تفاصيل الخبر

الـتـداعيــــــات الاقـتـصاديــــــة والـمـالـيــــــة لاسـتـقـالــــــة رئـيــــس الـحـكـومــــــة سـعــــــد الـحـريـــــــري...

17/11/2017
الـتـداعيــــــات الاقـتـصاديــــــة والـمـالـيــــــة لاسـتـقـالــــــة  رئـيــــس الـحـكـومــــــة سـعــــــد الـحـريـــــــري...

الـتـداعيــــــات الاقـتـصاديــــــة والـمـالـيــــــة لاسـتـقـالــــــة رئـيــــس الـحـكـومــــــة سـعــــــد الـحـريـــــــري...

 

بقلم طوني بشارة

1

استقالـــــة رئـــــيس الحكومـــــة اللبناني سعد الحريري من السعودية، أثارت الكثير من التحليلات والسيناريوهات حول مصير لبنان الأمني والسياسي والاقتصادي ما بعد تلك الاستقالة، إذ ما هو المصير الاقتصادي الذي ينتظر لبنان في حال استمر الوضع في حالة المراوحة مع عدم تشكيل حكومة جديدة؟

الاستقالة لم تشكل صدمة في الأوساط السياسية فحسب، إنما لدى القطاعات الاقتصادية أيضاً، التي كانت تبني آمالاً على العهد الجديد في انطلاقة برزت معالمها بعد إقرار الموازنة العامة للعام 2017، وإعادة بعض الملفات الاقتصادية الى مسارها الصحيح ومنها ملف النفط والغاز اللبناني.

فهل علقت الملفات الاقتصادية برمتها بعد استقالة الحريري ودخلت الحكومة في مرحلة تصريف الأعمال؟ وهل يعني ذلك أن موازنة العام 2018 التي أكد أكثر من فريق سياسي توجه الحكومة إلى إقرارها قبل نهاية العام 2017، أي خلال مهلها الدستورية، باتت اليوم بحكم المجمّدة، بانتظار تشكيل الحكومة الجديدة؟ وهل يضاف إلى موازنة العام 2018 العالقة بحكم استقالة الحكومة، تجميد ملف بواخر الطاقة، واحتمال توجه وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال، وفق المصادر، إلى العمل على التجديد للشركة العاملة حالياً، أي <كارادينيز>، إلى حين إتمام عملية التلزيم بعد تشكيل حكومة جديدة، لاسيما أن تصريف الأعمال يتم بالمعنى الضيق ولا يأتي في سياقه إتمام أو إبرام أي تعهدات؟

بـعــيـــــــــــداً عــــــن الــتــحــلـيـــــــــــلات والسيناريوهات السياسية وقريبا من التنبؤات الاقتصادية،لا تبدو الصورة واضحة بشأن التأثيرات المحتملة لاستقالة رئيس الوزراء اللبناني على الاقتصاد المحلي، ففي الوقت الذي بعث فيه مسؤولون لبنانيون برسائل طمأنة عن استقرار الاقتصاد والوضع النقدي في البلاد، حذر خبراء من أن أي تأخر في تشكيل حكومة جديدة سيؤثر على معدلات النمو رغم ما قد يظهر من استقرار للعملة المحلية الليرة.

وبالمقابل أكد حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة على استقرار سعر صرف الليرة تجاه الدولار الأميركي، وعزا ذلك إلى ما سماها الهندسات والعمليات المالية الاستباقيّة التي أجراها مصرف لبنان، وأشار سلامة في بيان صحفي إلى أن التعاون قائم مع القطاع المصرفي اللبناني لما فيه مصلحة لبنان واللبنانيين والاستقرار النقدي، كما أكد وزير المالية اللبناني علي حسن خليل أن الوضع المالي والنقدي مستقر، وأنه لا يوجد خطر على الليرة، أما رئيس <جمعية مصارف لبنان> جوزف طربيه فأوضح أن الليرة تدعمها احتياطيات ضخمة في البنك المركزي والثقة في القطاع المصرفي اللبناني واستمرار عمل المؤسسات.

ولكن ما رأي الخبراء الاقتصاديين بتداعيات هذه الاستقالة؟

عجاقة والصلاحيات المحدودة

يـؤكـــــــد الخبـــــير الاقتصــــــــــادي البروفيسور جاسم عجاقة أنه يجدر التمييز بين شقين في ما يتعلق بمصير اقتصاد لبنان بعد استقالة الحريري، الشق الاقتصادي المالي والشق النقدي بما يخص الليرة اللبنانية، وبما يخص الشق النقدي في لبنان فلا خوف على الليرة اللبنانية لأن هناك احتياطاً يبلغ 42 مليار دولار، وهذا الاحتياط أكثر من كافٍ كي يواجه مشاكل أكبر من تلك بكثير، فقد تم اغتيال رفيق الحريري في الماضي ولم تتأثر الليرة اللبنانية.

أما على صعيد الشق الاقتصادي المالي للدولة، فيلفت عجاقة إلى أن حكومة تصريف الأعمال حتى لو اجتمعت، فإن صلاحياتها محدودة، إذ لا تستطيع سوى القيام بتصريف الأعمال بالمنطق الضيق لمفهوم تصريف الأعمال، ومن الواضح أن الحكومة لن تجتمع مع الحديث عن عدم عودة الحريري في الأوساط السياسية، وهذا يعني عدم فاعلية الحكومة، وما يمكن قوله إن عدم اجتماع الحكومة يعني أن لدينا مشكلة مستقبلية في الشق الاقتصادي لأن القرارات الاقتصادية للدولة اللبنانية يبقى منبعها الحكومة المركزية، وبالتالي بغياب أي قرار يتوقف عمل الحكومة، وكل الزخم الذي تم الحديث عنه من خطط اقتصادية للحكومة اللبنانية لن يكون له أي ترجمة عملية، والتداعيات الاقتصادية ستكون في جمود المشاريع في لبنان، ما يعني أن الاقتصاد سيواجه مشكلة في الاستثمارات، وما يعني ايضاً أن النشاط الاقتصادي في ظل الإطار الجيو - سياسي المحيط بحزب الله، سيلحظ تضييقاً لكل العمليات الاقتصادية التابعة للبنان والتي تشك أميركا بأمرها، ومع دول الخليج التي قد تسعى الى عقاب حزب الله اقتصادياً وتجارياً.

وهنا، يؤكد عجاقة ان النشاط التجاري سوف يتأثر سلباً، وكذلك ستكون هناك مشكلة في التحويلات المالية اذ تلعب العقوبات الأميركية على حزب الله دوراً أساسياً في لجم بعض التحويلات مع توقيف كل عملية مشكوك بأمرها، وكذلك ستتأثر تحويلات المغتربين أيضاً.

ولكن ما تأثير هذا الأمر على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي؟ يؤكد عجاقة أنه على هذا المستوى ومع غياب الحكومة، سيستفيد الكثيرون من خلال التفلت في الأسعار، ويتوقع عجاقة أن يكون الشهر المقبل ساخناً على الصعيد الاجتماعي لأن هناك صرخة ستطلق في هذا الإطار اجتماعياً.

وعن مدى سلبية وتردي الوضع بعد استقالة الحريري في لبنان، يرى عجاقة أن كل ذلك يتعلق بمدى استمرار حكومة تصريف الأعمال في لبنان، وأن هناك 4 سيناريوهات محتملة أمام رئيس الجمهورية اللبناني ميشال عون: الأول يتمثل في بقاء الحريري في رئاسة الحكومة، وهو أمر سيرفضه الحريري لأنه استقال والسبب كما قال اعتراضه على الوضع القائم ولن تكون هناك إعادة للماضي كما ولن يستطيع تشكيل حكومة لا يكون حزب الله مشاركاً فيها. أما السيناريو الثاني فسيكون من خلال الطلب من إحدى شخصيات 8 آذار تسلم رئاسة الحكومة، وهو أمر يتخذ على أساس تحدٍ للطائفة السنية وعندئذٍ سيكون من الصعب أيضاً تشكيل الحكومة وسيزيد الانشقاق على الصعيد الوطني. والسيناريو الثالث انه من الممكن أن يطلب رئيس الجمهورية اللبناني من شخصية سنية تابعة لـ14 آذار تشكيل الحكومة، وهنا ستبرز إشكالية أساسية من خلال الهجوم على تلك الشخصية بقوة، والسيناريو الأخير يبقى في استمرار حكومة تصريف الأعمال والانتظار بعد خلق أجواء لحل الأمور وهو الأخطر اقتصادياً.

وحينئذٍ يضيف عجاقة، لن يكون هناك أي انجاز اقتصادي لأن الحكومة لا تستطيع اتخاذ أي قرار مهم، والقرار الأخطر أيضاً هو المجيء بشخصية من 8 آذار لرئاسة الحكومة إذ انه مع التشنج السياسي سيتأثر الاقتصاد سلباً في لبنان.

2-aوبحسب عجاقة، لبنان دخل في دوامة المواجهة الأميركية - السعودية مع إيران وحزب الله، وسوف يتأثر لبنان كثيراً اقتصادياً، لكن الليرة ستبقى صامدة وستحافظ على قيمتها.

وزنة وصدمة الاستقالة

 

بالمقابل حذر المحلل الاقتصادي كامل وزنة من أن أي تأخر في تسمية رئيس مجلس وزراء جديد خلفاً للرئيس المستقيل سعد الحريري قد يؤثر على النمو الاقتصادي للبنان، برغم ما قد يظهر من استقرار في سعر الليرة مقابل الدولار نتيجة حجم الاحتياطات الضخم للبنك المركزي، واستقرار تدفقات المغتربين.

وقال وزنة إن استقالة الحريري شكلت صدمة للأوساط الاقتصادية وسيكون لها تأثير على الاقتصاد اللبناني، خاصة من جهة الاستثمارات الموعودة للنهوض بالبنية التحتية من قبل صناديق وبنوك دولية.

وأضاف وزنة أن هذه الاستثمارات التي تقدر بأكثر من عشرين مليار دولار لن تستطيع التدفق باتجاه لبنان ما لم يكن هناك رئيس للوزراء وما لم تتشكل حكومة جديدة، مشيراً إلى أن شغور منصب رئيس الوزراء سيؤثر سلباً على منسوب الثقة بالاقتصاد المحلي، في وقت تشهد فيه الاستثمارات الأجنبية شبه توقف بسبب الأوضاع السياسية غير المستقرة في البلاد.

وأوضح وزنة أن العملة المحلية الليرة قد لا تشهد تقلبات تذكر، لكون معظم الودائع في البنوك المحلية هي بالدولار، كما أن العملة الأميركية هي الأكثر تداولا في البلاد، مضيفاً إن البنك المركزي تتوافر لديه احتياطات ضخمة تمكنه من مواجهة أي خلل في المعروض من العملات الأجنبية بسبب التقلبات السياسية، كما أن تحويلات المغتربين ظلت وفي أزمات سياسية سابقة تتدفق بشكل طبيعي ما شكل صمام أمان للعملة المحلية.

وختم وزنة محذراً من إمكانية فقدان صفقات عقود استخراج الغاز في البحر التي تأخر لبنان في إنجازها، بينما كان على أبواب توقيع عقود بشأنها مع الشركات، مؤكداً ان توقيع مثل هذه العقود الضخمة يشكل عامل ثقة مستقبلياً للاقتصاد اللبناني الذي يرزح تحت وطأة مديونية ضخمة تقدر بـ78 مليار دولار، في حين ترتهن موازنة البلاد بنسبة 33 بالمئة إلى خدمة هذه الديون، ما يضعف حجم الموارد الموجهة للاستثمار من هذه الموازنة.