تفاصيل الخبر

الطعـــن بقانــون الكهربــاء امـــام المجلـــس الدستـــوري يـؤخـــر تـنـفـيــــذ خـطــــة الـطـاقـــــة... أو ينـسفـهــــــا؟!

17/05/2019
الطعـــن بقانــون الكهربــاء امـــام المجلـــس الدستـــوري  يـؤخـــر تـنـفـيــــذ خـطــــة الـطـاقـــــة... أو ينـسفـهــــــا؟!

الطعـــن بقانــون الكهربــاء امـــام المجلـــس الدستـــوري يـؤخـــر تـنـفـيــــذ خـطــــة الـطـاقـــــة... أو ينـسفـهــــــا؟!

 

فرحة اللبنانيين بإقرار الحكومة خطة تطوير الكهرباء وإنتاج الطاقة قد لا تكتمل إذا ما قبل المجلس الدستوري الطعن الذي تقدم به عشرة نواب بمبادرة من رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل بدستورية القانون المعجل الرقم 129 الذي صدّق عليه مجلس النواب ونشره رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وأصبح نافذاً بعد نشره في ملحق العدد 23 من الجريدة الرسمية تاريخ 30 نيسان/ أبريل الماضي. والقانون المطعون بدستوريته مؤلف من 3 مواد تنص الأولى على اعادة العمل بأحكام القانون 288/2014 تاريخ 30/4/2014 لمدة ثلاث سنوات اضافية تبدأ من تاريخ نفاذ هذا القانون، فيما تشير المادة الثانية منه الى تلزيم مشاريع بناء معامل تعتمد طريقة التصميم والتمويل والإنتاج والتشغيل والتسليم الى الدولة بعد فترة زمنية بشروط تحدد تفاصيلها الإدارية والتقنية والمالية الكاملة في دفتر شروط خاص تعده وزارة الطاقة والمياه. أما المادة الثالثة فهي تشير الى تطبيق قانون المحاسبة العمومية وسائر النصوص ذات الصلة بأصول التلزيم للمناقصة، باستثناء تلك التي لا تتفق مع طبيعة التلزيم والعقود موضوعها في مراحل إتمام المناقصات لجهة عقود شراء الطاقة <PPA>.

واتضح من خلال الطعن المقدم ان النواب الموقعين ضمنوا الصفحات الـ18 للطعن ملاحظات حول ما سموه <مخالفات دستورية> من دون الإشارة الى خطة الكهرباء مباشرة، علماً أنهم طالبوا بوقف تنفيذ القانون ما يعني توقف تنفيذ خطة الكهرباء، لأن هذه تلحظ إنشاء معامل إنتاج جديدة للطاقة يتطلب تلزيمها إحياء القانون 288/2014، فضلاً عن الإجراءات المالية ونظام الـ<PPA> أو الـ<BOT>. واعتبر الطاعنون أن المخالفات الدستورية السبع تطاول المادة 36 من الدستور لجهة عدم التصويت على مشروع القانون في مجلس النواب بالمناداة، وكذلك أحكام المادة 89 من الدستور لجهة عدم استصدار قانون منح التزام أو امتياز والى زمن محدود، وأيضاً أحكام المواد 16 و17 و65 من الدستور لجهة عدم مراعاة اختصاص مجلسي النواب والوزراء، وأحكام الفقرة <هاء> من مقدمة الدستور لجهة عدم احترام مبدأ الفصل بين السلطات وتوازنها وتعاونها، ومبدأ وضوح القاعدة القانونية وأصول التشريع لجهة كيفية نص القوانين، ومفهوم الاستثناء، ومبدأ الأمان التشريعي ومبدأ الثقة المشروعة اللازمة بالقوانين ولانتهاك سيادة القانون.

تجميد... ولا مخالفات!

 

النواب الموقعون سامي الجميل ونديم الجميل والياس حنكش ومروان حمادة ونقولا نحاس وبولا يعقوبيان وفيصل كرامي وعلي درويش وأسامة سعد وجهاد الصمد، نبّهوا الى ضرورة وقف المناقصات التي قد تطرحها مؤسسة كهرباء لبنان، ما يعني في حال التجاوب مع الطلب، تجميد تنفيذ الخطة شهراً على الاقل وهي المدة المعطاة للمجلس الدستوري كي يصدر قراره بقبول الطعن واعتبار القانون باطلاً، أو برفض الطعن واستكمال تنفيذ القانون. وقد حرص النواب على القول بأن طعنهم له أبعاد دستورية ولا يستهدف خطة الكهرباء، إلا أنه عملياً سيؤدي قبول الطعن الى تأخير تنفيذ الخطة أو تعديلها.

في المقابل، اعتبر وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي (وهو كان وزيراً للعدل في الحكومة السابقة وعضواً في المجلس الدستوري)، انه لا توجد مرتكزات جدية تستأهل مقاربتها في أسباب الطعن، لاسيما وان الدستور لم يتضمن في أحكامه أي منع دستوري يحول دون تنازل السلطة التشريعية عن بعض اختصاصها التشريعي لمصلحة السلطة التنفيذية عن طريق ما يُعرف بـ<التفويض التشريعي>. وبعدما اعتبر الوزير جريصاتي أن هناك سوابق لجهة منح امتيازات بموجب تراخيص أو عقود ضمن حدود زمنية محددة مثل كازينو لبنان وتشغيل مصفاتي طرابلس والزهراني على أساس التمويل الذاتي وفقاً لمبدأ الـ<BOT> واستثمار خطوط النقل الهوائي واستثمار مشاريع سياحية والقوانين الضريبية وقانون الجمارك والهاتف الخليوي وغيرها، رأى أن المرفق الذي وضع القانون من أجله هو مرفق اقتصادي وليس بمرفق وطني أو دستوري كي لا يكون موضع امتياز أو التزام من غير قطاع الدولة، وبالتالي ليس هناك من مخالفة لمبدأ الفصل بين السلطات بل تعاون بأبهى حلله.

 

خلفية سياسية؟!

 

في أي حال، وبعيداً عن النقاش القانوني والدستوري الذي قد يتشعب ويأخذ تفسيرات مختلفة، فإن ثمة من يعتقد أن للطعن الذي قدمه النواب العشرة خلفية سياسية تهدف الى عرقلة المشاريع المستندة الى مبادرة من العهد أو من <تكتل لبنان القوي> أو من خلال وزرائه في الحكومة، وأن حزب الكتائب الذي بقي خارج <الجنة الوزارية> هو رأس الحربة على هذا الصعيد وقد أخذ على عاتقه <قيادة> كل حركة اعتراضية على عمل الحكومة والعهد سواء أتت من مجلس النواب أو من خارجه، بدليل أن حزب الكتائب يقود أيضاً حملة ضد الحكومة والعهد في موضوع النفايات وفي غيره من المواضيع الحياتية والادارية، ومنها الطعن المتعلق بقانون الضرائب العام 2017، وبموازنة 2018 والمادة 49 منها. إلا أن مصادر كتائبية تؤكد أن الحزب لا يهدف من خلال الطعن الى إعاقة تنفيذ الخطة، بل هو يسعى الى اعتماد الشفافية في التلزيم من خلال احترام الدستور والقوانين المرعية الإجراء.

وإذا كانت المصادر <تتفهم> موقف حزب الكتائب المنسجم مع المعارضة التي يقودها في وجه الحكومة، إلا أن المصادر نفسها تساءلت عن الدافع الذي جعل النائب مروان حمادة يوقّع على الطعن ويعلن انه فعل ذلك باسم اللقاء الديموقراطي، في وقت لم يعارض وزيرا <اللقاء> اكرم شهيب ووائل بو فاعور مشروع القانون الذي أعده مجلس الوزراء، كما لم يعترضا على الآلية التي نصت عنها المادة الثانية من القانون، الأمر الذي أثار ملاحظات انطبقت ايضاً على تواقيع النواب نقولا نحاس وعلي درويش وفيصل كرامي وجهاد الصمد، ذلك أن نحاس ودرويش ممثلان في الحكومة بالوزير عادل افيوني الذي رشحه الرئيس نجيب ميقاتي، فيما كرامي والصمد ممثلان ايضاً بالوزير حسن مراد الذي سماه <اللقاء التشاوري> للنواب السنة. وأشارت المصادر الى أن مواقف هؤلاء الوزراء أتت لتلقي ظلالاً من الشكوك حول الأسباب الكامنة وراء الطعن والتي قد تتجاوز النواحي الدستورية التي أشير اليها في معرض تبرير الطعن وأسبابه.

وترى مراجع رسمية أن أمام المجلس الدستوري مهلة شهر للبت بالطعن المقدم من النواب العشرة، وخلال تلك المهلة لن تتوقف التحضيرات الجارية لإطلاق خطة الكهرباء سواء من خلال استمرار العمل على تأمين وصلة المنصورية على رغم اعتراض فريق من الاهالي بدعم من حزب الكتائب أيضاً أو من خلال إعداد دفاتر الشروط اللازمة كي لا يخسر لبنان المزيد من الوقت للبدء بتنفيذ الخطة الكهربائية، بصرف النظر عما سيكون عليه قرار المجلس الدستوري. وفي تقدير المراجع نفسها ان مقاربة ملف الكهرباء من زاوية سياسية، كما هو حاصل من خلال حيثيات الطعن المركزة على مخالفة الدستور، من شأنها أن تدخل السياسة من باب واسع في المشاريع والخطط الإنمائية، مما يؤثر سلباً على التحضيرات الجارية للتجاوب مع توصيات <مؤتمر سيدر> التي تنادي بتفعيل قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وهو ما رسى اليه القانون المطعون به.