تفاصيل الخبر

التعيينات الإدارية تنتظر الاتفاق على الآلية والتوزيع الطائفي والعسكرية تحتاج الى اختيار دورة تخرّج القائد الجديد للجيش!

03/02/2017
التعيينات الإدارية تنتظر الاتفاق على الآلية والتوزيع الطائفي  والعسكرية تحتاج الى اختيار دورة تخرّج القائد الجديد للجيش!

التعيينات الإدارية تنتظر الاتفاق على الآلية والتوزيع الطائفي والعسكرية تحتاج الى اختيار دورة تخرّج القائد الجديد للجيش!

الياس-ساسين-1----Aتبدي مصادر إدارية مطلعة خشيتها من أن يؤدي السجال حول قانون الانتخابات النيابية والذي بدأ يتسم بالحدة بين الأطراف السياسيين الممثلين في مجلس الوزراء، الى تأجيل البحث في التعيينات الإدارية والعسكرية خوفاً من عدم الاتفاق عليها وتجميدها مجدداً، كما حصل في الاعوام الماضية. وتضيف هذه المصادر ان اي بحث في تعيينات في الفئة الأولى، مهما كانت ضرورية، يحتاج الى توافق بين القيادات السياسية كي تمر هذه التعيينات في مجلس الوزراء، لاسيما وان تعيين موظفي الفئة الأولى أو من يعادلهم يحتاج الى غالبية الثلثين في مجلس الوزراء، ومثل هذه الغالبية لا تتأمن إلا من خلال تشاور وتنسيق مسبقين على كل التفاصيل بدءاً بالمواقع ووصولاً الى الأسماء والتوزيعات. وفي حين يعتبر البعض أن أي اتفاق مسبق يعني الدخول في محاصصة وتقاسم <قالب الحلوى>، ترى مصادر وزارية معنية بأن الواقع السياسي والطائفي في البلاد يفرض التشاور المسبق لضمان تمرير التعيينات، وأي تشاور يعني عملياً تفاهماً مسبقاً، وبالتالي توزيعاً للحصص والمواقع، وعلى المكونات المعنية بهذه <القسمة> أن تطرح أفضل ما لديها من كفاءات وذوي خبرة بدلاً من اختيار من هم غير جديرين بالموقع الذي يحصلون عليه بفعل توزيع الحصص.

وفي تقدير المصادر نفسها، ان التعيينات في أنواعهــــــا الثلاثـــــــة: الإداريــــــــة والعسكريـــــــــة والديبلوماسية، سوف تواجه المصير ذاته ما لم يحصل اتفاق على تمريرها بهدوء وبأقل ضرر ممكن، على رغم الفوارق القائمة بين أنواع هذه التعيينات مع قاسم مشترك واحد يتمثل بأنها - أي هذه التعيينات - ستكون أول امتحان لعهد الرئيس العماد ميشال عون الذي رفع شعار <التغيير والإصلاح> و<مكافحة الفساد> و<تنقية إدارات الدولة من الفاسدين>. من هنا، فإن لكل من تلك التعيينات بأنواعها المختلفة محاذير لا بد من معالجتها قبل أن تتحوّل الى أفخاخ ملغومة يمكن أن تنفجر في أي لحظة في وجه الحكومة ورئيسها من جهة، ووجه رئيس الجمهورية من جهة ثانية.

 

أي آلية للتعيينات الإدارية؟

 

التعيينات الإدارية التي تبدو ملحة جداً بفعل الشغور الواسع في مراكز الفئة الأولى (نحو 32 مركزاً، ما عدا مجالس الإدارة للمؤسسات العامة والمختلطة) لن تبصر النور إلا بعد درس ملفات المراكز الشاغرة من جهة، والتفاهم على التوزيع الطائفي والمذهبي لكل المذاهب من جهة أخرى، بحيث تأتي التعيينات صورة عن سيد العهد الذي أطلق حرباً قاسية جداً ضد الفساد والمفسدين، وضد بعض التجاوزات التي كانت تحصل في  السابق.

وتقول مصادر إدارية ان مثل هذه الدراسات يمكن أن تستغرق وقتاً طويلاً إذا ما كان التفاهم على تفاصيلها سيد الموقف، أما إذا غاب هذا التفاهم فإن الدراسات يمكن أن يطول أمدها الى إشعار آخر. وتضيف المصادر نفسها ان ثمة اعتبارات اخرى لا بد من التعاطي معها في هذا المجال وهي الآلية التي ستعتمد في التعيين، وما إذا كانت الآلية القديمة ستبقى سارية المفعول، أم أن آلية جديدة ستطبق، ذلك أن ثمة وجهات نظر تتفاوت بين داعٍ الى اعتماد الآلية الإدارية نفسها، وبين من هو رافض للعودة الى الاسلوب القديم الذي وضع خلال عهد الرئيس السابق ميشال سليمان ويقول بضرورة إيجاد آلية جديدة مستوحاة من شعار العهد في الشفافية واختيار الكفاءة والنزاهة إلخ... ويتسلح دعاة التغيير بتجارب من سبق لهم أن مروا على هذه الخدمات وفشلوا في تحقيق إنجازات كبيرة لعدم قدرتهم على مجاراة العصر في كل ما يجري، ناهيك بأن بعض المواقع الإدارية الشاغرة ترتبط بالمرجعيات السياسية المتنوعة هنا وهناك، فضلاً عن أنه لم يمضِ على تشكيل الحكومة ثلاثة أشهر لتحقيق إنجازات إدارية مهمة، والوزراء ليسوا قادرين - في معظمهم - على الإلمام بعد بكل الشروط الواجب توافرها في الأسماء التي يفترض أن يرشحها الوزير المختص ليختار مجلس الوزراء اسماً واحداً من كل اقتراح للتعيين. وفيما يفترض أن يلعب مجلس الخدمة المدنية دوراً أساسياً في درس الترشيحات المقدمة وإبداء رأيه، أتت التجربة الاولى في تعيين رئيس لمجلس إدارة هيئة <أوجيرو> عماد كريدية والمدير العام للاستثمار والصيانة باسل الأيوبي، مخيبة للآمال إذ تم تمرير التعيينين الاثنين من دون العودة الى مجلس الخدمة المدنية وفقاً للأصول، وامتنعت هيئة مجلس الخدمة عن إبداء الرأي اللاحق، لأن رأيها في هذه الحالات يفترض أن يسبق جوزف-عون-----Aالتعيين لا أن يليه.

 

التعيينات الديبلوماسية على نار خفيفة

أما في ما خص التعيينات الديبلوماسية، فإن المعلومات المتوافرة تؤكد أنها تطبخ على نار خفيفة رغم أن الحاجة باتت ملحة لإقرار سلة تعيينات ديبلوماسية لملء أكثر من 32 سفارة وبعثة ديبلوماسية لا يوجد فيها سفراء، وهي تدار بواسطة الديبلوماسيين المعاونين. وقد بدأ خفض مستوى التمثيل اللبناني في الخارج ينعكس سلباً على التمثيل المماثل في لبنان إذ لوحت دول عربية وأجنبية الى اضطرارها لخفض مستوى تمثيلها ليجاري التمثيل اللبناني في هذه الدول. وتؤكد مصادر ديبلوماسية لـ<الأفكار> أن ثمة إرباكاً في صفوف القيمين على ملف التعيينات والتشكيلات الديبلوماسية، مرده عدم وجود سفراء من مختلف الطوائف لتوزيعهم على سفارات دول العالم ما يفرض أحد أمرين: الأول، ترفيع مجموعة من الديبلوماسيين في الفئة الثانية الى الفئة الأولى وفق الحاجة مع مراعاة التوزيع الطائفي، أو الاستعانة بسفراء من خارج الملاك، وهذا الأمر يفرض ايضاً بت أوضاع السفراء الحاليين الذين هم من خارج الملاك والذين طلبت منهم وزارة الخارجية الاستمرار في مواقعهم ريثما يبت مجلس الوزراء مصيرهم. أما اختيار سفراء جدد من خارج الملاك، فيخضع بدوره لنظام المحاصصة وإرضاء الكتل السياسية المتمثلة في الحكومة ما سيؤدي حتماً الى فتح <بازار> في توزيع الحصص وإرضاء السياسيين ومراعاة التوازنات والمحسوبيات إلخ... وهذه ضربة قوية تسدد - في حال حصولها - لكل الشعارات التي رفعها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تحت عناوين <النزاهة والشفافية ونظافة الكف>. وتقول المصادر الديبلوماسية المتابعة إن دوائر الخارجية وضعت مسودة ترفيع ديبلوماسيين من الفئة الثانية الى الفئة الأولى بحيث تكون الاستعانة بسفراء من خارج الملاك محدودة جداً، في وقت نُقل عن وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل قوله بأن التشكيلات الديبلوماسية والتعيينات ستكون <نموذجية> و<مميزة> في تاريخ السلك الديبلوماسي اللبناني!

وتقر مصادر ديبلوماسية ان ثمة صعوبات ستواجه القيمين على وزارة الخارجية لدى البحث في ملء الشواغر في السفارات الكبرى، لاسيما في الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا والقاهرة وايطاليا والفاتيكان وجامعة الدول العربية (وقريباً الأمم المتحدة في نيويورك) وغالبية الدول الاوروبية التي يدير سفاراتها حالياً عدد من المستشارين من الفئة الثانية، أما في الدول العربية الاخرى فالشكوى محدودة لأن ثمة سفارات فيها سفراء اصيلون وأخرى تدار بواسطة قائمين بالأعمال ما يدفع ببعض الدول الى <تذكير> لبنان بمبدأ المعاملة بالمثل، أي اضطرار هذه الدول الى خفض مستوى تمثيلها في لبنان الى درجة قائم بالأعمال. وتتساءل المصادر الديبلوماسية المعنية كيف يمكن للرئيس عون أن يزور جمهورية مصر العربية منتصف الشهر المقبل ولن يكون في استقباله سفير اصيل بل قائم بالأعمال، وهو ما سيتكرر إذا قرر الذهاب الى الفاتيكان وروما وباريس؟!

 

خليل-الجميل--Aمن أي دورة قائد الجيش الجديد؟!

أما بالنسبة الى التعيينات العسكرية فتبدو المعضلة اصعب وأدق لأن الحسابات فيها تختلف عن تلك المعتمدة في التعيينات الإدارية والديبلوماسية. صحيح أن تعيين مدير عام جديد لقوى الأمن الداخلي خلفاً للواء ابراهيم بصبوص الممددة ولايته، يبدو أسهل بعد حصر المرشحين باثنين هما: رئيس فرع المعلومات العميد عماد عثمان وقائد منطقة الجنوب في قوى الأمن العميد سمير شحادة، إلا أن تعيين قائد للجيش خلفاً للعماد جان قهوجي لم يحسم بعد في ظل وجود أكثر من رأي يتراوح بين انتظار انتهاء ولاية العماد جان قهوجي في شهر أيلول/ سبتمبر المقبل، وبين الاسراع في تعيين خلف له وللأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء محمد خير، وكلاهما تم ارجاء تسريحهما الى الصيف المقبل.

وتكشف مصادر مطلعة لـ<الأفكار> أن الاسماء التي يتم التداول بها تبقى مجرد ترجيحات و<جس نبض> لرصد ردود الفعل عليها، لأن العقدة تكمن في الإجابة عن سؤال أساسي هو: من أي دورة ضباط سيتم اختيار قائد للجيش العتيد؟ وتضيف المصادر أن الرئيس عون لم يحسم بعد موقفه من مسألة اساسية وهي ما إذا كان القائد الجديد للجيش سوف يختار ممن بقي لهم في الخدمة اكثر من خمس سنوات بحيث يستمر القائد الجديد حتى نهايـــــــة ولايــــــــــة رئــــيس الجمهورية، أم ممن تنتهي خدمتهم بعد اربع سنوات بحيث سيضطر الرئيس عون الى تعيين قائد آخر يكمل معه ولايته الرئاسية. فإذا اعتمد الخيار الاول فالقائد الجديد سيكون من دورة الضباط للعام 1985، وإذا اختار الثاني فالقائد سيعين من بين ضباط دورة 1982 الذين يحالون على التقاعد قبل انتهاء ولاية الرئيس عون. وثمة من يتحدث عن ان تعيين العميد عثمان مديراً عاماً لقوى الأمن الداخلي سيؤدي الى بقائه في منصبه الى ما بعد انتهاء ولاية الرئيس عون، ما يفرض أن يستمر قائد الجيش هو الآخر حتى انتهاء الولاية على الاقل، لئلا يضطر رئيس الجمهورية الى اختيار قائد آخر للجيش قد لا تكون يده مطلقة في اختياره كما هو الحال مع بداية الولاية الرئاسية، فيضطر الرئيس إذذاك الى <مسايرة> الواقع الراهن ولا ينفرد في اختيار القائد العتيد لاسيما وان قرار التعيين يبقى أولاً وأخيراً في يد غالبية الثلثين في مجلس الوزراء.

وتتحدث المصادر المطلعة ان اسم القائد الجديد للجيش بات محصوراً بثلاثة: العميد جوزف عون، والعميد الياس ساسين والعميد خليل الجميّل، وان كانت الدفة تميل الى العميد ساسين الذي يبدو الأوفر حظاً وهو سيستمر في الخدمة خمس سنوات في حال عُيّن قائداً للجيش إذ يتقاعد وهو في الستين من العمر. غير أن ثمة من يطرح اسم العميد فادي داوود على اساس أنه الاوفر حظاً في الظروف الراهنة، لأن اختيار قائد للجيش في هذه المرحلة بالذات لا يقتصر على المواصفات العسكرية والميدانية المتوافرة فيه، بل يحتاج الى بعض المرونة في التعاطي مع المكونات التي يتألف منها لبنان، إضافة الى ضرورة مقاربة الملفات المفتوحة بمسؤولية وتروٍ وبُعد نظر.