تفاصيل الخبر

الـتـعـطـيـــــل الـحـكـومــــي مــــرده الــى انـعـــــدام الـتـوافــــق والـثـقــــة بـيـــن مـكوّنــــات الـحـكومـــــة!

12/06/2015
الـتـعـطـيـــــل الـحـكـومــــي مــــرده الــى انـعـــــدام  الـتـوافــــق والـثـقــــة بـيـــن مـكوّنــــات الـحـكومـــــة!

الـتـعـطـيـــــل الـحـكـومــــي مــــرده الــى انـعـــــدام الـتـوافــــق والـثـقــــة بـيـــن مـكوّنــــات الـحـكومـــــة!

بقلم حسين حمية

SAM_9085 حكومة المصلحة الوطنية في إجازة مفتوحة بعدما علّق رئيسها تمام سلام الجلسات إفساحاً في المجال أمام المشاورات الجارية لحل عقدة التعيينات الأمنية التي اشترط وزراء التيار الوطني الحر أن تكون البند الوحيد على جدول أي جلسة والمدخل لمناقشة باقي البنود، وهذا ما رفضه الرئيس سلام ووزراء 14 آذار، لا بل زادت الأزمة تعقيداً مع لجوء وزير الداخلية نهاد المشنوق الى تمديد ولاية مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء إبراهيم بصبوص الى سنتين بعدما كان سيحال الى التقاعد في الخامس من الشهر الجاري. فكيف يقارب المعنيون ما حصل؟

<الأفكار> استضافت في مكاتبها وزير الداخلية السابق العميد المتقاعد مروان شربل وحاورته في هذا الملف خاصة لجهة حق الوزير في التمديد للقادة الأمنيين. وأثارت معه مشكلة زحمة السير وأسبابها بعدما تأخر عن الموعد لهذا السبب.

وسألناه بداية:

ــ هل زحمة السير ناجمة في رأيك عن كثرة عدد السيارات، أم لأن بنية الطرقات غير سليمة؟

- هي ناجمة عن عدم وجود ما يكفي من أوتوسترادات وجسور وإشارات ضوئية حتى ان الإشارات تتعطل أحياناً ولا يلتزم بها السائق أحياناً أخرى، وهذا ما يدفع القوى الأمنية الى وضع شرطي بجانب كل إشارة، ولسوء الحظ فأغلب المواطنين لا يتقيدون بالقوانين والأنظمة ولا يحترمون قانون السير حتى لو صارت الغرامة مليون ليرة فما فوق، وهذا ناتج عن انعدام الثقة القانونية والوطنية، لا بل نرى ان البعض يعتبرون أنفسهم مواطنين عندما يسافرون الى الخارج ويتقيدون هناك بالأنظمة والقوانين عكس ما يفعلون في بلدهم.

ــ البعض يفعل ذلك لأنه لا يرى قدوة له من أهل الحكم الذين يقطعون الإشارة الحمراء بدون حسيب... أليس كذلك؟

- هناك سوء تربية مدرسية وبيتية ينشأ عليها المواطن تساهم في مخالفة القوانين، لكن بالنسبة للمسؤولين لا يجوز ان يفعلوا ذلك وليس من حق أي مسؤول ان يعتبر نفسه فوق القانون ويتميز عن أي مواطن آخر، لا بل يجب ان يكون المسؤول قدوة للمواطنين ويعطي المثل الصالح للآخرين، وللأسف فالمواطن يلحق بسيارات الدفاع المدني والصليب الأحمر التي تتجاوز لأداء مهمتها بدل ان يفسح لها المجال للمرور فقط.

ــ أين موقع الوزير شربل السياسي اليوم، وكيف يصنف نفسه؟

- أتعاطى الشأن العام وأركّز على الجانب الأمني وخارج أي اصطفاف... فلست حزبياً ولست مع فريق ضد آخر.

ــ هل يعني ذلك أنك مستقل؟

- لست مستقلاً، بل لي رأيي الخاص وأتقبل النقد والانتقاد وأصلح أخطائي ولا مشكلة في ذلك. لا أحد لا يخطئ، لكنني لا أقول إن ابني هو أفضل الأبناء وعائلتي أفضل العائلات.

في لبنان سلطة وليس هناك دولة!

ــ سبق وحضرت جلسات مجلس الوزراء، واليوم الحكومة معطلة. فما هو السبب في ذلك؟

- مجلس الوزراء معطل بالشكل، خاصة وان اي مرسوم يجب أن يوقعه 24 وزيراً في ظل الفراغ الرئاسي بدل ان يوقعه رئيس الجمهورية، وهذا أمر متعذر في كل مرة. والمشترع لم يحسب هذا الحساب بأن الشغور سيمتد الى أكثر من سنة، إنما حصل ذلك في عهد الرئيسين إميل لحود وميشال سليمان، وطبعاً هناك مشكلة تكمن في عدم التوافق السياسي بين مكونات الحكومة، فيما المطلوب العمل لتنفيذ ما يطلبه المواطن لأن الحكومة موجودة لخدمة المواطنين وليس العكس، وواجب كل وزير ان يهتم بكل المواطنين وليس فقط بأنصاره وبعناصر حزبه، لكن لسوء الحظ هذا السلوك غير موجود حالياً. ومن خلال تجربتي ورغم وجودنا في حكومة من لون واحد تقريباً في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، فإننا لم نستطع التوافق حول الكثير من القضايا، وبالتالي فالأمر لا يتعلق بشكل الحكومة وما إذا كانت من لون واحد أم من عدة ألوان، بل الأساس هو التوافق والثقة بين الوزراء وخطاباتنا لا تزال خطابات نكايات، ولذلك لا تبنى الدولة بهذا الشكل. وعلى كل حال لا توجد لدينا دولة، بل مجرد سلطة ولم نصل الى مستوى الدولة بعد.

ــ وماذا عن الرئاسة، وهل التعطيل مستمر الى ما شاء الله؟

- كانت هناك سهولة في انتخاب رئيس، وذلك غداة الشغور الرئاسي لو حصل اتفاق بين المعنيين، وكنا نأمل حصول توافق إيراني - سعودي... وهنا أقول بصراحة ان الخلاف هو إيراني - سعودي وينعكس على كل الساحات، واليوم إذا حصلت حلحلة على مستوى العلاقة بين البلدين، فيمكن ان تتحلحل الأمور في لبنان، إلا ان ذلك صعب اليوم بعدما كان الخلاف على سوريا فقط، فتوسع ليشمل اليمن وساحات أخرى، علماً ان لا أحد سيربح من خلال الحرب، بل سيدفع الثمن الجميع بما في ذلك شعوب المنطقة، وبالتالي فالمطلوب انعقاد طاولة حوار بين إيران والسعودية للتفاهم على حل الأزمات في كل المنطقة، لاسيما وان كل البلدان مهددة بالاقتتال والدمار والتقسيم بدءاً من ليبيا الى العراق الى سوريا واليمن، حتى ان مصر مشمولة بالتهديد وكذلك تونس...

وتابع يقول:

- الوضع في سوريا خطير وينعكس سلباً على لبنان، وبالتالي إذا كان اللبنانيون حريصين على بلدهم، فالأحرى بهم ان يتفقوا على تحييد لبنان وتحصينه في وجه ما يجري في المنطقة، وأن يتفاهموا على بناء بيتهم الداخلي الذي إذا انتهت الأحداث في سوريا فمن الممكن ان تنعكس عليه سواء بقي النظام السوري أم سقط أو قسّمت سوريا، وبالتالي فالمشكلة تنتقل الى لبنان إذا لم يجلس اللبنانيون الى طاولة حوار ويتفاهمون على حل مشاكلهم ويصيغون ميثاقاً للحفاظ على وطنهم ويلتزمون به جميعاً، فاللبنانيون وحدهم يمنعون تمدد المشكلة السورية الى بلدهم إذا اتفقوا على بقاء لبنان.

 

التعيينات وأصولها

ــ كعميد سابق وكوزير للداخلية، كيف تنظر الى ملف التعيينات الأمنية الذي علقت أعمال مجلس الوزراء بسببه، وهل خطوة الوزير نهاد المشنوق في التمديد للواء إبراهيم بصبوص جاءت في إطارها الصحيح؟

- هنا لا أتحدث إلا عما يقوله القانون الذي يشدد على ضرورة إجراء التعيينات، وهذا ما يقوله الجميع بمن في ذلك الوزراء والنواب، وبالإضافة الى انني كعسكري وبعد 40 سنة من التجارب في قوى الأمن الداخلي أقول إننا لم نعش يوماً في الفراغ الأمني حتى لا يوجد شيء اسمه الفراغ في الأجهزة الأمنية لأن القائد من الممكن أن يستقيل أو يمرض أو يسافر أو يستشهد، والقانون هنا صريح ويقول ان الأعلى رتبة يتسلم المسؤولية مكانه، وهذا حق للأعلى رتبة في المؤسسات الأمنية والعسكرية، وبالتالي فالخلاف الحاصل اليوم هو خلاف سياسي، ومن يطالب بالتعيينات هو محق لكننا لا نستطيع إنجاز التعيينات بسبب الخلاف السياسي.

ــ والتمديد للقادة؟

- التمديد حصل بسبب الخلاف حول التعيين.

ــ أما كان يفترض أن يتسلم مسؤولية قوى الأمن الأعلى رتبة، أم ان التمديد للواء بصبوص في  مكانه؟

- ما فعله الوزير المشنوق خطوة صائبة لأن من كان سيستلم المسؤولية كان سيحال الى التقاعد بعد 3 أشهر، وبعد هذه الأشهر سيحال الأعلى رتبة حسب السن القانونية الى التقاعد، وبالتالي هذه مؤسسة لا بد ان تسير الأمور فيها كما يجب، ولذلك جرت الأوضاع بهذا الشكل والوزير المشنوق استخدم المادة 161 التي تقول انه يطبق على قوى الأمن الداخلي قانون الدفاع الوطني في الأمور التي لم تذكر في القانون رقم 17. ولكننا نعرف أن اللغة العربية مطاطة وتتضمن اجتهادات، لكن في الأساس المشكلة سياسية تكمن في عدم قدرتنا على تعيين القادة، لكن المؤسسة لا بد ان تستمر والمرض ينخر كل المؤسسات، ولذلك كان هذا الإجراء رغم ان المنطق والقانون يقولان بالتعيين بعد ان يجتمع مجلس الوزراء ويعمد الى تعيين مدير عام لقوى الأمن الداخلي، علماً ان تعيين المدير وحده غير كافٍ ولا بدّ من تعيين مجلس القيادة لأن القرار لا يصدره المدير فقط، بل مجلس القيادة وهو يضم 11 عضواً ويترأسه المدير العام لقوى الأمن وتؤخذ القرارات فيه بالأكثرية أو بالإجماع، وإذا لم يكن المجلس موجوداً فلا يستطيع المدير فعل أي شيء إلا في الأمور البسيطة، وبالتالي المدير لا يستطيع إجراء تعيينات ولا نقليات ولا تشكيلات ولا إعطاء اقداميات، ولا يستطيع تطويع عناصر جديدة، فهذه من صلاحيات مجلس القيادة وتعيين المدير العام يحل ربع المشكلة، لكن لا بد من حل المشكلة كلها عبر تعيين مجلس القيادة، والأمر ذاته في قيادة الجيش حيث لا بد من تعيين المجلس العسكري المؤلف من 6 أعضاء، وبالتالي فالاستمرارية لا بد ان تكون كاملة كي تشتغل المؤسسة بشكلٍ كامل. لكن بسبب الخلافات السياسية ارتضينا بالواقع وتمّ التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي لمدة سنتين منذ العام 2013 وتنتهي ولايته في أيلول/ سبتمبر المقبل، حيث يقول فريق هنا إن تعيين قائد للجيش يتم بعد انتهاء ولاية قهوجي، لكن فريقاً آخر يقول إن التمديد أصلاً غير قانوني ويجب تعيين سلة كاملة وهذا ناتج عن الخلاف السياسي الذي يصادر القانون والدستور ويعطلهما.

ملف عرسال المتفجر

ــ كوزير للداخلية سبق واطلعت على مجريات الأحداث في عرسال، كيف تراها اليوم بعد تقدم حزب الله في القلمون وانسحاب المسلحين نحو عرسال؟

- ما يحصل في عرسال لا يتحمل تبعاته ابن عرسال، وسبق أن عايشت كوزير للداخلية الأحداث في أكثر من منطقة وكانت الأمور أصعب مما هي عليه اليوم، ورغم ذلك فقد استطعنا بالتعقل والحكمة معالجة الذيول، وإلا لكانت الأمور قد تطورت نحو الأسوأ ونشبت الفتنة السنية - الشيعية، خاصة وان الحكومة آنئذٍ كانت من لون واحد والفريق الثاني كان ضدها، إنما اليوم هناك حكومة من كل المكونات وهي تحول دون نشوب الفتنة، إضافة الى وجود حوار بين حزب الله وتيار <المستقبل>، ولو كانت حكومتنا موجودة اليوم وحصلت المشكلة بين السعودية واليمن، وصدرت الخطابات المتشنجة ومع تطور الأمور الدراماتيكية في سوريا والعراق، فهل كان لبنان سيبقى في منأى عما يحصل؟! طبعاً لا... فما جعل الوضع يهدأ هو الحوار الجاري، لا بل اكتشفنا من خلال الأحداث ان الخلاف المسيحي - المسلم لم يعد موجوداً بل أصبح الخلاف إسلامياً - إسلامياً، ومسيحياً - مسيحياً، بدليل الحوارات الجارية بين <المستقبل> وحزب الله، وبين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، لكن المشكلة المسيحية تبقى سياسية ولا تؤدي الى حرب، إنما المشكلة الإسلامية هي التي تؤدي الى حرب.

ــ وهل تترك عرسال أي تداعيات؟

- هنا لا بد من الفصل بين عرسال وجرودها، فأنا كعسكري أعرف المنطقة وأقول إن ابن عرسال يعيش من الجرود، سواء من المقالع والكسارات أو من المزارع أو من خلال التهريب مع سوريا كما حال كل القرى الحدودية مع سوريا. لكن عرسال بالتحديد هي الأهم وحجارتها أفضل الأحجار، وسبق للوزير نهاد المشنوق ان قال ان عرسال محتلة، وهي فعلاً كذلك، لكن هي محتلة لأنها تضم 70 ألف نازح سوري وقسم منهم مسلح، والجيش اللبناني بالأمس دخل الى قلب عرسال. وأنا هنا أعني أن تبقى عرسال في منأى عن جرودها وان يقوم الجيش بواجبه ولا يساير احداً في عرسال، وأعني بذلك المسلحين والمطلوبين، لأن هؤلاء يشكلون واحداً بالمئة من أهالي عرسال والباقي يريدون الدولة، حتى ان هناك العديد من شهداء الجيش اللبناني هم من عرسال كحال باقي أبناء بعلبك - الهرمل، وجاءت هذه المشكلة في عرسال والتي يجب أن تعالج بروية وحكمة، خاصة وان هناك من يصطادون في الماء العكر أو أن طابوراً خامساً يريد تأجيج الفتنة المذهبية...

وأضاف:

- الوضع حالياً مستقر في لبنان لكنه غير مريح، والبعض يسعى لإشعال الفتنة السنية - الشيعية، إنما هذا صعب لأنه لا يوجد سني يريد الفتنة ولا يوجد شيعي يريدها أيضاً، إنما لا أحد يعرف ماذا يحصل إذا أفلتت الأمور من عقالها رغم ان الاستقرار الأمني محمي من كل دول الخارج، ليس إكراماً لعيون اللبنانيين، إنما هناك مصلحة خارجية في الاستقرار اللبناني، لأنه في حال هدأت الأمور في سوريا وبدأت عملية الإعمار فيها، فالشركات حكماً ستأتي الى لبنان للقيام بعملها في سوريا، وليس الى قبرص، وبالتالي سيكون لبنان بعد انتهاء الأحداث السورية والتفاهم السوري من أفضل بلدان العالم لجهة الاستثمار والموارد والسياحة والاصطياف. فالمطلوب ان نحب وطننا ونعمل لأجله ولو اختلفنا سياسياً حول أمور كثيرة، لكن الوطن أهم من الجميع وفوق الجميع.

الجيش وتسليحه

ــ هل قرار مجلس الوزراء كافٍ  لمواجهة التداعيات في عرسال لو استمر حزب الله في القفز في الجرود؟

- حزب الله واعٍ لكل هذه الأمور، وهو لن يرضى بالدخول الى عرسال لأنه يعرف النتائج المترتبة عن ذلك من إشعال الفتنة المذهبية وهو لا يريدها ولن يستدرج الى دخول عرسال، لكن في الجرود الأمر مختلف، خاصة وأن المسلحين هناك يشكلون تهديداً دائماً للقرى المجاورة وسبق ان أرسلوا سيارات الموت الى القرى والمدن اللبنانية وقاموا بعمليات انتحارية في أكثر من مكان، وكل ذلك من خلال الطرقات والممرات غير الشرعية في عرسال، وبالتالي فحزب الله مضطر لحماية نفسه، لأن الجيش لا يستطيع وحده مواجهة هذه الجماعات وحماية الحدود التي تمتد من العريضة الى المصنع لمسافة 210 كلم. وهنا أسأل: لماذا اتفق المعنيون اليوم على تسليح الجيش في هذه الحشرة وتدريبه على أسلحة جديدة، بدل أن تكون هذه الأسلحة موجودة منذ بدء الأحداث السورية تحسباً لانعكاسها السلبي على لبنان ولارتداداتها الأمنية؟ فلو لم يأتِ تنظيم <داعش> لما كنا بدأنا بتسليح الجيش، ونحن سبق أن تعلمنا في المدرسة الحربية ان لا مجال للدرس أثناء القتال، وبالتالي فتسليح الجيش كان يجب أن يحصل منذ زمن بعيد وهو المكلف بحماية البلد، والآن وإن بدأ تسليحه فهو لا يملك الإمكانيات لحماية كل الحدود، إلا ان حماية الحدود في النهاية تتم بالتوافق السياسي لأن الأمن في لبنان هو في النهاية أمن سياسي، وأكبر دليل ما جرى في طرابلس من خلال 18 جولة من القتال وسقوط قتلى وجرحى حتى ان الجيش خسر 40 شهيداً، ناهيك عن الخراب والدمار، لكن ما ان تشكلت الحكومة حتى انتهى كل شيء واستقرت الأوضاع وحصل ذلك بعدما تأمن الوفاق السياسي في مجلس الوزراء، وبالتالي إذا كان الوفاق السياسي موجوداً فلا خوف على لبنان...

واستطرد قائلاً:

- وهنا أعطي مثلاً عن حوار عين التينة الذي يتم بهدوء رغم ان السجالات مستمرة بين حزب الله وتيار <المستقبل>، لكن لمجرد الجلوس الى طاولة الحوار تنتهي الأمور في غمضة عين وكأن شيئاً لم يكن. فلبنان لا يشبه أي بلد آخر وهو قائم على SAM_9086الوفاق السياسي لوجود 18 طائفة فيه، وهو فريد من نوعه، وإذا لم يحصل الوفاق بين الطوائف، فلا حل في لبنان.

 

لبنان أبعد ما يكون عن التقسيم

 

ــ هل أنت خائف من انتقال عدوى التقسيم في المنطقة كما يروج الى لبنان؟

- لا... أنا خائف على سوريا والعراق، فحدّث ولا حرج، وعلى باقي البلدان العربية أيضاً، أما في لبنان فالأمر مختلف، والتقسيم لن يحدث جغرافياً لأن اتفاق الطائف قسم النفوذ السياسي فيه وقال بالمناصفة بين المسيحيين والمسلمين، ووزع الحصص على الطوائف والمذاهب بحيث لم يعد أحد يحتج لا المسيحي ولا المسلم، وتوقف العد مهما بلغ حجم كل طائفة عددياً ومهما زاد عدد المسيحيين أو نقص، بل إن المناصفة جعلت كل فريق لا يخاف من الآخر دون الوقوف عند العدد، ناهيك عن اتفاق الطائف الذي تحدث عن اللامركزية الإدارية الموسعة وقد أنجز المشروع ويجب أن ينفذ لما فيه مصلحة الإنماء المتوازن بما يختصر المعاملات ويسهل أمور المواطنين عبر جعل الأقضية تضم مراكز لكل مؤسسات وإدارات الدولة، ويستغني المواطن آنئذٍ عن النزول الى بيروت أو الى مراكز المحافظات لإنجاز معاملة ما ويوفر الوقت والمال، علماً ان الاهتمام ينصب على بيروت وهي عاصمة لبنان وليس كل لبنان، ولا بد من الاهتمام بطرابلس وصيدا وجبيل وغيرها من المناطق ولا بد من الإنماء المتوازن الذي يكون مدخله عبر اعتماد اللامركزية الإدارية الموسعة.

ــ كيف تصف العلاقة مع الرئيس سليمان؟

- جيدة.

ــ ولماذا لم تنضم الى اللقاء التشاوري؟

- كما سبق وقلت لست حزبياً ولا أريد أن أكون تابعاً لأحد، فأنا أتابع ما بدأته في وزارة الداخلية بالانفتاح على كل الأطراف، ولذلك نجحت رغم الظروف الصعبة التي مررت بها وقيام تظاهرات ضد حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، إذ كنت أمارس صلاحياتي بكل تجرد لأنني كنت أحوز ثقة الجميع بما في ذلك الرئيس ميشال سليمان ورئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون، وعندما كان أي نائب يطلب موعداً لمقابلتي كنت أحدد له موعداً، فإذا كان من قوى 14 آذار كنت أتقصد أن أعطي موعداً آخر لنائب من 8 آذار في الموعد ذاته لكي يلتقي النائبان من 8 و14 آذار في مكتبي ويقبلان بعضهما بعضاً ونجلس معاً ونتحدث، وبالتالي استطعت بذلك جمع التناقضات داخل مكتبي وبالتالي أقول انه من غير الجائز ان يبقى الخلاف السياسي بهذا الشكل الذي يعطل أمور الدولة وشؤون الناس ولا بد من الحفاظ على هذا البلد الذي لن يعرف الأمن والاستقرار إذا بقي هذا الخلاف.

وختم قائلاً في معرض حديثه عما يحدث في المنطقة فأشار الى أن  ما يسمى الربيع العربي لا يمكن اطلاق هذا الاسم عليه، لأن لكل فصل حسناته وسيئاته. إنما الربيع العربي هو فصل مختلف لأنه من صنع اسرائيلي يهدف الى هدم القومية العربية والقضاء على وحدة شعوبنا ومجتمعاتنا وإنشاء دويلات طائفية ومذهبية واتنية تعطي المبرر لإعلان يهودية إسرائيل. فما يحدث يصب في خدمة المشروع الاسرائيلي القائم على تفتيت المنطقة وتوسيع الشرخ بين شعوبها وإضعاف هذه البلدان وإطالة أمد الاقتتال الداخلي بما يعزز أمن اسرائيل على مدى السنوات المقبلة.