تفاصيل الخبر

التأخير في تشكيل الحكومة ينعكس سلباً على الاقتصاد!

07/12/2018
التأخير في تشكيل الحكومة ينعكس سلباً على الاقتصاد!

التأخير في تشكيل الحكومة ينعكس سلباً على الاقتصاد!

 

 

بقلم طوني بشارة

في ظل التناحر السياسي على المستوى المحلي، لاسيما بعد الانتخابات الاخيرة وزيادة حالة الاختلاف والفرقة بين صفوف الجسد السياسي اللبناني فيما يتعلق بتشكيل الحكومة، يرجح معظم المسؤولين السياسيين وخبراء الاقتصاد على ان الوضع الاقتصادي في لبنان باتت محفوفاً بالخطر، ويرون ضرورة اتخاذ اجراءات سريعة تخفف من وتيرة انتشار هذا الخطر قبل الوصول الى مرحلة لن يفيد معها اي حل، وفي وقت تباينت فيه الآراء بين قلق على الليرة اللبنانية وبين مطمئن بأن هذه الليرة بخير ولو على المدى القريب على الرغم من الازمة التي تواجه اقتصاد لبنان في بلد تنخره المديونية ومتخم بالفساد وهو ما يستدعي اجراءات سريعة وقاسية للحد من ذلك وإلا سنكون امام بلد مفلس في الاعوام القادمة، ومما يزيد الخوف ان لدى لبنان ثالث أعلى نسبة دين إلى الناتج المحلي الإجمالي في العالم، بما يزيد عن 150 بالمئة بنهاية عام 2017، ويريد صندوق النقد الدولي أن يرى ضبطاً مالياً فورياً وكبيراً لتحسين القدرة على خدمة الدين العام، وزاد القلق بشأن الاقتصاد بسبب عجز السياسيين عن تشكيل حكومة تحتاجها البلاد لتنفيذ إصلاحات ضرورية بعد الانتخابات البرلمانية في أيار (مايو) الماضي. وذكر زعماء من كافة الأطياف السياسية في الأشهر الأخيرة أن المأزق السياسي يلحق الضرر بالاقتصاد، وأن من الضروري تشكيل حكومة، وفي حين يحجم السياسيون عن القول إن ربط العملة في خطر، فإن بعض المحللين الاقتصاديين في الخارج يدرسون احتمال خفض قيمة العملة.

ولكن ماذا على المستوى المحلي وهل من إمكانية محلية لمعالجة هذه الازمة؟

 

الخولي والتقشف

رئيس حزب العمال اللبناني الأستاذ مارون الخولي أكد بأن تشكيل الحكومة يؤثر في الوضع الاقتصادي ولكن على المستوى النفسي دون سواه، فالحكومة تؤمن استقراراً نفسياً أكثر مما تؤمن أي استقرار مادي على اعتبار ان الحكومة اللبنانية لا قيمة لها من دون أي توجه إصلاحي، مما يعني ان المشكلة ليست بتشكيل الحكومة أو عدم تشكيلها بل ببرنامج الحكومة الإصلاحي، فالوضع لن يتغير اطلاقاً في حال لم يتوافر برنامج حكومي حقيقي وليس بيان وزاري صحفي.

ــ ما هو مضمون البرنامج الإصلاحي المحدد؟

- ان البرنامج الإصلاحي المحدد يفترض عليه ان يفتح بداية ملف التوظيف بالقطاع العام، أي ما يمكن تسميته بتخفيف هيكلية القطاع العام، فالحكومة للأسف اقرت السلسلة من دون ان يترافق ذلك مع أي إصلاح محدد مما أدى إلى كارثة اقتصادية استثمارية، فالإنتاجية لم تتغير إطلاقاً بالرغم من كون الدولة قد تكلفت حوالى 2 مليار دولار وترافق ذلك مع توظيفات جديدة زادت الأعباء على الدولة بدلاً من تخفيفه فإزداد ترهل الإدارات العامة من دون أي تحسن بالرغم من ضخ 2 مليار دولار.

وتابع الخولي قائلاً:

- كما يفترض اتباع مبدأ التقشف وأقصد هنا تقشف حقيقي بمعناه الضيق، وليس فقط تقشف بالميزانية بل عصر النفقات بطريقة منتجة وفاعلة، واستطرد الخولي: لا يمكن ان ننسى أيضاً موضوع الإصلاح على مستوى المناقصات مع اعتماد معايير شفافة لإعادة الثقة الى المواطنين، فلا يخفى على أحد أن ثقة المواطن قد اهتزت بمناقصات الحكومة السابقة لاسيما مناقصات الكهرباء والمعاينة الميكانيكية.

وشدد الخولي أيضاً على موضوع استقلالية القضاء وتعزيز صلاحيات مجلس القضاء الأعلى عن طريق ابعاد يد السياسيين عنه.

وبالنسبة لموضوع النأي بالنفس ركز الخولي على ضرورة الابتعاد عن هذه الفكرة مؤكداً ان الجمود والشلل الاقتصادي الحالي سببه للأسف عدم وضوح توجه سياسة الدولة، فالتوجه يفترض ان يكون محايداً وواضحاً لكي يتمكن لبنان من الخروج من لعبة المحاور علماً ان تأخير تشكيل الحكومة سببه لعبة المحاور، فالرهانات على تأخير تشكيل الحكومة خاضع للرهانات السياسية.

واستطرد الخولي قائلاً:

- لا ننسى هنا أيضاً الشخصيات السياسية المشاركة بالحكومة اذ يفترض عدم إعادة تعيين الشخصيات السابقة وبالمقابل يجب اختيار شخصيات لديها توجه اكاديمي علمي اقتصادي من اجل الخروج من المحنة الاقتصادية التي نعايشها حالياً، فلبنان يمر بأخطر مرحلة اقتصادية مالية وهذا الامر لم يعد سراً فتصريحات رئيس الجمهورية وتصريحات السياسيين على المستوى الأولى تشير بمجملها الى دخول لبنان بمحنة مالية.

الخولي وسياسة مصرف لبنان

 

ــ ما هو موقفك من سياسة مصرف لبنان (سياسة استقرار العملة)؟

- يجب دراسة وبشكل جدي سياسة مصرف لبنان، فمقابل الاستقرار النقدي يتم دفع فوائد عالية وهذا الامر في المستقبل القريب سوف يزيد من مشكلة الشلل الاقتصادي على اعتبار ان إعطاء المستثمرين فائدة ريعية بـ15 بالمئة سيمنع الاستثمار ويشل الحركة، لذا علينا اتباع المعايير الدولية لقياس العملة الوطنية، فاليوم اذا انخفضت العملة هذا امر طبيعي واحياناً يساعد الصناعة ويشجع على التصدير مما يحرك العجلة الاقتصادية.

ــ ماذا عن <خطة ماكينزي> وتشريع الحشيشة، هل تعتبر ذلك بمثابة حل للمشكلة؟

- ان تشريع الحشيشة حالياً يعتبر بمنزلة خطأ دراماتيكي يوازي خطأ اتفاق القاهرة، فنحن حالياً غير قادرين اقله على وقف التهريب، فقبل التشريع، لا بد من التساؤل عن الدراسة التي تم اعدادها، وعن الآثار الاجتماعية البيئية الناتجة عن التشريع؟ لذا قبل التشريع لا بد من ضبط الامن ومنع التهريب ووضع دراسات حول الاثار البيئية الاجتماعية لزراعة الحشيشة. وهنا لا بد من الإشارة الى ان عدم نشر <خطة ماكينزي> بكاملها يعتبر نوعاً من السخافة لان ذلك يعني عدم مشاركة الهيئات الاقتصادية والمدنية وهيئات المجتمع المدني بأي نقاش يتعلق بـ<خطة ماكينزي> التي يفترض بحثها ومناقشتها مع الجهات المعنية، فالتعتيم على الخطة يعتبر نوعاً من الغباء الحكومي وهذا أمر مرفوض عالمياً لأن المجتمع المدني معني مع الحكومة بتنفيذ هذه الخطة لذا يجب دراستها وتنقيحها وتعديلها ومن ثم قبولها.

 

الخولي وصراع الرؤية

 

ــ كيف تصف الصيغ المطروحة لتشكيل الحكومة؟

- ان الصيغ المطروحة تعتبر معيبة. فالطرح بكامله يتمحور حول إرضاء السياسيين عن طريق توزيع الحصص إن كان على مستوى الوزارات السيادية، او على مستوى عدد الوزارات، لذا يجب توفر نقاش حول برنامج الحكومة من قبل السياسيين وابعاد العقد المسيحية ــ المسيحية، والمسيحية ــ الشيعية، كما انه لا يجوز الاستمرار بروح 30 وزيراً، فالكلفة المادية عالية، وهذا التجمع (30 وزيراً) يعتبر غير منتج، فالعدد المطلوب يجب ان يتراوح ما بين الـ14 والـ18 وزيراً وليس اكثر، فالتوجه لتشكيل وزارة عن طريق زيادة عدد الوزراء مرفوض اطلاقاً.

وتابع الخولي قائلاً:

- مما يزيد الامر سخافة معيار المحاصصة، وهذا المعيار مرفوض عالمياً، كما انه ليس المطلوب في الوقت الحالي حكومة وفاق وطني فهذا النوع يفرض حاله فقط في حالة الحرب، ونحن حالياً لسنا بحالة حرب بل بحالة صراع في الرؤية، كما ان عمل الحكومة محدد بالاطار الاقتصادي والاجتماعي لذا يجب توفر موالاة ومعارضة من اجل المساءلة والمحاسبة، كما ان فكرة تشكيل حكومة تعتبر بمنزلة مجلس نيابي مصغر امر مرفوض اطلاقاً، فهذا الخليط يعتبر هجيناً، فنحن امام ازمة بنيوية عضوية الخروج منها شبه مستحيل لذا يجب تشكيل حكومة ذات رؤية وشكل ومضمون جدد، فعلى رئيس الحكومة ان يكون لديه فريق منتج يمتلك توجهاً واضحاً، ولكن الواقع الذي نراه تماماً عكس ذلك.

ــ هذا بالنسبة للحكومة المرتقبة وبرنامج عملها وكيفية تشكيلها، فكيف ترى كرئيس لحزب العمال اللبناني موضوع الغلاء وموضوع إيقاف القروض بالعملة الوطنية؟

- في هذا الاطار لا يمكن التركيز فقط على موضوع القروض السكنية، على اعتبار ان القروض بالليرة اللبنانية قد الغيت، واعني بذلك الغاء القروض الشخصية وقروض كفالات وقروض التعليم، فلا يوجد اليوم أي قرض بالمصارف بالعملة الوطنية، فمن المسؤول عن إعادة تحريك هذه القروض التي تعتبر جزءاً من الأدوات الاقتصادية؟ فالقروض أصبحت بالدولار واقتصرت بمجملها على الاستهلاك وليس على الاستثمار، مما يعني اننا بلبنان ندعو الى فكرة عدم الاستدانة التي كانت سائدة أيام الحرب.

وتابع الخولي:

- اما بالنسبة لموضوع غلاء المعيشة فأعتقد انه من المعيب ان تكون الحكومة اللبنانية فاقدة للوعي الاجتماعي، فكل 3 موظفين في القطاع الخاص يدفعون للأسف تمويل سلسلة الرتب والرواتب لموظف واحد في القطاع العام عن طريق تأدية الضرائب، والمعيب أيضاً ان سياسة الأجور ما زالت مثبتة منذ عام 2012، مما خلق نوعاً من التمييز بين الدولة وموظفيها وسياسييها من جهة، وبين الشعب من جهة ثانية، فهل يجوز الاستمرار بحد ادنى للأجور بـ675000 ليرة لبنانية مقابل زيادة لموظفي القطاع العام؟وهل من الطبيعي ان تتجاهل الدولة مبدأ إقرار غلاء المعيشة ودعوة لجنة المؤشر لاقرار غلاء المعيشة الذي يفترض ان يكون بـ1800000 ليرة لبنانية؟ وهل من الطبيعي ان تحرف الدولة دستورها بتمييزها بين مواطن ومواطن؟ وهل من الطبيعي في ظل اقفال الاف المؤسسات ان لا تقوم الدولة بتجميد عمليات الصرف الناتجة عن تقليص الاعمال واستبدال العمال اللبنانيين بعمال سوريين؟

وختم قائلاً:

- على رئيس الحكومة المكلف كما على رئيس الجمهورية تقييم الأسماء القديمة من حيث أدائها في الفترة السابقة، فلا يجوز إعادة استنساخ المسؤول غير المجدي من جديد في الحكومة المفترض تشكيلها، لذا لا بد من إقامة فيتو على الوزراء السابقين غير المجديين، كما يفترض دراسة أسماء الوزراء الجدد، فالتغيير يجب ان يكون عاماً وشاملاً.