذ أكثر من ثلاث سنوات، ليست قيد البحث بعيداً عن الأضواء وتتم بخفر بين المعنيين سعياً وراء تركيبة جديدة لا بد من التوافق على أعضائها بين الأفرقاء الثلاثة الأساسيين، أي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وفريقه النيابي الواسع في <التيار الوطني الحر>، ورئيس مجلس النواب نبيه بري وحليفه في <الثنائي الشيعي> حزب الله، ورئيس مجلس الوزراء سعد الحريري وتياره الأزرق الذي لا يزال يعتبر مع حلفائه الكتلة النيابية الأكبر في مجلس النواب!

 

التوافق مفتاح التغيير... فهل هو ممكن؟

مصادر متابعة تؤكد ان التوافق بين رئيس الجمهورية ورئيسي المجلس والحكومة هو مفتاح التغيير في المجلس الدستوري الذي يتألف من عشرة أعضاء، خمسة ينتخبهم مجلس النواب، وخمسة يعينهم مجلس الوزراء، وهذا يعني ان تشكيل مجلس دستوري جديد لن يمر إذا لم يكن بالتوافق. ذلك ان الرئيس بري لن يدعو الى جلسة لمجلس النواب لانتخاب خمسة أعضاء إلا إذا تأكد من أن أعضاء التركيبة الجديدة تم التفاهم على أسمائهم في توزيعة مماثلة للتوزيعة السابقة تقوم على <المحاصصة> المضمونة النتائج سلفاً. والرئيس الحريري لا يمكنه أن يدرج بند تعيين الأعضاء الخمسة الباقين إلا إذا انتخب المجلس النيابي خمسة أعضاء وذلك لتفادي حصول أي خلل طائفي في التركيبة، فإذا وقع الخلل في مجلس النواب نتيجة التصويت، فيمكن لمجلس الوزراء أن يصححه في التعيين، لاسيما وان <بدعة> اقتسام تركيبة المجلس الدستوري بين السلطتين التنفيذية والتشريعية (كما هو الحال أيضاً بالنسبة الى المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع) استخدمت ليس لضمان تشكيل المجلس من عناصر كفية بصرف النظر عن الجهات التي تدعمها، بل لضمان حصول القوى النافذة في الحكومة والمجلس النيابي عن حصة كل منها في هيئة دستورية يفترض أن تكون محايدة على مسافة واحدة من الجميع.

 

القديم على قدمه

ولعل ما يغيّب حماسة المعنيين عن طرح ملف المجلس الدستوري، هو ان المادة الرابعة من نظام المجلس تنص على استمرار الأعضاء الذين انتهت ولايتهم في ممارسة أعمالهم الى حين تعيين بدلاء عنهم وحلفهم اليمين، وهذا يعني عملياً استمرار المجلس في أدائه مهماته الى أن يتفق المعنيون على <توزيعة> جديدة تتم على أثرها عملية الانتخاب في مجلس النواب والتعيين في مجلس الوزراء. وفي هذا السياق تقول مصادر متابعة انه لن يكون من السهل وسط التجاذبات السياسية الحادة الاتفاق بين الرئيس عون والرئيس بري على تغيير الأعضاء الحاليين للمجلس الدستوري بمن فيهم رئيسه الدكتور عصام سليمان، لاسيما وان الخلافات بين رئيس المجلس ورئيس <التيار الوطني الحر> على أشدها والحملات المتبادلة خير شاهد على ذلك، وقد عطلت هذه الخلافات الكثير من القرارات داخل مجلس الوزراء تقل أهمية عن دور المجلس الدستوري، فكيف إذا كان الأمر يتعلق بهيئة دستورية مهمتها الفصل في الطعون التي يمكن أن تُقدم في أعقاب انتهاء العملية الانتخابية واعلان النتائج.

وتشير المعلومات المتوافرة لدى <الأفكار> ان الرئيس عون يتجه الى طرح موضوع المجلس الدستوري مع الرئيسين بري والحريري، لاسيما وان رئاسة هذا المجلس هي عادة من حصة رئيس الدولة. إلا انه لن يفعل قبل أن يتأكد من تجاوب الرئيسين بري والحريري مع رغبته التي عبر عنها مراراً، وذلك ليس انتقاصاً من قدرة الأعضاء الحاليين الذين تربطه بمعظمهم معرفة قديمة، بل لأن من حقه أن يطالب بمجلس دستوري جديد يرافقه في ولايته الدستورية ويكون العين الساهرة على دستورية القوانين، ناهيك عن بت الطعون النيابية المرتقبة والتي هي عملياً، فعل سياسة وليست فقط في خانة <العمل الاجرائي> الصرف.

 

تعديل المهل شرط أساسي

بعض المتابعين يتحدثون عن <وقت ضاغط> نظراً لقرب موعد الانتخابات النيابية من جهة، ولرغبة لدى البعض بعدم الافساح في المجال للرئيس عون للاتيان برئيس للمجلس الدستوري يختاره هو، كما فعل أسلافه الرؤساء الياس الهراوي واميل لحود وميشال سليمان. إلا ان هذا الموقف يقابله رفض معنيين ان يتم تعيين أعضاء المجلس ورئيسه بعد الانتخابات النيابية، لأن ذلك يرتب عدم قدرة على البت بالطعون إذا وُجدت، إلا بعد تشكيل المجلس وقسم اليمين وغيرها من الاجراءات التي سوف تؤخر انتظام النائب المطعون به، لاسيما لجهة البقاء أو الخروج، علماً ان أحكام المجلس الدستوري مبرمة.

ويقول مرجع قانوني ان على الدولة، إذا أرادت تعيين وانتخاب أعضاء المجلس الدستوري، أن تجري أولاً تعديلات في القانون لاسيما لجهة المهلة القانونية للترشح لعضوية المجلس، إلا إذا عدّل مجلس النواب المهل كما طالب وزير العدل سليم جريصاتي، لاسيما وان بعض الذين ترشحوا عند انتهاء ولاية المجلس الحالي قبل ثلاث سنوات، أصبحوا الآن خارج شروط الترشح لأنهم تخطوا السن القانونية (74 عاماً)، فضلاً عن عدم وجود مرشحين من كل الطوائف وهذا يؤدي عملياً الى تعطيل عملية التعيين والانتخاب التي تتم وفق قاعدة المحاصصة الطائفية غير المنصوص عنها في نظام المجلس، لكنها باتت عرفاً مثل غيرها من المواقع الرسمية والوظيفية ولو كانت مواقع دستورية فحسب. ويتوزع أعضاء المجلس على عضوين اثنين موارنة (بمن فيهما الرئيس العتيد للمجلس)، واثنين شيعة واثنين سنة واثنين ارثوذكس، ودروزي واحد وكاثوليكي واحد.

وفي تقدير المرجع ان مسألة المهل والترشيح وضمان وجود مرشحين من كل الطوائف، ليست مشكلة إذا اتفق المعنيون على تركيبة جديدة للمجلس الدستوري، علماً ان الأجواء السياسية الراهنة لا تشي بامكانية الوصول الى تفاهم، ذلك ان كل طرف سوف يسعى الى تسمية من يدين له بالولاء ليتصرف داخل المجلس انطلاقاً من هذه المعادلة، علماً ان الهيئة الحالية للمجلس الدستوري سبق لها أن شهدت انقسامات بين الأعضاء، فاعتكف بعضهم واعترض البعض الآخر... فتعطل عمل المجلس!