تفاصيل الخبر

التعيينات المالية والادارية كرست "المحاصصة" وأسقطت الاختصاص والحيادية عن حكومة دياب!

18/06/2020
التعيينات المالية والادارية كرست "المحاصصة" وأسقطت الاختصاص والحيادية عن حكومة دياب!

التعيينات المالية والادارية كرست "المحاصصة" وأسقطت الاختصاص والحيادية عن حكومة دياب!

 

[caption id="attachment_78836" align="alignleft" width="375"] جلسة مجلس الوزراء في بعبدا الخاصة بالتعيينات يوم 10 الجاري[/caption]

 قبل أسابيع وتحديداً في 2 نيسان (ابريل) الماضي وخلال جلسة مجلس الوزراء، فاجأ رئيس الحكومة حسان دياب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي كان يترأس الجلسة والوزراء، بإعلانه سحب بند التعيينات المالية من جدول الاعمال معتبراً أن أسماء المرشحين لهذه التعيينات "لا تشبهه" لا هو ولا حكومته وأن رائحة المحاصصة تفوح منها، وأن حكومته لم تشكل كي تفعل مثل غيرها من الحكومات عندما تواجه مسألة التعيينات... ووسط تصفيق عدد من الوزراء، جمع الرئيس دياب أوراقه ما دفع بالرئيس عون الى استعمال المطرقة لاعلان "رفعت الجلسة". في الأسبوع الماضي وتحديداً في 10 حزيران (يونيو) وخلال جلسة مجلس الوزراء التي أوردت في جدول أعمالها التعيينات المالية وتعيينات إدارية، عادت الاسماء نفسها تقريباً للمواقع ذاتها وكانت حماسة الرئيس دياب شديدة لاقرارها محبطاً اكثر من محاولة قام بها وزراء في حكومته لتأجيل التعيين، نظراً لوجود ثغرات في هذه التعيينات تجاوزها الرئيس دياب حتى اصبحت امراً واقعاً بمعارضة اربعة وزراء، بعضهم من حيث الشكل، والبعض الآخر اعتراضاً على أسماء مقترحين بعضهم لا يستوفي شروط التعيين. وبديهي، والحالة هذه، ان يطرح السؤال: هل باتت هذه التعيينات "تشبه" رئيس الحكومة والوزراء، ام ان "الواقعية" دفعت برئيس حكومة الاختصاصيين الحياديين والخبراء، الى القبول بها بعدما كان رفضها قبل ايام متجاهلاً بذلك معايير "المحاصصة" و "الوساطات" وتوزع المغانم؟ تقول مصادر متابعة إن الرئيس دياب ادرك، ولو متأخراً، انه لن يستطيع الخروج من معيار "المحاصصة" في اي من التعيينات التي ينوي القيام بها في الحكومة حاضراً ومستقبلاً، وأن ما "يطبخ" فيها خارج مجلس الوزراء اكثر مما يدرس في الجلسات الوزارية، الأمر الذي جعله يقبل بالواقع ويدخل هو الآخر في " بازار" التعيينات مقتطعاً لنفسه حصة من بين الحصص التي توزعت على الكتل النيابية المشاركة في الحكومة، مع مراعاة الخصوصية الدرزية التي افضت الى تقاسم المراكز بين ركني الطائفة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب والوزير السابق وليد جنبلاط، ورئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال ارسلان، وبدا واضحاً، وفق المصادر، أن "طبخة" التعيينات تولاها رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس " تكتل لبنان القوي" النائب جبران باسيل برعاية من حزب الله، فسقطت كل التحفظات وتم تجاوز بيان التعيين، سواء تلك التي اقرها مجلس النواب ولم يصدر قانونها بعد، او تلك التي اعدتها الحكومة نفسها ولا تزال قيد البحث والتشاور! وهكذا ولدت معادلة بري- دياب- باسيل من جديد، لتحمل التعيينات تواقيع الثلاثة وإن بنسب متفاوتة، مع الأخذ بالاعتبار ان الطرف الآخر في "الثنائية الشيعية"، اي حزب الله، محض "بركته" وإن كان أحد ممثليه في الحكومة وزير الصناعة عماد حب الله سجل اعتراضه على التعيينات، وجاراه وزير التنمية الادارية والبيئة دميانوس قطار الذي تجاوز " قربه " من الرئيس دياب ليسجل اعتراضاً مبدئياً على الآلية التي لم تحترم، علماً انه كان في جلسة مجلس النواب التي اقرت قانون الآلية وأيدها في حينه. محاصصة شملت المكونات السياسية للحكومة

 وترى المصادر نفسها، ان ما حصل في التعيينات بنسخة حكومة دياب، لم يختلف عما كان يحصل في نسخة حكومة الرئيس سعد الحريري وقد اعاد التاريخ نفسه كما في الماضي وكأن شيئاً لم يحصل في البلاد، لا "ثورة 17 تشرين" ولا "انتفاضة الجائعين" وكأن حكومة الحريري لم تستقل للافساح في المجال امام نمط جديد من الحكم ولو على مستوى الرئاسة الثالثة. وهكذا بدا واضحاً أن إقـــــرار التعيينات لم يكــــن ممكنــــاً اذا لم يتم ذلــــك على أساس "المحاصصة" خلافاً لكل شعارات الاصلاح التي أتت حكومة دياب لتحقيقه، الأمر الذي يدفع الى التأكيد بأنه في "معركة" التعيينات خرج كل مكون في الحكومة "رابحاً" وإن كان غاب عن الجلسة وزيرا " المـردة " ميشال نجار ولميـا يمين بطلب من رئيس "المردة" سليمان فرنجية. وتبرز من خلال تجربة التعيينات الحقائق الآتية: أولاً: فرضت "الثنائية الشيعية" ولاسيما الرئيس بري، مرشحيها على المواقع المخصصة للطائفة الشيعية فحلّ مستشار الرئيس بري وسيم منصوري نائب حاكم اول لحاكم مصرف لبنان، وحلّ كامل وزني ( قريب وزير المال غازي وزني ومرشح حركة "امل" في لجنة الرقابة على المصارف، ونال مرشح الثنائية" واجب علي قانصوه ( نجل الوزير الراحل علي قانصوه الذي مثل الحزب السوري القومي الاجتماعي مراراً في الحكومات) موقعه في الاسواق المالية، فيما عين محمد ابو حيدر ( من أمل) مديراً عاماً لوزارة الاقتصاد وهو كان نجم الجلسة لأنه نجح في تقديم موعدها 24 ساعة حتى يتم تعيينه قبل بلوغه سن الاربعين حيث كان سيتعذر تعيينه لضرورة تمضيته 25 عاماً في السلك الاداري لأنه أتى من خارج الملاك. وقد "تبارى" اكثر من طرف في الدفاع عن ابو حيدر بعدما اتضح ان الشهادة الرئيسية التي يحملها هي شهادة معالج فيزيائي، الى جانب شهادة اخرى ومشاركة في عدد من الدورات! ولولا العيب والحياء، لكان قطع مجلس الوزراء قالب حلوى لابو حيدر وتمنى له الوزراء: "سنة حلوة يا جميل"! وفي سابقة لافتة نال حزب الله مرشحه غسان عز الدين منصب مدير عام الاستثمار في وزارة الطاقة والمياه، لتكتمل به الحصة الشيعية "الصافية" للحزب ولحركة " أمل " من دون اي زغل. ثانياً: نجح رئيس "تكتل لبنان القوي" النائب جبران باسيل مدعوماً من رئيس الجمهورية، في الحصول على معظم المواقع المسيحية في التعيينات التي توزعت على لجنة الرقابة على المصارف من خلال العضوين مروان مخايل (ماروني) وجوزف فؤاد حداد(كاثوليك)، وعلى الاسواق المالية عبر العضو الكاثوليكي وليد خليل قادري، ومن خلال مفوض الحكومة في مصرف لبنان الارثوذكسية كريستيل وليد واكيم، والعضو في هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان الارثوذكسي شادي حنا. اما في التعيينات الادارية فكانت حصة باسيل دسمة من خلال محافظ بيروت القاضي الارثوذكسي مروان عبود، ومحافظ كسروان الفتوح- جبيل بولين ديب والمدير العام للحبوب والشمندر السكري (الارثوذكسي) جريس طانيوس برباري. وثمة رواية تقول إن السيدة مايا دباغ التي عينت رئيسة للجنة الرقابة على المصارف اقترحها ايضاً باسيل ومرر اسمها عبر قريب الى الرئيس دياب الذي تبنى الاسم وكأنه من حصته. واللافت في التعيينات المسيحية اعطاء الطائفة الارثوذكسية خمسة مراكز من الفئة الاولى تعويضاً على خسارتها وظيفتين في مجلس الخدمة المدنية والمفتش العام الاداري ما اثار يومها غضب المطران الياس عودة بعد "إزاحة" القاضي زياد شبيب من محافظة بيروت! ليست حكومة حيادية ثالثاً: حصر الرئيس دياب بنفسه الحصة السنية في التعيينات في مقابل موافقته على مرشحي "الثنائي الشيعي" وباسيل، فكان من اختياره كل من سليم شاهين النائب الثالث لحاكم مصرف لبنان، ومايا دباغ لرئاسة لجنة الرقابة على المصارف، ونسرين مشموشي لرئاسة مجلس الخدمة المدنية. وبات في استطاعة دياب ان يفاخر باختيار الموظفين السنة لاسيما وأنه خاض "معركة" قاسية لتعيين مشموشي بعدما اتضح ان ثمة عوائق ادارية تقف في وجه هذا التعيين ابرزها كونها من الفئة الثانية وليست الفئة الاولى التي يشترط المشترع ان تكـــــون امضت في الفئة الاولــــى خمس سنوات. لكن "طوفان" الاجتهادات والسوابق مرر التعيين رغم اعتراض وزراء أبرزهم وزيرة العدل ماري كلود نجم. رابعاً: وزع مجلس الوزراء، الموقعين الدرزيين مناصفة على الزعيمين جنبلاط وارسلان، فنال الاول فؤاد شقير في هيئة الاسواق المالية، ونال الثاني بشير يقظان في موقع النائب الثالث لحاكم مصرف لبنان. كذلك عين مجلس الوزراء عادل دريق في لجنة الرقابة على المصارف وهو من حصة "المردة"، والكسندر موراديان النائب الرابع لحاكم مصرف لبنان وهو من حصة "حزب الطاشناق". ويستدل من توزيع التعيينات ان الكتل المشاركة في الحكومة نالت حصصها ما يؤكد على حقيقتين: الاولى ان هذه الحكومة ليست حكومة اختصاصيين حياديين، بل هي حكومة اختصاصيين ممثلين لأحزاب تقرر عنهم كل شيء من الحضور او الغياب، الى التصويت عند الضرورة، والاعتراض ايضاً.... اما الحقيقة الثانية فهي ان الحكومة لن تكون قادرة بعد اليوم على تفادي اعتماد "المحاصصة" في التعيينات المقبلة ما يعني ان الحديث عن آلية أقرها مجلس الوزراء، او مجلس النواب، هو "حديث خرافة يا أم عمرو".