تفاصيل الخبر

الطبيب الشرعي الدكتور محمد رضا: تقرير الطبيب الشرعي الحيادي يجب ان يكون مزوّداً بنتائج الفحوصات على انواعها لتكون الكلمة الفصل والنهائية لأية جريمة أو وفاة!

22/02/2019
الطبيب الشرعي الدكتور محمد رضا: تقرير الطبيب الشرعي الحيادي يجب ان يكون  مزوّداً بنتائج الفحوصات على انواعها لتكون الكلمة الفصل والنهائية لأية جريمة أو وفاة!

الطبيب الشرعي الدكتور محمد رضا: تقرير الطبيب الشرعي الحيادي يجب ان يكون مزوّداً بنتائج الفحوصات على انواعها لتكون الكلمة الفصل والنهائية لأية جريمة أو وفاة!

 

بقلم وردية بطرس

يلعب الطب الشرعي دوراً مهماً ورئيساً في تحقيق العدالة والمساعدة في الوصول الى الحقائق العلمية المجردة من خلال توفير الأدلة والبراهين وكشف الحقائق في القضايا التي بها شق طبي مثل جرائم القتل وحالات ضحايا العنف خصوصاً العنف الأسري والانتحار والاغتصاب وغيرها. فما هو دور الطب الشرعي؟ وما هي اسرار وخفايا هذا الاختصاص الذي يتطلب الدقة والمسؤولية؟

<الأفكار> تحدثت مع الاختصاصي في الطب الشرعي الدكتور محمد رضا ليطلعنا أكثر على هذا العلم الذي يحمل في طياته الكثير من الأسرار والمعلومات. الدكتور محمد رضا هو استاذ مساعد سابق في مستشفيات فرنسا وأستاذ محاضر في الجامعة اللبنانية، وأيضاً اختصاصي في جراحة وأمراض الشرايين والأوردة ــ دوبلر، واختصاصي في الجراحة العلمية، واختصاصي في تشريح الجثث وعلم الأموات والضحية والقانون الطبي، ويستهل حديثه قائلاً:

- يكشف الطب الشرعي سبب وسر الوفاة لكي لا نجهل الفاعل، فالطب الشرعي هو علم وبحر معلومات حساسة واختصاص دقيق جداً وحساس للغاية ومسؤول وضميري ووجداني ومهني بامتياز. وعليه فإن تقرير الطبيب الشرعي الأصيل والمتعلم والحيادي والشبعان مادياً، مزوداً بنتائج الفحوص على أنواعها، تكون له الكلمة الفصل والجواب النهائي والأكيد والحازم، الحازم الذي لا يقبل الشك و<المبرم> الذي لا يقبل الاستئناف والتدخلات من كبار القوم بأن سبب الوفاة لهذه الحالة او تلك كان هذا المرض، وهاكم الدليل والبرهان الساطع والجلي... ففي دول العالم المتحضرة يمنع دفن اية جثة الا بعد الحصول على شهادة وفاة موقعّة من الطبيب الشرعي الذي عاين الجثة ليسلمها الى مسؤول المدفن للسماح لها بالدفن، أما في دول أخرى ففكرة تشريح الجثة وثقافة شهادة الوفاة ووجود الطبيب الشرعي غير ناضجة ومقبولة ومألوفة لاعتبارات عدة (دينية، محافظة، تقاليد، أعراف، اخلاقيات وأدبيات وحتى من الناحية النفسية).

مهام الطبيب الشرعي

 

ــ وما هي مهام وعمل الطبيب الشرعي؟

- تعلمنا كما غيرنا في الطب الشرعي وهنا أتكلم عن التجربة الفرنسية من معهد الطب الشرعي في مدينة <ليون> حيث تخرجت منها طبيباً شرعياً، فالطبيب الشرعي يعاين الجثة من الخارج حيث وُجدت، ويصف بدقة وخبرة كل ما يشاهده من آثار تعنيف وكدمات (لونها، شكلها، موقعها التشريحي) ويقوم بتصويرها فوتوغرافياً في الحال لأن لونها يتبدل تدريجياً مع ذكر اليوم والتاريخ والساعة، وكذلك يقوم بوصف دقيق ومسؤول ومهني للجروح: طولها، عرضها، عمقها، شكلها، موقعها التشريحي على الجثة، وكذلك لآثار تعذيب أخرى: بالسجائر، والسيكار، والمكواة، وأسياخ اللحم، والحديد، والسوط، واللائحة كبيرة ولا تنتهي... أما الأسنان فنعدّها ونفحصها وكذلك اظافر الأطراف العليا والسفلى، ونرى ما إذا كان الشعر <منتوفاً> خصوصاً عند تعنيف الأطفال، وهل من وشم؟ شكله، موقعه التشريحي على الجثة (أحرف، أسماء، شعارات، صور متنوعة وحتى لبعض الحيوانات، وقد يكون الوشم كبيراً ويحتل قسماً كبيراً على الجثة، وفي بعض الأحيان يعرّف عن صاحبه)، او بتر سابق للأطراف، أو آثار لجروح عملية جراحية مزمنة وملتئمة وهكذا... ويُطلق على هذه المعاينة الدقيقة والعلمية للجثة في لغة الطب الشرعي <Levee de Corps> حيث يتم تدوين كل ما نلاحظه وندقّق به على أوراق خاصة قانونية رسمية

من معهد الطب مع رقم متسلسل ومزوّد باستفسارات معينة مع صور تشريحية للجثة والرأس والأسنان، دون ان ننسى فتحة الدخول وفتحة الخروج للطلقة النارية، وهنا ندخل في مجال أخذ زرمة العينات.

ويتابع:

- أما عندما يأمرنا القضاء المختص بتشريح الجثة واعطاء تقرير مفصّل مزود بنتائج رزمة الفحوصات العديدة والمتنوعة عن الجثة فحينئذٍ تُنقل الجثة الى معهد الطب الشرعي. ويبدأ العمل أولاً بأخذ طول الجثة ووزنها وحجمها: هزيل، بدين، معتدل. الجنس: رجل، امرأة او طفل. مع اعطاء رقم لها يُدوّن في دفاتر المشرحة مع الاسم الثلاثي والجنسية والعمر والتاريخ وساعة دخولها الى المشرحة، وأسماء الفريق الطبي الشرعي. أما العينات فباختصار شديد تؤخذ من الدم الشرياني المركزي والدم الوريدي المحيطي، البول، المرارة، محتويات المعدة، السائل الزجاجي للعين لتحديد زمن الوفاة وهذا السائل غني بالبوتاسيوم، الشعر ويُستفاد منه في اثبات تعاطي المخدرات لانه قد تكون نتائج فحوصات العينات للمدمنين على المخدرات المأخوذة من البول وغيره منتفية لكن نتائج عينات الشعر في هذه الحالة قد تكون مثبتة وايجابية، وكذلك عظم العانة والضلع الرابع لتحديد العمر العظمي للجثة، أما اذا وجدنا يرقات داخل الملابس مع بويضات للذباب والحشرات، وكذلك داخل طيات المفاصل فنأخذ منها عينات ونرسلها الى مختبر الذباب والحشرات وهو ما يُطلق عليه في لغة الطب الشرعي <ENTOMOLGIE> اذ تُوجد ثمانية نماذج وأشكال للذباب تحدد الفترة الزمنية للوفاة، ففي فرنسا يُوجد مركزان واحد عند الشرطة الفرنسية في باريس، والثاني في معهد الطب الشرعي في مدينة <ليل> الفرنسية على الحدود البلجيكية، ولقد زرتهما شخصياً لإجراء دورة تعليمية ضمن تخصصي في الطب الشرعي مرسلاً من معهد الطب الشرعي في مدينة <ليون> الفرنسية، وتعرفت عن قرب على أقسامهما وتجهيزاتهما وخبراتهما في هذا المجال.

وأضاف:

- يتم تشريح الجثة بطريقة علمية وبدقة اضافة الى أخذ رزمة العينات المختلفة التي ذكرتها حيث نأخذ عينات من الكبد والكلية اليمنى واليسرى والغدة فوق الكلية اليمنى واليسرى، الرئة اليمنى واليسرى، والقلب تشريحه معقد جداً جداً اذ نأخذ كذلك سماكة البطين الأيمن والأيسر نشرّح على شكل الصمامات والشرايين: طبيعية، مرضية فيها احمرار، التهابات مزمنة حادة، تكلس، درنات صغيرة، تضيق، جلطات وتمزق وانفجار الدم ويُطلق عليه علمياً <ANGURYSME> انتفاخ لجزء من الشريان مع خطر الانفجار فالموت المفاجىء القلبي المصدر... وماذا عن عضلة القلب؟ طبيعية، نأخذ عينات منها ومتعددة او لا يوجد فيها جلطات قديمة، او انفجار حاد لها، او طعنات نافذة مثل الآلآت حادة او شظايا او فتحة الدخول والخروج لرصاصة او رصاصات خصوصاً عند الانتحار. وهل يوجد دماء في غلاف القلب ويُطلق عليها علمياً وطبياً <HEMOPERICARDE> نحدد الكمية اذ نكيّلها ضمن وعاء مرقّم موجود ضمن عدة العمل لتشريح الجثة. ربع ليتر اقل بقليل او أكثر، او مئة ليتر، ونصّور الجثة شعاعياً لأكثر من سبب: للتحري على الطلقات النارية والعمر العظمي للجثة، وكسور في العظام وهل هي قديمة ام حديثة نتيجة التعنيف والتعذيب الوحشي للضحية؟ او قد يكون خضع في حياته الى عملية جراحية عظمية، ووُضع له براغي ومسامير وأسلاك او <بروتيز> للورك الأيمن او الأيسر تساعدنا أحياناً للتعرف على صاحب الجثة، او خضع وهو على قيد الحياة لاستئصال المرارة او وُضع له رسور معدني لشرايين القلب وغيرها... او اذا كان مخطوفاً وقد أُجبر على تناول سوائل متعددة لانتزاع معلومات سرية وخطيرة منه، والبعض من هذه السوائل تظهر في الصورة الشعاعية، وكذلك نستفيد منها لدراسة الأسنان والفكين مع تحديد هوية الجثة وخصوصاً للجثث المتفحمة والمحترقة. بالنهاية ان الكلمة الفصل في تحديد هوية هذه الجثة او تلك هي للحمض النووي واستطراداً يُستفاد من الأسنان لتحديد الحمض النووي، ومن أماكن أخرى.

 

أسرار الغرف

ــ وماذا عن أسرار الغرف؟

- ان أسرار الغرف وهي من الحالات الصعبة والمعقدة والدقيقة والحسّاسة جداً في الطب الشرعي واخواته، اذ تُوجد قاعدة في الطب الشرعي وهي تصوير جثة الغريق شعاعياً لأكثر من سبب، وعلى الطبيب الشرعي ان يكون فطناً وحذراً وذكياً، وان يكون لديه بعد نظر أمام جثة الغريق، لحذف أولاً جريمة قتل ورمي الجثة في المياه او بركة البلدة او مستنقع، والطلقات النارية ما زالت داخل الجثة، او نجد كسوراً متعددة في العظام نتيجة التعنيف الوحشي والقتل للضحية (نكرر ذلك للضرورة القصوى) وخصوصاً عند خطف رهائن او تصفية حسابات في الحروب والثأر العشائري، وتُرمى جثته في المياه للتضليل والتمويه. او ان الضحية كان مصاباً بالصرع وتوفي في المياه فوراً بعدما حدثت له بصورة مفاجئة نوبة الصرع او حصل هبوط حاد في معدل السكر في الدم او غيبوبة سكري او ارتفاع حاد في ضغط الدم، ففقدان الوعي والسيطرة على نفسه، او هبوط حاد في ضغط الدم او... أو... فتشريح الجثة واستعمال أدوات معقمّة مع القفازات المعقمة والعينات المتنوعة تُؤخذ من أماكن مختلفة من الجثة للتحري على المشطورات وهي باختصار شديد من: الكبد، الكلية اليمنى واليسرى، الرئة اليمنى واليسرى، الغدة فوق الكلية، القلب، الدماغ، ومن لب العظام بعد نشر عظمة الفخذ لاستخراج لب العظام منها وغيرها. وجود المشطورات في هذه العينات هو دليل حازم وجازم ونهائي وقاطع، ولا يقبل الشك ان الضحية كان حياً يُرزق عندما نزل الى المياه. وقد يُدّس السم الى الضحية وُيرمى في المياه للتمويه والتضليل أيضاً وأيضاً، او قد يُقتل بحقنة هواء في الوريد ويُرمى في المياه فوراً. او قد يكونوا أجبروا الضحية على تناول أسيد قوي بتركيز عال ورموه مباشرة في المياه أكرر وهم على الشاطىء، او اوصلوه الى الشاطىء وهو حي يُرزق ثم قام احدهم بضربه وبقوة يده على رقبة الضحية، او ضغط مع عصر قوي بالكوع على الرقبة كما يحصل في لعبة الكاراتيه والجيدو، وعندما تأكدوا من موته رموه مباشرة في المياه، وهي من الحالات الجرمية المعقدة في الطب الشرعي وعلم الجريمة. وفي هذه الحالات وغيرها تشريح الجثة يؤكد سبب القتل عندما نعاين ونشّرح الجثة بدقة ونركز على العظم الأمي الموجود في الرقبة ولهذا العظم قرنان أماميان وقرنان خلفيان فأي كسر او خلع لقرن من هذه القرون او جميعها نجزم ونؤكد حصول القتل خنقاً او شنقاً او تعنيفاً...

ويتابع:

- أما في الحروب وحتى الحروب الأهلية فيتم التخلص من المخطوفين بعد تعذيبهم وتعنيفهم بعد أخذ معلومات وأسرار منهم أكانوا من هذه الطائفة او تلك او ذاك العرق أو ذاك بأن يرموهم وهم قتلى في البحر بعد تصفيتهم وتقطيعهم ووضع ثقالات معدنية في أقدامهم أو وضعهم داخل كونتيرانات مقفلة حديدية ورميهم بالجملة في البحر، وهذا الأمر بالفعل حدث. والطب الشرعي غني بالأسرار لكن السرية الطبية فهي مقدسة. من جهة أخرى ان عمليات الخطف بالجملة أثناء الحروب والاستفادة من هذه الغلة تحت عناوين زرع الكلية، القلب، الكبد، الرئة، البنكرياس، الأطراف، القرنية، الشبكية... يُقال انه في احدى دول العالم لتاريخه تم زرع عشرات ومئات الأرحام، بدون تعليق، وهل الواهبة لتاريخه موجودة وهي حية تُرزق ام لا؟ وبالتالي عندما يتم انتزاع هذه الأعضاء من أجسام المخطوفين والواهبين والفأس والساطور على رأسهم، اذ يتم قتلهم ورميهم في البحر، فمن يدقق في ذلك من باب مافيات تجارة البشر العالمية؟

وأضاف:

- عطفاً على ما ذكرت نسمع في أيامنا هذه عن غرق زوارق وسفن وعبّارات وغيرها تحمل معها نازحين فارين من دولهم او بسبب الضائقة المالية، وفجأة وتحت ذريعة الحمولة الزائدة تُغرق هذه السفن وغيرها بمن فيها وعليها، للأسف ما يحدث في يومنا هذا الا يستحق تحقيقاً دولياً لئلا تقع مثل هذه الحوادث، اليسوا هم بشر فقراء ولديهم أطفال، وكانوا يعيشون في السابق في بحبوحة وأمان ولكن الدهر غدر بهم؟ واستطراداً اذا كانت هذه الزوارق او السفن تحمّل ممنوعات (أسلحة، مخدرات، وغيرها...) لرأينا خفر السواحل للشواطى المياه الأقليمية لهذه الدولة او تلك موجودين وبكثرة وبأسلحتهم وزوارقهم وسفنهم وحتى انزال جوي بالمروحيات لتوقيفهم ومصادرة الممنوعات، وتصوير ذلك بالصوت والصورة كخبر عاجل، أما هؤلاء فمساكين مهاجرون من دول عديدة وهم من طوائف مختلفة ولا من يسأل عنهم وعن مصيرهم، ونسأل هنا اين هي المنظمات العالمية وحقوق الانسان والأمم المتحدة والمسؤولون الغيارى على الانسان في العالم؟

ويختم:

- ان التغيرات التي تطرأ على جثة الغريق تختلف بحسب الفصول: وانني اتكلم عن الغرق في الطب الشرعي وهو بحاجة الى عشرات ومئات الصفحات:

أولاً: جلد أصابع اليد اذ تبيّض خلال 3 ساعات في فصل الصيف في حين تبقى من 24 الى 25 ساعة لتبيّض في فصل الشتاء. وراحة اليد تبيّض خلال أربع ساعات في فصل الصيف.

ثانياً: تيبّس الجثة تكون واضحة على الجثة خلال ست ساعات في فصل الصيف مقابل 3 الى 5 أيام في فصل الشتاء.

ثالثاً: خلال اسبوع في فصل الصيف يكون وجه الغريق لونه أحمر رمادي، في حين تكون لون الحواجب والشفاه أحمر، وعظمة الصدر (وهي عظمة مسطحة موجودة وسط الصدر نلمسها تحت الجلد) لونها يكون أحمر وأخضر. اما في فصل الشتاء فكل هذه التغيرات لجثة الغريق تحدث خلال شهر.

 رابعاً: بشرة اليدين (احدى طبقات الجلد) والقدمين تنفصل مع لون اسود مع انتفاخ للوجه يحدث خلال اسبوعين في فصل الصيف وشهرين في فصل الشتاء.

خامساً: سقوط الأظافر يحدث خلال اسبوعين الى اربعة أسابيع في فصل الصيف وثلاثة أشهر ونصف الشهر في فصل الشتاء.

سادساً: التصوبن كامل للوجه، الرقبة، الجهة الأمامية للفخذين وبداية تحجّر الفخذين، وانسلاخ فروة الشعر تحدث من 4 الى 6 أسابيع في الصيف مقابل 4 أشهر في فصل الشتاء. وعند الغريق يجب أخذ عينات من الدم وعضلة القلب لفحص <الستروتينوم>.