بقلم وردية بطرس
[caption id="attachment_81756" align="alignleft" width="250"] التاكسي قبل وبعد الانفجار.[/caption]لأنهم يؤمنون بأنه سوياً يمكن أن يحدثوا تغييراً، أُطلقت "Sawa4Beirut" وهي جمعية غير ربحية مبادرة بهدف مساعدة الشركات الصغيرة التي تضررت جراء الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت في الرابع من آب (أغسطس) الماضي لمعادوة العمل والبدء من جديد لا سيما في ظل الظروف المعيشية القاسية الصعبة التي يعيشها اللبنانيون.
كيف انطلقت المبادرة ولماذا؟ لنعرف أكثر عن هذه المبادرة ونشاطها تحدثنا مع مصممة الغرافيك السيدة لينا عز الدين عما دفعهم لاطلاق هذه المبادرة فقالت:
- كلنا شعرنا بألم كبير يوم وقع الانفجار في مرفأ بيروت الذي تسبب بدمار كبير وأدى الى سقوط ضحايا أبرياء وجرحى. كما رأينا كيف سارع الناس والشباب لتنظيف الشوارع وإزالة الردميات وما الى ما هنالك... بالنسبة الي شعرت بغصة ولكنني لم أقدر ان أنزل الى الشارع خصوصاً في ظل انتشار فيروس "كورونا"، الا انني أردت ان أساعد الناس كثيراً، خاصة وانني كنت أختنق بعدما خسرت صديقين جراء الانفجار، وطبعاً تألمت من أجل الضحايا الأبرياء الذين سقطوا في هذا الانفجار، وكان لا بد أن أقوم بشيء ولا أعرف كيف، وبينما كنت أتحدث مع زوجة أخي عبر الهاتف قلت لها ماذا يمكننا ان نفعل إزاء هذه الكارثة التي حلّت بالناس؟ عندها فكرّت لو ان الشباب الذين يكنسون الشوارع وينظفون الأحياء بأن يتفقدوا الأضرار التي الحقت بمحلات الناس الذين يسترزقون منها لربما نقوم بمساعدتهم، اذ كل من افراد أسرتي قد يساهم بهذه المساعدة فأجابتني لما لا، وبالفعل تواصلنا مع الشباب وأعلمونا
[caption id="attachment_81760" align="alignleft" width="188"] ماكينة الاكسبرس المقدمة من المبادرة مع عربتها.[/caption]أن هناك محل حلاقة متضرراً جراء الانفجار يملكه رجل في السبعين من عمره حصلت أضرار كبيرة فيه وتحطمت أدوات الحلاقة وأغراضه، فقلنا للشباب ان يزودونا بالمعلومات عن كل الأضرار التي وقعت في محله على ان نرسل له بعد يومين كل ما يحتاجه في محل الحلاقة. وبالفعل قمت بارسال رسائل صوتية الى افراد العائلة بأننا نريد ان نشتري أدوات مثل السشوار والمناشف، وأبدى الجميع الاستعداد للمساعدة، وهكذا سارت الأمور. ثم تابع الشباب تفقد الأضرار ووجدوا محلاً آخر متضرراً لا أحد يقوم بتركيب جرّار الباب لديه فقلنا لهم غداً سنقوم بتركيبه، وهكذا بدأت المبادرة بأن نقوم بتصليح أربعة او خمسة محلات. ومن ثم راحت المبادرة تكبر أكثر وبدأ أصدقائي في الخارج يتصلون بي وسألون كيف لهم ان يساعدوا وكيف سيتبرعون الى ما هنالك، وعندها شعرت أننا لا نقدر ان نتوقف هنا بل علينا ان نستمر بهذا
العمل. وهكذا انطلقت المبادرة التي بدأت صغيرة من ثم كبرت اذ لغاية الآن ساعدنا 15 محلاً.
الأولوية مساعدة أصحاب المحلات الصغيرة المتضررة
وعن مساعدة أصحاب المحلات الصغيرة المتضررة تقول:
[caption id="attachment_81762" align="alignleft" width="333"] هكذا اصبح بعد اصلاحه.[/caption]- المبادرة تكبر يوماً بعد يوم والهدف من كل هذا مساعدة المحلات الصغيرة التي لا يتمكن أصحابها من تصليحها وترميمها وما شابه، على الصعيد الشخصي اذا دخلت الى مطعم صغير متضرر أقوم بمساعدته ولكن طبعاً ليس بمقدورنا مساعدة المطاعم الكبيرة التي تضررت جراء الانفجار. اذاً الأولوية بالنسبة الينا مساعدة أصحاب المحلات الصغيرة الذين لا يملكون الامكانيات المادية لتصليحها وما شابه. على سبيل المثال هناك منجّد في شارع مار مخايل دخلنا الى محله ولا تتصوري مدى الأضرار التي لحقت بمحله فقمنا بتصليحه وطلاء الجدران الى ما هنالك، والأهم من الطلاء نسأله أولاً ماذا يحتاج من أدوات وماكينات لكي يبدأ بالعمل فنوفر له المعدات التي سيعمل بها وهكذا قمنا بتقديم ماكينة الدرزة وماكينة الحبكة أي أهم شيء تأمين المكنات للمنجد لكي يبدأ بالعمل. كما علينا ان نفكر بالميزانية يعني كل ما يتعلق بواجهات الزجاج، حيث لم نكن نساوم لأن هناك الكثير من الجمعيات تؤمّن واجهات الزجاج، بالنسبة الينا المال الذي نجمعه نقصد جمعية أخرى ونطلب منها ان تقوم بتركيب واجهات الزجاج الى ما هنالك، اي ان المال الذي نجمعه نشتري بها المعدات والأدوات التي يحتاجها أصحاب المحلات لكي يتمكنوا من مباشرة العمل من جديد... مثلاً في الكرنتينا هناك شخص لديه غرفة يصنع بها الشمع وطبعاً يوم الانفجار تضرر المبنى وهو غير صالح للعمل به، أخبرنا أنه يقدر ان يعمل من داخل منزله بأن يفرغ غرفة في منزله ليعمل فيها لأنه بالأساس مكان عمله كان مجرد غرفة ولكن لم يعد لديه أدوات ومعدات، ولهذا جلبنا له كل ما يحتاجه كمنجد وبآخر الأسبوع وصلت أول دفعة من القوالب وطلب منا أن نكون موجودين في أول يوم يبدأ العمل به.
أنا وعائلتي نعمل كفريق واحد لمساعدة المتضررين
* ومتى بدأتم بهذه المبادرة؟ ومن يقوم بهذه الأعمال؟
[caption id="attachment_81758" align="alignleft" width="333"] صالون حلاقة السيد كامل خلال الانفجار.[/caption]- بعد مرور أسبوع على الانفجار انطلقت الفكرة وسمينا المبادرة بـ"Sawa4Beirut" لأننا بدأنا أربعة أشخاص وهم من أفراد عائلتي أنا وزوجة أخي وشقيقها وإبنه ولهذا أطلقنا هذه التسمية على المبادرة، ولكن الآن أصبحنا أكثر من أربعة أشخاص لأن كل أفراد العائلة أصبحوا مهتمين بهذه المبادرة وكل يساعد على طريقته. وأعضاء المبادرة هم: لينا عز الدين، اورور عز الدين، جيلبير جوّال، ماجد حلاوي. الأعضاء الشباب: انطوني جوّال، ادورا عز الدين، كيفن راجي. والأجمل من ذلك أن أقاربي في أبيدجان أقاموا حملة تبرع وأرسلوا لنا المال لأنه للأسف الناس هنا في لبنان لم يعودوا يملكون الامكانيات لتقديم المساعدة ولهذا مساعدة اللبنانيين في الاغتراب أمر مهم. اي اليوم نعمل بامكانيات صغيرة، ونحن منذ البداية قسّمنا العمل لكي نقدر ان نساعد بشكل كبير. فمثلاً انا أهتم بالتبرعات وغيرها، والناس يرسلون المال وبالتالي لا نقدر ان نعمل كيفما كان أي اليوم ذهبنا لنقدم على "Lebanese Transparency Association" لكي نكون ضمن"NGO " أو المبادرات التي لديها الشفافية، اذ طلبوا منا الكثير من الأمور، وعلى سبيل المثال عندما نقدّم المشروع يجب ان يتم التوقيع حتى على دبوس الابرة التي أخذها الشخص، وبالمقابل يجب ان يدُون كل قرش صُرف لمساعدة الناس. ثانياً لكي نأخذ عرضاً جيداً بالأغراض التي سأشتريها، يعني لا أقدر ان اشتري قطعة تكلف مبلغاً بينما يمكن شراؤها بسعر أقل، وبالتالي ما قمنا به هو اننا قسّمنا الأدوار بشكل صحيح، فكل واحد منا يأخذ دوراً معيناً وعندما نسلّم المشروع أكون حاضرة لأنني أصوّر المشروع وأتحدث عنه لكي أشجع الناس ليساعدونا. مثلاً جيلبير شقيق زوجة أخي يهتم أكثر على الأرض اذ يكشف على المحلات، فأحياناً يطلب البعض ان نساعدهم وهم بالفعل وضعهم صعب ولكن لم يلحق بمحلاتهم الضرر يوم الانفجار وبالتالي هناك أولوية للأشخاص الذين خسروا محلاتهم جراء الانفجار، ولكن لو كان لدينا امكانيات أكثر لكنا ساعدناهم أيضاً لأنه بالنهاية هناك أولوية للأشخاص الذين تضررت محلاتهم وما شابه. كما قمنا بمساعدة أحدهم كان يملك عربة يبيع القهوة في مرفأ بيروت، ولكن عربته تضررت بالكامل يوم الانفجار فقمنا بتجهيزعربة بكل ما يلزم اذ تم تزويدها بمكنة القهوة وجرتي غاز وماكينة "Industrial Toast" والصاج، كما قمنا بتزويد العربة بالمونة لمدة أسبوع لينطلق بعمله.
الجمعية الألمانية السويسرية "Gemeinsan Znacht " تدعم مبادرتنا
[caption id="attachment_81759" align="alignleft" width="188"] لينا عز الدين تشرح هدف المبادرة.[/caption]وعن دعم جمعية المانية لهذه المبادرة تقول السيدة لينا عز الدين: تشجعت هذه الجمعية كثيراً وتريد ان تساعدنا اذ فتحت لنا هذا الموقع "Gofundmewww.gofundme.com" لكي تصل الينا التبرعات من الخارج، لقد فتحت هذا الموقع منذ اسبوع ولكن لم نقم بترويجه بعد اذ يجب ان نتحدث عنه أكثر، ونقول للجالية اللبنانية حول العالم بأنه اذا تبرعوا بخمس دولارات فهذا سيساعد الناس هنا كثيراً، مع العلم ان هناك من تبرع مثلاً بألف يورو، واذا لم يكن بمقدورهم ان يتبرعوا بأكثر يمكنهم ان يتبرعوا بـ 5 او 10 دولارات لمساعدة الناس في ظل الظروف الصعبة التي يعيشونها اليوم.
* ما أهمية المبادرات في ظل الظروف القاسية التي يعيشها اللبنانيون؟
- تشعرين بألم وغصة عندما تعيشين في بلد لا تساعد الدولة فيه أبناءها الذين يعانون الكثير جراء الانفجار الذي وقع في الرابع من آب (أغسطس) الماضي. انا لا أقول انني أساعد الناس بل اعتبر ان الناس يساعدونني لأنني كنت على شفير انهيار تام بعد الكارثة التي حلّت ببيروت، اذ كنت أشعر بالتنميل منذ وقوع الانفجار وبالقهر والألم، وكنت أبكي وأصرخ من الوجع ولا يزال الوجع ولكن منذ ان بدأنا بمساعدة الناس شعرت بارتياح كبير. وأردد الآن ان "Sawa4Beirut" ساعدتني لأنه عندما نرى الأشخاص الذين تمكنا من مساعدتهم يشعرون بالامتنان والسعادة لما قدمناه لهم فالشعور لا يُوصف. وأذكر المنجّد الذي قمنا بمساعدته كيف بكى يوم تسلّم المعدات وقال لنا إننا منحناه الأمل بهذه المبادرة وإننا اعدنا له الحياة بعد الألم الذي شعر به عندما تدمر محله. ونحن لا نساعد فقط بل ندفع الناس للبقاء في
[caption id="attachment_81757" align="alignleft" width="188"] المنجد بعد إصلاح محله ومساعدته.[/caption]بيروت والا يتركوا الاماكن التي عاشوا وعملوا فيها. اذا أردنا ان يبقى الناس والا يغادروا المدينة او البلد يجب مد يد العون لهم لكي يصمدوا ويبدأوا من جديد.
* يوم وقوع الانفجار هل كنت في بيروت وبماذا شعرت؟
عندما وقع الانفجار كنت في البيت ولا اقدر ان اصف لك الاحساس، عند الساعة السادسة مساء انقطعت الكهرباء ففتحنا النوافذ، لذا لم يحصل ضررا لدينا في الشقتين عند وقوع الانفجار بينما بقية الشقق في البناية تحطم فيها الزجاج والألمينيوم نظرا لقوة الانفجار، فكل شخص في بيروت ظن ان الانفجار وقع في بنايته. وقالوا ان المكتب تكسرت فيه الابواب فهرعت الى المكتب ورأيت المصائب ولا أعتقد اننا ننسى تلك المشاهد المؤلمة.
وتتابع:
- الكل شعر انه هو من تلقى الضربة، والاسوء من ذلك اننا شعرنا بأننا أيتام ليست لدينا دولة الى جانبنا، يعني اليوم ليس هناك سند. تماماً عندما تنظرين الى الاولاد الأيتام كيف يلتفون حول بعضهم لأنه ليس لديهم أحد يرعاهم ويهتم بهم هكذا شعرنا كلبنانيين بأننا أيتام، نحن شعب متروك وليس لدينا سند، وعندما يشعر الانسان انه متروك الى هذه الدرجة لا يقدر ان يقف مكتوف اليدين بل سيلتف الناس حول بعضهم البعض. نحن شعب تعب كثيراً وكل مرة نقول إننا سننهض ونبدأ من جديد ولكن هذه المرة نحن متعبون لأنه كل شيء من حولنا كارثي
[caption id="attachment_81761" align="alignleft" width="179"] موقع المبادرة الالكتروني.[/caption]سواء من حيث الأزمة الاقتصادية او سرقة اموال الناس والفقر، حتى انهم لم ينكسوا الاعلام حزناً على الضحايا الذين سقطوا في انفجار مرفأ بيروت.
* هل لديكم خطة لتطوير عمل ونشاط المبادرة؟
- كما ذكرت لك في سياق الحديث اننا بدأنا بنشاط صغير من ثم كبر المشروع، اذ كان هدفنا مساعدة خمسة مشاريع فاذا بنا ندعم ونساعد 15 مشروعاً لأشخاص تضررت محلاتهم مصدر لقمة عيشهم، ولا يمكن ان نتوقف ولهذا نحاول ان نعمل على هيكيلية العمل بشكل صحيح. نحن أربعة أشخاص ولا يوجد من يرأس العمل ويأخذ القرار بل نعمل سوياً، فعندما تأتي الأموال والتبرعات من الخارج يجب ان يكون هناك هيكل قانوني. يمكن القول ان جمعية "Nudge Lebanon" حضنتنا وهي تعمل بكل ما يتعلق بالعلوم السلوكية، وهذه الجمعية أحبت عملنا وكل ما يتعلق بالهيكل القانوني لمبادرتنا وللتدقيق وغيرها، فهي تهتم بذلك وتقوم بمراقبتها لكي نكون موجودين كهيكل قانوني اذ نحتاج للعمل تحت مظلة.
* ماذا يقول لك الناس الذين ساعدتهم؟
- يقولون لنا لقد أعدتم لنا الحياة وبأنهم مهما فعلوا لا يقدرون ان يكافئونا ونحن لا نريد ان يظلوا يشكروننا لأننا نفكر بمواصلة نشاطنا وتقديم المساعدة لأناس آخرين. أود ان اقول للبنانيين في دول الاغتراب: إن لبنان اليوم بأمس الحاجة للمساعدتكم وبأي شيء تقدرون ان تساعدوا فافعلوا، حتى يبقى الناس صامدين في البلد وأيضاً ليبقى لبنان. طبعاً المغتربون موجوعون ولكن لا يجب ان ينسوا الناس هنا بعد الكارثة التي وقعت، فما تدمر خلال ثوان يحتاج لخمس وعشر سنوات لكي يُعاد بناؤه، فبأي مبلغ يمكن ان يساهموا فليفعلوا، والأهم ان اي شخص يود ان يرى حساباتنا فالشفافية موجودة ونهتم بكل هذه التفاصيل. على الصعيد الشخصي أنا متعلقة ببيروت وكنت أكتب كتاباً عن تسمية شوارع بيروت بين عامي 1920 و ،2020 وكان من المفترض ان يصدر في عام 2020 ولكن من الصعب اصداره الآن ربما في العام 2021.