تفاصيل الخبر

السياسة تتراجع في اهتمامات جنبلاط والأولوية لتحصين الجبل صحياً واجتماعياً!

26/03/2020
السياسة تتراجع في اهتمامات جنبلاط والأولوية لتحصين الجبل صحياً واجتماعياً!

السياسة تتراجع في اهتمامات جنبلاط والأولوية لتحصين الجبل صحياً واجتماعياً!

[caption id="attachment_76417" align="aligncenter" width="582"] رئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط[/caption]

  قليلة هي المواقف التي تصدر هذه الأيام عن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب والوزير السابق وليد جنبلاط الذي يكتفي بتغريدات على صفحته في "تويتر" يلخص في أسطر قليلة نظرته الى الأحداث، فينتقد الحكومة حيناً ويدعو أحياناً الى اعطائها الوقت الكافي "لأن لا بديل لها في الوقت الحاضر"، وعندما يجد "الدق محشوراً" يجد ضالته في توجيه النقد لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون ولرئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل من دون أن يسميه!

أما الاهتمام الأبرز لجنبلاط في هذه المرحلة، فيتركز على الوضع في الجبل وسكانه لجهة تحصينهم في مواجهة المخاطر الاقتصادية والصحية العميقة بعد انتشار وباء "كورونا"، وهو يخصص الكثير من وقته تحقيقاً لهذه الأهداف التي يعيطها الأولوية بعدما لمس تململاً في صفوف الأهالي من الظروف الصعبة التي يمر بها الجبل بعد تغيّر الواقع الاقتصادي وانكفاء زمن البحبوحة. وأدى انتقال جنبلاط من بيروت الى الجبل مفعولاً مهماً على صعيد عودة التواصل المباشر بينه وبينه أهل الجبل الذين خاطبهم في أكثر من مناسبة ، مؤكداً لهم انه لن يسمح بأن تجوع عائلة درزية أو تطلب المساعدة ولا أستطيع تلبية حاجاتها. وكانت نصيحة جنبلاط لأهل الجبل بأن يعودوا الى الأرض لزراعتها مع استعداد لتقديم أراضٍ للراغبين ناصحاً إياهم بزراعة القمح والبطاطا والحمص وهو الذي بادر الى استيراد بذورها من الخارج ووزعها مجاناً على الأهالي. كما استورد جرارات زراعية ووزعها على عدد من المزارعين. وحرص جنبلاط ــ على ما تقول مصادره ــ ألا يقتصر تواصله مع أبناء الجبل على الدروز منهم، بل شمل أيضاً العائلات المسيحية وأبناء اقليم الخروب الذين يعتبرهم جنبلاط أخوة الدروز في قضاء الشوف.

اطمئنان سكان الجبل!

ويتحدثون في المختارة عن ان هذا التوجه الجنبلاطي  نتج عن قناعة لدى "أبو تيمور" ان لا شيء يبقي أهل الجبل في منازلهم وممتلكاتهم إلا توفير الدعم لهم للاهتمام بالأرض والشعور بالاطمئنان والرعاية الصحية، وهو لأجل ذلك نصح بالعناية بالمزروعات وسهل هذه المهمة على الراغبين، وسهر على تعزيز الوضع الأمني في الجبل، تاركاً مساحة كبيرة من الاهتمام للشؤون الصحية عبر تقديمه مساعدة مالية كبيرة الى مستشفى عين وزين ليتمكن أبناء الجبل من تلقي الرعاية الصحية اللازمة خصوصاً ان المستشفى عانى في الأشهر الماضية من تراجع في موازنته و"طرح" الصوت على الغيارى لتقديم العون والمساعدة. ويضيفون في المختارة ان "البيك" يتابع أوضاع الناس على مدار الساعات الأربع والعشرين مخصصاً حيزاً من اهتماماته بالمسنين لاسيما أولئك الذين رافقوه في بداياته بعدما كانوا الى جانب والده الشهيد كمال جنبلاط، وهو يدعو المسؤولين في الحزب الى إيلاء هؤلاء عناية خاصة وفاء لالتزاماتهم وعطاءاتهم الحزبية.

صحيح ان جنبلاط بدأ من حزب عريض إلا انه يعتبر ان ثمة "بيروقراطيين" داخل الحزب عليهم أن يكونوا أكثر انتاجاً وفعالية وحضوراً وهو أرجأ التغييرات المرتقبة في صفوف المسؤولين الحزبيين الى ما بعد مرور عاصفة "كورونا" وما تركته من تداعيات صحية واجتماعية واقتصادية،  إذ حبست الناس في منازلهم وتوقف الانتاج وتراجعت مداخيل الناس. لكن معاناة "كورونا" كانت من الأسباب التي جعلت جنبلاط يضاعف اهتمامه بالجبل وبأهله فوفّر الامكانات الصحية اللازمة وسبل الوقاية واستحدث جناحاً خاصاً في مستشفى عين وزين لمعالجة مرضى "كورونا" وجهز المختبرات على نفقته، والعمل الصحي قائم لمده الى مستشفيات أخرى في الجبل.

فرصة للحكومة!

بالتوازي مع الاهتمامات الاجتماعية والشعبية، تبقى للسياسة مسافة في اهتمامات جنبلاط وهو الذي أعطى للحكومة مساحة واسعة من الدعم كي تعمل من دون أن يمحضها ثقة مطلقة لكنه يريد أن يعطيها فرصة، لذلك اعتمد اسلوباً جديداً في مقاربته الحكومية إذ هو سيقف الى جانبها إذا نجحت وسينتقدها ويصوب الأداء إذا هي أخطأت، لكنه لن يلجأ الى المعارضة "الهدامة" والرفض المطلق كما يفعل غيره من السياسيين، لأنه يعتبر ان وجود الحكومة "أفضل من عدم وجودها، أي الفراغ"، ولا يريد انهيار الدولة لأن الخسارة ستكون شاملة على المعارضة كما على الموالاة، وهو يحرص على التنسيق مع "صديقه" الرئيس نبيه بري في كل شاردة وواردة لاقتناعه بأن رئيس مجلس النواب ورئيس حركة "أمل" يشكل صمام أمان في الحياة السياسية والبرلمانية والدستورية في البلاد وهو يلتقي معه في كثير من المواضيع المطروحة حالياً، ولاسيما موضوع الكهرباء والخطط التي لا تزال "تروح وتجي" على مجلس الوزراء من دون نتيجة... ومع حرصه على علاقة متينة مع بري، يحرص جنبلاط أيضاً على المحافظة على علاقة جيدة مع حزب الله، بعيداً عن السجالات المتبادلة وهو يميز بين الشق العسكري للحزب وتدخله في الحرب السورية، وبين البعد السياسي اللبناني الذي يجعله يلعب دوراً في السياسة اللبنانية وفي مكونات المجتمع اللبناني.

وفيما يعتبر جنبلاط ان المرحلة التي تمر بها البلاد "خطرة" لاسيما الأزمة الاقتصادية، يسعى الى المحافظة على الرباط الوطني الذي يجمع بين اللبنانيين حيث الدور الدرزي أساسي فيه، مع حرصه على تجاوز الخلافات السياسية لأن الوقت ليس الآن لتصفية الحسابات، بل لوحدة الموقف لإنقاذ الشعب والوطن على حد سواء.